محمد مرسي بأى الريس يا رجاله
بداية نتوجه للشعب المصري الشقيق بأحر التهاني بتتويج ثورة يناير بهذه النتيجة بانتخاب الدكتور محمد مرسي رئيساً للجمهورية. وكذلك نتقدم بالتهنئة ذاتها لفخامة الرئيس المنتخب متمنيين له التوفيق و الفلاح. و لقد تابع الكثيرون نتيجة الانتخابات و الغالبية العظمى تتمنى فوز الدكتور مرسي، و منهم كاتب هذه السطور سواء كان محبة بشخص الرئيس لمن يعرفه أو دعماً للحركة التي يمثلها أو رغبة بالخروج من عنق الزجاجة التي اوشكت مصر ان تدخل فيها ثانية بعد دخول الدكتور أحمد شفيق على جولة الإعادة لينافس بقوة و بندّية على كرسي الرئاسة المصرية، فلا نريد أن نرى ضحايا جديدة و لا اعتصامات لتبدأ القصة من جديد.
لكن ما أن انتشر خبر فوز الدكتور مرسي حتى امتلأت صفحات الفيس بوك (نبض الجماهير) بالعديد من الملصقات على حائط الأصدقاء تمجد بالدكتور تمجيداً يوشك أن يوقعنا جميعا بالمحظور وهو تعظيم القادة الذي قادنا الى النماذج التي ثار الجميع ضدها. فقال البعض أنه يحفظ كتاب الله كاملاً، و نسي من يقول هذا أن اول الشرخ في الجسم الإسلامي كان من الصحابة أنفسهم، أي ممن هم اكثر حفظا لكتاب الله من فخامة الرئيس، كذلك انتشرت له صور و هو ببداية سن الشباب، و هنا اصبحت أخشى أن يستمر مسلسل التمجيد هذا لشخص الرئيس للوصول الى معلومات مفادها أن فخامته كان دائما الأول على صفه، و آخر ربما سيقول لنا أنه كان من الرياضيين في المرحلة الابتدائية، و ربما اضاف آخر بأنه كان من العابرين لقناة السويس مع المتطوعين بحرب فلسطين، أو أنه كان ممن ينقلون المساعدات الى المحاصرين بقطاع غزة عن طريق الأنفاق. هذا الأسلوب العربي عموما و المصري خاصة (فهي الرائدة في كل شيء) ستقودنا و ببساطة شديدة جدا الى مرحلة فرعنة القائد الهمام، فالقائد بشر و إن ادعى المثالية. كلنا يذكر ما قيل عن من كان قبله و كيف انهم كانوا قادة عسكريين لا يشق لهم غبار و فسرت هزائمهم على أنها انتصارات، و كيف أكل حسن مبارك أدمغتنا بموضوع العبور و الضربة الأولى.
ما أخشاه أن نقع بهذا الفخ خاصة لنجد أنفسنا بأننا أمام قائد بدا حياته القيادية بمقولة أطيعوني ما أطعت الله فيكم، الى "أنا خدمت مصر و أنا قدمت و عشت حياتي خادما للجماهير" و بعد فترة يفتعل مؤامرة و انقلابا على الشرعية ليسنّ قانون طوارىء يجلسه على صدور المصريين العرب عقودا من الزمن.
و بالمناسبة فإن هذا التمجيد لا يكون بالعادة من الداخل، و لكنه أيضا يكون من الخارج عندما تذهب الوفود بالمئات للتهنئة و الرجل لم يدخل القصر بعد و لم يشكل الحكومة. فقد سمعت عن جماعتنا أنهم سيذهبون، و منهم من أخذ على الحكومة عدم مسارعتها بتهنئة الرئيس. هذا النوع الخارجي من التمجيد يشكل دفعا للرئيس الجديد ولا أقول النظام فأنظمتنا مشخصنة بشخص القائد و ليست مؤسسية طبعا للتدخل بشؤون الدول الأخرى عبر الوفود المهنئة الكثيرة. كما حدث مع ثورة عبد الناصر مثلا التي جعلته يشعر أنه الوصي على الأمة العربية كلها يعطي الشرعية لهذا النظام و يسحبها من ذاك، و كذلك تكرر نفس السيناريو مع جماعة حزب البعث بشقيه المتناحرين، و الثورة الأيرانية التي انتهت بذبح العراق و تعيث فيها فساداً لغاية هذه اللحظة، و التأكيد على احتلال الجزر الإمارتية. و جاءنا كذلك حزب الله و الذي يهددنا دائما بخلاياه النائمة . و أخيرا تحاول تركيا الظهور بمظهر القائد و لكنها لغاية هذه اللحظة لم تنجح، رغم محاولتها تقديم سوريا كقربان لأمريكا كما فعلت إيران مع العراق، إلا أنها و على ما يبدو لن تحصل على ما تريد و الله أعلم. و بالمناسبة لا أدري هل انتهت جماعتنا من أمر تركيا و توجهت الى مصر؟
لهذا نقدر للبعض رغبتهم بتسجيل اسمائهم كأول المهنئين و أول المتصلين و أول المباركين و لكن لندع الرجل يعمل دون بريق اعلامي و ان كان الأمر صعب فنحن شعب مغرم بالإعلام.
نكرر التهنئة و الأمنية لفخامته بالتوفيق، و نسأل الله أن يعينه على حمل هذه المسؤولية و يهديه سواء السبيل.
alkhatatbeh@hotmail.com
alkhatatbah.maktobblog.com