استقلال القضاء والإنتخابات لا يجتمعان
المحامي الدكتور جودت مساعدة
1- يتألف المجلس القضائي من قضاة معينين بوظائفهم وتدرجو بالمناصب القضائية المختلفة وأن العمر القضائي لأي منهم لا يقل عن (25) سنة وبحكم خبرتهم ودرايتهم الطويلة هم القادرون على تنظيم القضاء، لكونهم هم الأدرى والأعرف ما يحتاجه مرفق القضاء والعاملين به.
2- الإبقاء على الإنتخاب الذي توصل إليه مجلس النواب من شأنه تعدد الجهات التي تقوم بتعيين أعضاء المجلس القضائي وهم جلالة الملك والذي يعين رئيس المجلس والقانون والقضاة الذين سينتخبون أربع قضاة وهذا أمر مستغرب، إذ لم يرد بأي تشريع ينص على تشكيل أي مجلس بذات الطريقة التي قررها المجلس، مما يشكل ذلك شذوذاً عن باقي التشريعات المطبقة بالمملكة .
3- المجلس القضائي والمحدد بموجب القانون لم يتم تغيير طريقة تشكيلته وهي تعيين أعضائه لوظائفهم وليس لشخوصهم ولم يسبق أن تم تعيين أي منهم عن طريق الانتخاب وذلك منذ إنشاء المملكة وحتى يومنا هذا، كما لم يحدث طيلة هذه المدة وحتى تاريخه ما يبرر طلب انتخاب عدد من أعضاء المجلس.
4- عدد مجلس القضاء الحالي والذي يتكون من (11) قاضياً هو عدد كاف، ما دام أن عدد القضاه بالمملكة حوالي (1100) قاضياً وإذا ما قورن مع الدول التي تصلح للمقارنة مع الأردن، ومن بينها مصر ، فإن عدد أعضاء مجلس القضاء الأعلى بمصر يتكون من سبع قضاة معينين بوظائفهم بالقانون وأن هذا المجلس يتولى إدارة شؤون ما يزيد على (20,000) عشرين ألف قاضياً، مما يجعل طرح زيادة عدد أعضاء المجلس القضائي لدينا غير مقنع.
5- لا يجوز مقارنة المجلس القضائي بمجالس النقابات الأخرى لأمور عديدة، وذلك لكون القضاء هو للجميع وليس لفئة أو طائفة معينة، كما أن القضاء ليس مسيس ويقف على مسافة واحدة من جميع المتقاضين.
6- انتخاب القضاة لعدد من أعضاء المجلس يخرج القضاء عن رسالته ووحدته وحيدته وينال من استقلاليته وتماسكه وقوته.
7- عملية الإنتخاب تتطلب توفر الوقت ليقوم القاضي المترشح لعضوية المجلس ومناصريه بالدعاية الانتحابية على حساب عملهم وهذا يخلق بيئة مناسبة وجاذبة للأحزاب وغيرهم من اختراق القضاء والتدخل في شؤونه وهذا ما سينعكس سلبياً على استقلاليته وقوته ويوجد لدينا أمثله عديدة من بين الدول التي يتم انتخاب عدد من أعضاء المجلس القضاء الأعلى والذي تتدخل الأحزاب باختيارهم كما هو الحال في لبنان وغيرها.
8- الإنتخاب يؤدي إلى شرخ الجسم القضائي وخلق ولاءات وخصومات واصطفافات بين القضاة، مما يخرجه عن واجباته ورسالته وذلك بخلق المجاملات والعداوات والمنازعات والأحقاد بين القضاه ويفرقهم ولا يوحدهم وأن معظم السادة النواب ما زالو يعانون من آثار الإنتخابات السلبية.
وأخيراً لا بد من التنويه إلى أن لكل بلد طبيعته الخاصة وما يصلح ببلد معين لا يصلح ببلد آخر، ولا يجوز للبعض المناداة بالمقارنة والقياس بغيرنا من الدول، إذ لكل بلد خصوصيته وطبيعته وتركيبته وللإنصاف، فإن قضاءنا هو قلعه العدالة وحصنها المنيع ومميز بكفاءته ونزاهته وخير دليل على ذلك توافد العديد من الوفود القضائية من دول عربيه لاستقطاب القضاه الأردنيين للتعاقد معهم بالإضافة إلى تعيين قضاه أردنيين في المحاكم الدولية، مما يجب على الجميع الحرص على المصالح الوطنية العليا والحفاظ على سمعة قضاءنا، والعمل على دعمه بكل الوسائل وعدم المساس به أو التعرض له بأية صورة كانت، لأن سيادة الدولة وأمنها واستثماراتها لا تتم إلا من خلال قضاء مستقل.
وبالختام، فإن ثقتنا بمجلس النواب كبيرة وذلك بحرصه على مصلحة القضاء والمصلحه العليا وهذا يستدعي منه إعادة النظر بتصويته على انتخاب القضاه والرجوع عنه بما يحقق الفائدة لقضاءنا وبلدنا وذلك ما دام أن المادة (84/أ) من النظام الداخلي للمجلس تجيز له قبل التصويت النهائي على المجلس فتح المادة الرابعة المذكورة، لأنه بتقديري لو أن الإخوة النواب الأفاضل الذين صوتوا على الإنتخاب كان لديهم الإطلاع الكافي على العمل القضائي لما قاموا بالتصويت لصالح الانتخابات وإن الغاية مما ذكرته آنفاً حتى يبقى قضاءنا شامخاً وعزيزاً وقوياً ومتماسكاً بعيداً عن الجهوية والعشائرية والحزبية والشليية وغيرها، سائلاً الله أن يحمي بلدنا وقيادته وشعبه وجيشه وأمنه وقضائه ويجنبه من أي مكروه ولكل مجتهد نصيب.