ثلاثة «كلاب» وما زلت أبحث عن حل..!
على مدى الشهرين المنصرفين اشتغلت «ساعي بريد» بين متصرفية لواء الجامعة وبين ادارة مكافحة ناقلات الامراض التابعة لامانة عمان، فقد سبق وتقدمت بشكوى من وجود ثلاثة كلاب لدى احد الجيران، وبعد معاناة طويلة من وصلات النباح المتواصلة والمزعجة، ومخاوف من انفلات هذه الكلاب المسعورة من فناء البيت لمهاجمة الاطفال، ومناشدات لاصحابها بأن يجدوا حلا لهذه «المصيبة» دون جدوى او ادنى استجابة، لجأت الى الجهات المختصة لتأخذ اجراءاتها،..والنتيجة لم يتغير حتى الان اي شيء.
تخاطب المتصرقية المكافحة «بالايعاز لمن يلزم لاتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة بحق المشتكى عليهم واعلامي اجراءاتكم « فترد المكافحة « قمنا بمتابعة الشكوى ولم نجد اي تعاون من المشتكى عليهم، ولم نستطع التعامل معها او اتخاذ اي اجراءات..للتلطف بالاطلاع واجراءاتكم لطفا « ثم ترد المتصرفية مرة ثانية «لاعلامي ما هي الاجراءات القانونية التي تم اتخاذها وفقا لنظام منع المكاره الصحية، وحسب الاصول».
وهكذا...، لا اعرف حتى الان ما هي طبيعة هذه الاجراءات، ولا من الجهة المخولة بتنفيذها، ولا فيما اذا كان علي ان اقوم بهذه المهمة بنفسي، فاذا كانت مشكلة ازعاج بهذه الصورة تحتاج الى شهرين من المخاطبات المتبادلة داخل اروقة الدوائر الرسمية بدون اي حل، فماذا عن مشكلات «اعوص» واكبر، واذا كان ثلاثة كلاب غير مخصصة للزينة (!) عجزت هذه الدوائر عن مكافحتها فما بالك بملفات فساد يقف وراءها حيتان كبار - كما ذكر رئيس الوزراء في احد تصريحاته -كم تحتاج هذه من وقت وكتب رسمية واجراءات لفتحها ومحاسبة المتورطين فيها..؟
لا اعرف كم عدد الكلاب في عمان، سواء اكانت مرخصة او «ضالة»، لكن من المفارقات انه تم اقامة اول فندق من فئة خمس نجوم لاستضافتها في حال سافر اصحابها او اختاروا ان تستريح نهاية عطلة الاسبوع فيها، كما تم اشهار عروض مستمرة من قبل شركات لخدمة اسمها «نزهة الكلاب»، وقبل سنوات شهدت العاصمة مسيرات نظمها بعض الشباب احتفاء باليوم العالمي للكلاب، وجاءت - كما ذكر منظموها آنذاك - في سياق التعارف والترفيه على الكلاب.
حين عدت للارشيف وجدت تصريحات قديمة (2015) لمديرة ناقلات الامراض، جاء فيها ان عدد شكاوى الازعاج في النصف الاول من العام ذاته بلغت (463) شكوى، فيما كانت في العام الذي سبقة (650) شكوى، اللافت انه لم تصدر الا اربعة قرارات ازالة لهذه الكلاب على مدار عام كامل، علما ان المادة الثالثة من نظام ترخيص الكلاب ضمن حدود امانة عمان (2009) ينص على انه « لا يجوز لاي شخص ان يقتني كلبا ضمن حدود الامانة ما لم يكن مرخصا وفي رقبته طوق ومعلق عليه لوحة تعريف معدنية صادرة بشأنه»، كما ان اقتناء الكلاب يستلزم الحصول على عدم ممانعة (4) جيران.
قبل اكثر من ألف سنة (921م) طلب احد الاصدقاء من ابن المزربان البغدادي ان يؤلف كتابا يظهر فساد اخلاق البشر وسوء علاقاتهم ببعضهم، فألف كتاب «فضل الكلاب على كثير من لابسي الثياب»، لكن يبدو ان الصورة تغيرت في هذا الزمن، فلم يعد «فساد الاخلاق» متعلقا بالناس فقط وانما بالكلاب ايضًا..!