حذار من لعبة "خلط الأوراق"..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : اخشى ما اخشاه ان نقع -بقصد او دون قصد - في لعبة خلط الأوراق التي اصبحت عنوانا لهذه المرحلة..وللمنطقة ايضا.
لدينا اشارات - معلومات ان شئت - تغذي هذه الخشية، فليس سرا ان منطقتنا مقبلة على تحولات كبيرة ومزلزلة ايضا، ولان قدرتنا -كعرب ومسلمين- على ادراتها ومواجهتها تبدو متواضعة جدا، فان “الآخرين” سواء اكانوا على مستوى الدول المتنفذة في الاقليم، ام على مستوى “عالم الكبار” سيتولون هذه المهمة بما يتناسب مع مصالحهم، والنتيجة -بالطبع- معروفة، وهي ان شعوبنا ستدفع الثمن وستكون الضحية لاعادة هيكلة المنطقة وتحديد اللاعبين فيها وتغيير ملامحها الجغرافية والسياسية والفكرية ايضا.
في هذا الاطار، تم اختيار “ الارهاب “ باعتباره المسرح المناسب لعملية الخلط، كما جرى اختيار الاسلام كموضوع للعرض والنقاش(الاتهام : ادق)، والمسلمين -سواء اكانوا دولا ام حركات أو افرادا - لكي يتبادلوا الادوار في مناخات من الصراع اشبه ما تكون بالكوميديا السوداء.
الآن اصبحت “لواقط” معظم مجتمعاتنا مفتوحة تماما لاستقبال ما يصدر من ذبذبات باتجاه واحد وهو : الخطر قادم، ولا مجال للهروب منه، وبالتالي لا بد من الاستغراق في اللحظة والتماهي معها بمنطق الاستسلام والطاعة فقط.
لا يكفي هنا ان نحذر مما يجري، وانما لا بد ان نفهمه اولا، ثم ان نتعامل معه بحكمة، ليس فقط لانه سيأخذنا الى المجهول، وانما ايضا لان من يقف وراءه يبدو اكبر من قدرتنا على مواجهته لوحدنا،وبالتالي فان الطريق الوحيد لتجاوزه باقل ما يمكن من خسائر هو ان نفتح عيون مجتمعنا عليه، ونتوحد جميعا لمواجهته، وننزل جميعا من فوق” الشجرة” لكي تمر العاصفة بسلام، اقول ذلك من اعماق قلبي لان المستهدف هو ديننا وبلدنا وليس طرفا او فصيلا او جزءا حتى لو كان عزيزا علينا، ولان ما يمكن ان يفرض علينا -وسط هذا الاقليم الملتهب- قد يتجاوز نوايانا تجاه بعضنا او حتى ما الفناه من معادلات سياسية واجتماعية استقرت على مدى العقود الماضية.
في سياق ما اشرت اليه من عملية خلط الاوراق، هنالك من يحاول ان يضع الاسلام كدين مع التطرف كحالة مرضية في سلة واحدة، والمطلوب من هذا الخلط ان تتوجه سهام الاتهام للدين باعتباره المسؤول عن انتاج التنظيمات والافكار المتطرفة، ليس هذا فقط وانما تمتد عملية الخلط الى اعتبار الاسلاميين كلهم “مشاريع” تطرف، وبالتالي لا بد من ادراجهم في قائمة الارهاب، واذا صحت المعلومات فان ثمة من يدفع الان على مستوى عربي الى تجريم حركة الاخوان المسلمين بحيث يصبح هذا القرار ملزما لجميع الدول العربية، واذا حصل ذلك مع انتشار الدعوات لمحاصرة السلفية واحراق كتب ابن تيمية وتحذير الشباب من الذهاب للمساجد وتدعيش كل من يجرؤ على الحديث خارج سياق الحرب، فان العرب يقدمون “اغلى” هدية لتنظيم داعش الارهابي، كما ان الابواب المفترض ان تكون مشروعة ومفتوحة امام المتدينيين لمواجهة التطرف ستصبح مسدودة تماما، وبدل ان تتوحد الجهود للقضاء على داعش والانتصار عليها في الحرب التي اعلناها ضدها فاننا سنحارب انفسنا بالنيابة عنها.
في سياق الخلط ايضا، يجري الان التفكير جديا باعادة”هيكلة الاسلام” تحت عنوان اصلاح مناهجه ومؤسساته، وكأن الارهاب والتطرف خرجا من “تربة” الدين فقط، صحيح ان مراجعة “الموروث الديني” اصبحت واجبة، لكن في سياق عملية الخلط هذه بتجاهل البعض ان هذا التطرف له اسبابه الاخرى المتعلقة بالسياسة والاقتصاد، وبمظلومية الذات وكيد الآخر، وبعوامل عديدة لها تراكمات مضى عليها عقود، وبالتالي فان حشر الدين في زاوية التطرف وكأنه ام ينتج سواه ثم تغيير مناهجه بخفّة، وفرض نمط فكري “مصنوع” تحت ضغط اللحظة من قبل غير المختصين وبمنطق القهر، لن يكون -فقط- بمثابة ردود فعل متطرفة، وانما مغامرة ستستفز الشباب المتدين وستدفعهم الى الارتماء في احضان المتطرفين.
في سياق الخلط ثالثا، يحاول البعض الاستعانة بأصحاب الافكار المتطرفة لدحض روايات التنظيمات المتطرفة(يتزامن ذلك احيانامع تغييب اصوات الاعتدال الحقيقية)، وقد تبدو الفكرة “ذكية” سياسيا، الا انها تشكل على المدى البعيد مغامرة محفوفة بالمخاطر، اذ كيف يمكن ان نقنع الجمهور ان هؤلاء الذين اختلفوا مع داعش في بعض التفاصيل- وهو اختلاف في الدرجة لا في النوع- يمكن ان يقدموا بديلا مغايرا لها، او ان ينقضوا حقيقتها، لا مجرد خطأ وقعت فيه، ثم كيف نقدمهم لشبابنا المتدين ونروج لخطابهم المتطرف ونستدعيهم للدفاع عن الاسلام المعتدل وهم - ومريدوهم - ما زالوا في قبضة التطرف والاتهام ايضا.
في سياق الخلط اخيرا، لانزال حتى الان غير قادرين على حسم هوية الحرب التي نخوضها، ليس فقط من جهة اعتبارها حربا داخل الاسلام او حربا دولية ضد الارهاب، وليس ايضا من جهة حدود المشاركين فيها عسكريا وجديتهم، او مناطق التماس معها امنيا وفكريا، وانما ايضا من جهة تصنيفها : هل هي حرب دينية او سياسية، ذلك ان الخلط بين الديني والسياسي يمكن ان يأخذنا الى مناطق اخرى تتجاوز ميادين الحرب فوق الارض الى ما تحت الارض حيث الدين والثقافة وحروبهما المجهولة.
لدينا اشارات - معلومات ان شئت - تغذي هذه الخشية، فليس سرا ان منطقتنا مقبلة على تحولات كبيرة ومزلزلة ايضا، ولان قدرتنا -كعرب ومسلمين- على ادراتها ومواجهتها تبدو متواضعة جدا، فان “الآخرين” سواء اكانوا على مستوى الدول المتنفذة في الاقليم، ام على مستوى “عالم الكبار” سيتولون هذه المهمة بما يتناسب مع مصالحهم، والنتيجة -بالطبع- معروفة، وهي ان شعوبنا ستدفع الثمن وستكون الضحية لاعادة هيكلة المنطقة وتحديد اللاعبين فيها وتغيير ملامحها الجغرافية والسياسية والفكرية ايضا.
في هذا الاطار، تم اختيار “ الارهاب “ باعتباره المسرح المناسب لعملية الخلط، كما جرى اختيار الاسلام كموضوع للعرض والنقاش(الاتهام : ادق)، والمسلمين -سواء اكانوا دولا ام حركات أو افرادا - لكي يتبادلوا الادوار في مناخات من الصراع اشبه ما تكون بالكوميديا السوداء.
الآن اصبحت “لواقط” معظم مجتمعاتنا مفتوحة تماما لاستقبال ما يصدر من ذبذبات باتجاه واحد وهو : الخطر قادم، ولا مجال للهروب منه، وبالتالي لا بد من الاستغراق في اللحظة والتماهي معها بمنطق الاستسلام والطاعة فقط.
لا يكفي هنا ان نحذر مما يجري، وانما لا بد ان نفهمه اولا، ثم ان نتعامل معه بحكمة، ليس فقط لانه سيأخذنا الى المجهول، وانما ايضا لان من يقف وراءه يبدو اكبر من قدرتنا على مواجهته لوحدنا،وبالتالي فان الطريق الوحيد لتجاوزه باقل ما يمكن من خسائر هو ان نفتح عيون مجتمعنا عليه، ونتوحد جميعا لمواجهته، وننزل جميعا من فوق” الشجرة” لكي تمر العاصفة بسلام، اقول ذلك من اعماق قلبي لان المستهدف هو ديننا وبلدنا وليس طرفا او فصيلا او جزءا حتى لو كان عزيزا علينا، ولان ما يمكن ان يفرض علينا -وسط هذا الاقليم الملتهب- قد يتجاوز نوايانا تجاه بعضنا او حتى ما الفناه من معادلات سياسية واجتماعية استقرت على مدى العقود الماضية.
في سياق ما اشرت اليه من عملية خلط الاوراق، هنالك من يحاول ان يضع الاسلام كدين مع التطرف كحالة مرضية في سلة واحدة، والمطلوب من هذا الخلط ان تتوجه سهام الاتهام للدين باعتباره المسؤول عن انتاج التنظيمات والافكار المتطرفة، ليس هذا فقط وانما تمتد عملية الخلط الى اعتبار الاسلاميين كلهم “مشاريع” تطرف، وبالتالي لا بد من ادراجهم في قائمة الارهاب، واذا صحت المعلومات فان ثمة من يدفع الان على مستوى عربي الى تجريم حركة الاخوان المسلمين بحيث يصبح هذا القرار ملزما لجميع الدول العربية، واذا حصل ذلك مع انتشار الدعوات لمحاصرة السلفية واحراق كتب ابن تيمية وتحذير الشباب من الذهاب للمساجد وتدعيش كل من يجرؤ على الحديث خارج سياق الحرب، فان العرب يقدمون “اغلى” هدية لتنظيم داعش الارهابي، كما ان الابواب المفترض ان تكون مشروعة ومفتوحة امام المتدينيين لمواجهة التطرف ستصبح مسدودة تماما، وبدل ان تتوحد الجهود للقضاء على داعش والانتصار عليها في الحرب التي اعلناها ضدها فاننا سنحارب انفسنا بالنيابة عنها.
في سياق الخلط ايضا، يجري الان التفكير جديا باعادة”هيكلة الاسلام” تحت عنوان اصلاح مناهجه ومؤسساته، وكأن الارهاب والتطرف خرجا من “تربة” الدين فقط، صحيح ان مراجعة “الموروث الديني” اصبحت واجبة، لكن في سياق عملية الخلط هذه بتجاهل البعض ان هذا التطرف له اسبابه الاخرى المتعلقة بالسياسة والاقتصاد، وبمظلومية الذات وكيد الآخر، وبعوامل عديدة لها تراكمات مضى عليها عقود، وبالتالي فان حشر الدين في زاوية التطرف وكأنه ام ينتج سواه ثم تغيير مناهجه بخفّة، وفرض نمط فكري “مصنوع” تحت ضغط اللحظة من قبل غير المختصين وبمنطق القهر، لن يكون -فقط- بمثابة ردود فعل متطرفة، وانما مغامرة ستستفز الشباب المتدين وستدفعهم الى الارتماء في احضان المتطرفين.
في سياق الخلط ثالثا، يحاول البعض الاستعانة بأصحاب الافكار المتطرفة لدحض روايات التنظيمات المتطرفة(يتزامن ذلك احيانامع تغييب اصوات الاعتدال الحقيقية)، وقد تبدو الفكرة “ذكية” سياسيا، الا انها تشكل على المدى البعيد مغامرة محفوفة بالمخاطر، اذ كيف يمكن ان نقنع الجمهور ان هؤلاء الذين اختلفوا مع داعش في بعض التفاصيل- وهو اختلاف في الدرجة لا في النوع- يمكن ان يقدموا بديلا مغايرا لها، او ان ينقضوا حقيقتها، لا مجرد خطأ وقعت فيه، ثم كيف نقدمهم لشبابنا المتدين ونروج لخطابهم المتطرف ونستدعيهم للدفاع عن الاسلام المعتدل وهم - ومريدوهم - ما زالوا في قبضة التطرف والاتهام ايضا.
في سياق الخلط اخيرا، لانزال حتى الان غير قادرين على حسم هوية الحرب التي نخوضها، ليس فقط من جهة اعتبارها حربا داخل الاسلام او حربا دولية ضد الارهاب، وليس ايضا من جهة حدود المشاركين فيها عسكريا وجديتهم، او مناطق التماس معها امنيا وفكريا، وانما ايضا من جهة تصنيفها : هل هي حرب دينية او سياسية، ذلك ان الخلط بين الديني والسياسي يمكن ان يأخذنا الى مناطق اخرى تتجاوز ميادين الحرب فوق الارض الى ما تحت الارض حيث الدين والثقافة وحروبهما المجهولة.