تمييز ملموس في الإستراتيجية الإسرائيلية
محمد خضر قرش
جو 24 : لعلنا لا نكشف سرا أو نكتب وصفا لا يدركه كل عاقل لحالة إسرائيل وخاصة في مجال التسوية السياسية . فلا توجد دولة في العالم تعمل ضد مصالحها وتضع علامات استفهام كبيرة بنفسها على مستقبلها كما تفعله الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وخاصة الحكومة اليمينية الحالية برئاسة نتنياهو. وانني كغيري اتمنى ان أسمع أو أقرأ أو أشاهد تبريرا أو تفسيرا أو تحليلا يشتمل على كنه ما يدور في عقلية صُناع القرار في إسرائيل ووجهة نظرهم وكيفية مواجهتم لمستقبلهم . فوفقا لما هو متوفر لنا من معطيات لا تُدحض فإن إسرائيل تريد ان تبقي إحتلالها للأرض الفلسطينية وفقا لتصنيف ذي تسعة نجوم أي بدون تكلفة مالية أو بشرية بل بربح صاف سنويا .كما انها لا تريد بل وليس ضمن مخططها الإنسحاب من الغور الفلسطيني ورغم ذلك تريد أن تحافظ على التنسيق الأمني مع السلطة الوطنية وان تبقي سيطرتها ووجودها الكريه والبشع وغير المرغوب فيه على نحو 62% من المنطقة C والتي بدونها لن تقوم دولة فلسطينية، وهي ما زالت بذات الوقت تتوسع في بناء المستعمرات العدوانية فوق الأرض ولا تريد أن ترسم حدودها مع الفلسطينيين حتى تاريخه . وفوق هذا تطلب وبكل وقاحة أن يعترف بها الفلسطينييون كدولة يهودية وتريد كل القدس وتحويل الجدار الأمني! إلى حدود ومعابر ثابتة يكون لها اليد الطولى والسيطرة الأمنية الكاملة على شرق وغرب الجدار . ولا يتوقف الأمر عند كل ما سبق بل تستنكر وتغضب وتحتج إذا توجهت السلطة إلى المنظمات الدولية وتعتبره تصرفا أحادي الجانب ! لأنه تم بدون التنسيق بشأنه معها مما يدفعها لفرض عقوبات لا تلبث ان تسحبها لاحقا ،وكأن كل ما تقوم به إسرائيل ليس أحادي الجانب،. كما تريد أن يبقى الفلسطينييون منقسمون بين الضفة والقطاع بل وبين شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية لتتحول إلى كانتونات معزولة عن بعضها يتحكم بمداخلها جيب عسكري إسرائيلي فيه أربعة جنود.وحينما ينتفض شعب فلسطين ضد الاحتلال القبيح والمستوطنين المستعمرين للأرض تعتبره إرهابا!! فهي تريد أن تبقيهم أو تطبق عليهم المثل البائس "مقسوم لا تأكل وصحيح لا تقسم وكُل حتى تشبع!! كما تريد أن تتحكم بحرية حركتهم الداخلية والخارجية من خلال الحواجز والمعابر وأن تُحصل منهم الرسوم والضرائب وتمنع من تشاء من السفر وتقتحم المدن والقرى والمخيمات متى رغب ضابط صغير بذلك لإعتقال أوقتل من تريد بدون محاكمة.ولا تتوقف الأمور عند هذا الحد ، بل تطلب من المواطنين الفلسطينيين مراجعة اجهزتها الأمنية في بيت إيل للتحقيق معهم وتطلب من بعضهم التعامل معها وتخالف المركبات الفلسطينية التي تسير بين المدن وتحجز رخص السائقين . ورغم كل ذلك تدعي بانها ستقدم تنازلات مؤلمة!!!ربما تكون في القمر أو في أحد الكواكب أو الأجرام السماوية غير المكتشفة بعد. نتنياهو وقبله شارون يدركان جيدا انهما يكذبان على نفسيهما قبل الأخرين حينما يتشدقان بالتنازلات المؤلمة! فالرئيس ساركوزي قال عن نتنياهو بانه يكذب واستمع إلى هذا الحديث كل الصحفيين معتقدا أن الميكروفونات مغلقة فرد عليه أوباما :"فكيف انا الذي اتعامل معه كل يوم " وقد نشرت هذا الحوار صحيفة هآرتس وغيرها. بل ان نتنياهو أخبر رئيس وزراء بلجيكيا حينما كان رئيسا للوزراء في المرة الأولى "انه لن يوافق على ان يكون للضفة الغربية حدودا مع اي دولة عربية". إسرائيل ابتلعت 78% من أرض فلسطين التاريخية وتلاحق الفلسطينيين على ال22% الباقية وتريد فوق هذا ان يعترف بها العرب كدولة مستقلة لليهود فحسب وأن يدينوا الإرهاب الفلسطيني!!!وان لا يقدموا المساعدة لهم إلا عبرها وبعلمها، كما اعلنت ذلك تسيبي لفني في الاسبوع الماضي . وفوق كل هذا التمييز والإجحاف بالحقوق الإنسانية تستغرب أو تستنكر تصريحات جون كيري حينما قال بأنها في طريقا لتصبح دولة تمييز عنصري !! أو اليس من إحدى مظاهر التمييز العنصري هو التطهير العرقي ومحو تاريخ وحضارة شعب بما فيها مقابره ! أو اليس من صفات التمييز العنصري حرمان أصحاب الأرض من البناء فوق أرضهم!أو اليس من عناصر التمييز أيضا سحب هويات المقدسيين ورفض زواج المقدسي من فلسطينية تسكن في نابلس او الخليل أو غزة أو العكس وتحول بينهم وبين السكن والعيش معا .أو اليس من تعريف التمييز العنصري القيام بهدم بيوت الفلسطينيين في القدس ومصادرة الأراضي! أو اليس من خصائص التمييز العنصري عدم مساواة المسافر اليهودي والفلسطيني في المطارات من حيث إجراءات السفر والتفتيش الأمني وغيره بما في ذلك مراقبته أثناء جلوسه في مقاعد الطائرة ! أو ليس من مظاهر التمييز مواجهة المتظاهرين بالرصاص الحي في فلسطين 1948 وقتل ما يزيد على 26 مواطنا خرجو مستنكرين لما تقوم به قوات الاحتلال ضد أبناء جلدتهم واخيرا وليس آخرا ،أو اليس من رزمة ومحتوى التمييز العنصري أن تحتل إسرائيل أرض شعب آخر وتطرده منها وتقهره وتجبره على الخضوع لرغباتها وتفرض عليه قيودا ظالمة تتنافى وأبسط حقوق الانسان!! حتى العديد من الصحفيين الإسرائيليين مثل "جدعون ليفي والدكتور تشيلو روزنبرغ وليئات رون وبيتر باينرت وأسرة تحرير هآرتس أكدوا ما قاله كيري وغيره من أن إسرائيل في طريقها لتكون اكبر دولة ابارتهايد في العصر الحديث، ومن حسن حظنا أنها نشرت على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإسرائيلية.فكل هؤلاء منافقون وكذابون إلا العبقري في التلاعب نتنياهو،كما وصفه الكاتب داني سبكتور في صحيفة يديعوت احرونوت.؟
طلب الإعتراف بها كدولة يهودية
لعل هذا الموضوع يعكس التخبط الذي تعيش فيه إسرائيل والإستعصاء الوهمي الذي صنعته حكومة نتنياهو بنفسها وبمحض إرادتها .فكل الاتفاقيات التي وقعتها السلطة الوطنية مع سلطات الاحتلال بدءا من أوسلوا ،1 و2 وما تلاهما لم يأت ولا مرة واحدة على ذكر الإعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي، فلماذا برزت وطرحت على لسان العبقري في التلاعب نتنياهو!! فطرحها الان وهو يعلم أن نسبة تحققها لا يصل لدرجة الصفر في المليار. فالطرح والحالة هذه يهدف إلى المماطلة والحصول على تنازلات إضافية. لأنه لم يخلق بعد ذلك الفلسطيني الذي يمكن له أن يعترف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي. ولكن ومن الجانب الاخر لماذا لم تطلب إسرائيل من مصر والاردن وسوريا ان تعترف بها كدولة للشعب اليهودي رغم أنها وقعت مع دولتين حتى الآن إتفاقيات سلام. والسبب بسيط جدا لانها تدرك وتعلم بأن الفلسطينيين هم أصحاب الأرض الحقيقيين. فإعتراف مصر او الأردن وغيرهما لا يعطيها الشرعية ولا الحق في الوجود ، فقط الفلسطينييون هم من يعطي الشرعية لإسرائيل. ولأن الأخيرة غبية ولا تفكر إلا بالقوة فهي أوقعت نفسها دون ان تدري فيما انكرته طيلة العقود الماضية من ان فلسطين ملك لشعب فلسطين . وهناك نقطة اخرى على جانب كبير من الأهمية تتجنب وسائل الإعلام الإسرائيلية التركيز عليها ولا تدري حتى الآن ماذا تفعل بها بل وتخجل مما أقدمت عليه .فبعد إنهيار الإتحاد السوفياتي في بداية العقد التاسع من القرن الماضي استجلبت الوكالة اليهودية نحو مليون مهاجر جُلهم من المسيحيين والمسلمين من الجمهوريات الآسيوية والاوروبية في الإتحاد السوفياتي السابق. وقد بدأت تطفو على سطح العلاقات الاجتماعية والاقتصادية في إسرائيل هذه الظاهرة التي يعتبرها البعض مقلقة لكنها في الحقيقة آخذة في الازدياد والاتساع وخاصة أن الأباء بدأوا بالإفصاح عن دينهم الحقيقي ويقدموا التبريرات التي دفعتهم للقدوم إلى إسرائيل حيث تتصدر العوامل الاجتماعية والبطالة السبب الرئيس. فهؤلاء سيكونوا من أحد أبرز عناصر عدم الاستقرار في المستقبل. فوفقا للإحصائيات الإسرائيلية فإن عدد اليهود ممن ينطبق عليهم تعريف اليهودي لا يزيدوا عن 5.5 مليون نسمة وبالمقابل فإن عدد الفلسطينيين على كامل فلسطين التاريخية يقتربوا كثيرا من هذا الرقم، ومع نهاية العام القادم فإن كل يوم جديد يبزغ سيزيد عدد الفلسطينيين عن عدد اليهود ،فكيف ستتصرف حكومة نتنياهو وأي حكومة اخرى إزاء هذه المعادلة الديموغرافية التي من شانها ان تحدث التغيير الجوهري في التركيبة السكانية.فالاعتراف بيهودية الدولة والحالة هذه لن تفيد نتنياهو بشيئ فهي ليست أكثر من "فقاعية" طبقا للتعبير الغزاوي لا قيمة لها . فكيف يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تمنع قيام دولة ثنائية القومية إذا ما ظلت مستمرة في سياسة بناء المستوطنات ، بحيث يصعب بل ويستحيل أن لا تجد مستوطنة في كل 4 كيلومترات كحد أقصى سواء كنت متجها للشمال أو للجنوب من القدس .فكيف يمكن بناء دولة للشعب اليهودي فقط !!! كما كيف يمكن لنتنياهو أن يفسر لنا بأن قانون يهودية الدولة سيمنع قيام دولة ثنائية القومية؟؟ إذا كان التداخل الفلسطيني اليهودي كثيفا ومتشابكا كالقائم أو السائد حاليا في الضفة الغربية ؟؟ فالسعي نحو سن قانون أساسي يكرس إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي!! يحتاج إلى تفكيك كل مستوطنات الضفة الغربية إلا إذا كان في مخيلة رئيس الحكومة القيام بالطرد الجماعي والترحيل باستخدام القوة!! التخبط الإسرائيلي في موضوع الدولة اليهودية بلغ حدا من الصعب تخيل كيفية وضعه موضع التنفيذ. كيف يمكن لنحو 600 ألف مستوطن في الضفة الغربية أن يكونوا ضمن حدولة دولة لليهود فقط !!! وكيف يمكن تقسيم فلسطين لتحقيق ذلك فلا التقسيم العمودي أو الأفقي يمكن لهما أن يحققا ما يدور في ذهن نتنياهو. الطريقة الوحيدة المتاحة عمليا لدولة شبه يهودية هي تفكيك المستعمرات وترحيل المستوطنين من الضفة الغربية وما عدا ذلك كله سيؤدي إلى دولة ثنائية القومية رغب نتنياهو أو لم يرغب .
طلب الإعتراف بها كدولة يهودية
لعل هذا الموضوع يعكس التخبط الذي تعيش فيه إسرائيل والإستعصاء الوهمي الذي صنعته حكومة نتنياهو بنفسها وبمحض إرادتها .فكل الاتفاقيات التي وقعتها السلطة الوطنية مع سلطات الاحتلال بدءا من أوسلوا ،1 و2 وما تلاهما لم يأت ولا مرة واحدة على ذكر الإعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي، فلماذا برزت وطرحت على لسان العبقري في التلاعب نتنياهو!! فطرحها الان وهو يعلم أن نسبة تحققها لا يصل لدرجة الصفر في المليار. فالطرح والحالة هذه يهدف إلى المماطلة والحصول على تنازلات إضافية. لأنه لم يخلق بعد ذلك الفلسطيني الذي يمكن له أن يعترف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي. ولكن ومن الجانب الاخر لماذا لم تطلب إسرائيل من مصر والاردن وسوريا ان تعترف بها كدولة للشعب اليهودي رغم أنها وقعت مع دولتين حتى الآن إتفاقيات سلام. والسبب بسيط جدا لانها تدرك وتعلم بأن الفلسطينيين هم أصحاب الأرض الحقيقيين. فإعتراف مصر او الأردن وغيرهما لا يعطيها الشرعية ولا الحق في الوجود ، فقط الفلسطينييون هم من يعطي الشرعية لإسرائيل. ولأن الأخيرة غبية ولا تفكر إلا بالقوة فهي أوقعت نفسها دون ان تدري فيما انكرته طيلة العقود الماضية من ان فلسطين ملك لشعب فلسطين . وهناك نقطة اخرى على جانب كبير من الأهمية تتجنب وسائل الإعلام الإسرائيلية التركيز عليها ولا تدري حتى الآن ماذا تفعل بها بل وتخجل مما أقدمت عليه .فبعد إنهيار الإتحاد السوفياتي في بداية العقد التاسع من القرن الماضي استجلبت الوكالة اليهودية نحو مليون مهاجر جُلهم من المسيحيين والمسلمين من الجمهوريات الآسيوية والاوروبية في الإتحاد السوفياتي السابق. وقد بدأت تطفو على سطح العلاقات الاجتماعية والاقتصادية في إسرائيل هذه الظاهرة التي يعتبرها البعض مقلقة لكنها في الحقيقة آخذة في الازدياد والاتساع وخاصة أن الأباء بدأوا بالإفصاح عن دينهم الحقيقي ويقدموا التبريرات التي دفعتهم للقدوم إلى إسرائيل حيث تتصدر العوامل الاجتماعية والبطالة السبب الرئيس. فهؤلاء سيكونوا من أحد أبرز عناصر عدم الاستقرار في المستقبل. فوفقا للإحصائيات الإسرائيلية فإن عدد اليهود ممن ينطبق عليهم تعريف اليهودي لا يزيدوا عن 5.5 مليون نسمة وبالمقابل فإن عدد الفلسطينيين على كامل فلسطين التاريخية يقتربوا كثيرا من هذا الرقم، ومع نهاية العام القادم فإن كل يوم جديد يبزغ سيزيد عدد الفلسطينيين عن عدد اليهود ،فكيف ستتصرف حكومة نتنياهو وأي حكومة اخرى إزاء هذه المعادلة الديموغرافية التي من شانها ان تحدث التغيير الجوهري في التركيبة السكانية.فالاعتراف بيهودية الدولة والحالة هذه لن تفيد نتنياهو بشيئ فهي ليست أكثر من "فقاعية" طبقا للتعبير الغزاوي لا قيمة لها . فكيف يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تمنع قيام دولة ثنائية القومية إذا ما ظلت مستمرة في سياسة بناء المستوطنات ، بحيث يصعب بل ويستحيل أن لا تجد مستوطنة في كل 4 كيلومترات كحد أقصى سواء كنت متجها للشمال أو للجنوب من القدس .فكيف يمكن بناء دولة للشعب اليهودي فقط !!! كما كيف يمكن لنتنياهو أن يفسر لنا بأن قانون يهودية الدولة سيمنع قيام دولة ثنائية القومية؟؟ إذا كان التداخل الفلسطيني اليهودي كثيفا ومتشابكا كالقائم أو السائد حاليا في الضفة الغربية ؟؟ فالسعي نحو سن قانون أساسي يكرس إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي!! يحتاج إلى تفكيك كل مستوطنات الضفة الغربية إلا إذا كان في مخيلة رئيس الحكومة القيام بالطرد الجماعي والترحيل باستخدام القوة!! التخبط الإسرائيلي في موضوع الدولة اليهودية بلغ حدا من الصعب تخيل كيفية وضعه موضع التنفيذ. كيف يمكن لنحو 600 ألف مستوطن في الضفة الغربية أن يكونوا ضمن حدولة دولة لليهود فقط !!! وكيف يمكن تقسيم فلسطين لتحقيق ذلك فلا التقسيم العمودي أو الأفقي يمكن لهما أن يحققا ما يدور في ذهن نتنياهو. الطريقة الوحيدة المتاحة عمليا لدولة شبه يهودية هي تفكيك المستعمرات وترحيل المستوطنين من الضفة الغربية وما عدا ذلك كله سيؤدي إلى دولة ثنائية القومية رغب نتنياهو أو لم يرغب .