أنتخب أو أُعاقب؟
سألت نفسي هذا السؤال أكثر من مره, لماذا سأنتخب؟ ومن سأنتخب؟ ووجهت السؤال إلى عدد لا باس منه من الأصدقاء والأقارب والمعارف, ومن مستويات اجتماعية وتعليمية مختلفة, ولكن للأسف جميع الإجابات كانت تدور في السياق نفسه, لن انتخب , و لماذا سأنتخب؟ ومن هذا الشخص الذي يستحق صوتي لانتخبه؟ وحتى لو انتخبت فماذا سيقدم صوتي أو يؤخر في الانتخابات؟.
إن المتابع لما جرى ويجري في الأردن منذ عقدين من الزمن يدرك الإدراك كله بان العملية الديمقراطية والإصلاحية في الأردن ما هي إلا أجندات شخصية وفئوية وقد تصل إلى مستوى لوبيات الفساد والإجرام والانحراف الممنهج, فما جرى في الانتخابات النيابية الأردنية وسن قوانين الانتخابات المختلفة منذ عام 2002 ما هو إلا دليل على عقم المسيرة الديمقراطية في الأردن, واخص بالذكر انتخابات 2007 و 2010, والتي أثبتت بما لا يدع مجالا للشك بأنها مزورة وبامتياز, فأي قوانين وأي منفعة عادت على البلد سوى زيادة مديونية المملكة, وزيادة أعبائه المالية حتى أصبح المواطن البسيط يترحم على أيام الأحكام العرفية, ويتمنى أن تعود البلد إلى تلك الحقبة من تاريخ الأردن فاقلها كانت الأوضاع أحسن حالا بنظر العديد من أيام الديمقراطية الكذابة والمزورة , والتي نحاول أن نقنع أنفسنا ونقنع العالم بأننا بألف خير وان ربيعنا الأردني أقدم ربيع في العالم العربي.
وأعود إلى السؤال الأول لماذا سأنتخب؟ هل سأنتخب لأكون احد المساهمين في زيادة عدد المنتهزين والوصوليين والمتآمرين والمتقاعدين على حساب الشعب الغلبان, هل سأنتخب لأساهم في زيادة عدد البصيمة على ملفات الفساد وتبرئة الذين عاثوا فسادا في البلاد, هل سأنتخب لإيصال عدد أخر من الرويبضة ليشبعونا تنظيرا ووطنيات وكلاما معسولا, وما هم إلا مفسدين في الأرض, هل سأنتخب لأزيد من الفرص الضائعة على الكفاءات الأردنية نتيجة الواسطات والابتزازات والمساومات المفروضة من السلطة التشريعية لقاء تمرير بعض القرارات غير المدروسة والخاطئة والارتجالية من قبل السلطة التنفيذية, فهذه التساؤلات وغيرها جعلتني أفكر مليا قبل أن أقدم لأمارس حقي الدستوري في الانتخاب.
وفيما يخص السؤال الثاني من سأنتخب؟ فمن هو الشخص الجدير بمنحه ثقتي لأعطيه إياها وأكون سببا لإيصاله إلى سدة السلطة التشريعية, فقانون الانتخاب المنوي طرحة في الأسواق ليلاقي رواجا عند الشعب الأردني ما هو إلا دليل على فشل الديمقراطية الأردنية, فقانون الانتخاب الموجود في أدراج مجلس النواب لم يجرى عليه أي استفتاء من قبل الشعب والذي هو كما يشاع مصدر للسلطات, فمجلس النواب لن ولن يخرج القانون إلا متماشيا مع مصالحهم ومخططاتهم وأهدافهم ألمبيته والمعلنة, فكيف يعطيني هذا المجلس قانونا عصريا وديمقراطيا ويراعي النزاهة والشفافية وهو مجلس مشكوك في شرعيته, وهل فاقد الشيء يعطيه؟ قانون يتناقش في إقراره الأحزاب, وكم من الشعب الأردني منتم لحزب, قانون سيطرح ولم يستشار فيه 90% من الشعب الأردني, قانون_ يؤخذ من قوانين دول_ لا يراعي ولا يتماشى مع وضع الأردن الاجتماعي والقيمي والأخلاقي والديمغرافي, قانون يعتبر غير شرعي بكل المقاييس, فكيف تريدون مني أن انتخب؟ ويخرج علينا عواتلة مجلس النواب المحترمين باقتراح بفرض عقوبة للممتنعين عن المشاركة بالانتخابات, واقترح احدهم بفرض غرامة مالية على سكان العاصمة عمان, فأقول لكم يا من خذلتم الأردن والأردنيين بأنني لن ولن أشارك في أي انتخابات حتى لو وصل الأمر إلى سحب جنسيتي وإبعادي عن الأردن وهذا ليس رأيي ولكنه رأي 90% من الشعب الأردني, فالثقة ما بين الشعب ومجلس النواب انقطعت وتفتت, ومن الصعوبة إعادته ما بين ليلة وضحاها, فلا داعي لممارسة الإرهاب الانتخابي على الشعب, فالشعب أصبح أوعى وأقوى مما تعتقدون, فلا قانونكم ولا انتخاباتكم أصبحت تهمنا.