الآثار الجانبية للحاسوب على تعلّم العربيّة
أ.د صلاح جرار
ومن الظواهر الملازمة لانتشار الحواسيب أن التلاميذ استغنوا عن استخدام ذاكرتهم، وأصبح الحاسوب يجيبهم عن أيّ سؤال يسألونه ويوفّر لهم أيّ معلومة يطلبونها، فأعفاهم من إرهاق ذاكرتهم بالمعلومات والنصوص والأشعار والأحاديث والآيات والأمثال والأقوال وغيرها، مما يؤدّي إلى إضعاف رصيدهم المعرفي الذي يرفد لغتهم بالمفردات والعبارات والمعاني والصور والأساليب، ويؤدّي بالنتيجة إلى إضعاف قدرتهم على التعبير عن أنفسهم وأفكارهم والتواصل السليم مع محيطهم والتعبير عن احتياجاتهم.
وقد شاهدتُ بنفسي نماذج وحالات كثيرة لطلبة في مختلف المراحل الدراسية بما فيها الجامعية يعجزون عن كتابة استدعاء يعرضون فيه شكواهم أو تظلّمهم أو حاجتهم، وربما عجز كثير منهم عن كتابة خمسة أسطر خالية من الأخطاء اللغوية والإملائية.
كما أنّ ملازمة المتعلّم لجهاز الحاسوب والتعامل من خلاله مع الأشخاص الآخرين تعاملاً صامتاً يحرمه من فرص الحوار المباشر مع هؤلاء الأشخاص والاستفادة من صور التعبير اللغوي لديهم وتبادل الأفكار معهم، وتؤدّي إلى التقليل من مهارة تواصله مع الناس وإضعاف قدرته على الإلقاء والأداء اللغوي والأدبي.
ولذلك فإنّ من الضروريّ لتجنب هذه الآثار السلبيّة على اللغة العربيّة ومتعلّميها أن يحرص واضعو مناهج اللغة العربيّة والمخطّطون التربويّون، إلى جانب تعليم الطلبة مهارات الحاسوب، على إيلاء عناية مماثلة وكبيرة لدروس الخطّ والإملاء والمحفوظات والإنشاء والإنشاد والإلقاء ومهارات القراءة والكتابة والحوار وسواها من مهارات التواصل؛ فالخطّ والإملاء يحافظان على سلامة الكتابة وجمالها، والمحفوظات تساعد على تنشيط الذاكرة، والإلقاء والإنشاد والحوار تساعد على حسن التعبير والتواصل مع الآخرين. وبذلك كلّه نحدّ من الآثار السلبيّة الجانبية للاستخدامات الحاسوبيّة على اللغة العربيّة والناشئة.الراي