أطرف ما قاله معروف البخيت في ما ورائيات الحرس القديم
جو 24 : تامر خرمه- تناقضات ومفارقات بلغت في حدّتها درجة طريفة، عبّرت عن طريقة تفكير ما يسمّى بالحرس القديم، خلال محاضرة العين معروف البخيت، رئيس الوزراء الأسبق، التي أدارها الكاتب ناهض حتّر مؤخّراً في نادي الأردن.
البخيت اعتبر أن هنالك تضخيماً إعلاميّاً لتنظيم الدولة الإسلاميّة، ليعلن بكلّ ثقة أن لا حاضنة شعبيّة للتنظيم في الأردن، مستنداً في تحليله إلى رغبة ذاتيّة، تحاول تغطية الواقع بغربال منطقه المتناقض.
بداية، إذا كان تنظيم الدولة لا يشكّل خطراّ وجوديّاً على الأردن، فكيف سيبرّر البخيت قرار زجّ الأردن في هذه الحرب ؟ التي جعلت من "شبّيحة" النظام السوري والولايات المتحدة الأمريكيّة حلفاً واحدا يبرّر قصف سورية بعد استهلاك نظريّة المؤامرة الكونيّة..
صحيح.. ألم تكن المخاوف المتعلّقة بالأجندة الامريكيّة والتدخّل الخارجي هي مبرّر المدافعين عن نظام الأسد ؟ ولكن هذه حكاية أخرى.
لنعد إلى تصريحات البخيت التي تتحدّى حقائق الواقع.. يقول الرجل أن تنظيم الدولة الإسلاميّة غير قادر على مواجهة جيش نظامي، فهل كان التنظيم يواجه فرقة كشّافة في العراق ؟ هل نجح الجيش العراقي في حماية أراضيه ؟ وماذا بشأن الجيش السوري الذي أرهقته حرب العصابات ودفعته إلى الاستعانة بطهران ؟
أمّا حول إشادة البخيت بنتائج ضربات التحالف الذي تقوده واشنطن، فتكفي الإشارة إلى التمدّد والتقدّم الذي أحرزه تنظيم الدولة على الأرض.. نتمنّى أن يكون كلامك صحيحاً يا عضو مجلس الأعيان، فعلى الأقلّ سيحول ذلك دون جرّ الأردن إلى حرب بريّة وخيمة العواقب.
وما أن يفرغ من مهمّة تقليل الخطر الداعشي، وتصوير ما يواجه الأردن على أنّه نزهة، حتّى يبدأ البخيت بمناقضة ذاته عبر قوله إن "المرحلة الحاليّة لا تحتمل الاختلاف حول أيّة قضيّة كانت"، داعيا إلى تكاتف كافّة مكوّنات الطيف السياسي الأردني لتشكيل جبهة وطنيّة عريضة من أجل "العبور بالوطن -في هذه الأوقات الحرجة- إلى برّ الأمان".
لا تقتصر طرافة المحاضرة على هذا الموقف المتناقض، بل يعتبر معروف البخيت أن تحصين الجبهة الداخليّة يعني فرض رأي السلطة وعدم الاختلاف معها في أيّ شأن، رغم أن هذه السلطة تورّط الأردن في تعقيدات حرب لا يملك أيّ طرف فرض نهايتها.
تحصين الجبهة الداخليّة أولويّة وطنيّة لا ينبغي إهمالها بأيّ حال من الأحوال، ولكن لتحقيق ذلك يا معروف البخيت ينبغي بناء شراكة سياسيّة حقيقيّة، تستند إلى توازنات تحول دون احتكار السلطة، والتفرّد في إدارة الدولة.. هذا ما لا يمكن تحقيقه عبر رفض الاختلاف، وفرض وجهة نظر واحدة لا شريك لها في صنع القرار.
الأردن الذي نأى بنفسه عن مواجهة الخطر الوجودي الاسرائيلي، تورّط اليوم في حرب تقودها واشنطن على الأرض السوريّة بأجندة لا تكترث لأيّ من المصالح العربيّة.. فهل نتّفق –مثلاً- مع قرار السلطة بخوض هذه الحرب كيّ نحمي الوطن من مخاطر المرحلة ؟! لله درّك ما أغرب هذه المعادلة يا جهبذ الحرس القديم !!
ولكن أطرف ما قاله البخيت في محاضرته أن تنظيم الدولة ليس له حاضنة شعبيّة في الأردن. حقّاً ! ألا يكفي كلّ هذا البؤس الذي تعانيه المناطق المهمّشة لخلق بيئة مناسبة للتطرّف ؟ هل يملك المسحوقون أيّة خيارات في ظلّ إمعان السلطة بمحاربة الفقراء في خبزهم وكرامتهم ؟!
إذا كان استشراء الفساد، وغياب العدالة الاجتماعيّة، والعنف الممنهج الذي تمارسه الأجهزة الأمنيّة -سواء في مدينة معان أو في مواجهة المطالب العمّاليّة العادلة- وغير ذلك من مصائب احتكار السلطة والثروة، لا تكفي لخلق حاضنة اجتماعيّة للتنظيمات المتشدّدة، فما الذي تبقّى في جعبة صنّاع القرار لنقول لهم كفى؟!
البؤس بحدّ ذاته تطرّف ليس بعده شيء.. ومواجهة المرحلة -المتشدّدة بكلّ معطياتها- تقتضي قبل أيّ أمر آخر التوقّف عن دفع الناس إلى غول الفاقة، بقرارات النادي السياسي المقتصر في عضويّته على وجوه لا تتغيّر ولا تتبدّل، سواء كانت محسوبة على تيّار الليبراليّين أو المحافظين.. المرحلة لا تحتمل التخيّلات الماورائيّة التي تتجاهل حقائق الواقع، بل هي بحاجة إلى معالجة جذريّة يا معروف البخيت، وتستوجب الخروج من عباءة الاملاءات الأمريكيّة التي أنتجت الأزمة الداخليّة المركّبة، قبل أن تورّط الأردن في حروب تجّار الموت.
البخيت اعتبر أن هنالك تضخيماً إعلاميّاً لتنظيم الدولة الإسلاميّة، ليعلن بكلّ ثقة أن لا حاضنة شعبيّة للتنظيم في الأردن، مستنداً في تحليله إلى رغبة ذاتيّة، تحاول تغطية الواقع بغربال منطقه المتناقض.
بداية، إذا كان تنظيم الدولة لا يشكّل خطراّ وجوديّاً على الأردن، فكيف سيبرّر البخيت قرار زجّ الأردن في هذه الحرب ؟ التي جعلت من "شبّيحة" النظام السوري والولايات المتحدة الأمريكيّة حلفاً واحدا يبرّر قصف سورية بعد استهلاك نظريّة المؤامرة الكونيّة..
صحيح.. ألم تكن المخاوف المتعلّقة بالأجندة الامريكيّة والتدخّل الخارجي هي مبرّر المدافعين عن نظام الأسد ؟ ولكن هذه حكاية أخرى.
لنعد إلى تصريحات البخيت التي تتحدّى حقائق الواقع.. يقول الرجل أن تنظيم الدولة الإسلاميّة غير قادر على مواجهة جيش نظامي، فهل كان التنظيم يواجه فرقة كشّافة في العراق ؟ هل نجح الجيش العراقي في حماية أراضيه ؟ وماذا بشأن الجيش السوري الذي أرهقته حرب العصابات ودفعته إلى الاستعانة بطهران ؟
أمّا حول إشادة البخيت بنتائج ضربات التحالف الذي تقوده واشنطن، فتكفي الإشارة إلى التمدّد والتقدّم الذي أحرزه تنظيم الدولة على الأرض.. نتمنّى أن يكون كلامك صحيحاً يا عضو مجلس الأعيان، فعلى الأقلّ سيحول ذلك دون جرّ الأردن إلى حرب بريّة وخيمة العواقب.
وما أن يفرغ من مهمّة تقليل الخطر الداعشي، وتصوير ما يواجه الأردن على أنّه نزهة، حتّى يبدأ البخيت بمناقضة ذاته عبر قوله إن "المرحلة الحاليّة لا تحتمل الاختلاف حول أيّة قضيّة كانت"، داعيا إلى تكاتف كافّة مكوّنات الطيف السياسي الأردني لتشكيل جبهة وطنيّة عريضة من أجل "العبور بالوطن -في هذه الأوقات الحرجة- إلى برّ الأمان".
لا تقتصر طرافة المحاضرة على هذا الموقف المتناقض، بل يعتبر معروف البخيت أن تحصين الجبهة الداخليّة يعني فرض رأي السلطة وعدم الاختلاف معها في أيّ شأن، رغم أن هذه السلطة تورّط الأردن في تعقيدات حرب لا يملك أيّ طرف فرض نهايتها.
تحصين الجبهة الداخليّة أولويّة وطنيّة لا ينبغي إهمالها بأيّ حال من الأحوال، ولكن لتحقيق ذلك يا معروف البخيت ينبغي بناء شراكة سياسيّة حقيقيّة، تستند إلى توازنات تحول دون احتكار السلطة، والتفرّد في إدارة الدولة.. هذا ما لا يمكن تحقيقه عبر رفض الاختلاف، وفرض وجهة نظر واحدة لا شريك لها في صنع القرار.
الأردن الذي نأى بنفسه عن مواجهة الخطر الوجودي الاسرائيلي، تورّط اليوم في حرب تقودها واشنطن على الأرض السوريّة بأجندة لا تكترث لأيّ من المصالح العربيّة.. فهل نتّفق –مثلاً- مع قرار السلطة بخوض هذه الحرب كيّ نحمي الوطن من مخاطر المرحلة ؟! لله درّك ما أغرب هذه المعادلة يا جهبذ الحرس القديم !!
ولكن أطرف ما قاله البخيت في محاضرته أن تنظيم الدولة ليس له حاضنة شعبيّة في الأردن. حقّاً ! ألا يكفي كلّ هذا البؤس الذي تعانيه المناطق المهمّشة لخلق بيئة مناسبة للتطرّف ؟ هل يملك المسحوقون أيّة خيارات في ظلّ إمعان السلطة بمحاربة الفقراء في خبزهم وكرامتهم ؟!
إذا كان استشراء الفساد، وغياب العدالة الاجتماعيّة، والعنف الممنهج الذي تمارسه الأجهزة الأمنيّة -سواء في مدينة معان أو في مواجهة المطالب العمّاليّة العادلة- وغير ذلك من مصائب احتكار السلطة والثروة، لا تكفي لخلق حاضنة اجتماعيّة للتنظيمات المتشدّدة، فما الذي تبقّى في جعبة صنّاع القرار لنقول لهم كفى؟!
البؤس بحدّ ذاته تطرّف ليس بعده شيء.. ومواجهة المرحلة -المتشدّدة بكلّ معطياتها- تقتضي قبل أيّ أمر آخر التوقّف عن دفع الناس إلى غول الفاقة، بقرارات النادي السياسي المقتصر في عضويّته على وجوه لا تتغيّر ولا تتبدّل، سواء كانت محسوبة على تيّار الليبراليّين أو المحافظين.. المرحلة لا تحتمل التخيّلات الماورائيّة التي تتجاهل حقائق الواقع، بل هي بحاجة إلى معالجة جذريّة يا معروف البخيت، وتستوجب الخروج من عباءة الاملاءات الأمريكيّة التي أنتجت الأزمة الداخليّة المركّبة، قبل أن تورّط الأردن في حروب تجّار الموت.