انتصارات العشيرة وهزائم الوطن في جامعة آل البيت!!
د. محمد تركي بني سلامة
جو 24 : لا يختلف أحد على أن كافة الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة تعاني من مشكلة العنف الجامعي، إذ لا يوجد لدينا تلك "الجامعة الفاضلة" التي تخلو تماماً من ظاهرة العنف الجامعي، فالقضية التي تشغل بال الإدارات الجامعية ومسؤولي الدولة هذه الأيام ليست بالتحديد وجود مشكلة في جامعة معينة أو حدوث احتكاكات طلابية في مناسبة ما، بل حجم العنف الجامعي واستمراره واتساع دائرته بدرجة لم يسبق لها مثيل من قبل، مما يهدد مسيرة ومستقبل جامعاتنا ومجتمعنا في الصميم، ولعل ما حدث في جامعة آل البيت خلال الأسابيع الماضية، يدل على مدى تغلغل ممارسات وقيم اللجوء إلى العنف كوسيلة للتعبير، دون أدنى إدراك لآثاره الانتشارية ومضاعفاته التي تؤثر في نسيج المجتمع وسلوكيات الأفراد ثقافياً واجتماعياً وسياسياً، ناهيك عن أضراره الاقتصادية.
ومع تفشي ظاهرة العنف الجامعي في الجامعات الأردنية منذ ما يزيد عن عقد من الزمان، فقد تصدى لهذه الظاهرة الكتاب والمفكرون وظهرت العديد من الأبحاث والدراسات التي تناولت ظاهرة العنف الجامعي بالدراسة والتحليل، قدم فيها الباحثون والكتّاب عرضاً لصور العنف الجامعي وأسبابه وآثاره السلبية على الجامعات والطلبة والمجتمع والوطن بأكلمه، وكذلك مقترحات وتوصيات لمكافحة هذه الظاهرة، ولكن بدون جدوى، حيث لم نضع يدنا على الجرح بعد، ولم نفلح في تجفيف منابع العنف الجامعي.
وفي تقديري الشخصي فإن غياب إجراءات محددة وتقاليد واضحة ثابتة وراسخة، لمكافحة ظاهرة العنف الجامعي، وخاصة في ظل الضغوطات التي تمارس على الإدارات الجامعية عند اتخاذ عقوبات رادعة بحق الطلبة المتسببين في العنف الجامعي، فمن يأمن العقوبة فإن حكماً سوف يتمادى ويسيء ويخالف القانون، فإن كل ذلك لا يمكن إلا أن يقود إلى تكرار ظاهرة العنف الجامعي التي أصبحت جزء من ثقافة الشباب الجامعي، وهكذا أصبحت الجامعات منبعاً للعنف وليس كما يدعي البعض بأنه منقول من خارج الجامعة، فمن يدخل إلى حرم الجامعة ويحمل سلاحا ناريا، فإن مكانه الطبيعي هو السجن وليس الجامعة، لأنه ببساطة إنسان منحرف ومضطرب عقلياً وليس طالب علم.
وبالعودة إلى جامعة آل البيت، وكأحد سكان مدينة المفرق، ومتابع للشأن العام فيها، ومدرك لحقيقة أن جامعة آل البيت، شأنها شأن بقية الجامعات الأردنية هي جامعة للوطن والوطن للجميع، فالحق أقول أنه منذ أن تسلّم الدكتور ضياء الدين عرفة مسؤولية رئاسة الجامعة، وقد ورث تركة ثقيلة، ولا أريد أن أقول أن الجامعة كانت بشرّ حال، فقد أخذ موضوع العنف والمشاجرات في الجامعة اهتماماً واسع النطاق، حتى غدا في الوقت الراهن يحتل صدارة اهتماماته وأولوياته، وهذا يعزى إلى إدراكه بتفاقم مشكلة العنف في الجامعة وما تفرزه من انعكاسات سلبية وأضرار بالغة على أكثر من صعيد، وقد طرح الدكتور عرفة فكرة إنشاء مجلس للحكماء من أبناء محافظة المفرق ليكون بمثابة رديف لإدارة الجامعة في محاولة التصدي لظاهرة العنف في جامعة آل البيت، وتعزيز التفاعل بين الجامعة والمجتمع المحلي، وهي فكرة نبيلة وتؤدي إلى فوائد ومنافع جمة للجامعة والمجتمع المحلي إذا ما أحسن تطبيقها. ذلك أنها مسؤولية كل فرد وكل جماعة تحفزنا جميعاً إلى التلاقي في رحاب الجامعة لنناقش همومها ومشاكلها وأهدافها وتطلّعاتها.
إن ما يثير الألم والقلق والحزن على ما تعانيه الجامعة من استمرار في حوادث المشاجرات والشغب والاعتداء على المملتكات العامة والخاصة، هو أن تعزى هذه الممارسات لأسباب عشائرية بحتة، وهذا أمر مُعيب ومُخجل، فهذه السلوكيات تسيء لأبناء العشائر وتظهرهم بصورة غير منضبطة وفوضوية وهدامة، وتقدم العشيرة على الوطن، وبالتالي تصبح العشيرة والانتماء إليها مصدر خطر وتهديد للوطن ولاستقامة الحياة العامة والحياة الجامعية، وهذا تآمر خبيث على العشائر وأهدافها وأمانيها، وتنكّر ساخر للقيم والمبادئ التي يزخر بها تراثها النبيل، وبالتالي فهي مغالطات في أمور يعرفها القاصي والداني، فبالعودة إلى منطق الأمور وشواهد التاريخ الحديث للدولة الأردنية، نجد أن العشائر كانت ولم تزَل من أعمدة النظام الرئيسية وصمام أمان للدولة الأردنية، فأبناء العشائر الأردنية جميعاً كانوا دوماً طليعة الذين بنوا وقدموا لهذا الوطن، وعطروا أرضه بدمائهم الزكية وتضيحاتهم الغالية، بعيدين كل البعد عن مزالق الأنانية وحب الذات، ومن ينبوع طاقاتهم وقدراتهم وفيض عزائمهم تحققت التنمية وتفجرت الحياة فوق ثرى هذه الأرض خيراً وبركة للوطن والمواطنين.
وطلبة جامعة آل البيت من أبناء عشائر محافظة المفرق هم جزء من كل، ولا يقبلون بغير ذلك، وإذا لا قدّر الله فقدوا هذه القيم والمبادئ والمشاعر والمسؤولية، وانتصروا للعشيرة على الوطن والجامعة، فإنهم يفقدون جامعتهم ووطنهم وإنسانيتهم، فيصبحوا -لا قدّر الله- معول هدم وتخريب، وأداة من أدوات عدم الاستقرار، ومصدر للانقسامات الداخلية الحادة قبليّة وعرقية وطائفية وغيرها، وما يترتب على ذلك من فوضى واضطراب في مرحلة نحن فيها بأمس الحاجة إلى الأمن والاستقرار، واستئناف المسيرة في بيئة إقليمية مضطربة مليئة بالدول الفاشلة والهياكل الكرتونية التي تعاني الوهن الذاتي وافتقاد الشرعية، نأمل أن تبقى هذه الأفكار حية في الذهن والذّاكرة، دافعة إلى العودة إلى جادة الصواب وطي ملف العنف إلى الأبد في جامعة آل البيت وكافة جامعاتنا الوطنية، لنصنع من الجامعات المعجزة الأردنية التي تشق لنا طريق التنمية والحرية والحياة الفضلى، ونبني لأبناءنا من بعدنا مستقبل أجمل وأنبل، فنفخر بالمستوى الرفيع الذي حققته جامعاتنا بفضل تعاون الجميع ووعي الجميع، ونبرهن للملأ على أننا شعب راقي ومتحضر نسير إلى التقدم على طريق الوطنية والعلم والمعرفة، فلا جامعات ولا تعليم بعيداً عن هذه الرؤية، يمكن أن تساعدنا على بلوغ أهدافنا وتحقيق أمانينا الوطنية.
ومع تفشي ظاهرة العنف الجامعي في الجامعات الأردنية منذ ما يزيد عن عقد من الزمان، فقد تصدى لهذه الظاهرة الكتاب والمفكرون وظهرت العديد من الأبحاث والدراسات التي تناولت ظاهرة العنف الجامعي بالدراسة والتحليل، قدم فيها الباحثون والكتّاب عرضاً لصور العنف الجامعي وأسبابه وآثاره السلبية على الجامعات والطلبة والمجتمع والوطن بأكلمه، وكذلك مقترحات وتوصيات لمكافحة هذه الظاهرة، ولكن بدون جدوى، حيث لم نضع يدنا على الجرح بعد، ولم نفلح في تجفيف منابع العنف الجامعي.
وفي تقديري الشخصي فإن غياب إجراءات محددة وتقاليد واضحة ثابتة وراسخة، لمكافحة ظاهرة العنف الجامعي، وخاصة في ظل الضغوطات التي تمارس على الإدارات الجامعية عند اتخاذ عقوبات رادعة بحق الطلبة المتسببين في العنف الجامعي، فمن يأمن العقوبة فإن حكماً سوف يتمادى ويسيء ويخالف القانون، فإن كل ذلك لا يمكن إلا أن يقود إلى تكرار ظاهرة العنف الجامعي التي أصبحت جزء من ثقافة الشباب الجامعي، وهكذا أصبحت الجامعات منبعاً للعنف وليس كما يدعي البعض بأنه منقول من خارج الجامعة، فمن يدخل إلى حرم الجامعة ويحمل سلاحا ناريا، فإن مكانه الطبيعي هو السجن وليس الجامعة، لأنه ببساطة إنسان منحرف ومضطرب عقلياً وليس طالب علم.
وبالعودة إلى جامعة آل البيت، وكأحد سكان مدينة المفرق، ومتابع للشأن العام فيها، ومدرك لحقيقة أن جامعة آل البيت، شأنها شأن بقية الجامعات الأردنية هي جامعة للوطن والوطن للجميع، فالحق أقول أنه منذ أن تسلّم الدكتور ضياء الدين عرفة مسؤولية رئاسة الجامعة، وقد ورث تركة ثقيلة، ولا أريد أن أقول أن الجامعة كانت بشرّ حال، فقد أخذ موضوع العنف والمشاجرات في الجامعة اهتماماً واسع النطاق، حتى غدا في الوقت الراهن يحتل صدارة اهتماماته وأولوياته، وهذا يعزى إلى إدراكه بتفاقم مشكلة العنف في الجامعة وما تفرزه من انعكاسات سلبية وأضرار بالغة على أكثر من صعيد، وقد طرح الدكتور عرفة فكرة إنشاء مجلس للحكماء من أبناء محافظة المفرق ليكون بمثابة رديف لإدارة الجامعة في محاولة التصدي لظاهرة العنف في جامعة آل البيت، وتعزيز التفاعل بين الجامعة والمجتمع المحلي، وهي فكرة نبيلة وتؤدي إلى فوائد ومنافع جمة للجامعة والمجتمع المحلي إذا ما أحسن تطبيقها. ذلك أنها مسؤولية كل فرد وكل جماعة تحفزنا جميعاً إلى التلاقي في رحاب الجامعة لنناقش همومها ومشاكلها وأهدافها وتطلّعاتها.
إن ما يثير الألم والقلق والحزن على ما تعانيه الجامعة من استمرار في حوادث المشاجرات والشغب والاعتداء على المملتكات العامة والخاصة، هو أن تعزى هذه الممارسات لأسباب عشائرية بحتة، وهذا أمر مُعيب ومُخجل، فهذه السلوكيات تسيء لأبناء العشائر وتظهرهم بصورة غير منضبطة وفوضوية وهدامة، وتقدم العشيرة على الوطن، وبالتالي تصبح العشيرة والانتماء إليها مصدر خطر وتهديد للوطن ولاستقامة الحياة العامة والحياة الجامعية، وهذا تآمر خبيث على العشائر وأهدافها وأمانيها، وتنكّر ساخر للقيم والمبادئ التي يزخر بها تراثها النبيل، وبالتالي فهي مغالطات في أمور يعرفها القاصي والداني، فبالعودة إلى منطق الأمور وشواهد التاريخ الحديث للدولة الأردنية، نجد أن العشائر كانت ولم تزَل من أعمدة النظام الرئيسية وصمام أمان للدولة الأردنية، فأبناء العشائر الأردنية جميعاً كانوا دوماً طليعة الذين بنوا وقدموا لهذا الوطن، وعطروا أرضه بدمائهم الزكية وتضيحاتهم الغالية، بعيدين كل البعد عن مزالق الأنانية وحب الذات، ومن ينبوع طاقاتهم وقدراتهم وفيض عزائمهم تحققت التنمية وتفجرت الحياة فوق ثرى هذه الأرض خيراً وبركة للوطن والمواطنين.
وطلبة جامعة آل البيت من أبناء عشائر محافظة المفرق هم جزء من كل، ولا يقبلون بغير ذلك، وإذا لا قدّر الله فقدوا هذه القيم والمبادئ والمشاعر والمسؤولية، وانتصروا للعشيرة على الوطن والجامعة، فإنهم يفقدون جامعتهم ووطنهم وإنسانيتهم، فيصبحوا -لا قدّر الله- معول هدم وتخريب، وأداة من أدوات عدم الاستقرار، ومصدر للانقسامات الداخلية الحادة قبليّة وعرقية وطائفية وغيرها، وما يترتب على ذلك من فوضى واضطراب في مرحلة نحن فيها بأمس الحاجة إلى الأمن والاستقرار، واستئناف المسيرة في بيئة إقليمية مضطربة مليئة بالدول الفاشلة والهياكل الكرتونية التي تعاني الوهن الذاتي وافتقاد الشرعية، نأمل أن تبقى هذه الأفكار حية في الذهن والذّاكرة، دافعة إلى العودة إلى جادة الصواب وطي ملف العنف إلى الأبد في جامعة آل البيت وكافة جامعاتنا الوطنية، لنصنع من الجامعات المعجزة الأردنية التي تشق لنا طريق التنمية والحرية والحياة الفضلى، ونبني لأبناءنا من بعدنا مستقبل أجمل وأنبل، فنفخر بالمستوى الرفيع الذي حققته جامعاتنا بفضل تعاون الجميع ووعي الجميع، ونبرهن للملأ على أننا شعب راقي ومتحضر نسير إلى التقدم على طريق الوطنية والعلم والمعرفة، فلا جامعات ولا تعليم بعيداً عن هذه الرؤية، يمكن أن تساعدنا على بلوغ أهدافنا وتحقيق أمانينا الوطنية.