jo24_banner
jo24_banner

صوت العقل في أزمة الكساسبة

صوت العقل في أزمة الكساسبة
جو 24 : أزمة الكساسبة كشفت أن الاعتبار الداخلي يحتلّ أعلى سلّم أولويّات الأردن الرسمي، الذي أنصت لصوت العقل وتصرّف برشد وحكمة منقطعة النظير، عندما أعلن على الملأ أن: الكساسبة مقابل الريشاوي.

لقد غلب صوت العقل في الموقف الرسمي، فالقضيّة لها أبعاد خطيرة، تعكسها معركة صراع الإرادات، بكلّ ما تحمله مضامين هذه المعركة من دلالات عنيفة، تتجاوز شخص الرهينة الياباني أو السجينة ساجدة الريشاوي، إلى ما هو أبعد بكثير.

تنظيم الدولة الإسلاميّة يعمد إلى العبث بالساحة الأردنيّة الداخليّة، ويستهدف تأجيج الشعب الأردني والرأي العام، عبر تحميل الحكومة الأردنيّة مسؤوليّة حياة الطيّار البطل معاذ الكساسبة، وحشرها في زاوية حرجة. رسائل التنظيم كانت واضحة منذ البداية، وتجلّى هذا الوضوح بشكل أفظع في رسالة التنظيم الثانية، التي أعلن فيها رفضه تسليم الكساسبة.

التنظيم يريد استعراض عضلاته، وإثبات أنّه هو من يملي الشروط، في ذات الوقت الذي يرسل فيه رسائله للشارع الأردني، لخلق بيئة مناسبة لعبثه ومخطّطاته. ولكن الموقف الرسمي كان حاسما، بعد أن نجح صنّاع القرار بتفكيك خيوط هذه اللعبة، وخوض المعركة الإعلاميّة بأعلى درجات التحوّط والفطنة، فالحكومة أعلنت استعدادها تسليم الريشاوي، ولكن بشروطها.

صحيح أن تسليم السجينة ساجدة الريشاوي له دلالات سلبيّة، بل ويمكن اعتباره خطأ على المستوى الاستراتيجي، ولكن جاء هذا التكتيك لقطع الطريق على محاولة تنظيم الدولة إشعال النيران في الساحة الأردنيّة الداخليّة. الرسالة كانت واضحة ومباشرة للشعب الأردني، كما هي لتنظيم الدولة بل وللعالم أجمع: الكساسبة أولويّة الأردن الرسمي، ولن نسمح بالعبث بأمننا الداخلي.

الأزمة كشفت أن لا أحد –لا أحد على الإطلاق- سوى الأردن، حريص على حياة الكساسبة، فلا تنظيم الدولة ولا حتى واشنطن تهتمّ بقضيّته. التنظيم يريد استخدام ورقة الكساسبة لتمرير رسائله واستعراض قوّته وترجمة أجنداته في الأردن، أمّا العم سام فلا تعنيه حياة الكساسبة ولا غيره مقابل مصالحه ومخطّطاته.

ومن جهة أخرى يمكن تفهّم واستيعاب ردود أفعال الأردنيين، واحتجاجات عشيرة الكساسبة، فمحاولات التأجيج وإشعال الشارع الأردني لم تقتصر على رسائل التنظيم، بل تورّطت بها بعض الفضائيات العربيّة المعروفة التي انجرّت إلى هذه اللعبة، عبر نشر أنباء غير صحيحة، ومع الأسف وقعت وسائل إعلام محليّة في هذا الفخّ عن غير قصد.

ولكن الرشد دفع القصر الى استقبال أهل الطيّار البطل وأقاربه، موجّها بذلك رسالة للشعب وللعالم على حدّ سواء، مفادها أن الرهينة الياباني ليس أهمّ من الطيّار الأردني.

تحصين الجبهة الداخليّة يحتلّ أعلى أولويّات الأردن الرسمي، الذي نجح حتّى الآن في تفويت الفرصة على تنظيم الدولة الاسلاميّة، واحتواء الشارع خلال معركة صراع الإرادات، ونأمل أن تتمحور أولويّات صنّاع القرار على البعد الداخلي –لا أكثر ولا أقلّ- فخروج الأردن منتصرا من هذه المعركة أولويّة قصوى، وترجمة ذلك على أرض الواقع لا يمكن تحقيقه إلاّ بعودة الكساسبة.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير