عبثية مجادلة الأواني الفارغة.. أزمة السلطة في خياراتها
جو 24 : كتب محرّر الشؤون المحليّة- الضجيج: تلوّث ضوضائي تصدره الأواني الفارغة، ويمتلك قدرة عجيبة على الانتقال حتّى في الفراغ.
من الصعب أن تتسبّب الأواني الممتلئة بمثل ذلك الضجيج الذي يصدر عن وعاء أجوف. الفقاعات الصوتيّة الناجمة عن فراغ بعض من يعتقدون أنّهم فوق النقد، لا تستحقّ أيّ شكل من أشكال الصدى.
عبث ومضيعة للوقت هو الخوض في جدل عقيم مع بعض من يسوّقون أنفسهم للعودة إلى صدارة المشهد السياسي، رغم سجلاّتهم الحافلة بالإخفاقات وبآيات الإبداع في تحقيق أكمل معاني الفشل.
مضحك هو الموقف الذي يحاول من يعتقد أنّه فوق النقد أن يضعك فيه، كسياسيّ لفظه المنصب استجابة لإرادة الشارع يصرّ على اعتبار نفسه مؤهلا بما فيه الكفاية لقيادة الدفّة في أصعب المراحل التي يمرّ بها الأردن والمنطقة بأسرها، ويسخّر أدواته لمحاربة من ينتقد الأوضاع التي يحاول هذا السياسي أو ذاك المتحذلق استغلالها في عمليّة تسويق الذات.
ما أكثر هؤلاء الطامحين رغم افتقارهم لأبسط المؤهلات، وما أعلى الضجيج الذي يتسبّبون به.
بعيداً عن الانزلاق في جدل عقيم مع هذا "المبدع" أو ذاك "الجهبذ" من خبراء تسويق الذات وأصحاب الطموح والألقاب السابقة، هنالك سؤال ملحّ يفرض نفسه هنا: ما هو سرّ الإصرار على حلّ الأزمة التي يمرّ بها الأردن باستخدام ذات العقليّة والوسائل التي أنتجتها ؟!
أزمة الخيارات
في هذه المرحلة الحرجة، لا يوجد متّسع للعودة إلى خيارات مستهلكة، وفرض من فشل في مراحل سابقة على الشارع الذي قد ينفجر مجدّدا في أيّة لحظة، نتيجة السخط على الأوضاع المتردية التي تعصف بالبلاد جرّاء تفاقم الأزمة المركّبة.
محاولة فرض من لفظه الشارع مرّة أخرى سيكون لها كلفة عالية لا يمكن تحمّلها، فالمرحلة بحاجة إلى قيادات مقنعة قادرة على فهم الناس وتجاوز الأزمة وإدارة البلد إلى برّ الأمان، وليس تكرار نماذج سبق وأن فشلت في إخراج الأردن من مأزقه السياسي- الاجتماعي- الاقتصادي.
ولكن ما هو سبب الإصرار على ذات الخيارات المحدّدة ضمن ذات العلبة، ألا يوجد في الأردن أي قيادي قادر على إدارة البلد خارج دائرة تلك الأسماء التي سبق وأن تمّ تجريبها وثبت عدم قدرتها على إدارة شؤون السلطة أو إقناع الناس وحلّ مشكلاتهم؟
هو ذات الصندوق الذي تفكّر الدولة ضمن حدوده. أسماء متكرّرة فشلت في حلّ الأزمة المركّبة، حتى قاد الأمر إلى تقويض هيبة الدولة نتيجة خياراتها.
"السيستم" عجز عن إفراز أسماء خارج نطاق هذا النادي الذي يجري فيه إعادة تدوير الشخوص دون حلّ الأزمة. خيارات محدودة أنتجتها الماكنة السياسيّة، يراد إعادة تجريبها مراراّ وتكراراً. هذه النتيجة المؤسفة تحقّقت بسبب غياب الآليّات التي من شأنها صناعة القادة القادرين على تجاوز الأزمات، فلا الأحزاب السياسيّة تملك فرصة إنتاج القيادات بسبب إصرار السلطة على محاربة مفهوم العمل الحزبي، ولا الجامعات مؤهلة -بسبب سياسات التعليم- على تخريج قيادات مؤهلة ومقنعة، ولا حتّى السيستم قادر على غربلة نفسه واستبعاد من هو أقلّ قدرة لصالح الأكثر كفاءة، نتيجة إدارة الأزمات بذات العقليّة التي أنتجتها.
المسؤول الذي نريد
المطلوب قبل أيّ شيء آخر هو التفكير خارج الصندوق، فالأردنيّات قادرات على إنجاب القادة الحقيقيّين، ولا يقتصر الأمل على أسماء مستهلكة أنتجتها ماكنة لا تقود إلا إلى ذات النتائج البائسة.
في أيّة جلسة حواريّة تجري بها المطالبة بالابتعاد عن الأسماء المستهلكة لملء الشواغر والمناصب السياسيّة العليا، تجد الإجابة ذاتها: "من وين نجيب". وكأن الستّة ملايين أردني تمّ اختزالهم في تلك الأسماء المكرّرة!!
الاحتقان الذي تفاقم خلال السنوات الأخيرة وعزّز عزلة السلطة عن الشارع كان نتيجة غياب العدالة وفشل الحكومات المعاد تدويرها وتكريرها في حلّ مشاكل الناس. اليوم بلغت الأمور درجات عالية من الخطورة إثر تفاقم الأوضاع على المستوى الإقليمي، فهل من الحكمة إعادة استهلاك من تسبّبوا في تفاقم الأزمة؟!
المطلوب اليوم شخصيّات مقنعة تمتلك كاريزما قياديّة قادرة على إقناع الناس وإدارة البلاد، وليس مجرّد واجهات تنفّذ قرارات المرجعيّات العليا دون الإسهام فعليّاً في تجاوز الأزمة وبناء دولة العدالة والقانون.
وليست المواصفات القياديّة هي فقط ما يحتاجه الأردن لتجاوز الوضع الراهن، بل المطلوب أيضاً وجود إرادة سياسيّة حقيقيّة في إنجاز الإصلاح الشامل، وتوسيع دائرة المشاركة السياسيّة وفق أسس ديمقراطيّة حقيقيّة، بعيداً عن الأطر الديكوريّة التي لا تمتلك صنع القرار.
من الصعب أن تتسبّب الأواني الممتلئة بمثل ذلك الضجيج الذي يصدر عن وعاء أجوف. الفقاعات الصوتيّة الناجمة عن فراغ بعض من يعتقدون أنّهم فوق النقد، لا تستحقّ أيّ شكل من أشكال الصدى.
عبث ومضيعة للوقت هو الخوض في جدل عقيم مع بعض من يسوّقون أنفسهم للعودة إلى صدارة المشهد السياسي، رغم سجلاّتهم الحافلة بالإخفاقات وبآيات الإبداع في تحقيق أكمل معاني الفشل.
مضحك هو الموقف الذي يحاول من يعتقد أنّه فوق النقد أن يضعك فيه، كسياسيّ لفظه المنصب استجابة لإرادة الشارع يصرّ على اعتبار نفسه مؤهلا بما فيه الكفاية لقيادة الدفّة في أصعب المراحل التي يمرّ بها الأردن والمنطقة بأسرها، ويسخّر أدواته لمحاربة من ينتقد الأوضاع التي يحاول هذا السياسي أو ذاك المتحذلق استغلالها في عمليّة تسويق الذات.
ما أكثر هؤلاء الطامحين رغم افتقارهم لأبسط المؤهلات، وما أعلى الضجيج الذي يتسبّبون به.
بعيداً عن الانزلاق في جدل عقيم مع هذا "المبدع" أو ذاك "الجهبذ" من خبراء تسويق الذات وأصحاب الطموح والألقاب السابقة، هنالك سؤال ملحّ يفرض نفسه هنا: ما هو سرّ الإصرار على حلّ الأزمة التي يمرّ بها الأردن باستخدام ذات العقليّة والوسائل التي أنتجتها ؟!
أزمة الخيارات
في هذه المرحلة الحرجة، لا يوجد متّسع للعودة إلى خيارات مستهلكة، وفرض من فشل في مراحل سابقة على الشارع الذي قد ينفجر مجدّدا في أيّة لحظة، نتيجة السخط على الأوضاع المتردية التي تعصف بالبلاد جرّاء تفاقم الأزمة المركّبة.
محاولة فرض من لفظه الشارع مرّة أخرى سيكون لها كلفة عالية لا يمكن تحمّلها، فالمرحلة بحاجة إلى قيادات مقنعة قادرة على فهم الناس وتجاوز الأزمة وإدارة البلد إلى برّ الأمان، وليس تكرار نماذج سبق وأن فشلت في إخراج الأردن من مأزقه السياسي- الاجتماعي- الاقتصادي.
ولكن ما هو سبب الإصرار على ذات الخيارات المحدّدة ضمن ذات العلبة، ألا يوجد في الأردن أي قيادي قادر على إدارة البلد خارج دائرة تلك الأسماء التي سبق وأن تمّ تجريبها وثبت عدم قدرتها على إدارة شؤون السلطة أو إقناع الناس وحلّ مشكلاتهم؟
هو ذات الصندوق الذي تفكّر الدولة ضمن حدوده. أسماء متكرّرة فشلت في حلّ الأزمة المركّبة، حتى قاد الأمر إلى تقويض هيبة الدولة نتيجة خياراتها.
"السيستم" عجز عن إفراز أسماء خارج نطاق هذا النادي الذي يجري فيه إعادة تدوير الشخوص دون حلّ الأزمة. خيارات محدودة أنتجتها الماكنة السياسيّة، يراد إعادة تجريبها مراراّ وتكراراً. هذه النتيجة المؤسفة تحقّقت بسبب غياب الآليّات التي من شأنها صناعة القادة القادرين على تجاوز الأزمات، فلا الأحزاب السياسيّة تملك فرصة إنتاج القيادات بسبب إصرار السلطة على محاربة مفهوم العمل الحزبي، ولا الجامعات مؤهلة -بسبب سياسات التعليم- على تخريج قيادات مؤهلة ومقنعة، ولا حتّى السيستم قادر على غربلة نفسه واستبعاد من هو أقلّ قدرة لصالح الأكثر كفاءة، نتيجة إدارة الأزمات بذات العقليّة التي أنتجتها.
المسؤول الذي نريد
المطلوب قبل أيّ شيء آخر هو التفكير خارج الصندوق، فالأردنيّات قادرات على إنجاب القادة الحقيقيّين، ولا يقتصر الأمل على أسماء مستهلكة أنتجتها ماكنة لا تقود إلا إلى ذات النتائج البائسة.
في أيّة جلسة حواريّة تجري بها المطالبة بالابتعاد عن الأسماء المستهلكة لملء الشواغر والمناصب السياسيّة العليا، تجد الإجابة ذاتها: "من وين نجيب". وكأن الستّة ملايين أردني تمّ اختزالهم في تلك الأسماء المكرّرة!!
الاحتقان الذي تفاقم خلال السنوات الأخيرة وعزّز عزلة السلطة عن الشارع كان نتيجة غياب العدالة وفشل الحكومات المعاد تدويرها وتكريرها في حلّ مشاكل الناس. اليوم بلغت الأمور درجات عالية من الخطورة إثر تفاقم الأوضاع على المستوى الإقليمي، فهل من الحكمة إعادة استهلاك من تسبّبوا في تفاقم الأزمة؟!
المطلوب اليوم شخصيّات مقنعة تمتلك كاريزما قياديّة قادرة على إقناع الناس وإدارة البلاد، وليس مجرّد واجهات تنفّذ قرارات المرجعيّات العليا دون الإسهام فعليّاً في تجاوز الأزمة وبناء دولة العدالة والقانون.
وليست المواصفات القياديّة هي فقط ما يحتاجه الأردن لتجاوز الوضع الراهن، بل المطلوب أيضاً وجود إرادة سياسيّة حقيقيّة في إنجاز الإصلاح الشامل، وتوسيع دائرة المشاركة السياسيّة وفق أسس ديمقراطيّة حقيقيّة، بعيداً عن الأطر الديكوريّة التي لا تمتلك صنع القرار.