بانوراما الدورة العادية..النواب أشبعوهم شتماً..وفاز الأعيان والحكومة بالإبل
محرر الشؤون البرلمانية- يمكن اعتبار دورة النواب العادية الأولى المنتهية دستورياً في الثالث من الشهر القادم، بأنها دورة فرض القوانين العقابية والتي انتصر الأعيان في فرضها على النواب، ودورة فقدان النصاب، التي طالت أكثر من ست جلسات نيابية، كانت متممتها الجلسة الأخيرة التي كان يفترض أن تتم فيها مناقشة تقرير التخاصية.
وطوال الستة اشهر من عمر الدورة ،عانى المجلس من فقدان نصابه بحيث باتت السمة الأبرز التي لاحقته في وسائل الاعلام المختلفة وشكلت محل نقده في الأوساط المختلفة، ولنا هنا أن نتذكر يوم أن قدم رئيس المجلس المهندس عاطف الطراونة اعتذاره للشعب الأردني لعدم مقدرة النواب على إكمال جلساتهم.
قوانين عقابية بامتياز:
وفيما يتعلق بالدور التشريعي للنواب فقد أنجز المجلس (31) قانوناً، أربعة منها تطلبت عقد جلسة مشتركة وهي قوانين الضمان الإجتماعي، محكمة أمن الدولة، إعادة هيكلة مؤسسات حكومية، الكسب غير المشروع.
وكان لافتا أن طبيعة عدد من القوانين التي أقرها المجلس حملت طابعاً عقابياً، إذ أن قانون منع الإرهاب والمتوقع بطبيعة الحال إقراره من مجلس الاعيان اليوم، حمل تعديلات كثيرة، وسعت من نطاق الجرائم والعقوبات في تعريف مفهوم الإرهاب، الذي تُنظر قضاياه أمام محكمة أمن الدولة، بحيث وصلت العقوبات للإعدام في حدها الأقصى فيما تراوحت بقية الجرائم بعقوبات المؤبد والسجن لسنوات متباينة، على جرائم مختلفة كالترويج للإرهاب عبر استخدام وسائل الإعلام، إلا أن تلك المسألة شكلت جدلاً نيابياً لدرجة أن أحد النواب قال (لم يبقى إلا نعاقب من يضع إشارة لايك عبر فيسبوك).
ومن بين القوانين التي حملت طابع العقاب والردع قانون الزراعة حيث نص في إحدى مواده انه يعاقب بالحبس لأربعة أشهر وغرامة مالية مقدارها الف دينار كل من يقتلع المرجان من المياه الإقليمية أو يتسبب في اتلافه، كما فرض المجلس غرامة مقدارها الف دينار وبالحبس أربعة أشهر عن كل طير بري أو حيوان بري يتم صيده وكان هذا الطير من الطيور المحظور صيدها، كما أقر المجلس إحالة أي شخص يقوم بالإضرار في أراضي الحراج إلى محكمة الصلح مع منح صفة الاستعجال.
كذلك حمل قانون سلطة المياه المعدل سلسلة عقوبات مغلظة من بينها عقوبة الحبس من سنة إلى 5 سنوات أو أية عقوبات أشد واردة في قوانين اخرى، وبغرامة لا تقل عن الفي دينار ولا تزيد على سبعة الاف دينار على كل من أعتدى على خطوط المياه الناقلة، أو أعتدى على محطات الصرف الصحي ومحطات ضخ وتنقية وتحلية المياه، أو أحدث تلوثا في الابار والينابيع المستغلة لغايات الشرب وخزانات تجميع المياه ومحطات الضخ والتحلية وخطوط المياه الناقلة والرئيسية المملوكة للسلطة، أو حفر آبار جوفية دون ترخيص.
الدور الرقابي والعلاقة مع الحكومة:
كان لافتا أن عدد الأسئلة النيابية خلال الدورة العادية المنقضية قد انخفض إلى النصف مقارنة مع الدورة الماضية، حيث وجه النواب في دروتهم العادية قرابة (660) سؤالاً، في حين أنهم وجهو نحو (1200) سؤالاً في الدورة الماضية.
وخلال الدورة وجه المجلس أكثر من 125 مذكرة نيابية، ومذكرتين لحجب الثقة عن الحكومة، وفي هذا الباب رفعت بحق الحكومة مذكرة حول قضية مقتل القاضي رائد زعيتر، لكنها أدت لنتيجة عكسية بمنح الثقة للحكومة مجدداً بعد أن أشبع النواب في كلماتهم الحكومة شتماً ووعيداً، ثم منحوها الثقة.
وشكلت مسألة منح الثقة اهتزازاَ قويا لصورة المجلس، وتقوية لعود الحكومة التي باتت تتجاهل النواب في كثير من مطالبهم وتتعامل معهم وفق منهجية: مانح وحاجب، إذ اشتكت النائب هند الفايز من عدم تعاون الحكومة معها وتضييق الأبواب في وجهها بعد أن منحت الثقة للحكومة، كذلك تحدث النائب محمد الرياطي الذي تبنى نهج كشف ملفات العقبة الإقتصادية طيلة فترة انعقاد الدورة.
العلاقة مع مجلس الأعيان:
يمكن النظر للعلاقة ما بين مجلسي النواب والأعيان من جهتين،الأولى :القوانين المشتركة بين المجلسين والتي أظهرت إقرار القوانين الأربعة المشتركة بين المجلسين وفق إرادة الأعيان وهي قوانين محكمة أمن الدولة، إعادة هيكلة مؤسسات حكومية، والضمان الإجتماعي، والكسب غير المشروع، والثانية: التوتر الذي بات ملحوظاً في علاقة عدد من النواب مع رئاسة مجلس الأعيان.
وقد شهدت الجلسات المشتركة توتراً ملحوظاً كان على الأغلب بين رئيس مجلس الاعيان الدكتور عبد الرؤوف الروابدة والنواب طارق خوري وعساف الشوبكي، الذين وجها نقداً للروابدة على طريقة إدارته للجلسات، فخوري تحدث عن إدارة الروابدة للجلسات وكأنما يدير صلحات عشائرية، في حين تحدث الشوبكي عن معاملة الروابدة للنواب وكأنما يتعامل مع أبناء زوجته، ليرد الروابدة حينها: لا أقبل أن تكون ابنا لزوجتي، ثم عاود الشوبكي بالقول: "وأنا لا يشرفني أن تكون بمقام والدي ولا يحق لك أن تكون عنيفا بمثل هذا الشكل"، ليعود الروابدة للقول: انا الرئيس وبطلعلي.
خلاصة المشهد مع نهاية المدة الدستورية لمجلس الأمة، فإن النواب الذي أقر موازنة الدولة لسنة 2014 على وقع تهديد للحكومة، امتاز بعدم تجانس خطاب أعضائه مع مواقفهم الحاسمة، وأظهر مدى الهوة التي تتسع يوماً بعد يوم بين النواب والقواعد الشعبية، التي أنهالت في كثير من المواقف للنقد اللاذع للنواب، وليس آخرها قضية اعتقال مواطنين من داخل مكاتب النواب.