هل تفاجأ النواب حقا بالقـرار..؟!
حسين الرواشدة
جو 24 : وأخيرا فعلها النواب ..! كانت نتيجة التصويت -بالطبع – مفاجأة، ليس للحكومة فقط بل للنواب ايضا، فقبل ساعات من انعقاد الجلسة النيابية لمناقشة تقرير اللجنة التي توافقت مع الحكومة على تخفيض نسبة الزيادة لأسعار الكهرباء( من 15%-5و7%) كان ثمة انطباع بأن القرار سيمرُّ ، وان الحكومة والبرلمان سيخرجان متعادلين في المبارة التي استمرت نحو شهر ، لكن حدث ما لم يكن متوقعا ،وصبّ 73 نائبا من أصل 125 حضروا الجلسة باتجاه رفض مبدأ الرفع من أصله.
قبل أن أسأل ماذا حدث ولماذا، استأذن بتسجيل ملاحظتين : الاولى ان ما فعله النواب يستحق التقدير ، لا لأنهم مارسوا حقهم الدستوري وعكسوا صورة الديمقراطية التي نتدافع جميعا من اجلها ، ولا لأنهم أيضا عبّروا عن مطالب”شعبية” ترفض رفع الأسعار، بل لأنهم أعادوا لمجلس النواب دوره الحقيقي في الرقابة، وثقة المجتمع به ، وهذا مكسب للنواب والبلد ايضا، أما الملاحظة الثانية فهي أن المزاج النيابي الذي فاجأنا بنتيجة التصويت لا يعكس فقط موقف النواب من قضية الكهرباء ورفع أسعارها بل يعكس حالة نيابية ومجتمعية جديدة لها اسبابها وظروفها ، وهي هنا ليست طارئة ولكنها تمثل تحولا في أداء النواب مثلما انها تكشف عن محاولة جادة للخروج من دائرة الامتثال والاستعصاء الى دائرة الإمساك بزمام المبادرة.
ما حدث يمكن ان يفهم في ثلاثة سياقات: الاول اقتصادي، حيث استخلص النواب قراءات مغايرة لأرقام الحكومة فيما يتعلق بملف الكهرباء، كما انهم استندوا الى ما يشكله السعر الجديد من اعباء اضافية على المواطن في مرحلة صعبة لا تحتمل مزيدا من الضغوط على معدل الدخول التي تآكلت بفعل الغلاء، اما السياق الثاني فهو سياسي له علاقة بمراجعات داخلية لأداء المجلس في العامين المنصرفين من عمره، واعتقد ان الحسابات السياسية هنا تتجاوز مسألة الكهرباء الى جردة طويلة من المواقف المتراكة التي حكمت العلاقة بين المجلس والحكومة ، وكأن النواب هنا استثمروا فرصة الكهرباء لتسوية فواتير وديون حان وقت سدادها، أما السياق الثالث فهو شعبي بامتياز، إذ ادرك النواب ان رصيدهم في المجتمع تراجع لدرجة كبيرة ، وان الاستمرار في الدفع على حسابهم سيضر بسمعتهم أمام ناخبيهم وسيرتب عليهم خسارات كبيرة في حال فكّروا بالترشح مرة أخرى..وبالتالي فإن ما فعلوه كان بمثابة إعادة اعتبار للذات و”دفعة” في حساب شعبي اصبح معرضا للافلاس.
القرار بالطبع غير ملزم للحكومة، لكن عدم الالتزام به سيضر بالعلاقة بين الطرفين، وربما يدفع المجلس الى ردود اخرى، سواء من خلال تعطيل البند المتعلق بمخصصات الطاقة في الموازنة او برد مشروع قانون الموازنة الذي يبدو ان للنواب ملاحظات عديدة عليها، أو التصويت على الثقة بالحكومة، ومهما كانت الخيارات فإن غياب الانسجام بين الحكومة والبرلمان ليس في مصلحة الطرفين.
هل يمكن تجاوز حالة “الاستعصاء” هذه؟ اعتقد أن ذلك ممكن من خلال مسارين: الأول تأجيل قرار الرفع لإنضاج حوار موسع بين الطرفين يتم فيه مناقشة ملف الطاقة بشكل عام ووضع رؤية محددة بآليات واضحة للتعامل معه، اما المسار فهو خروج الحكومة بشكل متدرج من قضية “الطاقة” والكهرباء تحديدا ، وتحرير هذا القطاع على ان يبقى دور الحكومة رقابيا فقط، وقد سبق لبعض النواب ان طرحوا هذا البديل لكنه على ما يبدو لم يحظ بالاهتمام.
على كل حال اعتقد اننا كنا بحاجة الى مثل هذه المواقف النيابية، فهي تذكرنا بأن لدينا مجلسا نيابيا فاعلا وقادرا على الحركة والفعل ، ولدينا ديمقراطية –ولو كانت نسبية- تسمح للمجتمع ان يستشعر الأمل بإمكانية استئناف مشروع الإصلاح، كما انه يفترض ان يذكرنا ان لدينا حكومات تأخذ بعين الاعتبار ما يقرره البرلمان نيابة عن الناس، وحين تفعل ذلك فإن صورتها تبدو افضل، لأن المهم في النتيجة هو “انتصار” الجميع في خدمة الوطن ، وليس تسجيل النقاط من أي طرف ضد الطرف الآخر.
قبل أن أسأل ماذا حدث ولماذا، استأذن بتسجيل ملاحظتين : الاولى ان ما فعله النواب يستحق التقدير ، لا لأنهم مارسوا حقهم الدستوري وعكسوا صورة الديمقراطية التي نتدافع جميعا من اجلها ، ولا لأنهم أيضا عبّروا عن مطالب”شعبية” ترفض رفع الأسعار، بل لأنهم أعادوا لمجلس النواب دوره الحقيقي في الرقابة، وثقة المجتمع به ، وهذا مكسب للنواب والبلد ايضا، أما الملاحظة الثانية فهي أن المزاج النيابي الذي فاجأنا بنتيجة التصويت لا يعكس فقط موقف النواب من قضية الكهرباء ورفع أسعارها بل يعكس حالة نيابية ومجتمعية جديدة لها اسبابها وظروفها ، وهي هنا ليست طارئة ولكنها تمثل تحولا في أداء النواب مثلما انها تكشف عن محاولة جادة للخروج من دائرة الامتثال والاستعصاء الى دائرة الإمساك بزمام المبادرة.
ما حدث يمكن ان يفهم في ثلاثة سياقات: الاول اقتصادي، حيث استخلص النواب قراءات مغايرة لأرقام الحكومة فيما يتعلق بملف الكهرباء، كما انهم استندوا الى ما يشكله السعر الجديد من اعباء اضافية على المواطن في مرحلة صعبة لا تحتمل مزيدا من الضغوط على معدل الدخول التي تآكلت بفعل الغلاء، اما السياق الثاني فهو سياسي له علاقة بمراجعات داخلية لأداء المجلس في العامين المنصرفين من عمره، واعتقد ان الحسابات السياسية هنا تتجاوز مسألة الكهرباء الى جردة طويلة من المواقف المتراكة التي حكمت العلاقة بين المجلس والحكومة ، وكأن النواب هنا استثمروا فرصة الكهرباء لتسوية فواتير وديون حان وقت سدادها، أما السياق الثالث فهو شعبي بامتياز، إذ ادرك النواب ان رصيدهم في المجتمع تراجع لدرجة كبيرة ، وان الاستمرار في الدفع على حسابهم سيضر بسمعتهم أمام ناخبيهم وسيرتب عليهم خسارات كبيرة في حال فكّروا بالترشح مرة أخرى..وبالتالي فإن ما فعلوه كان بمثابة إعادة اعتبار للذات و”دفعة” في حساب شعبي اصبح معرضا للافلاس.
القرار بالطبع غير ملزم للحكومة، لكن عدم الالتزام به سيضر بالعلاقة بين الطرفين، وربما يدفع المجلس الى ردود اخرى، سواء من خلال تعطيل البند المتعلق بمخصصات الطاقة في الموازنة او برد مشروع قانون الموازنة الذي يبدو ان للنواب ملاحظات عديدة عليها، أو التصويت على الثقة بالحكومة، ومهما كانت الخيارات فإن غياب الانسجام بين الحكومة والبرلمان ليس في مصلحة الطرفين.
هل يمكن تجاوز حالة “الاستعصاء” هذه؟ اعتقد أن ذلك ممكن من خلال مسارين: الأول تأجيل قرار الرفع لإنضاج حوار موسع بين الطرفين يتم فيه مناقشة ملف الطاقة بشكل عام ووضع رؤية محددة بآليات واضحة للتعامل معه، اما المسار فهو خروج الحكومة بشكل متدرج من قضية “الطاقة” والكهرباء تحديدا ، وتحرير هذا القطاع على ان يبقى دور الحكومة رقابيا فقط، وقد سبق لبعض النواب ان طرحوا هذا البديل لكنه على ما يبدو لم يحظ بالاهتمام.
على كل حال اعتقد اننا كنا بحاجة الى مثل هذه المواقف النيابية، فهي تذكرنا بأن لدينا مجلسا نيابيا فاعلا وقادرا على الحركة والفعل ، ولدينا ديمقراطية –ولو كانت نسبية- تسمح للمجتمع ان يستشعر الأمل بإمكانية استئناف مشروع الإصلاح، كما انه يفترض ان يذكرنا ان لدينا حكومات تأخذ بعين الاعتبار ما يقرره البرلمان نيابة عن الناس، وحين تفعل ذلك فإن صورتها تبدو افضل، لأن المهم في النتيجة هو “انتصار” الجميع في خدمة الوطن ، وليس تسجيل النقاط من أي طرف ضد الطرف الآخر.