jo24_banner
jo24_banner

أين القدس وفلسطين في خطاب الإخوان المسلمين

محمد خضر قرش
جو 24 :

لم يعد تبوأ واستلام حركة الإخوان المسلمين للسلطة في العديد من الدول العربية، على قاب قوسين أو أدنى بل هو تحقق بالفعل حتى الآن في تونس والمغرب ومصر، كما سبق لحركة الإخوان واستلمت السلطة عنوة في قطاع غزة عام 2007 وهي في طريقها لتحقيق نجاحات يعتد بها وذات وزن في الانتخابات التشريعية القادمة في الأردن واليمن وليبيا والجزائر.

إلا أنه بالمقابل لن تتمكن من الوصول و/أو حجز مقاعد لها في السلطات التشريعية في دول الخليج العربي، عدا الكويت جزئيا لعدم وجود مجالس تشريعية منتخبة وحظر ممارسة كل أشكال الديمقراطية . ومن الغريب وغير المفهوم دوافعه ومبرراته، أن حركة الإخوان المسلمين التي شاركت وتشارك بمظاهرات كبيرة في تونس والمغرب ومصر والأردن و/أو قاتلت وتقاتل حاليا بالسلاح في كل من ليبيا وسوريا بالإضافة إلى اليمن ،تعزف كليا عن المشاركة بأية فعاليات ومظاهرات سلمية مناهضة لأنظمة دول الخليج ،بل هي تكفِر من يخرج و/أو يشارك فيها وتعتبره متواطأ مع إيران الشيعية بالدرجة الأولى ومهددا للأمن والنظام الداخلي والسلم الاجتماعي ولا تخرج عن كونها شرذمة قليلة كما يسوق لها في وسائل الإعلام المحلية هناك، كالبحرين وشرق شبه الجزيرة العربية(القطيف) والإمارات وقطر.

 ورغم كل ذلك لا تشهد أية نشاطات أو فعاليات أو مظاهرات للإخوان المسلمين ؟؟ سؤال يحتاج إلى تفسير وإجابة واضحة لا لبس فيها. وبعكس ذلك فإن علامات استفهام كثيرة وعديدة من التعجب والريبة والشك والظن ستبقى مرفوعة ومشهرة عن أسباب وحيثيات عدم مشاركة تنظيمات حركة الإخوان المسلمين في الاحتجاجات والمظاهرات السلمية في دول الخليج .
أين القدس وفلسطين !!

لم تمضِ شهور قليلة على تمكن حركة الإخوان المسلمين من الوصول إلى مركز صناعة القرار واتخاذه في السلطتين التشريعية والتنفيذية، في كل من تونس والمغرب ومصر، بعد قيامها بالانضمام والمشاركة مع الغير في قيادة حركة الشارع والمظاهرات والاحتجاجات في الدول العربية ونجاحها في الحصول على الأغلبية النسبية في الانتخابات البرلمانية مما مكنها من قيادة السلطة التنفيذية وصناعة القرار بأكثر من دولة عربية. وإذا كان من السابق لأوانه تقييم تجربتها في إدارة الحكم والسلطة، إلا أنه من الممكن رصد وتتبع وتسجيل بعض المؤشرات الرئيسة على تصريحات وسلوكيات قادتها:


1- تغيير أسلوب الخطاب بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية بشكل خاص والدول الغربية عامة. فقد اتسم بدرجة عالية من المرونة والليونة والتفهم للدور وللمصالح الأميركية في المنطقة. فقد انتفت عبارات التحالف الأميركي الصهيوني من خطابات وتصريحات وبرامج الإخوان!! وحل محلها ضرورة احترام الاتفاقيات الموقعة، علما بأنها ما فتئت ومنذ عقود طويلة تطالب الأنظمة الاستبدادية التي خلعت أو سقطت أو هربت، بضرورة مواجهة الولايات المتحدة الأميركية وخططها الشيطانية. ومن المفيد في هذا السياق الإشارة إلى بعض الأمثلة الداعمة للعلاقة الجديدة . فالغنوشي زعيم الحركة في تونس بادر إلى طمأنة الولايات المتحدة حول مستقبل العلاقة معها وسافر إلى واشنطن بدعوة من إحدى المنظمات الصهيونية وليس الأميركية لتأكيد الولاء وتقديم عربون الصداقة وليس فقط تغيير لغة الخطاب بين الطرفين بما فيها فتح وتدشين صفحة جديدة ، لقد تحدث الغنوشي بكل ما من شأنه أن يحصل على رضا الولايات المتحدة ويبعد الشكوك عن أي تغيير محتمل في النهج أو الصداقة المستقبلية وعاد معززا مكرما مسرورا من نتائج الزيارة . وفيما يتعلق بالمملكة المغربية فإن رئيس الوزراء هناك بن بكير، حرص كل الحرص على عدم القيام بأي تصرفات من شأنها إضعاف هيبة الملك أو التقليل من سطوته أو تأثيره على اتخاذ القرار بما في ذلك عدم الاقتراب من الحاشية والمستشارين الذين يرتبطون بعلاقات وثيقة جدا مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

 أما في مصر فحدث بلا حرج. فحتى أثناء التظاهرات الكبيرة التي سبقت تنحي المخلوع في 11 شباط من العام الماضي، أقامت علاقات مع نائب الرئيس آنذاك عمر سليمان ولم ترم بثقلها في ميدان التحرير إلا بعد مضيَ عشرة أيام على تدفق شعب مصر والاعتكاف في الميادين ونصب الخيام. وبعد أن تنحي مبارك أقامت علاقة وطيدة وما زالت ، مع المجلس العسكري وبررت كل أفعاله وممارساته وأصرت على إجراء الانتخابات البرلمانية قبل إقرار الدستور الدائم ووقفت بقوة ضد كل أشكال التظاهرات السلمية التي انطلقت فيما بعد بل عملت على إجهاض وتخريب معظمها ولكن أبرز المؤشرات السلبية في مواقف الإخوان كانت في التصريحات والسلوكيات التالية،الأولى اعتبارها مبادرة الإدارة الأميركية للاتصال بها من بشائر وعلامات النصر،والثانية سكوتها عن إطلاق سراح المسجونين الأميركيين المتهمين بالتمويل الأجنبي فما كان يمكن تسفيرهم بدون موافقة الإخوان،فتصريحات رئيس مجلس الشعب(الكتناني) حول الموضوع كانت مخصصة للاستهلاك المحلي فحسب والدليل أنها صمتت عن متابعة الموضوع في مجلس الشعب حيث تملك الأغلبية المؤثرة فيه،والثالثة عقد صفقة مع المجلس العسكري والإدارة الأميركية بخصوص مرشح توافقي لمنصب الرئاسة ترضى عنه الولايات المتحدة وإسرائيل وهذا ما سوف يتضح قبل التاسع من ابريل القادم، ورابعا إعلانها المبكر بالتزامها باتفاقية كامب ديفيد والتوقف عن المطالبة بطرد السفير الإسرائيلي من القاهرة أو سحبه على الأقل ، وخامسا عدم قيامها بالإعلان عن إلغاء اتفاقية تصدير الغاز إلى إسرائيل والتي ظلت لسنوات طويلة تطالب بوقف تصديره ورفع أسعاره.

2- الموقف من المسجد الأقصى والقدس وفلسطين، لقد غاب عن خطاب وتصريحات الإخوان المسلمين، وبشكل ملفت للنظر والاستغراب، كل ما يتعلق بفلسطين وبالقدس والأقصى على وجه التحديد.فرئيس مجلس الشعب المصري لم يأتِ في خطاب تنصيبه بأي كلمة أو إشارة للقدس والأقصى المحتلين ولغزة المحاصرة (الخطاب منشور على الانترنت) أما الغنوشي فقال في واشنطن بان تونس تقبل بما يقبل به الفلسطينيون ، علما بان كل تصريحاتهم السابقة وخاصة من قبل القرضاوي كانت تؤكد بان فلسطين كلها بما فيها القدس هي وقف إسلامي لا يجوز للفلسطينيين تقرير مصيرها لوحدهم أو بمفردهم. وقد صادف وأن قامت إسرائيل بسلسلة غارات على قطاع غزة أدت إلى استشهاد ما يربو على 20 شهيدا في خلال أربعة أيام بالإضافة إلى قيامها بتسريع إجراءات تهويد المدينة المقدسة وهدم البيوت وطرد النواب من المدينة دون أن يصدر من الإخوان في تونس والمغرب ومصر، أي بيان رادع ضد إسرائيل.بل أن بعض قياداتهم بما فيهم بعض السلفيين صرحوا لوسائل الإعلام الإسرائيلية مباشرة بأنهم سيقوموا باستقبال السفير الإسرائيلي في المناسبات بما في ذلك لقاء أي مسئول إسرائيلي في المؤتمرات والاجتماعات.

وحتى تاريخه فإن الإخوان المسلمين لم يصدروا برنامجهم السياسي وعلاقاتهم الدولية بما في ذلك كيف سيتصرفون إزاء قيام إسرائيل بتقسيم المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين !!. الإخوان المسلمون يمتحنوا الآن امتحانا شديدا أمام الشعب العربي، بشأن موقفهم من فلسطين والقدس والأقصى ومن التسوية السلمية والتي تتضمن الاعتراف بإسرائيل بحدود الخامس من حزيران مع بعض التعديلات وتقسيم القدس والتنازل عن عودة اللاجئين وتبادل السفراء.فماذا سيكون موقفهم من التأييد الأميركي الأعمى لإسرائيل وبناء وتوسيع المستوطنات هذا ما سوف يختبر جيدا في الشهور القليلة القادمة ، وسيشاهد الشعب العربي بأم عينه كيف ستنقلب الأمور ساعة ذاك وما هي الفتاوى الدينية التي سوف تصدر لتبرير التنازل عن القدس والأقصى وفلسطين، وكيف ستؤول علاقتهم مع قناة الجزيرة القطرية التي تدعو للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي وماذا سيكون موقف القرضاوي من تقسيم القدس والأقصى؟ أما في فلسطين حيث انتزعت حركة حماس السلطة عنوة عام 2007 فهي ترفض حتى تاريخه مجرد تحديث سجل الناخبين فما بالك بإجراء الانتخابات وتسليم السلطة في حال هزيمتها في الانتخابات التشريعية التي ما زالت تعطلها بحجج مختلفة. الشعب العربي ومن ضمنهم الفلسطيني سيكتشف مبكرا هذا العام وليس القادم، بان كل تصريحات الإخوان وأحزابها ومنظماتها ليست إلا بغرض الوصول إلى السلطة كما كان حال الأنظمة البائدة والمتنحية والمستبدة والمخلوعة وستعقد هي الصفقات مع الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وستصدر الفتاوى الدينية وربما تكون جاهزة من الآن.

لقد اقتربت ساعة كشف الغطاء وسيذوب الثلج غدا مع بداية سطوع شمس الربيع وسيظهر ما تحته جليا لكل الشعب العربي. وساعة ذاك ستبيض وجوه وستسود وجوه ويا بخت من ستبيض وجوهه ويا ويل من ستسود من غضب الشعب وفعله.

3- وهناك قضايا أخرى في غاية الأهمية فيما يتعلق بالوضع في العراق وأفغانستان والسودان وتقسيم ليبيا وتواجد القواعد العسكرية الأميركية في منطقة الخليج وخاصة في قطر والبحرين والسعودية والإمارات وما تمثله من خطورة بالغة على الأمن القومي المصري والعربي والاختراق الأميركي الفظ لباب المندب والاقتتال الداخلي في الصومال وموقفها من العدوان المحتمل على الجمهورية الإسلامية في إيران. هناك قضايا لا بد لحركة الإخوان المسلمين من إصدار بيانات ومواقف محددة وواضحة بشأنها، فالشعب العربي من المحيط إلى الخليج ينتظر بفارغ الصبر لمعرفة مواقف الإخوان المسلمين منها لكونها إستراتيجية وهامة وذات تأثير مباشر على مستقبل الديمقراطية في الوطن العربي والأمن القومي كذلك. فالشعب العربي لم يقدم التضحيات والشهداء من أجل أن يحلَ ديكتاتورية بأخرى.

تابعو الأردن 24 على google news