الحرب الخفية في العدوان على غزة
د. حسن البراري
جو 24 : لا يمكن فهم الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة فقط في سياق التبريرات الأمنية التي ما انفكت آلة الاعلام الاسرائيلي ومن ساندها في الغرب وفي بعض الدول العربية في ترديدها ليلا نهارا حتى بات المتابع يصل إلى نتيجة سطحية وساذجة تفيد بأن وقف العدوان الإسرائيلي يستلزم التزام حماس الكامل بالتهدئة والتوقف عن اطلاق الصواريخ. غير أن القضية أكثر تعقيدا من ذلك وهذا ما يستوجب التوضيح في سطور المقال.
أولا، علينا أن نعترف أن هذه الحرب مختلفة عن حروب أخرى خاضتها إسرائيل في سياق سعيها الدائم للتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته وفي اطار استكمال آخر حلقات المشروع الصهيوني في فلسطين التاريخية، فهذه حرب تخوضها اسرائيل بالوكالة عن عدد من الانظمة العربية التي اهتزت عروشها بفعل ضربات الربيع العربي وصعود الاخوان المسلمين الذين اصبحوا خيارا لاعداد متزايدة من الشعوب العربية التي ايقنت أن انظمتها فاشلة على كل المستويات، فهي انظمة اخففت في تحقيق شروط التنمية وبالغت في تبعيتها وامتثالها لاجندات خارجية ساهمت في اضعاف وتخلف المنطقة، وللاسف بتنا نشاهد انظمة تعتقد ان بقاءها السياسي مرتبط بشكل وثيق بالرضى الغربي والاسرائيلي في بعض الاحيان.
وبهذا المعنى فحرب اسرائيل على غزة وعلى الاخوان المسلمين على وجه التحديد هي لحرمان حركة الاخوان المسلمين من التقاط انفاسها بعد أن واجهت انقلابات عسكرية في مصر وبعد أن اتفقت عواصم التبعية لأميركا على شيطنة الحركة بل وتنميطها على اعتبار انها حركة "ارهابية" يجب ان تجتث من جذورها. وحتى بعض المحللين الغربيين امثال فريد زكريا يرون ان عددا من الدول العربية تشترك مع إسرائيل في الحرب على غزة في اطار جهد اقليمي لالحاق هزيمة بالاخوان المسلمين. وفي هذا السياق تقول مجموعة صوفان التي تتابع الامن العالمي أن الحرب على غزة هي حرب يشترك بها بعض العرب حتى تتمكن اسرائيل من القضاء على حماس مرة وإلى الابد.
مشكلة الانظمة العربية تتمثل في أن الاخوان يمثلون بديلا مقبولا حتى بالغرب، وبالتالي فهناك حاجة لضرب الحركة حتى يبقى البديل الوحيد امام الغرب هو التعامل مع انظمة تسلطية وفاسدة منفصلة عن شعوبها، ولا نرى هذه الانظمة تشن حربا على داعش مثلا لأن المطلوب هو ابراز الاسلام السياسي "السيء" حتى تستمر هذه الانظمة في لعبة بقائها السياسي حتى وإن كان على حساب حقوق الشعوب العربية في التحرر وفي الاستقلال الحقيقي.
بعيدا عن التنديد العربي الفارغ بالعدوان الاسرائيلي، فإن هناك فهما عند بعض الانظمة العربية بأن حماس تمثل آخر معقل قوي للاخوان المسلمين يجب ان ينتهي، وهناك تخوف مصري بارز يخشى من عودة الاخوان المسلمين من بوابة الحرب على غزة، لذلك جاءت المبادرة المصرية ليس لحل المشكلة بل لالحاق هزيمة بحماس. ومن هنا جاءت مواقف هذه الانظمة مكشوفة: ادانة اسرائيل لكنها تؤيد المبادرة المصرية كما هي دون تعديل. بمعنى أن هذه العواصم باتت تخشى حركة الاخوان المسلمين أكثر من خشيتها لاسرائيل. والواقع يشير إلى أن جهدا ممنهجا بذل من قبل قادة الكيان الصهيوني قبيل الحرب لاقناع هذه الانظمة بأن هناك تهديدا مشتركا يجمع بين هذه الانظمة وإسرائيل.
وفي النهاية يمكن القول ان هناك الكثير من التفاصيل التي بات يعرفها المتابع البسيط لا تحتاج إلى تكرار، غير أن السياق العام الذي احدث اختراقا كبيرا في السيكولوجيا العربية هو الأهم، فمصادر التهديد بالنسبة إلى هذه الانظمة اختلفت بشكل لا يمكن للمواطن العربي العادي أن يقبله إلا باستمرار القمع وتغييب المواطن عن صناعة القرار. بمعنى، أن الحرب هي أيضا في سياق افراغ الربيع العربي من محتواه واعادة الشأن الاقليمي الى ما قبل الربيع العربي الذي خلق وضعا قائما يتمثل بوجود انظمة مستقرة لكنها ممتثلة للغرب ولإسرائيل.
أولا، علينا أن نعترف أن هذه الحرب مختلفة عن حروب أخرى خاضتها إسرائيل في سياق سعيها الدائم للتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته وفي اطار استكمال آخر حلقات المشروع الصهيوني في فلسطين التاريخية، فهذه حرب تخوضها اسرائيل بالوكالة عن عدد من الانظمة العربية التي اهتزت عروشها بفعل ضربات الربيع العربي وصعود الاخوان المسلمين الذين اصبحوا خيارا لاعداد متزايدة من الشعوب العربية التي ايقنت أن انظمتها فاشلة على كل المستويات، فهي انظمة اخففت في تحقيق شروط التنمية وبالغت في تبعيتها وامتثالها لاجندات خارجية ساهمت في اضعاف وتخلف المنطقة، وللاسف بتنا نشاهد انظمة تعتقد ان بقاءها السياسي مرتبط بشكل وثيق بالرضى الغربي والاسرائيلي في بعض الاحيان.
وبهذا المعنى فحرب اسرائيل على غزة وعلى الاخوان المسلمين على وجه التحديد هي لحرمان حركة الاخوان المسلمين من التقاط انفاسها بعد أن واجهت انقلابات عسكرية في مصر وبعد أن اتفقت عواصم التبعية لأميركا على شيطنة الحركة بل وتنميطها على اعتبار انها حركة "ارهابية" يجب ان تجتث من جذورها. وحتى بعض المحللين الغربيين امثال فريد زكريا يرون ان عددا من الدول العربية تشترك مع إسرائيل في الحرب على غزة في اطار جهد اقليمي لالحاق هزيمة بالاخوان المسلمين. وفي هذا السياق تقول مجموعة صوفان التي تتابع الامن العالمي أن الحرب على غزة هي حرب يشترك بها بعض العرب حتى تتمكن اسرائيل من القضاء على حماس مرة وإلى الابد.
مشكلة الانظمة العربية تتمثل في أن الاخوان يمثلون بديلا مقبولا حتى بالغرب، وبالتالي فهناك حاجة لضرب الحركة حتى يبقى البديل الوحيد امام الغرب هو التعامل مع انظمة تسلطية وفاسدة منفصلة عن شعوبها، ولا نرى هذه الانظمة تشن حربا على داعش مثلا لأن المطلوب هو ابراز الاسلام السياسي "السيء" حتى تستمر هذه الانظمة في لعبة بقائها السياسي حتى وإن كان على حساب حقوق الشعوب العربية في التحرر وفي الاستقلال الحقيقي.
بعيدا عن التنديد العربي الفارغ بالعدوان الاسرائيلي، فإن هناك فهما عند بعض الانظمة العربية بأن حماس تمثل آخر معقل قوي للاخوان المسلمين يجب ان ينتهي، وهناك تخوف مصري بارز يخشى من عودة الاخوان المسلمين من بوابة الحرب على غزة، لذلك جاءت المبادرة المصرية ليس لحل المشكلة بل لالحاق هزيمة بحماس. ومن هنا جاءت مواقف هذه الانظمة مكشوفة: ادانة اسرائيل لكنها تؤيد المبادرة المصرية كما هي دون تعديل. بمعنى أن هذه العواصم باتت تخشى حركة الاخوان المسلمين أكثر من خشيتها لاسرائيل. والواقع يشير إلى أن جهدا ممنهجا بذل من قبل قادة الكيان الصهيوني قبيل الحرب لاقناع هذه الانظمة بأن هناك تهديدا مشتركا يجمع بين هذه الانظمة وإسرائيل.
وفي النهاية يمكن القول ان هناك الكثير من التفاصيل التي بات يعرفها المتابع البسيط لا تحتاج إلى تكرار، غير أن السياق العام الذي احدث اختراقا كبيرا في السيكولوجيا العربية هو الأهم، فمصادر التهديد بالنسبة إلى هذه الانظمة اختلفت بشكل لا يمكن للمواطن العربي العادي أن يقبله إلا باستمرار القمع وتغييب المواطن عن صناعة القرار. بمعنى، أن الحرب هي أيضا في سياق افراغ الربيع العربي من محتواه واعادة الشأن الاقليمي الى ما قبل الربيع العربي الذي خلق وضعا قائما يتمثل بوجود انظمة مستقرة لكنها ممتثلة للغرب ولإسرائيل.