استراتيجيات فعالة للتخلص من الغضب
تُشير كلمة الغضب في اللغة العربية إلى الشدة والقوة، ويُستخدم مصطلح الغضبة للدلالة على الصخرة. وقد اشتُقَّ الغضب من هذه الكلمة، حيث يُعبر عن اشتداد السخط. كما تعني كلمة الغضب أيضاً كره الآخرين والرغبة في الانتقام منهم. يُقال: غَضب فلان غضباً، ومغضبة عليه تعني أبغضه وأحب الانتقام منه.
يُمكن تعريف شعور الغضب اصطلاحاً بأنه رد فعل عاطفي يصدر عن شخص ما نتيجة تعرضه لموقف يثير امتعاضه. قد تتجلى ردود الفعل هذه في استجابة انفعالية تدفع الشخص نحو الاعتداء. يُعتبر الغضب انفعالاً نفسياً حاداً، وقد يؤدي عدم السيطرة عليه إلى عواقب وخيمة. يُعرَّف أيضاً بأنه استجابة انفعالية تسببها مواقف متعددة، مثل التهديد والعدوان والسب والإحباط والقمع وخيبة الأمل.
من الجدير بالذكر أن الشعور بالغضب يُصاحبه استجابة قوية من الجهاز العصبي المستقل، مما يدفع الشخص إلى رد فعل بدني أو لفظي. يُمثل الغضب انفعالاً غريزياً طبيعياً لأحداث مثيرة، ويمكن التعامل معه بأسلوب حاد غير عقلاني، مما يؤدي إلى سلوكيات مؤذية للذات وللآخرين، أو بأسلوب عقلاني يحفظ العلاقات مع الآخرين ويضمن عدم ضياع الحقوق.
درجات الغضب
تجدر الإشارة إلى أن للغضب درجات متعددة، تبدأ بالغضب البسيط، ثم تتطور إلى استثارة وضيق، وقد تصل إلى حالة من الغضب الشديد الذي يؤدي إلى العنف، وقد يُصاحب ذلك هيجان شديد وتدمير وصراخ. هذه الدرجات تُظهر أن الغضب ليس مجرد شعور عابر، بل هو انفعال يتطلب فهماً عميقاً واستراتيجيات مناسبة للتعامل معه.
استراتيجيات فعالة للتخلص من الغضب
أظهرت الأبحاث والدراسات في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي أن أفضل وسيلة للتخلص من الغضب هي إظهاره والتعبير عنه بطرق مختلفة، مثل الصراخ أو ضرب الوسادة. ومع ذلك، اتضح لاحقاً أن هذه الطرق قد تزيد من حدة الغضب بدلاً من التخفيف منه. الدراسات الحديثة كشفت عن استراتيجيات وأساليب يمكن من خلالها التعامل مع الغضب والتخلص منه.
من أهم هذه الأساليب:
- الاسترخاء البدني والذهني: يتم تحقيق ذلك من خلال اتباع الطرق التالية:
- إرخاء كافة عضلات الجسم عن طريق الاستلقاء على الظهر.
- استنشاق الروائح العطرة المحببة، مثل رائحة الزهور والشموع والنباتات.
- ممارسة التنفس العميق بإدخال الهواء إلى الرئتين والصدر ثم إخراجه من الفم بهدوء (الشهيق والزفير).
- غسل الجسم بالماء الدافئ واستخدام بعض الأملاح المعطرة، ثم الاستلقاء لمدة لا تقل عن ربع ساعة.
- النوم لساعات كافية تتناسب مع حاجة الجسم.
- تجنب العمل لساعات طويلة ومستمرة، وأخذ استراحة عند الشعور بالتعب.
تعتبر هذه الخطوات جزءاً من عملية الاسترخاء التي تُساعد في تقليل مستويات التوتر والغضب.
- البناء الإدراكي والمعرفي: أي مقدرة الشخص على تغيير فكره؛ حيث إن استخدام هذا الأسلوب يجعل الشخص الغاضب مُدرِكاً لطلباته، وقادراً على ترجمة توقعاته إلى رغبات.
- حلّ المشكلة: قد تُؤدّي المشاكل التي يقع فيها الإنسان إلى شُعوره بالإحباط والغضب. وقد يزيد الإحباط بإدراك أن الواقع لا يُحقق حلّ المشكلة؛ لذلك فإن التخلص من الغضب يَكمُن في حلّ المشكلة أو البحث عن حلٍّ مناسب لها والتركيز عليه، أو في مُواجهة المشكلة، مما يُعزِّز المقدرة على مُواجهة الأزمات والتحديات.
- مهارات الاتصال والتواصل: عند التعرُّض للانتقاد أو شِدَّة المناقشة مع شخصٍ آخر، تَجِب على الشخص مُراقبة الجوّ العام ومعرفة كيفيّة إبداء ردود أفعاله. وتَجنُّب الهجوم على الطرف الآخر، ومُحاولة فَهْم ما يريد والتعامل معه على أساس الحوار بأسلوب لَبِق. كما يَجِب وَضْع حُدود لا يتعدّاها الشخص الذي يتمّ التعامل معه. وتجدُر الإشارة إلى أنه يُمكن أَخْذ بعض الرَّاحة أثناء النقاش ثم إعادة التفكير بالأحداث دون الدخول في حالة الغضب وفقدان الأعصاب، وبالتالي المقدرة على السيطرة في المناقشة.
- ممارسة الرياضة: تُساهِم النشاطات والتمارين الرياضيّة، كالجري والسباحة، بشكلٍ كبير في امتصاص الغضب والحدّ من تأثيره. تعتبر الرياضة وسيلة فعالة لتحسين المزاج وتخفيف التوتر.
- التمتع بروح الفكاهة: فقد تجعل بعضُ المَواقِف والاعتقادات والأفكار الشخص الغاضب يَدخُل في حالة من الضحك والفكاهة؛ لذا يجب الانسجام والتفاعُل مع هذه الحالة، مما يُساعد على الحدّ من تأثير الغضب.
- تغيير البيئة: قد تكون البيئة المُحيطة في بعض الأحيان سبباً أساسياً في إثارة الغضب. فمثلاً يُوصَى بتجنُّب مُناقشة شخص في بيئة مُتوترة أو غير مناسبة، مما يُساعد في تقليل فرص حدوث الغضب.













