معان.. المشكلة والحل
علي الجازي
جو 24 : من جديد تعود معان الى واجهة الأحداث المحزنة في الاردن وتعود معها ذات الخطابات والتصريحات وكأننا أمام مسرحية وصلت من الرتابة والسطحية حدا لم يعد بالإمكان تجاهله أو علاجه, فمن الإنفلات الأمني الى السلفية الجهادية , ومن الفقر والبطالة الى التهميش والعقاب الجماعي يتبادل المسؤول والمواطن الأدوار كل يدلي بحجته ويدافع عن موقفه , تاركين المتابع لتلك الأحداث مترددا في حكمه على ما جرى ويجري في معان
ولعل ما يحتاجه المتابع في هذه الحالة هو فهم لطبيعة هذه المدينة ولتركيبتها الإجتماعية والسياسية ليتكمن من تحليل الأسباب المؤدية الى هذه الأحداث المؤسفة والمتكررة في تلك المدينة .
معان المحافظة
مدينة معان هي مركز لمحافظة تحمل نفس الإسم ( معان ) وتتكون هذه المحافظة من المناطق التالية
- وادي موسى : وهي منطقة سياحية من الدرجة الاولى ويعود ذلك لوجود إحدى عجائب الدنيا فيها وهي مدينة البتراء .
- الشوبك : وهي منطقة زراعية يشتغل معظم سكانها بالزراعة والوظائف الحكومية .
- بادية معان : وهي أكبر مناطق المحافظة من حيث المساحة والسكان وهي كذلك أكثر مناطق المحافظة فقرا وبطالة وتهميشا .
- مدينة معان : وهي مركز المحافظة كما ذكرنا وتوجد فيها جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية ويعمل معظم سكانها بالتجارة والوظائف الحكومية .
التركيبة السكانية للمدينة
تتكون التركيبة السكانية من ثلاثة أقسام رئيسية
- القسم الحجازي ويقع غرب المدينة وهو مجموعة من العشائر العربية الأصيلة القادمة من الجزيرة العربية عموما ومن منطقة الحجاز تحديدا ويغلب على هذا القسم الطابع الحجازي في العادات ومظاهر الحياة والإهتمامات الإجتماعية والنشاطات التجارية .
- القسم الشامي ويقع شرق المدينة وهو كذلك مجموعة من العشائر العربية الاصيلة القادمة من بلاد الشام عموما ويغلب الطابع الريفي والتجاري على هذا القسم ويمتاز بهجرة نسبة منه خارج مدينة معان الى العاصمة عمان سعيا وراء ظروف حياتية أفضل .
- القسم الاوسط وهو مجموعة عشائر تسمى بعشائر الوسط لتوسطها القسمين السابقين وهي خليط من العشائرالعربية الاصيلة القادمة الى معان من مناطق مختلفة كالكرك والضفة الغربية وغزة وغيرها .
وهذه التركيبة الفسيفسائية المميزة أنتجت وعلى مدى مئات السنين مجتمعا يقدم العشائرية بحلَّة مدنية متفاعلة مع الحضارة والتجارة والتعليم , وبه تذوب إنتماءات الزمان ليكون الجميع من معان ولمعان .
قيادات مدينة معان
تقسم قيادات المدينة الى قسمين
- قيادات تاريخية وهم شيوخ ووجهاء المدينة التاريخيين اللذين ورثو الزعامة عن آباءهم وأجدادهم ويشكل هؤلاء حجر الزاوية الحقيقي للمجتمع المعاني , ويرجع لهم الفضل في كثير من المواقف التاريخية المشرفة التي قدمتها معان للوطن , ولعل أبرز تلك المواقف كانت الحركة السياسية في نيسان عام 1989 والتي وبسبب تلك القيادات المعروفة والمحترمة على مستوى الوطن لاقت قبولا وتأييدا من باقي مناطق الأردن .
- قيادات مرحلية وهم خليط من الموظفين والضباط السابقين والتجّار والسياسيين المقربين من النظام وهم بغالبيتهم من اللذين تركو معان لتحسين أوضاعهم الوظيفية والمالية وعادو بعد نجاحهم الفردي الى مدينتهم طلبا للدعم الإجتماعي الذي يخولهم التمثيل الرسمي لمعان كنواب وأعيان ووزراء وكبار موظفين .
شباب مدينة معان
كذلك يمكن تقسيم الشباب الى قسمسن
- شباب متعلِّم وهم الأغلبية ويشكلون طبقة المثقفين الملتزمين دينيا والمتمسكين بالعادات والتقاليد الحميدة لمجتمعهم , وهم مرتبطون بالقيادات التاريخية للمدينة , وهؤلاء يشغلون تقريبا جميع المراكز الإدارية والتربوية في المدينة بإستثناء المراكز الرئيسية الاولى فهي حكر على القيادات المرحلية التي ذكرناها ولعل لهذا الإستثناء الواضح أسباب منهجية تهدف الى إبقاء القرار والخطاب والحوار بيد فئة مقرَّبة منسجمة مع تلك المنهجية وصولا الى إخماد تلك الشعلة التي توارثتها قيادات المدينة التاريخية لعشرات السنين والمرتبطة بتحولات مصيرية في عمر الدولة الاردنية الحديثة.
- شباب غير متعلِّم وهم الأقلية وهؤلاء هم ضحايا سياسات التجهيل والتضليل التي مورست على معان منذ عام 1989 وحتى اليوم ,ويشكلون الذريعة الدائمة لجميع الحملات الأمنية التي قامت في المدينة مع ملاحظة إرتباط هذه الفئة من الشباب بالقيادات المرحلية التي إعتادت الدفاع عنهم وتصويرهم للإعلام بأنهم الأغلبية الساحقة من شباب معان , وقد يكون هذا الخطاب هو السبب وراء تزايد هذه الفئة وتشعب نشاطاتها .
المشكلة
إن التركيبة السكانية والموقع الجغرافي والتاريخ الحديث والمستوى التنموي ليست هي المشاكل أو الاسباب الحقيقية لما يحدث في معان , بل إن السبب بكل بساطة هو أن ملف معان هو "ملف أمني بحت" , فالتنمية والتهميش والعقاب والثواب كلها قرارات أمنية يحكمها المزاج الأمني , ويقرها الفريق الأمني للدولة , وينفذها الجهاز الأمني كذلك .
- فإقامة جامعة الحسين في معان كان قرارا أمنيا هدفه تغيير التركيبة السكانية للمدينة وتحويل إهتمامات أبناء المدينة الى قضايا جديدة تلهيهم عن ملاحظة تلك المنهجية التي أوصلت معان الى ما هي عليه اليوم .
- وتكرار الخطاب الأهلي للقيادات المرحلية هو أيضا قرار أمني , فأنت عندما تسمع مسؤولا من أبناء المدينة يقول أن معان هي الأكثر فقرا وبطالة وتهميشا عليك أن تسأل عن أي معان يتحدث , معان المدينة أم معان المحافظة؟! , ومن الواضح أنه يقصد المدينة بينما الحقيقة أن النِسب الرسمية وغير الرسمية المرتفعة لمعدلات الفقر والبطالة تتحدث عن معان المحافظة وتحديدا المناطق البعيدة عن المركز وهي بادية معان ولكن ما يجري هو " إستمطار " دائم لشعبية مرحلية لتلك القيادات والهدف هو الحصول من الدولة على ما يُثبت أحقية تلك القيادات وأفضليتها فتنجذب معان نحو توجهاتها وموافقها المنسجمة أصلا مع الإدارة الأمنية للمدينة وتوجهاتها الآنية والمستقبلية .
- وتشجيع التيار السلفي الجهادي هو قرار أمني كذلك , وليس الهدف منه معان بل هي أوراق اُستخدمت في أفغانستان والعراق وتستخدم اليوم في سوريا والهدف منها إيجاد موطئ قدم في تلك البؤر الساخنة يمكن من خلاله المتابعة والتواصل والتاثير في الأحداث والمستجدات في تلك المناطق .
الحل
إن الحل في عمان وليس في معان , فلابد أن ينتقل ملف معان من يد الفريق الأمني الى الفريق التنموي في الدولة , ولابد من مراجعة شاملة لذلك الملف ووضع اًسس جديدة للعلاقة بين الدولة ومعان ( المحافظة ) بجميع مكوناتها وإعطاء الفرصة الحقيقية لشباب هذه المحافظة لتنمية محافظتهم بعيدا عن الأحكام المسبقة وسياسات الإقصاء والتشكيك , فمعان المحافظة هي الأغنى بالمعادن والأوفر بالمياه والأكبر بالمساحة , والأهم من هذا كله أن هذه المحافظة تزخر بالطاقات والكفاءات الشابة المنتمية والمحبة لهذا الوطن والتي تستحق الفرصة التي اُعطيت لغيرها من شباب الاردن.
ولعل ما يحتاجه المتابع في هذه الحالة هو فهم لطبيعة هذه المدينة ولتركيبتها الإجتماعية والسياسية ليتكمن من تحليل الأسباب المؤدية الى هذه الأحداث المؤسفة والمتكررة في تلك المدينة .
معان المحافظة
مدينة معان هي مركز لمحافظة تحمل نفس الإسم ( معان ) وتتكون هذه المحافظة من المناطق التالية
- وادي موسى : وهي منطقة سياحية من الدرجة الاولى ويعود ذلك لوجود إحدى عجائب الدنيا فيها وهي مدينة البتراء .
- الشوبك : وهي منطقة زراعية يشتغل معظم سكانها بالزراعة والوظائف الحكومية .
- بادية معان : وهي أكبر مناطق المحافظة من حيث المساحة والسكان وهي كذلك أكثر مناطق المحافظة فقرا وبطالة وتهميشا .
- مدينة معان : وهي مركز المحافظة كما ذكرنا وتوجد فيها جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية ويعمل معظم سكانها بالتجارة والوظائف الحكومية .
التركيبة السكانية للمدينة
تتكون التركيبة السكانية من ثلاثة أقسام رئيسية
- القسم الحجازي ويقع غرب المدينة وهو مجموعة من العشائر العربية الأصيلة القادمة من الجزيرة العربية عموما ومن منطقة الحجاز تحديدا ويغلب على هذا القسم الطابع الحجازي في العادات ومظاهر الحياة والإهتمامات الإجتماعية والنشاطات التجارية .
- القسم الشامي ويقع شرق المدينة وهو كذلك مجموعة من العشائر العربية الاصيلة القادمة من بلاد الشام عموما ويغلب الطابع الريفي والتجاري على هذا القسم ويمتاز بهجرة نسبة منه خارج مدينة معان الى العاصمة عمان سعيا وراء ظروف حياتية أفضل .
- القسم الاوسط وهو مجموعة عشائر تسمى بعشائر الوسط لتوسطها القسمين السابقين وهي خليط من العشائرالعربية الاصيلة القادمة الى معان من مناطق مختلفة كالكرك والضفة الغربية وغزة وغيرها .
وهذه التركيبة الفسيفسائية المميزة أنتجت وعلى مدى مئات السنين مجتمعا يقدم العشائرية بحلَّة مدنية متفاعلة مع الحضارة والتجارة والتعليم , وبه تذوب إنتماءات الزمان ليكون الجميع من معان ولمعان .
قيادات مدينة معان
تقسم قيادات المدينة الى قسمين
- قيادات تاريخية وهم شيوخ ووجهاء المدينة التاريخيين اللذين ورثو الزعامة عن آباءهم وأجدادهم ويشكل هؤلاء حجر الزاوية الحقيقي للمجتمع المعاني , ويرجع لهم الفضل في كثير من المواقف التاريخية المشرفة التي قدمتها معان للوطن , ولعل أبرز تلك المواقف كانت الحركة السياسية في نيسان عام 1989 والتي وبسبب تلك القيادات المعروفة والمحترمة على مستوى الوطن لاقت قبولا وتأييدا من باقي مناطق الأردن .
- قيادات مرحلية وهم خليط من الموظفين والضباط السابقين والتجّار والسياسيين المقربين من النظام وهم بغالبيتهم من اللذين تركو معان لتحسين أوضاعهم الوظيفية والمالية وعادو بعد نجاحهم الفردي الى مدينتهم طلبا للدعم الإجتماعي الذي يخولهم التمثيل الرسمي لمعان كنواب وأعيان ووزراء وكبار موظفين .
شباب مدينة معان
كذلك يمكن تقسيم الشباب الى قسمسن
- شباب متعلِّم وهم الأغلبية ويشكلون طبقة المثقفين الملتزمين دينيا والمتمسكين بالعادات والتقاليد الحميدة لمجتمعهم , وهم مرتبطون بالقيادات التاريخية للمدينة , وهؤلاء يشغلون تقريبا جميع المراكز الإدارية والتربوية في المدينة بإستثناء المراكز الرئيسية الاولى فهي حكر على القيادات المرحلية التي ذكرناها ولعل لهذا الإستثناء الواضح أسباب منهجية تهدف الى إبقاء القرار والخطاب والحوار بيد فئة مقرَّبة منسجمة مع تلك المنهجية وصولا الى إخماد تلك الشعلة التي توارثتها قيادات المدينة التاريخية لعشرات السنين والمرتبطة بتحولات مصيرية في عمر الدولة الاردنية الحديثة.
- شباب غير متعلِّم وهم الأقلية وهؤلاء هم ضحايا سياسات التجهيل والتضليل التي مورست على معان منذ عام 1989 وحتى اليوم ,ويشكلون الذريعة الدائمة لجميع الحملات الأمنية التي قامت في المدينة مع ملاحظة إرتباط هذه الفئة من الشباب بالقيادات المرحلية التي إعتادت الدفاع عنهم وتصويرهم للإعلام بأنهم الأغلبية الساحقة من شباب معان , وقد يكون هذا الخطاب هو السبب وراء تزايد هذه الفئة وتشعب نشاطاتها .
المشكلة
إن التركيبة السكانية والموقع الجغرافي والتاريخ الحديث والمستوى التنموي ليست هي المشاكل أو الاسباب الحقيقية لما يحدث في معان , بل إن السبب بكل بساطة هو أن ملف معان هو "ملف أمني بحت" , فالتنمية والتهميش والعقاب والثواب كلها قرارات أمنية يحكمها المزاج الأمني , ويقرها الفريق الأمني للدولة , وينفذها الجهاز الأمني كذلك .
- فإقامة جامعة الحسين في معان كان قرارا أمنيا هدفه تغيير التركيبة السكانية للمدينة وتحويل إهتمامات أبناء المدينة الى قضايا جديدة تلهيهم عن ملاحظة تلك المنهجية التي أوصلت معان الى ما هي عليه اليوم .
- وتكرار الخطاب الأهلي للقيادات المرحلية هو أيضا قرار أمني , فأنت عندما تسمع مسؤولا من أبناء المدينة يقول أن معان هي الأكثر فقرا وبطالة وتهميشا عليك أن تسأل عن أي معان يتحدث , معان المدينة أم معان المحافظة؟! , ومن الواضح أنه يقصد المدينة بينما الحقيقة أن النِسب الرسمية وغير الرسمية المرتفعة لمعدلات الفقر والبطالة تتحدث عن معان المحافظة وتحديدا المناطق البعيدة عن المركز وهي بادية معان ولكن ما يجري هو " إستمطار " دائم لشعبية مرحلية لتلك القيادات والهدف هو الحصول من الدولة على ما يُثبت أحقية تلك القيادات وأفضليتها فتنجذب معان نحو توجهاتها وموافقها المنسجمة أصلا مع الإدارة الأمنية للمدينة وتوجهاتها الآنية والمستقبلية .
- وتشجيع التيار السلفي الجهادي هو قرار أمني كذلك , وليس الهدف منه معان بل هي أوراق اُستخدمت في أفغانستان والعراق وتستخدم اليوم في سوريا والهدف منها إيجاد موطئ قدم في تلك البؤر الساخنة يمكن من خلاله المتابعة والتواصل والتاثير في الأحداث والمستجدات في تلك المناطق .
الحل
إن الحل في عمان وليس في معان , فلابد أن ينتقل ملف معان من يد الفريق الأمني الى الفريق التنموي في الدولة , ولابد من مراجعة شاملة لذلك الملف ووضع اًسس جديدة للعلاقة بين الدولة ومعان ( المحافظة ) بجميع مكوناتها وإعطاء الفرصة الحقيقية لشباب هذه المحافظة لتنمية محافظتهم بعيدا عن الأحكام المسبقة وسياسات الإقصاء والتشكيك , فمعان المحافظة هي الأغنى بالمعادن والأوفر بالمياه والأكبر بالمساحة , والأهم من هذا كله أن هذه المحافظة تزخر بالطاقات والكفاءات الشابة المنتمية والمحبة لهذا الوطن والتي تستحق الفرصة التي اُعطيت لغيرها من شباب الاردن.