إعلام "الفزعة" العمياء..
جو 24 : تامر خرمه- في ذات التوقيت، هبّت كلّ من صحيفتيّ الغد والدستور "فزعةً" لمؤسّسة الضمان الاجتماعي فيما يتعلّق بقضيّة أسهم الضمان في بنك الإسكان، والمنظور بها أمام القضاء السويسري.. مصادفة غريبة، أليس كذلك ؟
الأهم من هذا هو منطق "الفزعة" الذي يهيمن على الإعلام الرسمي وشبه الرسمي ليضعه في خانة الإعلام الموجّه.
ليس المطلوب من الصحافة التخندق في موقف الدفاع المطلق عن مؤسّسة الضمان الاجتماعي ولا مهاجمتها، فدور الصحافي يقتصر على تحرّي الحقيقة ونقلها إلى الناس، لبناء الرأي العام بكلّ موضوعيّة.. قد يكون من المفيد التذكير بألف باء الصحافة.
غريب كيف تتبدّل المواقف بهذه السرعة عندما يقرّر أحدهم فجأة التخندق في موقف إقصائيّ تلبية لنداء "الفزعة"، فمثلا الزميلة جمانة غنيمات، رئيسة تحرير "الغد"، اعتبرت في مقالها الأخير أن موقف "الضمان" في القضيّة سليم بالمطلق –وهذا ما نتمنّاه- معلنة تأييدها لعدم كشف تفاصيل القضيّة أمام الرأي العام، بل ومطالبة بمحاكمة كلّ من "أساء لسمعة الأردن"، على حدّ تعبيرها.
الزميلة التي وقعت في فخّ التخندق –وهو ما لا نرضاه لها- تجاهلت احترام عقل القارئ، الذي أتحفته في 8 شباط 2014 بمقال "صمت مريب"، منتقدة عدم الإجابة على تساؤلات الإعلام حول قضيّة الضمان، وهيمنة الصمت الذي لم تخرج منه الأطراف ذات العلاقة "أون ريكورد" أو حتّى "أف ريكورد".
واليوم يتغيّر موقف الزميلة بقدرة قادر، بل وتعتبر أن أيّ رأي يختلف مع الموقف الرسمي هو "إساءة لسمعة الأردن"!
مؤسّسة الضمان الاجتماعي -وغيرها من المؤسّسات الوطنيّة- ليست منزهة ولا تبلغ من القدسيّة ما يجعلها فوق النقد في حال وجود خطأ أو تجاوز ما. نأمل أن يصدر القضاء السويسري حكمه لصالح "الضمان"، ولكن هذا لا يعني الامتناع عن تقصّي الحقائق، احتراما للمهنة وحرصا على هذه المؤسّسات.
وللتذكير، المسؤوليّة الوطنيّة لا تتناقض مع استقلاليّة الإعلام، بل على العكس، لا يوجد ما يسيء للمصلحة العليا أكثر من "الفزعة العمياء"، وعندما يلجأ الصحافي إلى استخدام لغة التخوين في رفض وإقصاء أيّ رأي يختلف مع الموقف الرسميّ، عندها يكون قد انحاز ضدّ مهنته قبل أي شيء آخر.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، وصلت بعض الوثائق والصور المتعلّقة بقضيّة "الضمان" إلى كثير من الزملاء، هنا لن يكون من المفيد تبنّي رأي مسبق يفترض أن هذه الوثائق "مفبكرة"، ويستند إلى "الثقة" التي تحلّى بها أحدهم في تصريحاته، وبالتالي يتمّ تجاهل الوثائق تماماً، فهذه ليست صحافة.
فضول الصحافي وشغفه المهنيّ يدفعانه لتحرّي كلّ ما يحصل عليه من معلومات، وتحمّل مسؤوليّته أمام الرأي العام، فعندما يثبت زيف وثيقة ما بعد إحالتها إلى خبراء فنيّين، يمكنه إعلان ذلك بضمير مرتاح. ولكن التعامل مع المعلومات باستخفاف، تشبّثاً بموقف مسبق، مسألة تنطبق على موظّف في دائرة توجيه معنويّ، أو على مبتدئ في قطاع الإعلام، لا يفهم دوره ولا رسالته، ولكنّ هذا لا ينطبق على صحافي، فهذا لا يليق بمن اختار العمل في مهنة المتاعب. صحيح أنّه لا يوجد إعلام محايد بالمطلق، لكن ينبغي التحلّي بالموضوعيّة على الأقلّ احتراما لعقل القارئ.
الأهم من هذا هو منطق "الفزعة" الذي يهيمن على الإعلام الرسمي وشبه الرسمي ليضعه في خانة الإعلام الموجّه.
ليس المطلوب من الصحافة التخندق في موقف الدفاع المطلق عن مؤسّسة الضمان الاجتماعي ولا مهاجمتها، فدور الصحافي يقتصر على تحرّي الحقيقة ونقلها إلى الناس، لبناء الرأي العام بكلّ موضوعيّة.. قد يكون من المفيد التذكير بألف باء الصحافة.
غريب كيف تتبدّل المواقف بهذه السرعة عندما يقرّر أحدهم فجأة التخندق في موقف إقصائيّ تلبية لنداء "الفزعة"، فمثلا الزميلة جمانة غنيمات، رئيسة تحرير "الغد"، اعتبرت في مقالها الأخير أن موقف "الضمان" في القضيّة سليم بالمطلق –وهذا ما نتمنّاه- معلنة تأييدها لعدم كشف تفاصيل القضيّة أمام الرأي العام، بل ومطالبة بمحاكمة كلّ من "أساء لسمعة الأردن"، على حدّ تعبيرها.
الزميلة التي وقعت في فخّ التخندق –وهو ما لا نرضاه لها- تجاهلت احترام عقل القارئ، الذي أتحفته في 8 شباط 2014 بمقال "صمت مريب"، منتقدة عدم الإجابة على تساؤلات الإعلام حول قضيّة الضمان، وهيمنة الصمت الذي لم تخرج منه الأطراف ذات العلاقة "أون ريكورد" أو حتّى "أف ريكورد".
واليوم يتغيّر موقف الزميلة بقدرة قادر، بل وتعتبر أن أيّ رأي يختلف مع الموقف الرسمي هو "إساءة لسمعة الأردن"!
مؤسّسة الضمان الاجتماعي -وغيرها من المؤسّسات الوطنيّة- ليست منزهة ولا تبلغ من القدسيّة ما يجعلها فوق النقد في حال وجود خطأ أو تجاوز ما. نأمل أن يصدر القضاء السويسري حكمه لصالح "الضمان"، ولكن هذا لا يعني الامتناع عن تقصّي الحقائق، احتراما للمهنة وحرصا على هذه المؤسّسات.
وللتذكير، المسؤوليّة الوطنيّة لا تتناقض مع استقلاليّة الإعلام، بل على العكس، لا يوجد ما يسيء للمصلحة العليا أكثر من "الفزعة العمياء"، وعندما يلجأ الصحافي إلى استخدام لغة التخوين في رفض وإقصاء أيّ رأي يختلف مع الموقف الرسميّ، عندها يكون قد انحاز ضدّ مهنته قبل أي شيء آخر.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، وصلت بعض الوثائق والصور المتعلّقة بقضيّة "الضمان" إلى كثير من الزملاء، هنا لن يكون من المفيد تبنّي رأي مسبق يفترض أن هذه الوثائق "مفبكرة"، ويستند إلى "الثقة" التي تحلّى بها أحدهم في تصريحاته، وبالتالي يتمّ تجاهل الوثائق تماماً، فهذه ليست صحافة.
فضول الصحافي وشغفه المهنيّ يدفعانه لتحرّي كلّ ما يحصل عليه من معلومات، وتحمّل مسؤوليّته أمام الرأي العام، فعندما يثبت زيف وثيقة ما بعد إحالتها إلى خبراء فنيّين، يمكنه إعلان ذلك بضمير مرتاح. ولكن التعامل مع المعلومات باستخفاف، تشبّثاً بموقف مسبق، مسألة تنطبق على موظّف في دائرة توجيه معنويّ، أو على مبتدئ في قطاع الإعلام، لا يفهم دوره ولا رسالته، ولكنّ هذا لا ينطبق على صحافي، فهذا لا يليق بمن اختار العمل في مهنة المتاعب. صحيح أنّه لا يوجد إعلام محايد بالمطلق، لكن ينبغي التحلّي بالموضوعيّة على الأقلّ احتراما لعقل القارئ.