كيري وإسرائيل وتطرف المنطقة
د. حسن البراري
جو 24 : الربط بين تكرار اندلاع الأزمات والحروب في الشرق الأوسط ورفض إسرائيل المضي في عملية سلام مع الفلسطينيين كان وما زال موضوعا ساخنا في النقاش العام في الغرب في العقدين الأخيرين. وبهذا الصدد برزت مدرستان: واحدة تصر على أن لا علاقة بين الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني من جانب وبين النزاعات الأخرى في الإقليم من جانب آخر، في حين تصر المدرسة الثانية على أن حل الصراع العربي الإسرائيلي من شأنه أن يخفف من حدة النزاعات الأخرى في الاقليم أو ربما منع اندلاعها من الأساس. وهذا النقاش هو امتداد لنقاش آخر اندلع في الولايات المتحدة قبل عام 1967 بخصوص المقاربة المثلى لسياسة أميركا الخارجية ازاء الاقليم بشكل عام وانتهى بانتصار أصحاب مدرسة "إسرائيل أولا" الذين كانت لهم اليد العليا وبخاصة بعد أن تمكنت إسرائيل من الحاق هزيمة عسكرية ساحقة بثلاثة جيوش عربية.
يشتاط الإسرائيليون غضبا من مقولة أن ثمة ربطا بين الأمرين، فقادة إسرائيل يخشون من أن يكون ذلك توطئة لممارسة ضغط أميركي وغربي على تل أبيب يدفع الأخيرة على الامتثال لاستحقاقات السلام التي ثبت أن المجتمع الإسرائيلي غير مستعد لتقديمها. وللتقليل من قيمة مثل هذا الربط تلجأ إسرائيل إلى توظيف حلفائها في الغرب وبخاصة القوى المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة لمنع انتشار هذه الفكرة في الاعلام الأمريكي. وقد شاهدنا كيف شنت القوى المؤدية لإسرائيل أو لوبي إسرائيل حملة شعواء على الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر عندما نشر كتابا قبل سنوات قليلة انتقد فيها سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين. والأمر نفسه تكرر عندما نشر جون ميرشايمر وستيفان والت كتابا اطلقا عليه "لوبي إسرائيل" وفيه حملا القوى المؤيدة لإسرائيل مسؤولية الانحراف في سياسة الولايات المتحدة الخارجية تجاه الشرق الأوسط. أما في أوروبا فتلجأ إسرائيل إلى توظيف تهمة معلبة وجاهزة لكل من ينتقد السياسة الإسرائيلية او يربط بين عدم حل الصراع واندلاع الحروب في اماكن أخرى في الشرق الأوسط، فيكفي أن تتهم إسرائيل منتقديها بمعاداة السامية حتى تنفذ بجلدها من النقد اللاذع الذي يحمل إسرائيل مسؤولية ما يجري في المنطقة بشكل عام.
نذكر في عام 2004 قام الرئيس جورج بوش بتعيين كارن هيوز بموازنة ضخمة لتعمل على تحسين صورة أمريكا في المنطقة، وبعد أن عملت كارن هيوز لمدة عامين على هذا الملف بالتحديد تقدمت باستقالتها وبعثت برسالة إلى الرئيس بوش كتبت بها أن الطريقة الوحيدة لتحسين صورة أمريكا في المنطقة هو أن تقوم أميركا بالمساهمة بحل الصراع وأن تكف عن دعم التوسع الإسرائيلي على حساب الأرض الفلسطينية، فانتشار المشاعر المعادية للولايات المتحدة ليس مرتبطا بكراهية العرب للقيم الأميركية كما تصر إسرائيل والقوى المؤيدة لها في أمريكا وانما مرتبط بالسياسات الأميركية وعلى رأسها دعم إسرائيل في سياسة الأخيرة في التوسع وافشال عملية السلام.
لم يخترع جون كيري العجلة من جديد عندما صرح قبل ايام قليلة بأن استعصاء حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي يساهم في ارتفاع حدة التطرف في الإقليم، فكل استطلاعات الرأي العلمية التي اجرتها مؤسسات أميركية مشهود لها بالمهنية تفيد بأن التطرف في المنطقة لم يأت من فراغ، وهناك قناعة بأن الدعم الأميركي لتل أبيب أفضى إلى انتشار المشاعر المعادية للولايات المتحدة عند العرب والمسلمين. لكن من يجرؤ على التصريح بذلك في أمريكا؟! وبالتالي لا غرابة اذن أن تقيم إسرائيل الدنيا ولا تقعدها احتجاجا على ملاحظة – بتقديري دقيقة – تقدم بها جون كيري تحمل إسرائيل مسؤولية التطرف في المنطقة.
وهذا يطرح تساؤلين: أولا، ما قيمة ما يقوله جون كيري إن لم يكن ذلك في سياق اجراء تغيير في مواقف واشنطن تجاه إسرائيل؟ فلغاية هذه اللحظة لم تتمكن ادارة أوباما من ممارسة أي ضغط يذكر على نتنياهو، وهي لن تتمكن من ممارسة أي ضغط إلا إذا اعتبرت أن حل الصراع يخدم مصالح امريكا في المنطقة وأن عدم الحل يهدد مصالحها وهو أمر لم يتبلور لغاية الآن. والسؤال الآخر هو لماذا لم يستثمر العرب جزءا من أموالهم لاختراق الساحة الاعلامية في واشنطن لخلق رأي بديل على الأقل؟ ما يمنع العرب من رسم استراتيجية اعلامية تخفف من حدة سطوة الاعلام الصهيوني في واشنطن، وهل هناك بالفعل اجندة عربية موّحدة؟!
يشتاط الإسرائيليون غضبا من مقولة أن ثمة ربطا بين الأمرين، فقادة إسرائيل يخشون من أن يكون ذلك توطئة لممارسة ضغط أميركي وغربي على تل أبيب يدفع الأخيرة على الامتثال لاستحقاقات السلام التي ثبت أن المجتمع الإسرائيلي غير مستعد لتقديمها. وللتقليل من قيمة مثل هذا الربط تلجأ إسرائيل إلى توظيف حلفائها في الغرب وبخاصة القوى المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة لمنع انتشار هذه الفكرة في الاعلام الأمريكي. وقد شاهدنا كيف شنت القوى المؤدية لإسرائيل أو لوبي إسرائيل حملة شعواء على الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر عندما نشر كتابا قبل سنوات قليلة انتقد فيها سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين. والأمر نفسه تكرر عندما نشر جون ميرشايمر وستيفان والت كتابا اطلقا عليه "لوبي إسرائيل" وفيه حملا القوى المؤيدة لإسرائيل مسؤولية الانحراف في سياسة الولايات المتحدة الخارجية تجاه الشرق الأوسط. أما في أوروبا فتلجأ إسرائيل إلى توظيف تهمة معلبة وجاهزة لكل من ينتقد السياسة الإسرائيلية او يربط بين عدم حل الصراع واندلاع الحروب في اماكن أخرى في الشرق الأوسط، فيكفي أن تتهم إسرائيل منتقديها بمعاداة السامية حتى تنفذ بجلدها من النقد اللاذع الذي يحمل إسرائيل مسؤولية ما يجري في المنطقة بشكل عام.
نذكر في عام 2004 قام الرئيس جورج بوش بتعيين كارن هيوز بموازنة ضخمة لتعمل على تحسين صورة أمريكا في المنطقة، وبعد أن عملت كارن هيوز لمدة عامين على هذا الملف بالتحديد تقدمت باستقالتها وبعثت برسالة إلى الرئيس بوش كتبت بها أن الطريقة الوحيدة لتحسين صورة أمريكا في المنطقة هو أن تقوم أميركا بالمساهمة بحل الصراع وأن تكف عن دعم التوسع الإسرائيلي على حساب الأرض الفلسطينية، فانتشار المشاعر المعادية للولايات المتحدة ليس مرتبطا بكراهية العرب للقيم الأميركية كما تصر إسرائيل والقوى المؤيدة لها في أمريكا وانما مرتبط بالسياسات الأميركية وعلى رأسها دعم إسرائيل في سياسة الأخيرة في التوسع وافشال عملية السلام.
لم يخترع جون كيري العجلة من جديد عندما صرح قبل ايام قليلة بأن استعصاء حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي يساهم في ارتفاع حدة التطرف في الإقليم، فكل استطلاعات الرأي العلمية التي اجرتها مؤسسات أميركية مشهود لها بالمهنية تفيد بأن التطرف في المنطقة لم يأت من فراغ، وهناك قناعة بأن الدعم الأميركي لتل أبيب أفضى إلى انتشار المشاعر المعادية للولايات المتحدة عند العرب والمسلمين. لكن من يجرؤ على التصريح بذلك في أمريكا؟! وبالتالي لا غرابة اذن أن تقيم إسرائيل الدنيا ولا تقعدها احتجاجا على ملاحظة – بتقديري دقيقة – تقدم بها جون كيري تحمل إسرائيل مسؤولية التطرف في المنطقة.
وهذا يطرح تساؤلين: أولا، ما قيمة ما يقوله جون كيري إن لم يكن ذلك في سياق اجراء تغيير في مواقف واشنطن تجاه إسرائيل؟ فلغاية هذه اللحظة لم تتمكن ادارة أوباما من ممارسة أي ضغط يذكر على نتنياهو، وهي لن تتمكن من ممارسة أي ضغط إلا إذا اعتبرت أن حل الصراع يخدم مصالح امريكا في المنطقة وأن عدم الحل يهدد مصالحها وهو أمر لم يتبلور لغاية الآن. والسؤال الآخر هو لماذا لم يستثمر العرب جزءا من أموالهم لاختراق الساحة الاعلامية في واشنطن لخلق رأي بديل على الأقل؟ ما يمنع العرب من رسم استراتيجية اعلامية تخفف من حدة سطوة الاعلام الصهيوني في واشنطن، وهل هناك بالفعل اجندة عربية موّحدة؟!