jo24_banner
jo24_banner

السقوط الأخلاقي لأدعياء القوميّة والاشتراكيّة

السقوط الأخلاقي لأدعياء القوميّة والاشتراكيّة
جو 24 :

تامر خرمه- وحدة الدم والمصير التي تربط أبناء الشعب العربي، تجلّت في صورة مأساويّة تُعبّر عن مرارة واقع شعب مازال يعاني اضطهاد المستعمر، الذي مازال يهيمن على المنطقة عبر معادلة الأنظمة المهترئة والكولونياليّة الاقتصاديّة والقاعدة العسكريّة المسمّاة بـ "دولة اسرائيل".

وحدة موت تكاملت في ترجمتها قذائف العدوّ الصهيوني و"براميل" الموت الأسديّة، مجازر في غزّة ودمشق لا تفرّق بين موت وموت.. نكبة مستمرّة نصبت خيمة لجوء سوريّة إلى جانب الخيمة الفلسطينيّة، لتعكس تماهي أنظمة الرجعيّة العربيّة مع المشروع الصهيوني بكامل بشاعة الجريمة.

منذ أكثر من خمسين سنة، وخطاب الثورجيّة ينظّر للثورة القادمة، ولحلم التخلّص من "الاخطبوط الثلاثي المتمثّل بالامبرياليّة، والصهيونيّة، والرجعيّة العربيّة"، كانت هذه مفردات الأمس التي تناساها البعض، وبعد أن جاءت الثورة، تخلّى الأدعياء عن حلم الناس، واتّخذوا من بساطير العسكر، ورموز الأنظمة البوليسيّة الرجعيّة، لواءً لخطاب لا يدرك سوى منطق صوريّ سطحيّ، يتلخّص بعبارة "إمّا.. أو".. "إمّا داعش أو الأسد".. خطاب قد يرى مردّدوه كلّ أطراف المعادلة السياسيّة باستثناء الشعب!

واستمراراً للنكبة التي لن تنتهي حتّى تحرير كامل التراب الفلسطيني، يواصل العدوّ جرائمه عبر قصف غزّة.. في هذا الظرف الصعب، يتداعى عبدة الدكتاتوريّة إلى محاولات بائسة لإثبات وجهة نظر غريبة غايتها الدفاع عن أنظمة سقطت أخلاقيّاً وفقدت شرعيّتها بقتل شعبها، هذه المحاولات العقيمة لتبرئة النظام الأسدي تتّخذ من صواريخ المقاومة الفلسطينيّة مبرّراً للتسحيج لقتلة الشعب السوري.

المضحك المبكي أن شبّيحة الأسد تناسوا كيف كانوا يشتمون حركة المقاومة الإسلاميّة حماس ويتّهمونها بالخيانة بالأمس القريب، فتراهم اليوم يتّخذون من هذه الصواريخ منطلقاً للدفاع عن نظام الإجرام في سوريّة، مدّعين أنّه لولا النظام السوري لما حصلت المقاومة على هذه الصواريخ محليّة الصنع!!

بصراحة.. وحتّى لو كان مصدر كلّ الترسانة العسكريّة للمقاومة الفلسطينيّة الباسلة هو النظام السوري فإن هذا لا يعني شيءً في قواميس التحرّر.. فحريّة الشعب الفلسطيني لا يمكن لها أن تتحقّق على حساب الدم السوري، فتحرّر الشعب العربي من كلّ أشكال الظلم والاضطهاد هو السبيل الوحيد لتحرير فلسطين، أم هل يريد أدعياء القوميّة والاشتراكيّة تجاهل حقيقة وحدة الصراع العربي- الصهيوني في مواجهة كلّ أطراف معادلة الاستعمار، واختزال الصورة في صراع فلسطيني- اسرائيلي، كما فعل دهاقنة اوسلو وأخواتها ؟!

وللتذكير.. موسكو لم تعد عاصمة الاتّحاد السوفياتي (الذي لا ينبغي لنا أيضاً أن ننسى أنّه أوّل من اعترف باسرائيل)، بل هي عاصمة دولة رأسماليّة تعبث مع حليفتها واشنطن في الساحة السوريّة، الثمن هو الدم السوري الذي لا يراه البعض. التذكير بطبيعة موسكو قد يكون مفيداً لتحفيز التفكير في أذهان من يتوهّمون أنّنا مازلنا نعيش أيّام الحرب الباردة، وأن نظام الأسد "مستهدف" بمؤامرة أمريكيّة "يتصدّى" لها الدبّ الروسي.

والآن لندع بشّار جانباً، ونرجو أدعياء القوميّة -الذين توهّموا في صورة السيسي مشروع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر- الاعتراف بعبثيّة هذه المقاربة التي لم تستند إلى أيّ منطق، واكتفت بكراهية الاسلاميّين منطلقاً لاختلاق صورة مزيّفة لمن يشارك العدوّ الصهيوني في حصار غزّة.

لو كانت المعادلة السياسيّة مقتصرة -كما يتوهّم سجناء نظريّة المؤامرة- على التنظيمات المتطرّفة "المدعومة خليجيّاً وأمريكيّاً" والأنظمة البوليسيّة "المدعومة روسيّاً" لكان الواقع أقلّ تعقيداً وبشاعة.

واليوم يعجز من تبنّى محاولة تسطيح المسألة على هذا النحو عن تفسير كلّ التطوّرات الراهنة، سواء تغيّر الموقف السعودي فيما يتعلّق بالعلاقة مع الاخوان المسلمين والسلفيّين، أو تجنّب نظام الأسد للاشتباك مع "داعش" مقابل استمرار قصف المدن المحرّرة التي لا تهيمن عليها التنظيمات السلفيّة، أو انحياز الموقف المصري الكامل لـ "اسرائيل".

كما يعجز هذا المنطق السطحي عن تفسير ما يدور في العراق، فهل يجرؤ من توهّم أن المعادلة السوريّة تقتصر على وجود طرفين، لا وجود للشعب بينهما، وقرّر الانحياز للنظام، أن يتّخذ ذات الموقف تجاه ما يدور في العراق ويعلن انحيازه للمالكي ؟! أم هل يجرؤ عاشق الاستيهام على اعتبار نتنياهو "ممانع" باعتبار أنّه دعا إلى دعم الأردن في مواجهة الخطر "الداعشي" ؟!.

ولمن يهمّه الأمر.. لن يضيرك أن تتذكّر الشهداء الذين قدّمتهم كافّة الشعوب العربيّة على أبواب فلسطين قبل ولادة زعاماتك المدّعية ورؤسائك القتلة.

الرهان على الشعب خيار يمكنك استبداله بالتسحيج للأنظمة. كما أن نظرة سريعة على أعلام فلسطين، التي رفعها شباب الثورة في تونس ومصر والجزائر وسوريّة وغيرها، قد تساعدك للخروج من صندوق نظريّة المؤامرة الذي وضعك في خانة العداء للربيع العربي ولطموحات الشعب. وقد يكون من المفيد أيضاً تذكّر ان الثورة الفرنسيّة –مثلاً- استغرقت 100 سنة وليس 42 شهراً.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير