الجوع كافر
حمادة فراعنة
جو 24 : "معلش" الذين منعوا موظفي حكومة رام الله، من سحب مستحقاتهم المالية من أجهزة الصرف الآلي، وتطويق البنوك ومحاصرتها، ومنعها من العمل في قطاع غزة، لم يدركوا بعد أن رهانهم على حركة حماس ومن خلفها حركة الإخوان المسلمين، أصبح خاسراً، وأنه لم يعد، كما كان، والظرف تغير، وثمة فشل للحسم العسكري، وثمة مصالحة تعني "التراجع عن الانقلاب، وإنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة " وأن مؤسسات حركة حماس الإدارية والأمنية ستذوي وتنتهي، ولن يبقى لها سوى المؤسسات الحزبية الممولة من الخارج، بعد أن يُفك الحصار السياسي والمالي عنها، وتصل إلى تسويات معقولة مع النظام السياسي والأمني المصري الجديد، بقيادة الرئيس السيسي، كي تتاح لها فرص نقل الدعم المالي من الخارج إلى قطاع غزة.
لم يعد لحركة حماس، ومرجعيتها الإخوان المسلمين، الدور القيادي، الذي كان، وإلا لما انتقلت من موقع إدارتها المنفردة لقطاع غزة وتسلطها لسبع سنوات منذ حزيران 2007، إلى موقع الانكفاء إلى الخلف، والتسليم بالالتحاق برام الله، والقبول بحكومة مستقلين تلتزم ببرنامج الرئيس المعلن بنقاطه الأربع، وصولاً إلى الانضمام إلى مؤسسات منظمة التحرير، لم يكن ذلك ليتم، نتيجة الحرص، أو الإحساس بالمسؤولية، أو الرغبة في الوحدة، من موقع القوة أو الندية أو حتى من موقع الشراكة، بل تم ذلك استجابة للعوامل الضاغطة، المتمثلة بالحصارين المالي أولاً والسياسي ثانياً وبسبب فشل برنامج حركة الإخوان المسلمين، وسلسلة إخفاقاته، في مصر وليبيا وتونس واليمن وسورية والأردن، وصولاً نحو قطاع غزة.
وإضافة إلى تطورات الوضع السياسي على المستوى القومي، بما يتعارض مع برنامج الإخوان المسلمين وانحسار دورهم النسبي، وكبح جماح اندفاعهم، فقد فشلت حركة حماس فلسطينياً في مسألتين جوهريتين، أولهما: الحفاظ على دورها الكفاحي الذي ميزها خلال سنوات العمل ضد الاحتلال وانتهى بها إلى التوصل إلى اتفاق و"تفاهمات القاهرة" يوم 21/10/2012، برعاية الرئيس محمد مرسي، وثانيهما: فشلها في تقديم نموذج نوعي متقدم في إدارة قطاع غزة، يتفوق على نموذج إدارة حركة فتح، فالحال من بعضه، وإن كانت "فتح" تراعي التعددية وشراكة الآخرين وعدم إقصائهم على عكس ما فعلته حركة حماس، ليس فقط مع باقي الفصائل الفلسطينية، بل حتى مع الذين شاركوها الانقلاب على الشرعية، بدءاً من مجموعة ممتاز دُغمش، مروراً بمجموعة أحمد حلس، وليس انتهاءً بمجموعة موسى عبد اللطيف، الذين تمت تصفيتهم جسدياً.
هناك اتفاق، وهناك مصالحة، وهناك إجراءات يجب معالجتها، وعلى الحكومة الجديدة تحمل مسؤولياتها نحو أربعين ألف موظف مدني وأمني عينتهم "حماس" بعد حسمها العسكري الذي نفذته في حزيران 2007، ولكن هذا يحتاج لتمويل وتغطية، مثلما يحتاج لوقت وإدارة لمعالجة آثار الانقلاب وتبعاته، وفي طليعتها هؤلاء المدنيون والعسكريون الذين عينتهم "حماس" منفردة، وأصبحوا عبئاً يتطلب المعالجة السياسية والأمنية والمالية.
ومع ذلك، إن مبادرة هؤلاء في محاصرة بنوك قطاع غزة، ومنع الموظفين المسجلين على ملاك حكومة رام الله من سحب مستحقاتهم المالية من هذه البنوك، لن يفيدهم، ولن يفرض المساواة في التعامل، فالذين صبروا وراهنوا على "الشرعية" كسبوا، والذين راهنوا على "الحسم والانقلاب" خسروا، وهذه هي الحياة! كم من الخسائر البشرية خسر الشعب العراقي ومن بعده الشعب السوري، والليبيون، وحتى اليمنيون، ومن قبلهم الشعب الجزائري في حروب بينية داخلية طاحنة بلا ثمن، وبلا نتيجة، وبلا فائدة، بعكس الخسائر الوطنية التي تسقط في مواجهة العدو، يتم تقديرها وتعويض عائلاتها ويتحول شهداء المعركة الوطنية ضد العدو إلى مصابيح مضيئة لرفعة الوطن واستقلاله وحقه وحق شعبه في الحياة الكريمة، بينما الذين يخسرون في معارك المواجهة البينية والحروب الداخلية، تكون خسائرهم مضاعفة، لأنها بلا تقدير وبلا تعويض وبلا مكاسب.
لم يستوعب البعض، معنى المصالحة، ولا زال أسيراً لسلوك وقيم وتصرفات أيام الحسم العسكري ونجاحها، ولم يستوعب بعد أيام التراجع عن خيارات التفرد والهيمنة وهزيمتها، ولذلك يتصرف بعقلية المنع، وفرض المساواة في الجوع، والحرمان من الراتب، وعدم توفر المستحقات، وهذا سيدوم إلى حين، لعل وقتها لن يطول، حتى تتوفر المخصصات المالية اللازمة لتغطية الجميع بلا استثناء، بعد معالجة أوضاعهم والتدقيق في تفاصيلها، والتوصل إلى قرار، وتنفيذ الالتزام القطري بتغطية رواتبهم الشهرية بشكل أو بآخر.
لم يعد لحركة حماس، ومرجعيتها الإخوان المسلمين، الدور القيادي، الذي كان، وإلا لما انتقلت من موقع إدارتها المنفردة لقطاع غزة وتسلطها لسبع سنوات منذ حزيران 2007، إلى موقع الانكفاء إلى الخلف، والتسليم بالالتحاق برام الله، والقبول بحكومة مستقلين تلتزم ببرنامج الرئيس المعلن بنقاطه الأربع، وصولاً إلى الانضمام إلى مؤسسات منظمة التحرير، لم يكن ذلك ليتم، نتيجة الحرص، أو الإحساس بالمسؤولية، أو الرغبة في الوحدة، من موقع القوة أو الندية أو حتى من موقع الشراكة، بل تم ذلك استجابة للعوامل الضاغطة، المتمثلة بالحصارين المالي أولاً والسياسي ثانياً وبسبب فشل برنامج حركة الإخوان المسلمين، وسلسلة إخفاقاته، في مصر وليبيا وتونس واليمن وسورية والأردن، وصولاً نحو قطاع غزة.
وإضافة إلى تطورات الوضع السياسي على المستوى القومي، بما يتعارض مع برنامج الإخوان المسلمين وانحسار دورهم النسبي، وكبح جماح اندفاعهم، فقد فشلت حركة حماس فلسطينياً في مسألتين جوهريتين، أولهما: الحفاظ على دورها الكفاحي الذي ميزها خلال سنوات العمل ضد الاحتلال وانتهى بها إلى التوصل إلى اتفاق و"تفاهمات القاهرة" يوم 21/10/2012، برعاية الرئيس محمد مرسي، وثانيهما: فشلها في تقديم نموذج نوعي متقدم في إدارة قطاع غزة، يتفوق على نموذج إدارة حركة فتح، فالحال من بعضه، وإن كانت "فتح" تراعي التعددية وشراكة الآخرين وعدم إقصائهم على عكس ما فعلته حركة حماس، ليس فقط مع باقي الفصائل الفلسطينية، بل حتى مع الذين شاركوها الانقلاب على الشرعية، بدءاً من مجموعة ممتاز دُغمش، مروراً بمجموعة أحمد حلس، وليس انتهاءً بمجموعة موسى عبد اللطيف، الذين تمت تصفيتهم جسدياً.
هناك اتفاق، وهناك مصالحة، وهناك إجراءات يجب معالجتها، وعلى الحكومة الجديدة تحمل مسؤولياتها نحو أربعين ألف موظف مدني وأمني عينتهم "حماس" بعد حسمها العسكري الذي نفذته في حزيران 2007، ولكن هذا يحتاج لتمويل وتغطية، مثلما يحتاج لوقت وإدارة لمعالجة آثار الانقلاب وتبعاته، وفي طليعتها هؤلاء المدنيون والعسكريون الذين عينتهم "حماس" منفردة، وأصبحوا عبئاً يتطلب المعالجة السياسية والأمنية والمالية.
ومع ذلك، إن مبادرة هؤلاء في محاصرة بنوك قطاع غزة، ومنع الموظفين المسجلين على ملاك حكومة رام الله من سحب مستحقاتهم المالية من هذه البنوك، لن يفيدهم، ولن يفرض المساواة في التعامل، فالذين صبروا وراهنوا على "الشرعية" كسبوا، والذين راهنوا على "الحسم والانقلاب" خسروا، وهذه هي الحياة! كم من الخسائر البشرية خسر الشعب العراقي ومن بعده الشعب السوري، والليبيون، وحتى اليمنيون، ومن قبلهم الشعب الجزائري في حروب بينية داخلية طاحنة بلا ثمن، وبلا نتيجة، وبلا فائدة، بعكس الخسائر الوطنية التي تسقط في مواجهة العدو، يتم تقديرها وتعويض عائلاتها ويتحول شهداء المعركة الوطنية ضد العدو إلى مصابيح مضيئة لرفعة الوطن واستقلاله وحقه وحق شعبه في الحياة الكريمة، بينما الذين يخسرون في معارك المواجهة البينية والحروب الداخلية، تكون خسائرهم مضاعفة، لأنها بلا تقدير وبلا تعويض وبلا مكاسب.
لم يستوعب البعض، معنى المصالحة، ولا زال أسيراً لسلوك وقيم وتصرفات أيام الحسم العسكري ونجاحها، ولم يستوعب بعد أيام التراجع عن خيارات التفرد والهيمنة وهزيمتها، ولذلك يتصرف بعقلية المنع، وفرض المساواة في الجوع، والحرمان من الراتب، وعدم توفر المستحقات، وهذا سيدوم إلى حين، لعل وقتها لن يطول، حتى تتوفر المخصصات المالية اللازمة لتغطية الجميع بلا استثناء، بعد معالجة أوضاعهم والتدقيق في تفاصيلها، والتوصل إلى قرار، وتنفيذ الالتزام القطري بتغطية رواتبهم الشهرية بشكل أو بآخر.