jo24_banner
jo24_banner

نخطئ لكن يجب ان نتسامح

حسين الرواشدة
جو 24 :




 لا احد محصن من الخطأ ٫ صحيح ان ثمة فرقا بين خطأ " يتزنر " بالإهمال او ربما الاستخفاف ، وآخر يتعلق بالتعمد او بالنوايا المغشوشة ، لكن من واجبنا ونحن نخوض الحرب على جبهة " كورونا " ان نتذكر بان اهم ما أنجزناه هو الحفاظ على تماسكنا الاجتماعي٫ القائم أساسًا على قيم الرحمة والتراحم والإحساس المشترك ببعضنا ٫ والتسامح فيما بيننا ٫ وتأجيل الاختلافات والخلافات وتصفية الحسابات ٫ مهما كانت ٫ الى ان نخرج من الأزمة ٫ لان كل هذا ليس وقته الان.

 
 
خلال الشهر الماضي شهدنا حزمة من الأخطاء ٫ سواء في ادارة الأزمة من قبل القائمين على أدارتها ٫ او على صعيد المجتمع المعني بالالتزام والامتثال والانتظام استجابة للتعليمات التي تلقاها من الجهات المسؤولة ٫ اخطأنا مثلا حين اندفع الناس الى المخابز بسبب قرار متسرع ٫ واخطأنا حين خرجت التصاريح عن سكة العدالة والدقة وأربكتنا ٫ واخطأنا ايضاً حين اكتشفنا بان بعض الإجراءات المتعلقة بضبط العلاقة بين العمال وأصحاب العمل لم تكن مدروسة كما يجب ٫كما اخطأنا كثيرًا حين لم يستجب بعض الناس لتعليمات السلامة العامة٫ ولم يفعلوا ما يلزم لتطويق خطر انتشار كورونا بسبب خروجهم من بيوتهم بلا ضرورة.

 
كان الاعلام ٫ بالطبع ٫حاضرا في المشهد ٫ ويمكن ان نسجل ما له وما عليه٫ لكنه مهما اختلفنا على بعض المواقف ظل احد الفاعلين الاساسين في مواجهة الازمة، واستطاع ان يقدم "انجازاً" وطنياً يستحق الاعجاب والتقدير، اتحدث هنا عن الاعلام الرسمي والخاص باعتباره "الضابط" لحركة النشاط الإعلامي الآخر على وسائل التواصل الاجتماعي، وباعتباره "الناقل" والموجه لإنجاز الدولة ٫وباعتباره ايضاً الضمير الناطق باسم المجتمع.

 
أعرف ان حربنا هذه لن تكون سهلة، لا على جبهة الحفاظ على الصحة بالانتهاء من "الفيروس" ٫ولا على جبهة الاقتصاد الذي تأثر بشكل بالغ جراء هذه الازمة، كما ان خسائرنا على جبهات أخرى لن تكون بسيطة، لكن لدي رجاء واحد ٫وهو ان نعمل كل ما نستطيعه لتقليل هذه الخسائر، واهمها خسائرنا على جبهة الحريات العامة، وعلى جبهة الحفاظ على ما انجزناه من وئام وطني واجتماعي.

 
صحيح، تنازلنا عن كثير من حرياتنا بدافع حماية بلدنا من هذا الوباء، وصحيح تنازلنا عن بعض "مكتسباتنا" المالية وحقوقنا في العمل والتنقل ٫وربما نتنازل عن أشياء أخرى من اجل ان "نتجاوز" المحنة، لكن الصحيح ايضاً هو اننا نتمنى ان لا نتوسع كثرا في مثل هذه الاجراءات التي تتعلق بحياتنا العامة ٫ كما نتمنى ان نعذر بعضنا وان لا نتصيد اخطاءنا هنا وهناك، فالسماحة مطلوبة والرحمة تسبق العدل احياناً، كما ان هفوات بعضنا يمكن ان تتحول -اذا اردنا- الى فرص ثمينة لنتجاوز الخطأ، بدل ان ندفع بها الى زوايا حرجة توّلد الضغائن..

 
باختصار، هذه المرحلة الصعبة يحب ان تكون فرصتنا لتعميق قيم الدولة الأردنية، القائمة على الرحمة والسماحة والاعتدال والانصاف...بدل ان يستغلها البعض لاعادتنا الى سكة الصراع والصيد في المياه العكرة ..هذه التي افرزت منا -ذات تجربة مرة- أسوأ ما فينا .



 
تابعو الأردن 24 على google news