وزير الداخلية..أحداث معان وعلم الرياضيات

وصف وزير الداخلية الحديث الذي دار بينه و بين النواب بأنه كان من القلب إلى القلب حيث تمخض هذا اللقاء عن تشكيل لجنة برلمانية للبحث حول حلول و أسباب و تداعيات الأزمة في معان .
و لكن ما لفت نظري و هو باعتقادي يشكل ظاهرةً عجيبة تطبيقه على الحكومة بشكل عام و وزير الداخلية تحديداً هو ما قاله حول علم الرياضيات و الحساب و كيفية استنتاج النتائج و المدلولات . إن علماء الرياضيات يفتخرون دائماً بأن لغة الأرقام لا تكذب و أنها لغة لا يمكن النقاش فيها فهي واضحة و لا تحتمل الخوض في كثير من التأويل أو التفسيرات و هذا ما تؤمن به حكومتنا بغض النظر عن منطقية المعادلات أو الأحداث فالنتيجة واحدة و هي أن الأمور بخير و تجري بنجاح و أن ما تم تحقيقه انجاز لا يمكن إغفاله . فوزير الداخلية أعلن عن عبقرية لا يمكن التغاضي عنها حين قال إن الحملة الأمنية مستمرة و أنها ناجحة و قد أسفرت عن القبض على (5 )أشخاص و يبقى واحد و ثلاثين مطلوباً بعد أن كانوا تسعة عشر مطلوباً و نحن مستمرون حتى يسلموا أنفسهم أو يتم إلقاء القبض عليهم . إذن المعادلة هي أنه بعد أن تم إلقاء القبض على خمسة أشخاص من أصل (19 )يبقى (31) علماً بأن هذه الحملة منذ بدايتها تعمدت مقتل اثنين و هناك رجل و امرأة بحكم الأموات بالإضافة إلى جنين لم يُكتب له النجاة.
ناهيك عن الأضرار بالممتلكات العامة و الخاصة و بمعادلة بسيطة محاولين أن نستنير بعبقرية الوزير فإذا كانت ثمانين يوماً أسفرت عن هذا فما ستكون النتيجة معاليك بعد عام !؟ لعلي أتكهن فلست عبقرياً بمستواك و أقول جميع أبناء معان..!!! و حتى لا نظلم وزير الداخلية فلغة الأرقام و الرياضيات لا تكذب فإن السرقات و التي تمت بحق الوطن و جميع أبنائه من قبل مسؤولين و متنفذين و وزراء و الذين أشرفوا على وضع برنامج للتحول الاقتصادي كانت نتائجه بيع جميع الأصول الوطنية و سرقة ثمنها و ازدياد المديونية و العجز في الموازنة و تسريح آلاف الموظفين و التي كلفت المواطن المليارات و مزيداً من القهر و الضرائب لم تكن بمستوى يمنع أن يكون هناك مشاعر إنسانية تعاطفت مع بعض المواطنين في هذه القضايا فشاهين مثلاً لم يكن يستطيع النوم في السجن مما يعني إبقاءه مستيقظا و هذا مناقض للأعراف الإنسانية و الدولية و عليه فيجب السماح له بالسفر خارجاً للعلاج و النوم ، و غيره من الأمثلة كثير
بالإضافة إلى أن قضية بقيمة( 58 )مليوناً كقضية الأمانة و الراسخ يجب اقفالها بسرعة و بالتسوية المطلوبة فمبلغ كهذا لا يجوز التهاون فيه أو تضييعه فهو (2 )مليون دينار أردني و يغطي قيمة الحملة الأمنية في معان لمطلوبين لا تتجاوز جرائمهم في حجمها من السرقة بنصف هذا المبلغ و لكنهم يهددون أمن الوطن و اقتصاده و لا يجوز التهاون معهم و إلاّ دمروا الاقتصاد و أدخلونا في متاهات سوداء .
الرياضيات و علم الحساب ليست المشكلة و لكنه المنطق الذي يحكم العلوم جميعها فالملك عندما زار مجلس الوزراء و طلب العمل على تحسين معيشة المواطن رد عبد الله النسور مبتسماً أن السعادة تكمن في العطاء و لذلك فقد رفعنا أسعار المحروقات و قررنا بعض الزيادات الضريبية كي نعطي المواطن فرصة للعطاء و الشعور بهذه السعادة .
كان الله في عون أبناء معان فإن أحداثكم لن تنتهي حتى تأتي حكومة يشكلها عامة الناس و الشعب و ليس علماء الرياضيات واجتهادات المنطق .


*رئيس لجنة متابعة قضايا معان