2024-11-27 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

عائلات احترفت الفشل اثناء تداولها للسلطة.. والارث يُصنع بالتضحيات وليس بمضاعفة الثروات

عائلات احترفت الفشل اثناء تداولها للسلطة.. والارث يُصنع بالتضحيات وليس بمضاعفة الثروات
جو 24 : تامر خرمه - يبدو انه نادي مغلق، او أشبه ما يكون بطائفة خاصّة لا ينقصها سوى بعض الطقوس السريّة، يتناوب أعضاءه على الكراسي، بصرف النظر عن مؤهّلاتهم وكفاءاتهم. يكفي أن تكون عضواً في هذه الطائفة حتّى يصلك الدور لتبوّأ منصب أوسع من قدراتك.


الغريب ان عضويّة هذا النادي ليست بالأمر الهيّن، فرغم غياب كافّة المعايير المنطقيّة لنيل العضويّة، إلاّ أن المقياس الوحيد المقبول بالنسبة لهم هو المقياس الجينيّ الذي جعل هذه الطائفة دائرة مغلقة لا تحتكم إلاَ لأمر العرق والكروموسومات!

ابن الشيخ شيخ.. وابن السفير سفير.. وابن الوزير بالطبع وزير.. وابن الرئيس رئيس .. أمّا ابن الكادح الذي بنى البلد بكدّه وعرقه دون أن يفتري على أحد، فلا مكان له في هذه المنظومة العصبويّة.. منظومة فرضت على الأردن واتّفق على تسميتها –جزافاً- بالسلطة السياسيّة.

عندما تصبح صلة القرابة هي كلّ القوانين الناظمة للإدارة السياسيّة فاعلم أنّك في الأردن. هو هذا البلد الصغير الذي بات بعض ساسته يتشدّقون بما لم يأت به أحفاد كبار الفاتحين، فترى فيه من يتحدّث عن "إرثه" بفخر لا يليق حتّى بأحفاد الاسكندر المقدوني، أو سرجون الأكّادي، أو حتّى امبراطور الفرنجة تشارلز البدين.

ولا تذهب بتفكيرك إلى البعيد، فالإرث هنا لا يتعلّق بحركات التحرّر أو الإنجازات الكبرى، كتلك التي حقّقها جواهر نهرو أو نيلسون مانديلاّ، بل بترجمة قرارات خنق الناس وتجويعهم. قرارات مستوردة كرفع الأسعار، ومضاعفة المديونيّة، وبيع مقدّرات الدولة، وتشويه الاقتصاد، والانقضاض على الأحزاب السياسيّة والقوى الوطنيّة، وفرض قوانين عرفيّة لا تخدم مصلحة الوطن بأي شكل. هذه هي "الإنجازات"، التي يفاخر أعضاء الطائفة المغلقة على انتسابهم الكروموسوميّ لمحقّقيها.

الإرث الحقيقي الذي يملكه كافّة الأردنيّين هو إرث وصفي التل، حابس المجالي، ماجد العدوان، صايل الشهوان، فراس العجلوني، كايد مفلح عبيدات، علي خلقي الشرايري، حسين الطراونة، عبدالقادر الحسيني، احمد ياسين، وغيرهم الكثيرين من القادة الذين صنعوا تاريخ هذا البلد..

الإرث الحقيقي يكون بالتضحية والبناء والانجاز والتفاني في خدمة الشعب والوطن والأمة، وليس بتعظيم المكاسب والثروات والصلاحيات والسلطات والاستثمارات والعقارات وبناء القصور على قمم الجبال العاليات الراسيات.. شتّان ما بين إرث حقيقي يرسخ في قلوب الشعب ويحفظه التاريخ وبين إرث مدّعى ولا وجود له إلا في نفوس مدّعيه.

تلك العصبة المفاخرة بما اعتبرته "إرثاً" امتلكت ميزة عجيبة مكّنتها من جلب الخراب من خلال الجمع بين العقليّة العرفيّة والسياسات النيوليبراليّة، مزيج مشوّه أوصل البلاد إلى حافّة الهاوية. و"إنجازات" أسلافهم الحاكم واضحة وضوح الشمس في كافّة الأزمات التي تعصر البلد.

وسط هذه الدوّامة التي تتسبّب فيها الأزمة -الناجمة عن أزمة- بأزمة أخرى، يصرّ أعضاء النادي المافيويّ على حصار المواطن عبر احتكار السلطة والثروة، وادّعاء "أحقيّة" لا يملكونها في تبوّؤ مواقع صنع القرار. والغريب أنّ لعبة تدوير الكراسي بين أعضاء هذا النادي تدور وكأنّهم بالفعل يملكون مثل هذا الحقّ في احتكار المناصب العليا، وإقصاء أيّ مواطن يمتلك الكفاءة والقدرة على تحقيق ما فشلوا فيه.

ورغم هذا الواقع المتردّي، يدور الحديث عن "هيبة الدولة" و"الديمقراطيّة" في بلد لم يحقّق حتّى أدنى شروط بناء الدولة المدنيّة، التي يسود فيها القانون على الجميع دون استثناء، وترتكز على أسس الشفافيّة والمعايير المنطقيّة –التي لا علقة لها بالحسب والنسب- في تولية المناصب والمواقع القياديّة. معايير غريبة عن قاموس الأردن السياسي من قبيل: الكفاءة، والأهليّة، والشخصيّة القياديّة، والقبول الشعبي، ومتطلّبات المرحلة، ومختلف الشروط الذاتيّة والموضوعيّة.

أما آن لهذا العبث أن يتوقّف؟ ألم يحن الأوان بعد لتبنّي مقاربة جديدة تتيح لمن يمتلك الكفاءة الوصول إلى مواقع صنع القرار، دون اشتراط وجود جينات معيّنة في دمه ودون غض الطرف عن غياب مؤهّلاته؟!
المرحلة في غاية التعقيد، على كافّة المستويات المحليّة والإقليميّة والدوليّة، والخطر أكبر من قدرات أولئك الذين يمتلكون سجلاّ حافلاً بإنجازات التأزيم. الوصول بالبلد إلى فلك النجاة من طوفان المرحلة يستوجب قيادات جديدة لا صلة لها بأيّ "إرث"، أو بنادي عائليّ أمعن في احتراف الفشل.


تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير