كسروا زجاج نوافذنا..!
ما من شك أن الأوضاع الاقتصادية الضاغطة على أعصاب وحياة الغالبية العظمى من الأردنيين، هي السبب الأول والرئيس وراء ما بات يعيشه المجتمع من حالة توتر مجتمعي حادّة، وإذا كانت الأزمات الاقتصادية تضرب كافة المجتمعات البشرية الآن، فذلك أمر مفهوم، لكن من غير المفهوم أن يتم تسطيح المسألة لدينا بصورة تبعث على الاستغراب، فالدولة الأردنية دولة محدودة الموارد والإمكانات، ومع ذلك استطاعت عبر مراحل مضت تحقيق إنجازات مشهودة في العديد من المجالات، إلاّ أن هذه المحدودية، تعرّضت لأذىً كثيراً، في مرحلة ما بعد الألفية الجديدة، مما أدّى إلى ضمور تطلعات الأردنيين لبناء دولة تسودها النزاهة وترفرف في سمائها العدالة، والسبب هو تآلف زمرة شكّلت غَلَبَة سيطرت على مفاصل الدولة في بداية مرحلة زاهية سرعان ما انقلبت إلى قاسية..!
مصدر الألم المتجدد والذي يعتمل في نفوسنا، هو أنّ التغيير الذي نادى به الأحرار ردحاً من الزمن، لم يُحقق أياً من فرص الأمل التي راودت قلوب وأذهان الكثيرين، لا بل لقد شهد الحال رجم الآمال المتجددة بالحجارة، ولكم أن تتصوروا حجم الخسارة النفسية التي مُنيت بها أجيال بأكملها نتيجة تراخي مصادر العدالة عن بث إشعاعاتها، بسبب الضغط الناشىء عن فعل الزمرة إياها، ما أدّى إلى ضمور الأسواق والأشواق، وتراجع القيمة الحقيقية للمواطنة، وفقدان الثقة بقدرة الدولة على اجتراح "الحداثة" الاجتماعية، فضلاً عن العدالة، إضافة إلى تناثر الشكوك حول ولاية الحكومات، حتى مستقبل قريب سنشهد فيه عزوفاً عن القبول، ونزوعاً إلى الأفول..!!
ما حصل ويحصل، يكشف مدى ضحالة الفكر السياسي لدى النخبة، والذي ينازع، فلينظر إلى المشهد المحلي بكل تفاصيله، وليسأل نفسه: هل ثمّة حالة رضا في المجتمع، أم أن السخط والكراهية والشك والحيرة باتت تغلب على المشهد الوطني..!!؟
أقول، ولست متشائماً: لقد كسروا زجاج نوافذنا، فأصبحت بيوتنا مجرى لهواء ملوّث كريه، وعلى الرغم من عدم تحمّل الأذى، إلاّ أننا سنظل ننادي بالعدالة، وعلى منْ لا يفهمها أن يُفسح المجال لغيره، وأقلها أن يكفّ فوراً عن رمي نوافذنا بالحجارة..!!!