التاريخ والمستقيمات المتوازية
خيري منصور
جو 24 : كانت المقولة الشهيرة لرديارد كبلنغ عن الشرق والغرب اللذين لن يلتقيا كما لو انهما مستقيمان متوازيان بمثابة الحجة والركيزة لمن قرروا هذا الطلاق التاريخي البائن، لكن هناك من اعلنوا العصيان على هذه الأطروحة غير المقدّسة والتي عاشت بفضل الحقبة الكولونيالية، ما يدور الآن من سجال حول الاسلام والغرب تغذيه عوامل مضّادة للحضارة الانسانية التي تملك من القواسم المشتركة ما يكفي للتعايش رغم الاختلاف والتنوع ! فالغرب ليس كلّه غربا وكذلك الشرق حتى الاسلام لم يعد واحدا بعد ان زجّه المتأسلمون والمتطرفون في قبو مظلم، وحاولوا تأويل نصوصه منطقيا الى تقويل متعسّف يبرر ممارسات ليست من الانسانية في شيء !
فهل يعود العالم الآن وفي ذروة التواصل التكنولوجي، وأقصى التبشير بالتمدن والديموقراطية ونبذ العنف الى ما كان عليه قبل قرون ؟ رغم الشوط الذي قطعه مثقفون من العرب والغربيين في تحرير البشر من ارتهانات عِرقية واقصاء مُتبادل .
الارجح ان من يرون النصف الفارغ من الزجاجة هم اضعاف من يرون النصف الآخر الممتلىء، رغم اعتقادي ان هناك نصفا ثالثا للزجاجة كما هو للتاريخ ايضا، يخرج عن ثنائية الأبيض والأسود والممتلىء والفارغ .
لقد مرّت اوروبا بالتحديد بفترات حالكة السواد وعاشت حروبا منها ما كان اباديا حتى فيما بينها كالحروب الفرنسية الالمانية، كما انها عانت من محاكم تفتيش وتطرّف ديني، لكنها بفضل فلاسفة وعلماء وحكماء ومبدعين اقامت حدا فاصلا بين الخرافة والعقل وقد تكون المبالغة في اطلاق الحريات اقرب الى ردود افعال على المكبوتات المزمنة في تاريخها .
وما اصبح مؤكدا الآن ان سوء التفاهم الذي تراكم بين الشرق والغرب هو الذي أفضى الى نمطين من الحوار بينهما، حوار عقلاني تستخدم فيه لغة مُشتركة، وحوار طرشان لا يسمع فيه احد أحدا .
الحوار الأول ظل حكرا على نخب هنا وهناك، ولم يتحوّل الى مناخ سائد، او مزاج فكري وسياسي، لهذا فإن ايقاظ ما هو هاجع في الذاكرة او اللاوعي اصبح من السهل النفخ في رماده لعلّ هناك جمرة لم تنطفىء وتتفحم بعد !
والغلوّ ليس مقتصرا على شرق او غرب او جنوب او شمال، كما هو العنف ايضا، لهذا لم يعد ممكنا معالجة التطرف وما يفرزه بالضرورة من عنف موضعيا، فقد شملته العولمة لكن وفق تعريف آخر !
(الدستور)
فهل يعود العالم الآن وفي ذروة التواصل التكنولوجي، وأقصى التبشير بالتمدن والديموقراطية ونبذ العنف الى ما كان عليه قبل قرون ؟ رغم الشوط الذي قطعه مثقفون من العرب والغربيين في تحرير البشر من ارتهانات عِرقية واقصاء مُتبادل .
الارجح ان من يرون النصف الفارغ من الزجاجة هم اضعاف من يرون النصف الآخر الممتلىء، رغم اعتقادي ان هناك نصفا ثالثا للزجاجة كما هو للتاريخ ايضا، يخرج عن ثنائية الأبيض والأسود والممتلىء والفارغ .
لقد مرّت اوروبا بالتحديد بفترات حالكة السواد وعاشت حروبا منها ما كان اباديا حتى فيما بينها كالحروب الفرنسية الالمانية، كما انها عانت من محاكم تفتيش وتطرّف ديني، لكنها بفضل فلاسفة وعلماء وحكماء ومبدعين اقامت حدا فاصلا بين الخرافة والعقل وقد تكون المبالغة في اطلاق الحريات اقرب الى ردود افعال على المكبوتات المزمنة في تاريخها .
وما اصبح مؤكدا الآن ان سوء التفاهم الذي تراكم بين الشرق والغرب هو الذي أفضى الى نمطين من الحوار بينهما، حوار عقلاني تستخدم فيه لغة مُشتركة، وحوار طرشان لا يسمع فيه احد أحدا .
الحوار الأول ظل حكرا على نخب هنا وهناك، ولم يتحوّل الى مناخ سائد، او مزاج فكري وسياسي، لهذا فإن ايقاظ ما هو هاجع في الذاكرة او اللاوعي اصبح من السهل النفخ في رماده لعلّ هناك جمرة لم تنطفىء وتتفحم بعد !
والغلوّ ليس مقتصرا على شرق او غرب او جنوب او شمال، كما هو العنف ايضا، لهذا لم يعد ممكنا معالجة التطرف وما يفرزه بالضرورة من عنف موضعيا، فقد شملته العولمة لكن وفق تعريف آخر !
(الدستور)