إلــى أيـــن نحـــن ذاهـبــون..؟!
حسين الرواشدة
جو 24 : بدل ان تكون “داعش” التي امتطاها الاخر وحركها، واخواتها “الدواعش” اللاتي لم يتحركن بعد مصدرا لتخويفنا وارباكنا واثارة الخلاف فيما بيننا، يمكن -لا بل يجب- ان نعمل كل ما يلزم لتحويل “النقمة” الى “نعمة” والازمة الى انفراجة، ومع ان داعش لا تستحق الشكر ولا الذكر، على ما كشفته من اخطاء ومخططات، وما قدمته من دروس وعبر، الا انها تفتح عيوننا على ازمات كدنا نتصور في لحظة “خفّة” سياسية، وزهو ذاتي، بانها بعيدة، ولكنها تداهمنا وتقرع ابوابنا، ومن المفترض ان نجيب عن اسئلتها المعلقة بصدق وامانة، وهذا هو الضمان الاهم لخروجنا من دائرة العمى الذي اصاب المنطقة كلها.
لدي( 5 )ملاحظات استأذن هنا بتسجيلها على هامش ما يدور اليوم من نقاشات، لكن قبل ذلك من المفترض ان نسأل انفسنا : الى اين نحن ذاهبون ؟وهو السؤال الذي بات يتكرر على لسان كل مواطن اردني، ومع ان من حقهم ان يسمعوا اجابات واضحة عليه، الانني للاسف لا امتلك ما يلزم من اجابة، ولذلك اكتفي بالدعوة الى توجيه نقاشاتنا العامة الى المستقبل بدل ان نستغرق في الماضي واحزانه.
اولا : لا بد ان ندرك بان هذه الحرب التي تجتاح منطقتنا لن تكون حربا خاطفة، وان هذا الفيضان من التطرف والعنف الذي تغلغل داخل مجتمعنا لن يكون مجرد “عفريت “ يمكن طرده بقليل من الدعوات وشيء من “البخور”، وان هذه الازمات الطاحنة التي دكت اركان الدولة العربية واسقطت عواصم ومدنا لن تمر هكذا بلا ارتدادات ومفاجآت وكوارث مزمنة، ومن اجل هذا وغيره مما نتوقعه وما لا يخطر على بالنا، يجب ان نتحرك دون ابطاء بالاعتماد على انفسنا، لتحصين بلدنا من كل مكروه ومواجهة اي خطر، وتجنب اي “فخ” منصوب،او قدر غير مكتوب، كيف ؟ لا اعرف بالضبط ما يتوجب ان نفعله، لكنني اعيد ما قلته مرارا وهو ان نتعامل مع هذا الحدث الكبير الذي يواجهنا بميزان الحزم والحكمة، صحيح ان الحرب حربنا لكنها ايضا حرب العرب والمسلمين ..وحرب الغرب الذي أسهم في “صناعتها” او الذي بات يخشى من امتداد خطرها الية، وبالتالي فان حدود مشاركتنا بها يجب ان تكون مضبوطة على ساعة مصالحنا الوطنية وفي حدود امكانياتنا ووفق بوصلتنا ايضا.
ثانيا: يجب ان نتذكر دائما ان ظاهرة العنف والقتل التي اصبحت طعامنا اليومي لا يمكن ان تنتهي بمزيد من الحروب العسكرية، حتى وان انتصرنا فيها، فكل ما حدث في مجتمعاتنا منذ ان ضيعنا فرصة “التغيير” التي جاءتنا قبل سنوات لم يكن سوى “مقدمات” انتجب هذا “التوحش”، وبالتالي فإن الاجابة عن سؤال “العنف” والدم يجب ان تسبقها إجابة اخرى على سؤال “التوحش” الذي استيقظ داخلنا: من أيقظه، ولماذا أيقظه؟ وما لم ننجح بذلك فإن هذا الوحش سيتمدد ويكبر وسيفرض علينا ان نتحول جميعا الى وحوش.
ثالثا : داعش مجرد اسم حركي لافكار عدمية وجدت من بعض المجموعات التي وحدتها محنة الاحساس بالظلم عنوانا يتحركون من خلاله، وهي بالتالي من دون افق سياسي ومن دون مسوغات دينية وحواضنها الاجتماعية طارئة ومؤقتة ولهذا لا مستقبل لها، ونحن متى اردنا قادرون على طي صفحتها واشهار وفاتها، لكن البعض للاسف ما زال يعتقد بانها الترس الذي يمكن ان يستخدمه لتخويف الشعوب من خياراتها واقناعها بقيول المصير الذي يراد لها، ودفعها الى الانتقام من نفسها بذريعة الانتصار على غزاتها، انها مجرد لعبة لادامة الصراع على السلطة وتقسيم الغنائم وتبادل الادوار والوظائف.
رابعا : ثمة اعتباران لا بد ان نضعهما في حسابنا، الاول: ان دخولنا في حرب مع التحالف ضد تنظيم (الدولة الاسلامية) سيضعنا في مرمى (نيران) التطرف وخلاياه النائمة او الوافدة، كما انه سيحرك (الافكار) المتطرفة في رؤوس المتعاطفين مع هذه التنظيمات الأمر الذي يستدعي ضرورة بناء قوى صدّ حقيقية بمشاركة الجميع للقيام بمهمة ( تطهير) التربة من هذه الأفكار، لا بالحلول الامنية فقط، وانما - ايضا- بما يلزم من (عقاقير) فكرية واقتصادية ودينية ايضا، أما الاعتبار الآخر فهو أن ( الانتصار) على التنظيم عسكريا، لو حصل، وهو كما سمعنا يحتاج الى سنوات طويلة لا يعني أننا انتصرنا على (فكرة) التطرف، أو تجاوزنا اخطارها، وبالتالي فإن بناء ( التحالف) الوطني لمواجهتها على المدى القريب و البعيد يبدو ضروريا، بل ان هذا التحالف متى توافرت له شروط (التوافق) و الاقتناع، واستطاع ان يحشد المجتمع وراءه، سيكون بمثابة السياج الذي يحمي بلدنا من تصاعد (التطرف) داخله أو امتداده اليه من خارجه.
يبقى اعتبار ثالث وهو أن ( البيئة) التي خرجت منها داعش واخواتها في بعض بلداننا العربية، كانت تعاني من (إصابات) عميقة لوثّت كل شيء، وتحديدا (عقل ووجدان) الانسان هناك، ومع أن بلادنا لم تعان - حتى الآن - من هذه الاصابات بالدرجة ذاتها، الا أن إمكانية (تأثرها) بها أو انتقال العدوى اليها واردة، وبالتالي لابدّ أن نستبق ذلك، وأن نتعامل مع (منتجات) التطرف وروافده ومغذياته، مهما كانت ومن أي مجال صدرت، بما تحتاجه من معالجات، هذا اذا اردنا حقا ان ننتصر عليه، وأن نحمي شبابنا من التورط فيه، ونحصن مجتمعاتنا من استقباله والتعاطف معه.
خامسا: لقد ظلت اسئلة الشباب على مدى العقود الماضية عن الدين الصحيح والتعليم النافع والعدالة والحرية والكرامة، معلقة من دون اجابات، وكان بوسعنا ان نبدأ بوضع خرائط سياسية ودينية وثقافية لارشاد هؤلاء الشباب والرد على اسئلتهم الحائرة، لكننا للاسف تعمدنا الصمت او التطنيش احيانا، كما تعمدنا احيانا اخرى تقديم اجابات مشوهة؛ ما دفعهم الى البحث عن اجابات تخيلوا انها تناسب وعيهم وطموحاتهم، او الى الانزواء بعيدا عن المشهد للاحتجاج عليه .. وعلينا ايضا.
هنا يجب ان نقول بصراحة: بدل ان تأخذ داعش شبابنا الى الماضي وجراحاته يفترض ان نذهب معهم الى المستقبل وتحدياته، وبدل ان نرد على الاسئلة التي الزمتنا بها او وجدنا انفسنا مضطرين للرد عليها يفترض ان نصمم لابنائنا اسئلة واجابات تتناسب مع وعيهم وطموحاتهم، ومع قضايا عصرهم ومستجداته ومع خرائط الانسانية المفتوحة على الحياة لا على الموت، وعلى الحرية والعدالة لا على القهر والاستعباد.
لدي( 5 )ملاحظات استأذن هنا بتسجيلها على هامش ما يدور اليوم من نقاشات، لكن قبل ذلك من المفترض ان نسأل انفسنا : الى اين نحن ذاهبون ؟وهو السؤال الذي بات يتكرر على لسان كل مواطن اردني، ومع ان من حقهم ان يسمعوا اجابات واضحة عليه، الانني للاسف لا امتلك ما يلزم من اجابة، ولذلك اكتفي بالدعوة الى توجيه نقاشاتنا العامة الى المستقبل بدل ان نستغرق في الماضي واحزانه.
اولا : لا بد ان ندرك بان هذه الحرب التي تجتاح منطقتنا لن تكون حربا خاطفة، وان هذا الفيضان من التطرف والعنف الذي تغلغل داخل مجتمعنا لن يكون مجرد “عفريت “ يمكن طرده بقليل من الدعوات وشيء من “البخور”، وان هذه الازمات الطاحنة التي دكت اركان الدولة العربية واسقطت عواصم ومدنا لن تمر هكذا بلا ارتدادات ومفاجآت وكوارث مزمنة، ومن اجل هذا وغيره مما نتوقعه وما لا يخطر على بالنا، يجب ان نتحرك دون ابطاء بالاعتماد على انفسنا، لتحصين بلدنا من كل مكروه ومواجهة اي خطر، وتجنب اي “فخ” منصوب،او قدر غير مكتوب، كيف ؟ لا اعرف بالضبط ما يتوجب ان نفعله، لكنني اعيد ما قلته مرارا وهو ان نتعامل مع هذا الحدث الكبير الذي يواجهنا بميزان الحزم والحكمة، صحيح ان الحرب حربنا لكنها ايضا حرب العرب والمسلمين ..وحرب الغرب الذي أسهم في “صناعتها” او الذي بات يخشى من امتداد خطرها الية، وبالتالي فان حدود مشاركتنا بها يجب ان تكون مضبوطة على ساعة مصالحنا الوطنية وفي حدود امكانياتنا ووفق بوصلتنا ايضا.
ثانيا: يجب ان نتذكر دائما ان ظاهرة العنف والقتل التي اصبحت طعامنا اليومي لا يمكن ان تنتهي بمزيد من الحروب العسكرية، حتى وان انتصرنا فيها، فكل ما حدث في مجتمعاتنا منذ ان ضيعنا فرصة “التغيير” التي جاءتنا قبل سنوات لم يكن سوى “مقدمات” انتجب هذا “التوحش”، وبالتالي فإن الاجابة عن سؤال “العنف” والدم يجب ان تسبقها إجابة اخرى على سؤال “التوحش” الذي استيقظ داخلنا: من أيقظه، ولماذا أيقظه؟ وما لم ننجح بذلك فإن هذا الوحش سيتمدد ويكبر وسيفرض علينا ان نتحول جميعا الى وحوش.
ثالثا : داعش مجرد اسم حركي لافكار عدمية وجدت من بعض المجموعات التي وحدتها محنة الاحساس بالظلم عنوانا يتحركون من خلاله، وهي بالتالي من دون افق سياسي ومن دون مسوغات دينية وحواضنها الاجتماعية طارئة ومؤقتة ولهذا لا مستقبل لها، ونحن متى اردنا قادرون على طي صفحتها واشهار وفاتها، لكن البعض للاسف ما زال يعتقد بانها الترس الذي يمكن ان يستخدمه لتخويف الشعوب من خياراتها واقناعها بقيول المصير الذي يراد لها، ودفعها الى الانتقام من نفسها بذريعة الانتصار على غزاتها، انها مجرد لعبة لادامة الصراع على السلطة وتقسيم الغنائم وتبادل الادوار والوظائف.
رابعا : ثمة اعتباران لا بد ان نضعهما في حسابنا، الاول: ان دخولنا في حرب مع التحالف ضد تنظيم (الدولة الاسلامية) سيضعنا في مرمى (نيران) التطرف وخلاياه النائمة او الوافدة، كما انه سيحرك (الافكار) المتطرفة في رؤوس المتعاطفين مع هذه التنظيمات الأمر الذي يستدعي ضرورة بناء قوى صدّ حقيقية بمشاركة الجميع للقيام بمهمة ( تطهير) التربة من هذه الأفكار، لا بالحلول الامنية فقط، وانما - ايضا- بما يلزم من (عقاقير) فكرية واقتصادية ودينية ايضا، أما الاعتبار الآخر فهو أن ( الانتصار) على التنظيم عسكريا، لو حصل، وهو كما سمعنا يحتاج الى سنوات طويلة لا يعني أننا انتصرنا على (فكرة) التطرف، أو تجاوزنا اخطارها، وبالتالي فإن بناء ( التحالف) الوطني لمواجهتها على المدى القريب و البعيد يبدو ضروريا، بل ان هذا التحالف متى توافرت له شروط (التوافق) و الاقتناع، واستطاع ان يحشد المجتمع وراءه، سيكون بمثابة السياج الذي يحمي بلدنا من تصاعد (التطرف) داخله أو امتداده اليه من خارجه.
يبقى اعتبار ثالث وهو أن ( البيئة) التي خرجت منها داعش واخواتها في بعض بلداننا العربية، كانت تعاني من (إصابات) عميقة لوثّت كل شيء، وتحديدا (عقل ووجدان) الانسان هناك، ومع أن بلادنا لم تعان - حتى الآن - من هذه الاصابات بالدرجة ذاتها، الا أن إمكانية (تأثرها) بها أو انتقال العدوى اليها واردة، وبالتالي لابدّ أن نستبق ذلك، وأن نتعامل مع (منتجات) التطرف وروافده ومغذياته، مهما كانت ومن أي مجال صدرت، بما تحتاجه من معالجات، هذا اذا اردنا حقا ان ننتصر عليه، وأن نحمي شبابنا من التورط فيه، ونحصن مجتمعاتنا من استقباله والتعاطف معه.
خامسا: لقد ظلت اسئلة الشباب على مدى العقود الماضية عن الدين الصحيح والتعليم النافع والعدالة والحرية والكرامة، معلقة من دون اجابات، وكان بوسعنا ان نبدأ بوضع خرائط سياسية ودينية وثقافية لارشاد هؤلاء الشباب والرد على اسئلتهم الحائرة، لكننا للاسف تعمدنا الصمت او التطنيش احيانا، كما تعمدنا احيانا اخرى تقديم اجابات مشوهة؛ ما دفعهم الى البحث عن اجابات تخيلوا انها تناسب وعيهم وطموحاتهم، او الى الانزواء بعيدا عن المشهد للاحتجاج عليه .. وعلينا ايضا.
هنا يجب ان نقول بصراحة: بدل ان تأخذ داعش شبابنا الى الماضي وجراحاته يفترض ان نذهب معهم الى المستقبل وتحدياته، وبدل ان نرد على الاسئلة التي الزمتنا بها او وجدنا انفسنا مضطرين للرد عليها يفترض ان نصمم لابنائنا اسئلة واجابات تتناسب مع وعيهم وطموحاتهم، ومع قضايا عصرهم ومستجداته ومع خرائط الانسانية المفتوحة على الحياة لا على الموت، وعلى الحرية والعدالة لا على القهر والاستعباد.