اليمــن فــي قبضــة «الحوثييــن»..!
حسين الرواشدة
جو 24 : في اقل من “3” اشهر سقطت نحو “10” محافظات يمنية بيد الحوثيين، بدأ الزحف -بالطبع- من صعدة التي تعتبر معقلهم الاساسي في شهر تشرين الثاني من العام المنصرف، ثم احتلوا الحديدة المطلة على البحر الاحمر..وفي الطريق استولوا على كميات كبيرة من الاسلحة واحكموا سيطرتهم على الجوف وذمار وعمران واب وحجة واقتحموا تعز، وحين استشعروا ان الفرصة جاءتهم حاصروا العاصمة صنعاء، وهددوا الرئاسة باجتياح المقرات الحكومية، واخيرا نفذوا وعيدهم بعد اختطاف مدير مكتب الرئيس واعلنوا سيطرتهم التامة على المقرات الحكومية ومحيط وزارة الدفاع والمؤسسات النفطية والتجارية، بالإضافة إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون، وطوقوا بيت الرئيس هادي واحتلوا مدينة أرحب الجبلية المطلة على مطار صنعاء، وفرضوا الامر الواقع على الجميع.
كانت مفاجأة اعادت الى الاذهان ما فعله حزب الله في بيروت قبل نحو ثماني سنوات، وما فعله “داعش” في شمال العراق حين داهم الموصل وتقهقر امامه الآف من جنود الجيش العراقي، لكن تجربة الحوثيين في بلد مثل اليمن تبدو مختلفة نسبيا، فهؤلاء الذين ينتسبون للمذهب الزيدي هم مجرد فصيل صغير لا يمثلون الزيدية (يشكل الزيود نحو ثلث سكان اليمن )، وقد بدا صراعهم مع الحكومة اليمنية منذ نحو عشر اعوام (2004) ، وخاض معهم الرئيس صالح “6” حروب قبل ان يتحالف معهم بعد تنحيته عن السلطة، والزيدية التي ينتمون اليها هي احدى الفرق الشيعية لكنها موزعة بين ثلاثة اتجاهات، الاول يميل الى السنة والثاني للمعتزلة والثالث للشيعة، وحتى هذا الاخير لا يعتقد بولاية الفقيه، وبالتالي فان المواجهة ليست مذهبية وانما سياسية بامتياز، وفي مجتمع قبلي ومسلح تتقدم فيه الولاءات القبلية على الولاء للدولة يبدو المشهد معقدا تماما، وليس بقدرة اي فصيل مهما كان وزنه ان يضع اليمن في قبضته أو أن يفرض سيطرته على الدولة والمجتمع من دون توافقات وطنية.
ماذا حدث اذا؟ معظم التحليلات تشير الى ان الحوثيين مجرد واجهة جرى استخدامها لتحقيق هدفين: الاول اجهاض الثورة اليمنية واعادة النظام القديم، وقد حصل ذلك من خلال التحالف بين الحوثيين والرئيس المخلوع الذي يتولى رئاسة حزب المؤتمر وما زال له نفوذ داخل الجيش، لكن هذا التحالف لم يستمر بعد ان خرج الحوثيون على شروط الاتفاق، وهنا دخلت ايران وقوى اقليمية ودولية على الخط لتحقيق الهدف الثاني وهو القضاء على الاسلام السياسي الذي تمثله حركة الاصلاح، وبالتالي فان الحوثيين انتزعوا الضوء الاخضر للقيام بهذه المهمة ونجحوا -حتى الان - فيها، لكن سرعان ما اكتشف الجميع ان المد الحوثي تجاوز “التفويض” الذي منح له لضمان شراكته في السلطة ،وهو تفويض وظيفي مشروط، تجاوزه الى محاولة “ابتلاع” اليمن والسلطة معا ،حيث قدموا (120) طلبا للحصول على مواقع قيادية في السلطة، بما فيها نائب رئيس الجمهورية، ووزراء وسفراء، وعلى ان يكون من حقهم تعيين نائب منهم لكل وظيفة عليا، بما يعني ان الحكم سيكون بيدهم وان الرئيس مجرد ديكور وان مؤسسات الدولة ستخضع لسيطرتهم تماما.
كان واضحا منذ البداية ان ايران هي التي تحرك دفذة الاحداث، وان زعيم الحوثيين (عبدالملك الحوثي) ابتلع “ الطعم” وغامر بالدخول في صراع سيدخل اليمن كلها الى “صوملة” جديدة لن يكون عنوانها انفصال الجنوب فقط وانما حروب قبلية وطائفية طويلة، سيغرق فيها الجميع، بما فيهم “اللاعبون “ في الاقليم، والمتفرجون انتظارا للحسم ، او على امل(وهم :ادق) ان ينجح الحوثيون في تنفيذ المهمة ثم يندمجون في المشهد دون ان يستاثروا به، وهذا ما جرى عكسه تماما حتى الان.
ربما لم ينتبه البعض الى ان الصراع في اليمن ليسس فقط بين الحوثيين والقاعدة، ولا بينهم وبين حاشد وآل الاحمر وحزب التجمع للاصلاح، فهؤلاء جزء من المشهد اليمني المعقد، واذا لزم الامر فلكل قبيلة يمنية جيشها ومصالحها ، وفي غياب الدولة وخيبة الشباب اليمني بعد اجهاض الثورة، سينفجر “خزان” التاريخ بكل ما فيه من عقد وثارات وحسابات، وسيجد الجميع انفسهم امام نفق مظلم لا يوجد اي ضوء في نهايته.
الان اصبحت اليمن في قبضة الحوثيين واصبح بمقدور ايران ان تمد “رجلها” الى باب المندب، ومع تلويح الرئيس هادي بالاستقالة ، وان جاءت متأخرة، فان اليمن في الحقيقة بلا دولة ولا سلطة، ولا يوجد فيه زعامة يمكن لليمنيين ان يتوافقوا عليها في ظل هذه الفوضى التي توّجها الحوثيون بالانقلاب على الشرعية، والاسوأ من ذلك ان الدول العربية المعنية بالشأن اليمني تبدو مشغولة او غائبة تماما حتى الان، فيما تتولى بعض السفارات الغربية ادارة “الملف” بالتنسيق مع طهران.
اية صورة اسوأ من هذه التي تطالعنا بها اخبار اليمن الذي كان سعيدا ..؟ واية مفاجاة ستصدمنا بها الايام المقبلة اذا لم يتحرك العرب لانقاذ هذا البلد مما ينتظره من اهوال لا يعلمها الا الله...؟
"الدستور"
كانت مفاجأة اعادت الى الاذهان ما فعله حزب الله في بيروت قبل نحو ثماني سنوات، وما فعله “داعش” في شمال العراق حين داهم الموصل وتقهقر امامه الآف من جنود الجيش العراقي، لكن تجربة الحوثيين في بلد مثل اليمن تبدو مختلفة نسبيا، فهؤلاء الذين ينتسبون للمذهب الزيدي هم مجرد فصيل صغير لا يمثلون الزيدية (يشكل الزيود نحو ثلث سكان اليمن )، وقد بدا صراعهم مع الحكومة اليمنية منذ نحو عشر اعوام (2004) ، وخاض معهم الرئيس صالح “6” حروب قبل ان يتحالف معهم بعد تنحيته عن السلطة، والزيدية التي ينتمون اليها هي احدى الفرق الشيعية لكنها موزعة بين ثلاثة اتجاهات، الاول يميل الى السنة والثاني للمعتزلة والثالث للشيعة، وحتى هذا الاخير لا يعتقد بولاية الفقيه، وبالتالي فان المواجهة ليست مذهبية وانما سياسية بامتياز، وفي مجتمع قبلي ومسلح تتقدم فيه الولاءات القبلية على الولاء للدولة يبدو المشهد معقدا تماما، وليس بقدرة اي فصيل مهما كان وزنه ان يضع اليمن في قبضته أو أن يفرض سيطرته على الدولة والمجتمع من دون توافقات وطنية.
ماذا حدث اذا؟ معظم التحليلات تشير الى ان الحوثيين مجرد واجهة جرى استخدامها لتحقيق هدفين: الاول اجهاض الثورة اليمنية واعادة النظام القديم، وقد حصل ذلك من خلال التحالف بين الحوثيين والرئيس المخلوع الذي يتولى رئاسة حزب المؤتمر وما زال له نفوذ داخل الجيش، لكن هذا التحالف لم يستمر بعد ان خرج الحوثيون على شروط الاتفاق، وهنا دخلت ايران وقوى اقليمية ودولية على الخط لتحقيق الهدف الثاني وهو القضاء على الاسلام السياسي الذي تمثله حركة الاصلاح، وبالتالي فان الحوثيين انتزعوا الضوء الاخضر للقيام بهذه المهمة ونجحوا -حتى الان - فيها، لكن سرعان ما اكتشف الجميع ان المد الحوثي تجاوز “التفويض” الذي منح له لضمان شراكته في السلطة ،وهو تفويض وظيفي مشروط، تجاوزه الى محاولة “ابتلاع” اليمن والسلطة معا ،حيث قدموا (120) طلبا للحصول على مواقع قيادية في السلطة، بما فيها نائب رئيس الجمهورية، ووزراء وسفراء، وعلى ان يكون من حقهم تعيين نائب منهم لكل وظيفة عليا، بما يعني ان الحكم سيكون بيدهم وان الرئيس مجرد ديكور وان مؤسسات الدولة ستخضع لسيطرتهم تماما.
كان واضحا منذ البداية ان ايران هي التي تحرك دفذة الاحداث، وان زعيم الحوثيين (عبدالملك الحوثي) ابتلع “ الطعم” وغامر بالدخول في صراع سيدخل اليمن كلها الى “صوملة” جديدة لن يكون عنوانها انفصال الجنوب فقط وانما حروب قبلية وطائفية طويلة، سيغرق فيها الجميع، بما فيهم “اللاعبون “ في الاقليم، والمتفرجون انتظارا للحسم ، او على امل(وهم :ادق) ان ينجح الحوثيون في تنفيذ المهمة ثم يندمجون في المشهد دون ان يستاثروا به، وهذا ما جرى عكسه تماما حتى الان.
ربما لم ينتبه البعض الى ان الصراع في اليمن ليسس فقط بين الحوثيين والقاعدة، ولا بينهم وبين حاشد وآل الاحمر وحزب التجمع للاصلاح، فهؤلاء جزء من المشهد اليمني المعقد، واذا لزم الامر فلكل قبيلة يمنية جيشها ومصالحها ، وفي غياب الدولة وخيبة الشباب اليمني بعد اجهاض الثورة، سينفجر “خزان” التاريخ بكل ما فيه من عقد وثارات وحسابات، وسيجد الجميع انفسهم امام نفق مظلم لا يوجد اي ضوء في نهايته.
الان اصبحت اليمن في قبضة الحوثيين واصبح بمقدور ايران ان تمد “رجلها” الى باب المندب، ومع تلويح الرئيس هادي بالاستقالة ، وان جاءت متأخرة، فان اليمن في الحقيقة بلا دولة ولا سلطة، ولا يوجد فيه زعامة يمكن لليمنيين ان يتوافقوا عليها في ظل هذه الفوضى التي توّجها الحوثيون بالانقلاب على الشرعية، والاسوأ من ذلك ان الدول العربية المعنية بالشأن اليمني تبدو مشغولة او غائبة تماما حتى الان، فيما تتولى بعض السفارات الغربية ادارة “الملف” بالتنسيق مع طهران.
اية صورة اسوأ من هذه التي تطالعنا بها اخبار اليمن الذي كان سعيدا ..؟ واية مفاجاة ستصدمنا بها الايام المقبلة اذا لم يتحرك العرب لانقاذ هذا البلد مما ينتظره من اهوال لا يعلمها الا الله...؟
"الدستور"