الانتخابات النيابية ليست موائد رحمن يا دولة الرئيس!
كتب د. حسن البراري - تنتشر خيم موائد الرحمن في شهر رمضان الفضيل في العاصمة عمان بشكل ملفت، وهي عادة حسنة لأن الفقراء الصائمين يجدون ما يملأ بطونهم بعد صيام يوم طويل، وهم بذلك يكسبون اجر الصيام وكرم اصحاب الخيم الرمضانية.
وعلى نحو لافت يضع صاحب الخيمة الرمضانية قائمة الطعام ال " menu" التي يراها مناسبة ولا يجري حوارا مع المتسفدين منها ولا يستجدي احدا لحضور المائدة! ويستمر صاحب الخيمة الرمضانية بهذه الممارسة بمن حضر ولا نجده يبحث عن نصاب معين أو نسبة من المشاركين حتى يكسب اجرا أو يشعر بأنه نجح في تنظيم تلك الموائد المباركة .
ما نسمعه من حوارات تجريها الحكومة في بيوت البعض تثير الشفقة، ونحن هنا لا نشير الى ضحالة الطرح الحكومي وعدم فهم اكثر الوزراء بأبسط مباديء السياسة وجلهم بحاجة الى دورات مكثفة لفهم تاريخ الاردن، الطرح الحكومي ينظر لمشاركة الناس في الانتخابات بمنطق موائد الرحمن ، فرئيس الحكومة لا يستجدي الحوار مع احد وهو وفريقه من حلف الصوت الواحد يفصلون قانون الانتخابات (كما يقوم صاحب الخيمة الرمضانية باختيار قائمة الطعام والشراب ) دون فهم نبض الشارع وما على الشارع الا ان يشارك. طبعا لا يضير رئيس الحكومة أن يقاطع الناس الانتخابات فهو قام بما يعتقد انه واجبه وينتظر الاجر من صاحب المُلك كما ينتظره صاحب موائد الرحمن من الله عز وجل.
يشار الى ان بعض اصحاب موائد الرحمن هم من الذين كونوا ثروة كبيرة على حساب المواطن وبطرق ملتفه يندى لها الجبين، وبهذا المعنى يقدمون فتاتا مما حصلوا عليه من جيوب السواد الاعظم من الناس، ومع ذلك يعتقدون بأن لهم اجر كبير عند الباري عز وجل.
من يغيب عن موائد الرحمن من الفقراء المحتاجين يخسر، هذا هو منطق الحكومة! فرئيس الوزراء وابواقه قالوا في غير مناسبة أن الذي يقاطع الانتخابات سيكون خاسرا مع ان الخاسر هو الوطن.
وعندما يغيب الفقراء عن موائد الرحمن تحت وطأة نوبات الانفة والكرامة يكون ذلك فرصه لمن لا يعير هذه القيم الكثير من الاهتمام فتكون حصته من الاكل اكبر ، اللافت أن بعض المسؤولين يصرون في لقاءاتهم مع الاحزاب وشخصيات تنوي المقاطعة على الحديث عن الفرصة الذهبية لهم للفوز في الانتخابات، كل ذلك حتى لا تخسر الحكومة لعبة الشرعية السياسية لهذا القانون المتخلف.
في النهاية نقول ان موائد الرحمن لن تغير في الامر شيئا لأن الفقير سرعان ما يعود الى جوعه ولن يجد من يقدم له قوت يومه، وهذا هو ايضا حال قانون الانتخابات الذي لن ينعكس على المواطن بأي شيء ايجابي لأن التركيبة السياسية القادمة والتي سينتجها القانون ستكون مطابقو ان لم تكن اسوء من تركيبه ثار ضدها الشارع.