نتنياهو ولعبة اللا بديل.. سيناريوهان واجندتان لا يفضيان إلى سلام!
د. حسن البراري
جو 24 : كما كان متوقعا لم تنجح محاولات نتنياهو في رأب الصدع في ائتلافه الحكومي الذي انفرط عقدة على وقع خلافات شديدة نتيجة تفرد نتنياهو ومغازلته لليمين المتطرف ونتيجة لتمسك كل من وزيرة العدل تسيبي ليفني ووزير المالية يائير لبيد بموقفيهما، وبالفعل قام نتنياهو باقالة كل من تسيبي ليفني ويائير لبيد (الذي اتهمهما بأنهما يحبكان مؤامرة للاطاحة به لتشكيل حكومة بدلا منه) ما يعني ضمنيا استحالة استمرار حكومة نتنياهو في الحكم، وفي الاثناء قام الكنيست بحل نفسه وضربت القوى الرئيسه السابع عشر من شهر اذار موعدا لإنتخابات مبكرة. طبعا يحتاج قرار حل الكنيست إلى ثلاثة قراءات سيجريها الكنيست الاسبوع المقبل وإذا لم تحصل مفاجآت من العيار الثقيل فإن قرار الحل سينفذ. ولن يكون هناك متسع من الوقت أمام الأحزاب الإسرائيلية لتنظيم انفسها وهذا يخدم نتنياهو الذي تشير استطلاعات الرأي بأنه هو الأوفر حظا في الانتخابات القادمة.
في لقاء يوم الاثنين الذي كان مخصص لمناقشة فرص الابقاء على الحكومة حدد نتنياهو خمسة شروط شروط حتى يستمر الائتلاف الحكومي وهي: دعم قانون القومية، تجميد مشروع اعفاء ضريبي، التوقف عن انتقاد الحكومة ورئيسها، تحويل مليارات الشواكل لوزارة الدفاع من اجل التدريب والمعدات، واطلاق الاموال اللازمة لنقل بعض القواعد للتدريب العسكري في صحراء النقب. وعندما رفض لبيد وليفني هذه الشروط المذلة قام نتنياهو باقالتهما.
اللافت أن نتنياهو ما زال يلعب على عامل الخوف عند الإسرائيليين، وقد انتهز فرصة اقالة الوزيرين ليعزز الانطباع بأنه قوي الشكيمة وبخاصة بعد أن نشر جيفري غولدبيرغ مقالا في مجلة ذي اتلانتك نقل فيه على لسان مسؤول أمريكي رفيع المستوى بأن نتنياهو لم يمتلك الجرأة لمهاجمة إيران. وفي خطاب نتنياهو ليوم الثلاثاء قال فيه بأنه قام بطرد تسيبي ليفني ويائير لبيد لأنهما كانا ناعمين مع الفلسطينيين وإيران، واتهمهما بأنهما لم يدافعا كما ينبغي عن القدس وكذلك عن إسرائيل كدولة يهودية. واضاف نتنياهو بأن لبيد وهو رئيس حزب "يوجد مستقبل" قام بتقويض سياسة إسرائيل الهجومية ضد البرنامج النووي الإيراني عندما قام لبيد بانتقاد قرار نتنياهو بمقاطعة خطاب الرئيس الايراني حسن روحاني بالجمعية العامة بالامم المتحدة. وفي محاولة لاظهار تردد لبيد ومن معه قال نتنياهو بأن لبيد قام بتقويض سياسة الحكومة المطالبة الرئيس محمود عباس الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي.
بالمقابل لم تتوقف ليفني ولبيبد من انتقاد نتنياهو باظهاره رئيسا غير مسؤول عندما قام بوضع خطط بناء الوحدات السكنية في المستوطنات، كما قامت بوصف قرار نتنياهو بمقاطعة محمود عباس بأنه قرارا غبي ما اثار حفيظة نتنياهو الذي بات يرى بها وزيرة متمردة على "الاجماع" الحكومي. اذن الخلافات هي على كل المستويات ولا نقلل هنا من اهمية الخلافات على الموازنة وتحديد اولوية الانفاق العام في الدولة. إلا أنه وفي هجمومها على نتنياهو قالت ليفني ان الصراع ليس على الموازنة وملف الضرائب بقدر ما هو صراع بين المعسكر الصهيوني والمعسكر المتطرف الذي سيدمر الدولة أن وصل الى الحكم.
سيناريوهان واجندتان
الانتخابات بشكل عام ستكون بمثابة استفتاء للوسط اليهودي في إسرائيل على نتنياهو واذا كان الجمهور الاسرائيلي بصدد تفويضة مرة رابعة، وبالتالي ينظر المراقبون معرفة فيما إذا كان بمقدور نتنياهو أن يحافظ على مكانته بوصفه السياسي الوحيد الذي يمكن له تشكيل حكومة في إسرائيل؟ وتفيد استطلاع الرأي أن نتنياهو يمتلك الفرصة الأقوى لتشكيل الحكومة القادمة غير أن تدهورا محتملا بالوضع الأمني قد يضعف من فرصه. وبعيدا عن ذلك (وعلى الأرجح) ستفضي الانتخابات القادمة على احد السيناريوهين التاليين:
أولا، أن يتم تشكيل حكومة يمينية تضم الليكود والمتزمتين من المتدينين (الحرديم) ويمكن أن ينضم لها احزاب وسطية مثل حزب موشيه كاهلون الذي يسعى الى تشكيله وربما ما تبقى من حزب يوجد مستقبل. هذه الحكومة ستكون برئاسة نتنياهو وستلتزم بالخط اليميني التقليدي وتركز على موازنة الدفاع وتعزيز الاستيطان وستستغل ضعف ادارة أوباما لتقوم باتخاذ خطوات على حساب الضفة الغربية وستقوم بقمع عرب إسرائيل ايضا. هذه الحكومة ليست وصفة للسلام وإنما وصفة للتأزيم وربما تخلط اوراق السياسة الفلسطينية بشكل جذري.
ثانيا، وهنا الاحتمال الاضعف ويتمثل بتشكيل حكومة تتكون من يسار الوسط ويمكن أن تكون برئاسة اسحق هرتزوغ من حزب العمل ويمكنها أيضا ان تضم ميرتس وحتى احد الاحزاب اليمينة او ربما البيت اليهودي أو حتى الليكود. وستتمكن هذه الحكومة من تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة لكنها لن تتمكن من التوصل على سلام مع الفلسطينيين يتمخص عنه انسحاب من الاراض المحتلة بسبب اعتمادها على احزاب يمينية ستعارض اي خطوة من هذا النوع. ويمكن أن تتمكن الحكومة من هذا النوع من وضع قانون القومية العنصري على الرف. طبعا يمكن الحديث عن سيناريوهات مختلفة لكن استطلاعات الرأي العام تشير إلى أن التشكيل القادم لن يخرج عما ذكر.
ليس واضحا إن كان بمقدور الوسط العربي تعبئة قوته وتوحيد جهوده في الانتخابات بالرغم من قوته التصويتيه الهائلة، فهناك الكثير من العقبات تقف أمام العرب وبخاصة بعد أن نجح اليمين الإسرائيلي من وصم اعضاء الكنيست العرب بأنهم "خوّنة" وبالتالي لن يعتمد عليهم اليسار الإسرائيلي حتى لو كانوا بوضع يساعده على تشكيل حكومة، فهناك ثقافة سياسية سائدة عند الصهاينة ترى أن الاغلبية يجب أن تكون يهودية وليست اسرائيلية وثمة فرق كبير بين الأمرين طبعا!
في لقاء يوم الاثنين الذي كان مخصص لمناقشة فرص الابقاء على الحكومة حدد نتنياهو خمسة شروط شروط حتى يستمر الائتلاف الحكومي وهي: دعم قانون القومية، تجميد مشروع اعفاء ضريبي، التوقف عن انتقاد الحكومة ورئيسها، تحويل مليارات الشواكل لوزارة الدفاع من اجل التدريب والمعدات، واطلاق الاموال اللازمة لنقل بعض القواعد للتدريب العسكري في صحراء النقب. وعندما رفض لبيد وليفني هذه الشروط المذلة قام نتنياهو باقالتهما.
اللافت أن نتنياهو ما زال يلعب على عامل الخوف عند الإسرائيليين، وقد انتهز فرصة اقالة الوزيرين ليعزز الانطباع بأنه قوي الشكيمة وبخاصة بعد أن نشر جيفري غولدبيرغ مقالا في مجلة ذي اتلانتك نقل فيه على لسان مسؤول أمريكي رفيع المستوى بأن نتنياهو لم يمتلك الجرأة لمهاجمة إيران. وفي خطاب نتنياهو ليوم الثلاثاء قال فيه بأنه قام بطرد تسيبي ليفني ويائير لبيد لأنهما كانا ناعمين مع الفلسطينيين وإيران، واتهمهما بأنهما لم يدافعا كما ينبغي عن القدس وكذلك عن إسرائيل كدولة يهودية. واضاف نتنياهو بأن لبيد وهو رئيس حزب "يوجد مستقبل" قام بتقويض سياسة إسرائيل الهجومية ضد البرنامج النووي الإيراني عندما قام لبيد بانتقاد قرار نتنياهو بمقاطعة خطاب الرئيس الايراني حسن روحاني بالجمعية العامة بالامم المتحدة. وفي محاولة لاظهار تردد لبيد ومن معه قال نتنياهو بأن لبيد قام بتقويض سياسة الحكومة المطالبة الرئيس محمود عباس الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي.
بالمقابل لم تتوقف ليفني ولبيبد من انتقاد نتنياهو باظهاره رئيسا غير مسؤول عندما قام بوضع خطط بناء الوحدات السكنية في المستوطنات، كما قامت بوصف قرار نتنياهو بمقاطعة محمود عباس بأنه قرارا غبي ما اثار حفيظة نتنياهو الذي بات يرى بها وزيرة متمردة على "الاجماع" الحكومي. اذن الخلافات هي على كل المستويات ولا نقلل هنا من اهمية الخلافات على الموازنة وتحديد اولوية الانفاق العام في الدولة. إلا أنه وفي هجمومها على نتنياهو قالت ليفني ان الصراع ليس على الموازنة وملف الضرائب بقدر ما هو صراع بين المعسكر الصهيوني والمعسكر المتطرف الذي سيدمر الدولة أن وصل الى الحكم.
سيناريوهان واجندتان
الانتخابات بشكل عام ستكون بمثابة استفتاء للوسط اليهودي في إسرائيل على نتنياهو واذا كان الجمهور الاسرائيلي بصدد تفويضة مرة رابعة، وبالتالي ينظر المراقبون معرفة فيما إذا كان بمقدور نتنياهو أن يحافظ على مكانته بوصفه السياسي الوحيد الذي يمكن له تشكيل حكومة في إسرائيل؟ وتفيد استطلاع الرأي أن نتنياهو يمتلك الفرصة الأقوى لتشكيل الحكومة القادمة غير أن تدهورا محتملا بالوضع الأمني قد يضعف من فرصه. وبعيدا عن ذلك (وعلى الأرجح) ستفضي الانتخابات القادمة على احد السيناريوهين التاليين:
أولا، أن يتم تشكيل حكومة يمينية تضم الليكود والمتزمتين من المتدينين (الحرديم) ويمكن أن ينضم لها احزاب وسطية مثل حزب موشيه كاهلون الذي يسعى الى تشكيله وربما ما تبقى من حزب يوجد مستقبل. هذه الحكومة ستكون برئاسة نتنياهو وستلتزم بالخط اليميني التقليدي وتركز على موازنة الدفاع وتعزيز الاستيطان وستستغل ضعف ادارة أوباما لتقوم باتخاذ خطوات على حساب الضفة الغربية وستقوم بقمع عرب إسرائيل ايضا. هذه الحكومة ليست وصفة للسلام وإنما وصفة للتأزيم وربما تخلط اوراق السياسة الفلسطينية بشكل جذري.
ثانيا، وهنا الاحتمال الاضعف ويتمثل بتشكيل حكومة تتكون من يسار الوسط ويمكن أن تكون برئاسة اسحق هرتزوغ من حزب العمل ويمكنها أيضا ان تضم ميرتس وحتى احد الاحزاب اليمينة او ربما البيت اليهودي أو حتى الليكود. وستتمكن هذه الحكومة من تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة لكنها لن تتمكن من التوصل على سلام مع الفلسطينيين يتمخص عنه انسحاب من الاراض المحتلة بسبب اعتمادها على احزاب يمينية ستعارض اي خطوة من هذا النوع. ويمكن أن تتمكن الحكومة من هذا النوع من وضع قانون القومية العنصري على الرف. طبعا يمكن الحديث عن سيناريوهات مختلفة لكن استطلاعات الرأي العام تشير إلى أن التشكيل القادم لن يخرج عما ذكر.
ليس واضحا إن كان بمقدور الوسط العربي تعبئة قوته وتوحيد جهوده في الانتخابات بالرغم من قوته التصويتيه الهائلة، فهناك الكثير من العقبات تقف أمام العرب وبخاصة بعد أن نجح اليمين الإسرائيلي من وصم اعضاء الكنيست العرب بأنهم "خوّنة" وبالتالي لن يعتمد عليهم اليسار الإسرائيلي حتى لو كانوا بوضع يساعده على تشكيل حكومة، فهناك ثقافة سياسية سائدة عند الصهاينة ترى أن الاغلبية يجب أن تكون يهودية وليست اسرائيلية وثمة فرق كبير بين الأمرين طبعا!