وزارة الاوقاف : ارقام صادمة ..ولكن ؟!
حسين الرواشدة
جو 24 : صدق او لا تصدق ، من بين (6323) مسجدا في المملكة لا يوجد الا (1500) مسجد فيها امام ومؤذن ، بمعنى انها مكتملة ، وهنالك (2458) مسجدا يشرف عليها مؤذن فقط، معظمهم مؤهلاته دون الثانوية العامة، ولدينا (720) مسجدا لا يوجد فيها امام ولا مؤذن.
قبل ان اصدم القارئ الكريم بمزيد من الارقام ، ارجو ان اسجل ملاحظتين اثنتين ، اولاهما ان هذه الوزارة رغم شح امكانياتها البشرية والمادية تنهض بدور كبير ، ومن واجبنا بدل ان نجلدها بذريعة التقصير ان نساعدها لمواجهة “التركة” الثقيلة التي ورثتها على امتداد العقود الماضية، واعتقد ان افضل ما يمكن ان نقدمه كمساعدة هو ان نكشف بصراحة عن “نقاط” ضعفها ، ثم ندعو كل من يهمه الامر الى الارتقاء بها وتمكينها من القيام بدورها ، اما الملاحظة فهي ان لدى الوزارة الان خطة طموحة لتجاوز هذه الحالة بشكل مدروس ، ولكنها ستحتاج الى سنوات طويلة لتقف على قدميها ، ومن المفارقات هنا ان “المجال الديني” الذي يشكل اولوية اساسية في اهتمام الدول استنادا الى دوره في بناء الانسان وتوجيهه والحفاظ على امن المجتمعات لم يحظ لدينا –للاسف- بما يلزم من اهتمام ، الامر الذي لا يستدعي الاحساس فقط بالصدمة، وانما ضرورة المسارعة الى ايجاد الحل ومعالجة الخلل ايضا.
بالعودة الى الارقام، فان لدى الوزارة الان (2783) اماما ،بما يعني ان مساجدنا بحاجة الى (3540) اماما جديدا (نسبة النقص 65%) لكي تصبح جاهزة، كما ان عدد المؤذنين الموجودين( 3966) وبالتالي فان الوزارة بحاجة الى (2357) مؤذنا ( نسبة النقص37%) ، وفي العاصمة عمان هنالك(1750) مسجدا خصص لها (5) موظفين للمراقبة، ولديهم سيارتان فقط تم تحديد (150) لترا من البزين لكل سيارة شهريا،وهي لاتكفي لاسبوع، وفيما كانت مديرية الوعظ والارشاد التي انشئت في الاصل لاعداد وتوجيه الخطاب الديني في المساجد تضم قبل اكثر من ثلاثين سنة نحو 40 موظفا تقلص عدد الموظفين فيها الى ان وصل الان الى 6 موظفين فقط.
لا اريد ان اسأل : كيف وصلت وزارة مثل الاوقاف الى هذه النتيجة، و من يتحمل مسؤولية ذلك، ولا لماذا “نتشاطر” – اسف للكلمة– جميعا على تأنيب الائمة والخطباء ونقد خطبة الجمعة ، ثم نطالب الوزارة (تصور!!) ان ترتقي بخطابنا الديني وتواجه موجة التطرف الفكري ..اترك مثل هذه الاسئلة واجوبتها لمن يهمه الامر، لكنني اريد ان اطرح سؤالا واحدا وهو : كيف يمكن ان نستعيد هذه الوزارة لتقوم بدورها ، وتتعافى من الحالة التي وصلت اليها..؟
قبل ان اجيب على ذلك، استأذن بعرض خطة الوزير د.هايل داوود وما واجهه من مشكلات ، فعلى صعيد حل مشكلة نقص الائمة توجهت الوزارة الى ديوان الخدمة المدنية وطلبت منه ارسال طلبات كافة المؤهلين في التخصصات الشرعية لتعيينهم فوصلها (240) اسما ، حضر منهم للوزارة (170) شخصا فقط، ووافق على التقدم للمقابلة من اجل التعيين (100) نجح منهم (70) اماما وتم تعيينهم على الفور، ثم توجهت الوزارة الى ابتعاث (400) طالب سنويا للدراسة في كليات الشريعة بالجامعات الاردنية على حساب البرامج الوقفية ، لكن الاقبال لم يكن على المستوى المطلوب ، فتم ابتعاث (200) طالب نهاية العام الماضي اضافة الى (50) طالبا ممن هم على مقاعد الدراسة الجامعية، ايضا عمدت الوزارة الى تعيين المتقاعدين من حملة المؤهلات الشرعية الذين عملوا في مؤسسات الدولة حيث تم اعادة (40) اماما حتى الان، كما تفكر الوزارة بالتعاقد سنويا مع (50) اماما من غير الاردنيين للعمل في المساجد التي تقع في المناطق النائية.
الوزارة طرحت ايضا فكرتين لسد النقص في وظيفة “امام” على المدى البعيد، اولاهما اعادة هيكلة المدارس الشرعية (لدينا 4 مدارس تضم 700 طالب) بحيث يعاد النظر في اسس القبول و المناهج المقررة ويمنح الخريجون بعثات لدراسة الشريعة في الجامعات ليتم تعيينهم كائمة في الوزارة ، اما الفكرة الاخرى فهي ايجاد وظيفة “مساعد امام” لتعيين خريجي الثانوية العامة بعد اخضاعهم لدورات تأهيلية في العلوم الشرعية تمهيدا لتثبيتهم بوظيفة “امام” بعد استيفاء الشروط اللازمة، وهنا يمكن تفعيل معهد تأهيل الائمة التابع للوزارة لانجاز هذه المهمة.
واضح ان تنفيذ الخطة يحتاج الى سنوات طويلة ، مما يعني ان مشكلة نقص الائمة لن تحل في المدى المنظور الا اذا توفرت حلول استثنائية وابداعية، وهنا تحتاج الوزارة اولا الى “المال” ، سواء من خلال زيادة مخصصاتها من الموازنة ( كانت موازنتها للعام الماضي نحو 54 مليونا توزعت على 45 مليونا للرواتب و7,300 مليونا للكهرباء و 2,500 مليونا لفواتير المياه) او من خلال تحريك الاستثمار الوقفي بصورة افضل، والمال هنا ضروري لرفع رواتب الائمة والخطباء والموظفين وتدريبهم وتحفيز الشباب على الدخول لدراسة علوم الدين والقبول بوظيفة “امام” ، وتحتاج ثانيا الى شراكات حقيقية مع مؤسسات المجتمع وخاصة الجامعات وكليات الشريعة لسد النقص في قطاع الخطباء ، وتحتاج ثالثا الى ترشيد( هل اقول وقف) بناء المساجد لمرحلة محددة او تحديد شروط على الواقفين لادامة رعايتها ، ثم توجيه الوقف نحو اولويات تخدم المجتمع( بناء المستشفيات ، المدارس، دور ايواء اليتامى وكبار السن ..الخ) ، ولا بد ان تستقطب ما امكن من العلماء والخبراء للارتقاء بالخطاب الديني( خطبة الجمعة تحديدا) ، وتفعيل دور المساجد بحيث تكون في خدمة المجتمع ، والاهم من ذك تحرير المجال الديني مما شابه من اشتباكات والتباسات وتدخلات..وهنا اتوقف فقد انتهى الكلام المباح..!!
(الدستور)
قبل ان اصدم القارئ الكريم بمزيد من الارقام ، ارجو ان اسجل ملاحظتين اثنتين ، اولاهما ان هذه الوزارة رغم شح امكانياتها البشرية والمادية تنهض بدور كبير ، ومن واجبنا بدل ان نجلدها بذريعة التقصير ان نساعدها لمواجهة “التركة” الثقيلة التي ورثتها على امتداد العقود الماضية، واعتقد ان افضل ما يمكن ان نقدمه كمساعدة هو ان نكشف بصراحة عن “نقاط” ضعفها ، ثم ندعو كل من يهمه الامر الى الارتقاء بها وتمكينها من القيام بدورها ، اما الملاحظة فهي ان لدى الوزارة الان خطة طموحة لتجاوز هذه الحالة بشكل مدروس ، ولكنها ستحتاج الى سنوات طويلة لتقف على قدميها ، ومن المفارقات هنا ان “المجال الديني” الذي يشكل اولوية اساسية في اهتمام الدول استنادا الى دوره في بناء الانسان وتوجيهه والحفاظ على امن المجتمعات لم يحظ لدينا –للاسف- بما يلزم من اهتمام ، الامر الذي لا يستدعي الاحساس فقط بالصدمة، وانما ضرورة المسارعة الى ايجاد الحل ومعالجة الخلل ايضا.
بالعودة الى الارقام، فان لدى الوزارة الان (2783) اماما ،بما يعني ان مساجدنا بحاجة الى (3540) اماما جديدا (نسبة النقص 65%) لكي تصبح جاهزة، كما ان عدد المؤذنين الموجودين( 3966) وبالتالي فان الوزارة بحاجة الى (2357) مؤذنا ( نسبة النقص37%) ، وفي العاصمة عمان هنالك(1750) مسجدا خصص لها (5) موظفين للمراقبة، ولديهم سيارتان فقط تم تحديد (150) لترا من البزين لكل سيارة شهريا،وهي لاتكفي لاسبوع، وفيما كانت مديرية الوعظ والارشاد التي انشئت في الاصل لاعداد وتوجيه الخطاب الديني في المساجد تضم قبل اكثر من ثلاثين سنة نحو 40 موظفا تقلص عدد الموظفين فيها الى ان وصل الان الى 6 موظفين فقط.
لا اريد ان اسأل : كيف وصلت وزارة مثل الاوقاف الى هذه النتيجة، و من يتحمل مسؤولية ذلك، ولا لماذا “نتشاطر” – اسف للكلمة– جميعا على تأنيب الائمة والخطباء ونقد خطبة الجمعة ، ثم نطالب الوزارة (تصور!!) ان ترتقي بخطابنا الديني وتواجه موجة التطرف الفكري ..اترك مثل هذه الاسئلة واجوبتها لمن يهمه الامر، لكنني اريد ان اطرح سؤالا واحدا وهو : كيف يمكن ان نستعيد هذه الوزارة لتقوم بدورها ، وتتعافى من الحالة التي وصلت اليها..؟
قبل ان اجيب على ذلك، استأذن بعرض خطة الوزير د.هايل داوود وما واجهه من مشكلات ، فعلى صعيد حل مشكلة نقص الائمة توجهت الوزارة الى ديوان الخدمة المدنية وطلبت منه ارسال طلبات كافة المؤهلين في التخصصات الشرعية لتعيينهم فوصلها (240) اسما ، حضر منهم للوزارة (170) شخصا فقط، ووافق على التقدم للمقابلة من اجل التعيين (100) نجح منهم (70) اماما وتم تعيينهم على الفور، ثم توجهت الوزارة الى ابتعاث (400) طالب سنويا للدراسة في كليات الشريعة بالجامعات الاردنية على حساب البرامج الوقفية ، لكن الاقبال لم يكن على المستوى المطلوب ، فتم ابتعاث (200) طالب نهاية العام الماضي اضافة الى (50) طالبا ممن هم على مقاعد الدراسة الجامعية، ايضا عمدت الوزارة الى تعيين المتقاعدين من حملة المؤهلات الشرعية الذين عملوا في مؤسسات الدولة حيث تم اعادة (40) اماما حتى الان، كما تفكر الوزارة بالتعاقد سنويا مع (50) اماما من غير الاردنيين للعمل في المساجد التي تقع في المناطق النائية.
الوزارة طرحت ايضا فكرتين لسد النقص في وظيفة “امام” على المدى البعيد، اولاهما اعادة هيكلة المدارس الشرعية (لدينا 4 مدارس تضم 700 طالب) بحيث يعاد النظر في اسس القبول و المناهج المقررة ويمنح الخريجون بعثات لدراسة الشريعة في الجامعات ليتم تعيينهم كائمة في الوزارة ، اما الفكرة الاخرى فهي ايجاد وظيفة “مساعد امام” لتعيين خريجي الثانوية العامة بعد اخضاعهم لدورات تأهيلية في العلوم الشرعية تمهيدا لتثبيتهم بوظيفة “امام” بعد استيفاء الشروط اللازمة، وهنا يمكن تفعيل معهد تأهيل الائمة التابع للوزارة لانجاز هذه المهمة.
واضح ان تنفيذ الخطة يحتاج الى سنوات طويلة ، مما يعني ان مشكلة نقص الائمة لن تحل في المدى المنظور الا اذا توفرت حلول استثنائية وابداعية، وهنا تحتاج الوزارة اولا الى “المال” ، سواء من خلال زيادة مخصصاتها من الموازنة ( كانت موازنتها للعام الماضي نحو 54 مليونا توزعت على 45 مليونا للرواتب و7,300 مليونا للكهرباء و 2,500 مليونا لفواتير المياه) او من خلال تحريك الاستثمار الوقفي بصورة افضل، والمال هنا ضروري لرفع رواتب الائمة والخطباء والموظفين وتدريبهم وتحفيز الشباب على الدخول لدراسة علوم الدين والقبول بوظيفة “امام” ، وتحتاج ثانيا الى شراكات حقيقية مع مؤسسات المجتمع وخاصة الجامعات وكليات الشريعة لسد النقص في قطاع الخطباء ، وتحتاج ثالثا الى ترشيد( هل اقول وقف) بناء المساجد لمرحلة محددة او تحديد شروط على الواقفين لادامة رعايتها ، ثم توجيه الوقف نحو اولويات تخدم المجتمع( بناء المستشفيات ، المدارس، دور ايواء اليتامى وكبار السن ..الخ) ، ولا بد ان تستقطب ما امكن من العلماء والخبراء للارتقاء بالخطاب الديني( خطبة الجمعة تحديدا) ، وتفعيل دور المساجد بحيث تكون في خدمة المجتمع ، والاهم من ذك تحرير المجال الديني مما شابه من اشتباكات والتباسات وتدخلات..وهنا اتوقف فقد انتهى الكلام المباح..!!
(الدستور)