jo24_banner
jo24_banner

غاية الدولة و ما يحدث في معان

د. محمد محمود أبو صالح
جو 24 :

إن الغاية الأخيرة للدولة في الوضع الطبيعي ليست التسلط على الناس أو كبتهم بالخوف و لكن الغاية منها أن تحرر كل إنسان من الخوف كي يعيش و يعمل في جو آمن من الطمأنينة و الأمن و يعيش في وئام مع جيرانه فلا يضرهم و لا يضرونه و هذا يعني بأن الدولة يجب أن لا تسعى لتحويل الناس إلى وحوش كاسرة و آلات صماء و لكن الغاية هي تمكين أجسامهم و عقولهم من العمل في أمن و اطمئنان و أن ترشدهم إلى حياة تسودها حرية الفكر و العقل و ذلك كي لا تبددَ قواهم في الكراهية و الغضب و الغدر و لا يظلم بعضهم بعضا و هكذا فإن غاية الدولة الأساسية هي الحرية و تطبيق مبادئ العدل و المساواة .

إن ما حدث و يحدث في معان و ذلك على سبيل المثال لا الحصر و خصوصاً من خلال الأحداث الأخيرة و التي ما زالت مستمرةً بكل إرهاصاتها فما زال ملف الأزمة مفتوحاً دون أن يكون هناك نوايا أو رغبة في إيجاد حلولٍ جديةٍ و جذرية أو حتى تقييم الأحداث و فهم أسبابها بشكل موضوعي و الاعتراف بالأخطاء و وجود سياسات ممنهجة بنيت على مصالح حقيقية أو اجتهادات و نصائح كانت في غير مكانها لهو دليل صارخٌ بأن ما يجري هو إطاحة لمفهوم الدولة بمعناها و غايتها الحقيقية و استبدالها بنوع من الاستبداد و كبح الحريات مما يسمح للفاسدين و المغرضين و أصحاب المصالح الضيقة السيطرة على المجتمع و تحويله إلى ملكية خاصة لا تراعي إلا مصالحهم ضاربةً بالوطن و المواطن عرض الحائط .

إن حجم التجاوزات الذي صاحبت هذه الأحداث الأخيرة في معان و التي تمثلت باستخدام أساليب القمع و التنكيل و التجاوز على الحقوق القانونية و الدستورية للمواطنين و محاولة تلفيق الروايات و التحقيقات و ذلك حتى تبرر ما حصل و تحوّل هذه الأجهزة التي نعتز بمنتسبيها ( و الذين هم أبناء للوطن ) إلى أدوات و آلات صمّاء تنفّذ سياسات لا تصب في مصلحة الوطن و إنما تخدم هؤلاء المتنفذين الذين يحاولون السيطرة على الوطن و مقدراته بحجة حمايته ، هذا بالإضافة إلى محاولة إسكات معارضي هذه السياسات و هؤلاء الأشخاص من خلال أساليب متعددة و استخدام المؤسسات الأمنية كوسيلة لذلك .

و هنا تعود قضية نهب مقدرات الوطن و ثرواته من جديد لتكرّس هذه الحقائق و ذلك من خلال ما يحدث في شركة مناجم الفوسفات الأردنية من نهب و لصوصية لمقدرات الوطن و التي لا يستفيد منها أبناء الوطن و معان إلا النزر القليل ، و ذلك أن الاحتكار و تحالف رأس المال للفاسدين مع بعض المتنفذين في مختلف أجهزة الدولة الأمنية يزورون الحقائق و يخفون حجم التجاوزات و إن حاول بعض الشرفاء كشفهم أو الإطاحة بهم تحالفوا ضده و أقصوه كما يحصل الآن من خلال الإصرار على إحالة العطاءات لشركة واحدة بعينها ، علماً بأن شركات أبناء المنطقة مؤهلة فنياً و توفر عشرات بل مئات الملايين و ذلك من خلال اثباتات و أرقام لا مجال لذكرها ، ناهيك عن حجم السرقات و التجاوزات و التي أثبتت من خلال دلائل لا تقبل الطعن قُدمت لمختلف مؤسسات الدولة الأمنية و التي لم تجدي نفعاً و لم تحرك ساكناً و بالتالي فإن أبناء الأردن جميعهم معنيون بالتصدي لهذه الظاهرة ذلك أنهم جميعاً متضررون فاستمرار الفساد و هذه السياسات يعني بالضرورة انهيار الوطن و مؤسساته و ذلك بسبب الطبقية و عدم تكافؤ الفرص و إشاعة الخوف بالترهيب مما يعني حكماً انهيار مفهوم الدولة و انتشار مشاعر الكراهية و البغض بين أبنائها و التي تقوم على أسباب تغذيها هذه السياسات و أصحابها .

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير