jo24_banner
jo24_banner

الأردن يعلن رسميّاً انتهاء مرحلة الأمن والأمان

الأردن يعلن رسميّاً انتهاء مرحلة الأمن والأمان
جو 24 : تامر خرمه- كلّ شيء جاهز للتصوير.. مجلس نوّاب يحترف الصمت بلغة أجنبيّة.. أبواق ومنابر إعلاميّة تتقن التطبيل والرقص على إيقاع اسطوانة صدئة.. ووزير إعلام لا تكاد تحتمل خفّته.. اقطع! هناك شيء ناقص.. قبّعة "كاوبوي" وحفنة من الدولارات.. أعد التصوير.. المشهد الأوّل: الحرب على الإرهاب.

الآن لا شيء يعكّر صفو المخرج، فالديكور النيابي لم يناقش الفكرة، والإعلام الرسمي يجترّ بروباغاندا الدول الشموليّة لما قبل الحرب العالميّة الثانية، وخفيف الظلّ يصرّح بأن الأردن يقاتل عدّة تنظيمات مسلّحة على الأراضي السوريّة، وليس "داعش" فحسب.. يا سلام!!

حان وقت الاحتفال.. يقول مدير المونتاج قبل أن تبدأ حفلة الرقص النقري.. "طق".. "طق" عظمة واستلّ أخرى، إنّها الحرب، ولكن لا أحد يعلم من يقاتل من، تراجيديا إغريقيّة موغلة في تعقيد حبكتها. لا يهمّ، وصل التمويل، فولجنا أتون هذه "المعمعة" وكأنّنا نمضي في نزهة ريفيّة أو استراحة شاي.

ولكن مهلاً! أليست هذه الحرب هي ذاتها التي عجز جلاوزة القوى الإقليميّة عن حسمها ؟ فهل سيحسمها الأردن باعتباره "أغنية الظبى" ؟! طيّب "بلاش"، أوليس منتج "الحرب على داعش" هو ذاته من سبق له وأن أنتج "الحرب على باعث" ؟!

المهمّ أن الأردن بات اليوم طرفاً في هذه الحرب، وتدخّل عسكريّاً بالشأن السوري، ولكن لماذا ؟ّ! ما الذي سيجنيه من إرسال أبنائه للموت ؟ المضحك المبكي هو الاعتقاد بأن هذا البلد الصغير سيحتمل دفع ثمن تورّطه في "معمعة" موسكو وواشنطن، وما بينهما من ذكريات الحرب الباردة والتحالفات الساخنة.

قديماً كان عنترة بن شدّاد على وشك تقبيل السيوف لأنّها لمعت كبارق ثغر محبوبته المتبسّم، في ذلك الوقت كان العربي يمضي إلى الحرب حاملاً روحه على كفّه، مستعدّاً للموت دون أيّ تردّد، لأنّه كان يدافع عن كرامته وشرفه ووجوده، تلك هي العقيدة العسكريّة الشرقيّة، ولكن ما الذي ندافع عنه اليوم في خوض حروب أصحاب العيون الزرقاء ؟ حفنة الدولارات يا أبناء الشرق ليست كافية لتقبيل سيوف الدواعش.

ثلاث سنوات والشعب العربي السوري يذبح ويقتّل أمام أعين الجميع.. ما الذي تغيّر اليوم ليصبح التدخّل الخارجي مشروعاً ؟ والشعب العربي الفلسطيني ما زال يمسح الدم عن جدران غزّة. خلال ذلك العدوان الهمجيّ نأى الأردن الرسمي بنفسه حتّى عن لعب دور دبلوماسيّ يخفّف معاناة شعبنا، ما الذي حرّك أساطيلنا الجويّة اليوم لقصف مواقع في سوريّة ؟ وكيف تمّ اتّخاذ القرار بخوض هذه الحرب ؟

عندما أبرم الأردن معاهدة الصلح مع "اسرائيل" تلقّى الشعب الصفعة "الباراشوتيّة" دون أن يكون له أيّ دور في صنع ذلك القرار، فأدار خدّه الأيمن ليتلقّى اليوم صفعة إعلان الحرب، دون أن يكون له حولاً ولا قوّة في "غمّيضة" الحرب والسلام، ولكن إلى متى سيواصل الشعب تلقّي الصفعات والقرارات المصيريّة التي يتمّ اتّخاذها على حسابه ودون أخذ رأيه بعين الاعتبار ؟!

ذات أسطورة، أبلغ أحد الآلهة "زيوس" أن زوجته الحامل "ميتس" ستنجب غلاماً يفوقه قوّة، فما كان من "زيوس" إلاّ أن ابتلع زوجته كيّ لا تتحقّق النبوءة. المسكين وقع فريسة التخمة بما يستحيل هضمه حتّى كاد رأسه أن ينفجر، فكان الحلّ الوحيد أمام "هيفايستوس" -ابنه من "هيرا" الغيّورة- هو شقّ رأس أبيه بالفأس. هنا خرجت "مينيرفا" من "فلقات" رأسه بزيّها العسكريّ تصدح بصرخات الحرب. نأمل ألاّ يزجّ بالأردن في معركة بريّة لابتلاع شيء ما، استباقاً لنبوءة وصول "داعش".
تابعو الأردن 24 على google news