jo24_banner
jo24_banner

«كورونا» وأخواتها أيضًا..!

حسين الرواشدة
جو 24 :

تحت وطأة الاحساس بالرعب، او ربما بدافع الحذر، تتحرك الحكومة والمجتمع لمواجهة فيروس «كورونا «، لا بأس، فالعالم يتحرك مثلنا ايضا. المفارقة ان ما فعلناه من استعدادات لتجنب خطر قدوم «كورونا» كان يمكن ان نفعله لمواجهة اخطار اخرى داهمتنا ودفعنا ثمنها - وما نزال - على حساب ارواح ابنائنا ومستقبلهم ايضا.
جردة الحسابات هنا طويلة، يكفي ان اشير الى بعض الفيروسات التي هاجمت مجتمعنا ولم نتعامل معها كما يجب، خذ مثلا ضحايا الانتحار الذين تصاعدت اعدادهم في السنوات العشرة المنصرفة، حتى بلغ عددهم في العام الماضي نحو 200 شخص، خذ - ايضا - ضحايا المركبات وحوادث السير التي خلّفت اكثر من 500 وفاة عام 2018 مثلا، ناهيك عن الآف المصابين وعن الخسائر المادية التي تقدر بالملايين، خذ - ثالثا - ضحايا امراض السرطان والسكري وفقر الدم والمصابين باضطرابات وامراض نفسية، سيصدمك عددهم الذي تجاوز اكثر من مليونين، ونسبة منهم فارقوا الحياة.
تصور لو ان الدولة ومعها المجتمع نهضا معا من اجل التصدي لـ «كورونا الانتحار» او «كورونا حوادث السير» او غيرهما، كما نهضنا هذه الايام لاغلاق المنافذ والطرق التي يمكن ان يمر منها فيروس « الصين العظيم «، تصور ايضا لو ان وزير الصحة او وزيرة التنمية الاجتماعية او وزير الداخلية خرجوا بفيديوهات تحذيرية موجهة للمواطنين ( كما فعل وزير الصحة مؤخرا) لتقديم ما يلزم من نصائح وارشادات حول الاخطار والامراض التي اشرت لها سلفا.
لاحظ انني تجاوزت، عمدا، الاشارة الى منطق الذين يشككون في خطر «كورونا» او اولئك الذين يعتقدون انها مجرد حرب اقتصادية لمصلحة دول اوشركات اجنبية، لاحظ ايضا انني لا اهون من خطر هذا المرض وانني مع اي استعدادات ممكنة لاستقبال هذا الزائر غير المرحب به، لاحظ ثالثا ان كل المؤشرات الطبية تشير الى ان نسبة الوفايات بسب هذا الفيروس لا تتجاوز 2 ٪، وان العلم لم يتوصل بعد لاي دواء له، ناهيك عن معرفة خصائصه والاسباب الحقيقية للاصابة به، ثم لاحظ رابعا ان ماكنة الاعلام الدولية وضعته على «اجندة» اهتمامها، وكأنه الخطر الداهم الذي يهدد العالم، مع ان حربا واحدة في منطقتنا خلف ملايين الضحايا والمهجرين وذوي الاعاقات الدائمة لكنها لم تحظ بما تستحقه من نصيب على اية اجندة اعلامية دولية.
ما علينا، تستفزنا الان «كورونا» فنستنفر احتياطا لمواجهتها، لكن لنتذكر ان لدينا نسخا اخرى من «فيروسات « سياسية واقتصادية واجتماعية، وصحية ايضا، ربما تكون اخطر، ويفترض ان نتعامل معها كما تعاملنا مع كورونا الجديدة، او - اضعف الايمان - ان نقف على مسافة واحدة من حيث الاهتمام بأخطارها، هذا اذا كانت موازين العدالة متوفرة، وحماية صحة المواطن هي الحكم والمعيار، واولوياتنا مرتبة كما يجب، لا كما تفرضه علينا فزعات الاعلام واجنداته.

تابعو الأردن 24 على google news