التقرير الاخير.. والعشاء الاخير
موسى الصبيحي
جو 24 : في تقرير سرّي وعاجل لوكالة "ريد" الاستخبارية يحمل الرقم "2"، جاء عقب موجة من السخط على تقريرها الأول الذي حطّ على مكتب زعيم طائفة "الكونستركترز"، وهي طائفة تتخذ من وسط إقليم "عربستان" مقراً رئيساً لها، حيث أشار التقرير الأول إلى حشود بدأت تُخطط لتغيير سياسة العمل التي انتهجها زعيم الطائفة، احتجاجاً على انتقائيته غير المبررة في تقديم حزمة تنازلات لرموز مقرّبة لم تسهم إلاّ بتخريب منجزات الطائفة وتُهدّد تضامنها ووحدتها التاريخية.. جاء التقرير الثاني لـ "رِيْد" مُحذّراً من مغبة الاستمرار في تقديم حُزَم جديدة من هذه التنازلات ممزوجة ببعض المكاسب الخاصّة..!
وأعاد التقرير الجديد التشديد على ضرورة العمل على ضرب مصالح هذه الفئة ووقف كل أشكال الدعم والتنازلات لها، للحد من سطوتها ونفوذها وانتشارها السرطاني في مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية في الإقليم، محذّراً من أن حالة الفلتان التي تشهدها البلاد سوف تتعمّق وتأخذ شكل الفوضى الخلاّقة، مما قد يؤدي إلى تهديد حقيقي لمستقبل ووجود طائفة "الكونستركترز"..!!
الزعيم الذي اعتاد على قراءة تقارير وكالات استخبارية كثيرة، لم يُعِر تقرير "ريد" أي اهتمام، فقد قال له مستشاروه في المرّة الأولى بأن تقرير "ريد" الأول ما هو إلاّ أضغاث أحلام، وأعاد المستشارون هذه المرّة مطالبتهم بتنحية رئيس وكالة "ريد" الجديد عن منصبه لتقديمه تقريراً ممهوراً بعبارة "سري وخطير وعاجل" ولكنه فارغ المضمون، تماماً كما فعل الرئيس السابق للوكالة والذي تمت إقالته تحت ضغط وإلحاح جماعة المستشارين أنفسهم..!!
الزعيم أعاد تعيين مسؤول كبير سابق لا يحمل أي خبرة استخباراتية رئيساً للوكالة، وتمنّى له في رسالة لم تزد على مائة كلمة النجاح في مهمته، والتشديد على مجالات تمييز غير مرئية بين أقلية "الكونستركترز" المتنفّذة وغيرهم من أكثريات عددية بلا معنى، وكان أول ما بادر إليه وضع إطار عام لرصد أية أوضاع أو تحركات غير طبيعية بين أي من أبناء الطائفة وجماعاتها، فيما الأكثريات العددية موافقة على كل شيء، ورَسَمَ خارطة طريق لعمل الجهاز، وفي أول تقرير قدّمه للزعيم قال: إن الأوضاع مُطَمْئنة تماماً، وليس ثمّة سوى أشخاص بعدد أصابع اليد الواحدة، يبدون تذمراً من السياسات المنتهجة عبر خطابات وبيانات مرتجفة، وأن أحداً لا يكاد يلتفت إلى خطاباتهم العميقة.. مضيفاً أن الجميع مع الزعيم كلمةً واحدة، وقلباً واحداً..!
وما أن قرأ الزعيم آخر كلمة في التقرير حتى تنفّس الصعداء وشعر براحة وانتشاء، وسارع إلى عقد اجتماع مع كبار مستشاريه ورئيس جهازه التنفيذي، وطلبَ منهم العمل على تعديل النظام الأساسي الذي يحكم حياة الطائفة وعلاقتها بالأكثريات الأخرى بالسرعة الممكنة. وتم إنجاز ذلك بالفعل وبسرعة مذهلة، عندها شعر المستشارون بالراحة والطمأنينة..!!
لكن ما حصل أدّى إلى تحركات خطيرة لم ترصدها وكالة "ريد" بدقة، وإنما ذهبت تقول بأن أفراداً يعدّون على أصابع اليدين فقط رفعوا شعارات تطالب بالتغيير وتوزيع المكاسب على الجميع بعدالة، لكنّ أحداً لم يُعِرهم أدنى اهتمام، في حين أن دعوات التغيير وإعادة البناء بدأت تتردد بقوة على ألسنة أبناء "الكونستركترز" أنفسهم بصورة غير مسبوقة، ما حدا بأعداد كبيرة من الأكثريات الصامتة إلى الخروج عن صمتها والتضامن مع "الكونستركترز الثائرين"، لكن هذا لم يصل إلى مكتب الزعيم، وبقيت أخباره مركونة في أدراج المستشارين كالمعتاد، وفي الأثناء كان تقرير وكالة "ريد" الثالث والأخير يحط على مكتب الزعيم محذّراً من موجة غضب عارمة قادمة لا محالة نتيجة قيام رؤساء الشركات الثلاث العملاقة بتقديم حزمة تنازلات مغرية لمجالس إدارتها، واختتم التقرير بالقول بأنه من الصعب ضبط موجة الغضب القادمة ما لم يُبادر الزعيم إلى شحذ همته للغداء قبل أن يبدأ هؤلاء عشاءهم مبكِّراً..!
وأعاد التقرير الجديد التشديد على ضرورة العمل على ضرب مصالح هذه الفئة ووقف كل أشكال الدعم والتنازلات لها، للحد من سطوتها ونفوذها وانتشارها السرطاني في مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية في الإقليم، محذّراً من أن حالة الفلتان التي تشهدها البلاد سوف تتعمّق وتأخذ شكل الفوضى الخلاّقة، مما قد يؤدي إلى تهديد حقيقي لمستقبل ووجود طائفة "الكونستركترز"..!!
الزعيم الذي اعتاد على قراءة تقارير وكالات استخبارية كثيرة، لم يُعِر تقرير "ريد" أي اهتمام، فقد قال له مستشاروه في المرّة الأولى بأن تقرير "ريد" الأول ما هو إلاّ أضغاث أحلام، وأعاد المستشارون هذه المرّة مطالبتهم بتنحية رئيس وكالة "ريد" الجديد عن منصبه لتقديمه تقريراً ممهوراً بعبارة "سري وخطير وعاجل" ولكنه فارغ المضمون، تماماً كما فعل الرئيس السابق للوكالة والذي تمت إقالته تحت ضغط وإلحاح جماعة المستشارين أنفسهم..!!
الزعيم أعاد تعيين مسؤول كبير سابق لا يحمل أي خبرة استخباراتية رئيساً للوكالة، وتمنّى له في رسالة لم تزد على مائة كلمة النجاح في مهمته، والتشديد على مجالات تمييز غير مرئية بين أقلية "الكونستركترز" المتنفّذة وغيرهم من أكثريات عددية بلا معنى، وكان أول ما بادر إليه وضع إطار عام لرصد أية أوضاع أو تحركات غير طبيعية بين أي من أبناء الطائفة وجماعاتها، فيما الأكثريات العددية موافقة على كل شيء، ورَسَمَ خارطة طريق لعمل الجهاز، وفي أول تقرير قدّمه للزعيم قال: إن الأوضاع مُطَمْئنة تماماً، وليس ثمّة سوى أشخاص بعدد أصابع اليد الواحدة، يبدون تذمراً من السياسات المنتهجة عبر خطابات وبيانات مرتجفة، وأن أحداً لا يكاد يلتفت إلى خطاباتهم العميقة.. مضيفاً أن الجميع مع الزعيم كلمةً واحدة، وقلباً واحداً..!
وما أن قرأ الزعيم آخر كلمة في التقرير حتى تنفّس الصعداء وشعر براحة وانتشاء، وسارع إلى عقد اجتماع مع كبار مستشاريه ورئيس جهازه التنفيذي، وطلبَ منهم العمل على تعديل النظام الأساسي الذي يحكم حياة الطائفة وعلاقتها بالأكثريات الأخرى بالسرعة الممكنة. وتم إنجاز ذلك بالفعل وبسرعة مذهلة، عندها شعر المستشارون بالراحة والطمأنينة..!!
لكن ما حصل أدّى إلى تحركات خطيرة لم ترصدها وكالة "ريد" بدقة، وإنما ذهبت تقول بأن أفراداً يعدّون على أصابع اليدين فقط رفعوا شعارات تطالب بالتغيير وتوزيع المكاسب على الجميع بعدالة، لكنّ أحداً لم يُعِرهم أدنى اهتمام، في حين أن دعوات التغيير وإعادة البناء بدأت تتردد بقوة على ألسنة أبناء "الكونستركترز" أنفسهم بصورة غير مسبوقة، ما حدا بأعداد كبيرة من الأكثريات الصامتة إلى الخروج عن صمتها والتضامن مع "الكونستركترز الثائرين"، لكن هذا لم يصل إلى مكتب الزعيم، وبقيت أخباره مركونة في أدراج المستشارين كالمعتاد، وفي الأثناء كان تقرير وكالة "ريد" الثالث والأخير يحط على مكتب الزعيم محذّراً من موجة غضب عارمة قادمة لا محالة نتيجة قيام رؤساء الشركات الثلاث العملاقة بتقديم حزمة تنازلات مغرية لمجالس إدارتها، واختتم التقرير بالقول بأنه من الصعب ضبط موجة الغضب القادمة ما لم يُبادر الزعيم إلى شحذ همته للغداء قبل أن يبدأ هؤلاء عشاءهم مبكِّراً..!