نحن أو الجماعة: وصفة لسكّة الندامة..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : امام الاخوان سكتان : سكة السلامة وعنوانها “التوافق”، وسكة الندامة وعنوانها المزيد من الصراع والاستنزاف والعناد المتبادل.
اعرف - بالطبع – انه لا يوجد بين العقلاء من يلقي بنفسه الى التهلكة، لكن ما حدث على مدى السنوات الماضية داخل البيت الاخواني(منذ انقلاب 2007) دفع الجميع الى نوع من المكاسرة والانتقام، وولّد لدى الجميع ايضا حالة من الاحساس بانعدام الثقة وغياب الحكمة، ومع ان المفترض ان يتجاوز الاخوان جراحاتهم ويغلّبوا مصلحة الجماعة على مصالحهم الذاتية ، لكي يواجهوا – موحّدين – الازمات التي لاحقتهم (وما اكثرها) الا انهم فشلوا للاسف في ذلك، ووقعوا المرة تلو المرة في “الافخاخ “ التي نصبها لهم خصومهم، وكأنهم لم يتعلموا من تجاربهم او من تجار غيرهم البتة.
ما جرى في الاسبوع الماضي يشير بوضوح الى ان الصراع على الجماعة بلغ مداه ووصل الى محطته الاخيرة، فثمة طرف يريد ان ينتزع الجماعة “بالقانون” بحجة الخوف عليها او انه الاب الشرعي لها، وثمة طرف آخر يريد ان ينتزع الجماعة ايضا باسم الشرعية التي مكنته من قيادتها او باسم الاغلبية التي ما تزال تمنحه الثقة للاستمرار فيما هو عليه، وبين الطرفين لا نجد الا قلة من الحكماء الذين صدمهم المشهد، فرفضوا ان يتم تقسيم الجماعة بين “الوالدتين “ اللتين ادعت كل منهما حقها في المولود..!
حين ندقق في التفاصيل نجد ان واقعة الفصل للمراقب العام السابق وتسعة اخرين(لم تعلن اسماؤهم رسميا حتى الان) جاءت كردة فعل على الطلب الذي تقدموا به لترخيص الجماعة ، وسواء استعجلت الجماعة في اصدار القرار او انها اضطرت اليه لقطع الطريق على اكتمال الانقلاب، فان السؤال الاساسي هو : هل يحق لهؤلاء الاعضاء ان يتجاوزا قيادة الجماعة ويتقدموا بطلب لتصويب اوضاعها دون الرجوع اليها ، هنا يمكن ان نلاحظ ان احد هؤلاء عضو في التنظيم العالمي للاخوان ، وكان الاولى ان يصوّب اوضاعه بالاستقالة من هذا التنظيم قبل ان يسعى لتصويب اوضاع الجماعة.
نلاحظ ثانيا ان بعض الاعضاء الاخرين الذين وقّعوا على طلب التصويب اسسوا مبادرة زمزم ، ومع ان لجنة الحكماء التي شكلتها الجماعة لم تعتبر المبادرة اطارا موازيا للجماعة ولا انشقاقا عنها الا ان الواقع كان عكس ذلك تماما، وما حصل فعلا هو ان الجماعة تعمدت “ابتلاع “ المشكلة واستيعابها وعدم المجازفة بفصلهم لاسباب معروفة، لكنهم اعتبروا ذلك انتصارا على قيادة الجماعة، ثم ذهبوا الى فرض الترخيص عليها لتسجيل انتصار آخر.
نلاحظ ثالثا ان الدعوة الى اصلاح الجماعة انحصرت في عدد قليل من القيادات المحسوبة على تيار الحمائم ، ولم تحظ بتأييد عريض على صعيد القواعد الاخوانية ، وبالتالي فانها تبدو معزولة عن السياق العام للجماعة ، ولو انها كانت عكس ذلك لاستقطبت مبادرة زمزم الآف الشباب من الاخوان باعتبارها مبادرة اصلاحية خرجت من داخل الجماعة.
نلاحظ رابعا ان الجماعة انشغلت على مدى اعوام بصراع طويل اشغلها واساء اليها وبدد طاقاتها ، ومع انها حاولت ان تستوعبه لكنها وصلت الى طريق مسدود ، وبالتالي حين تعذر الامساك بالمعروف اصبح الطلاق هو الحل ..وهذا ما فعلته قيادة الجماعة اخيرا.
على الطرف المقابل يعتقد تيار الاصلاح والتصويب انهم حريصون على وحدة الجماعة ، ولا يفكرون بالانشقاق عنها ، وان هدفهم الوحيد هو انقاذها من المصير المحتوم التي تذهب اليها ، او من الفخ الذي يراد لها ان تقع فيه، ولانهم عجزوا عن اقناع القيادة الحالية بذلك، فانهم تطوعوا للقيام بالمهمة، كما انهم يعتقدون ان قرارات الفصل التي صدرت كانت “مبيتة” وان اللجنة التي شكلت من قبل قيادة الجماعة لم تعط الوقت المناسب لتسوية الموضوع، زد على ذلك ان القرارات شابها عور قانوني، ويرون ايضا ان ازمة الجماعة ليست معهم فقط وانما مع الدولة والمجتمع ، وخاصة على صعيد تحديد هويتها الوطنية وحسم علاقتها مع حماس ، وتحرير خطابها السياسي من المناكفة ومعاندة الدولة وتحرير خطابها الدعوي من “التطرف” ، وضرورة الفصل بين الخطابين من خلال الفصل بين تنظيمي : الحزب والجماعة، اضافة الى مطالبات اخرى تتعلق باستقالة المراقب والمكتب التنفيذي وتشكيل لجنة محايدة لادارة الجماعة مؤقتا واجراء انتخابات نزيهة..الخ.
مبدئيا ، يوجد لدى الطرفين فرصة للحوار والتوافق ، لكن عمليا اعتقد ان الابواب حتى الان ما تزال مسدودة تماما ، والمشكلة هنا لها شقان: الاول ان الاخوان على الطرفين فقدوا القدرة على التعايش فيما بينهم داخل اطار الجماعة، وبالتالي فانهم يتعاملون بمنطق الربح والخسارة المعلّق دائما بالرغبة في الطلاق، اما الشق الثاني فهو ان طرفا ثالثا دخل على خط الاثنين معا واغراهما بالاستمرار في معركة تصفية الحسابات ، وبالانتصار فيها ايضامهما كان الثمن.
باستثناء قلة محدودة ،ولكنها معتبرة ، من الحكماء الذين لم يسلموا من لوم الطرفين وغضبهما ،فان مصلحة الجماعة ظلت غائبة عن اجندة الصراع ، وكأنها لا تستحق اي تنازل من الطرفين ، او كأنهما وصلا الى نتيجة واحدة وهي : نحن او الجماعة، واذا كان ذلك صحيحا ، واتمنى ان لا يكون، فان الجميع سيخرجون خاسرين ، وسيتحملون امام الله والوطن والتاريخ والاجيال القادمة مسؤولية هذه الامانة التي ضيعوها في صراع على اوهام الشرعية والوطنية .. وعلى تخوم المناصب والمنافع والمنابت ،ولذا اقتضى التنبيه ..فانتبهوا يرحمكم الله.
امام الاخوان سكتان : سكة السلامة وعنوانها “التوافق”، وسكة الندامة وعنوانها المزيد من الصراع والاستنزاف والعناد المتبادل.
اعرف - بالطبع – انه لا يوجد بين العقلاء من يلقي بنفسه الى التهلكة، لكن ما حدث على مدى السنوات الماضية داخل البيت الاخواني(منذ انقلاب 2007) دفع الجميع الى نوع من المكاسرة والانتقام، وولّد لدى الجميع ايضا حالة من الاحساس بانعدام الثقة وغياب الحكمة، ومع ان المفترض ان يتجاوز الاخوان جراحاتهم ويغلّبوا مصلحة الجماعة على مصالحهم الذاتية ، لكي يواجهوا – موحّدين – الازمات التي لاحقتهم (وما اكثرها) الا انهم فشلوا للاسف في ذلك، ووقعوا المرة تلو المرة في “الافخاخ “ التي نصبها لهم خصومهم، وكأنهم لم يتعلموا من تجاربهم او من تجار غيرهم البتة.
ما جرى في الاسبوع الماضي يشير بوضوح الى ان الصراع على الجماعة بلغ مداه ووصل الى محطته الاخيرة، فثمة طرف يريد ان ينتزع الجماعة “بالقانون” بحجة الخوف عليها او انه الاب الشرعي لها، وثمة طرف آخر يريد ان ينتزع الجماعة ايضا باسم الشرعية التي مكنته من قيادتها او باسم الاغلبية التي ما تزال تمنحه الثقة للاستمرار فيما هو عليه، وبين الطرفين لا نجد الا قلة من الحكماء الذين صدمهم المشهد، فرفضوا ان يتم تقسيم الجماعة بين “الوالدتين “ اللتين ادعت كل منهما حقها في المولود..!
حين ندقق في التفاصيل نجد ان واقعة الفصل للمراقب العام السابق وتسعة اخرين(لم تعلن اسماؤهم رسميا حتى الان) جاءت كردة فعل على الطلب الذي تقدموا به لترخيص الجماعة ، وسواء استعجلت الجماعة في اصدار القرار او انها اضطرت اليه لقطع الطريق على اكتمال الانقلاب، فان السؤال الاساسي هو : هل يحق لهؤلاء الاعضاء ان يتجاوزا قيادة الجماعة ويتقدموا بطلب لتصويب اوضاعها دون الرجوع اليها ، هنا يمكن ان نلاحظ ان احد هؤلاء عضو في التنظيم العالمي للاخوان ، وكان الاولى ان يصوّب اوضاعه بالاستقالة من هذا التنظيم قبل ان يسعى لتصويب اوضاع الجماعة.
نلاحظ ثانيا ان بعض الاعضاء الاخرين الذين وقّعوا على طلب التصويب اسسوا مبادرة زمزم ، ومع ان لجنة الحكماء التي شكلتها الجماعة لم تعتبر المبادرة اطارا موازيا للجماعة ولا انشقاقا عنها الا ان الواقع كان عكس ذلك تماما، وما حصل فعلا هو ان الجماعة تعمدت “ابتلاع “ المشكلة واستيعابها وعدم المجازفة بفصلهم لاسباب معروفة، لكنهم اعتبروا ذلك انتصارا على قيادة الجماعة، ثم ذهبوا الى فرض الترخيص عليها لتسجيل انتصار آخر.
نلاحظ ثالثا ان الدعوة الى اصلاح الجماعة انحصرت في عدد قليل من القيادات المحسوبة على تيار الحمائم ، ولم تحظ بتأييد عريض على صعيد القواعد الاخوانية ، وبالتالي فانها تبدو معزولة عن السياق العام للجماعة ، ولو انها كانت عكس ذلك لاستقطبت مبادرة زمزم الآف الشباب من الاخوان باعتبارها مبادرة اصلاحية خرجت من داخل الجماعة.
نلاحظ رابعا ان الجماعة انشغلت على مدى اعوام بصراع طويل اشغلها واساء اليها وبدد طاقاتها ، ومع انها حاولت ان تستوعبه لكنها وصلت الى طريق مسدود ، وبالتالي حين تعذر الامساك بالمعروف اصبح الطلاق هو الحل ..وهذا ما فعلته قيادة الجماعة اخيرا.
على الطرف المقابل يعتقد تيار الاصلاح والتصويب انهم حريصون على وحدة الجماعة ، ولا يفكرون بالانشقاق عنها ، وان هدفهم الوحيد هو انقاذها من المصير المحتوم التي تذهب اليها ، او من الفخ الذي يراد لها ان تقع فيه، ولانهم عجزوا عن اقناع القيادة الحالية بذلك، فانهم تطوعوا للقيام بالمهمة، كما انهم يعتقدون ان قرارات الفصل التي صدرت كانت “مبيتة” وان اللجنة التي شكلت من قبل قيادة الجماعة لم تعط الوقت المناسب لتسوية الموضوع، زد على ذلك ان القرارات شابها عور قانوني، ويرون ايضا ان ازمة الجماعة ليست معهم فقط وانما مع الدولة والمجتمع ، وخاصة على صعيد تحديد هويتها الوطنية وحسم علاقتها مع حماس ، وتحرير خطابها السياسي من المناكفة ومعاندة الدولة وتحرير خطابها الدعوي من “التطرف” ، وضرورة الفصل بين الخطابين من خلال الفصل بين تنظيمي : الحزب والجماعة، اضافة الى مطالبات اخرى تتعلق باستقالة المراقب والمكتب التنفيذي وتشكيل لجنة محايدة لادارة الجماعة مؤقتا واجراء انتخابات نزيهة..الخ.
مبدئيا ، يوجد لدى الطرفين فرصة للحوار والتوافق ، لكن عمليا اعتقد ان الابواب حتى الان ما تزال مسدودة تماما ، والمشكلة هنا لها شقان: الاول ان الاخوان على الطرفين فقدوا القدرة على التعايش فيما بينهم داخل اطار الجماعة، وبالتالي فانهم يتعاملون بمنطق الربح والخسارة المعلّق دائما بالرغبة في الطلاق، اما الشق الثاني فهو ان طرفا ثالثا دخل على خط الاثنين معا واغراهما بالاستمرار في معركة تصفية الحسابات ، وبالانتصار فيها ايضامهما كان الثمن.
باستثناء قلة محدودة ،ولكنها معتبرة ، من الحكماء الذين لم يسلموا من لوم الطرفين وغضبهما ،فان مصلحة الجماعة ظلت غائبة عن اجندة الصراع ، وكأنها لا تستحق اي تنازل من الطرفين ، او كأنهما وصلا الى نتيجة واحدة وهي : نحن او الجماعة، واذا كان ذلك صحيحا ، واتمنى ان لا يكون، فان الجميع سيخرجون خاسرين ، وسيتحملون امام الله والوطن والتاريخ والاجيال القادمة مسؤولية هذه الامانة التي ضيعوها في صراع على اوهام الشرعية والوطنية .. وعلى تخوم المناصب والمنافع والمنابت ،ولذا اقتضى التنبيه ..فانتبهوا يرحمكم الله.
اعرف - بالطبع – انه لا يوجد بين العقلاء من يلقي بنفسه الى التهلكة، لكن ما حدث على مدى السنوات الماضية داخل البيت الاخواني(منذ انقلاب 2007) دفع الجميع الى نوع من المكاسرة والانتقام، وولّد لدى الجميع ايضا حالة من الاحساس بانعدام الثقة وغياب الحكمة، ومع ان المفترض ان يتجاوز الاخوان جراحاتهم ويغلّبوا مصلحة الجماعة على مصالحهم الذاتية ، لكي يواجهوا – موحّدين – الازمات التي لاحقتهم (وما اكثرها) الا انهم فشلوا للاسف في ذلك، ووقعوا المرة تلو المرة في “الافخاخ “ التي نصبها لهم خصومهم، وكأنهم لم يتعلموا من تجاربهم او من تجار غيرهم البتة.
ما جرى في الاسبوع الماضي يشير بوضوح الى ان الصراع على الجماعة بلغ مداه ووصل الى محطته الاخيرة، فثمة طرف يريد ان ينتزع الجماعة “بالقانون” بحجة الخوف عليها او انه الاب الشرعي لها، وثمة طرف آخر يريد ان ينتزع الجماعة ايضا باسم الشرعية التي مكنته من قيادتها او باسم الاغلبية التي ما تزال تمنحه الثقة للاستمرار فيما هو عليه، وبين الطرفين لا نجد الا قلة من الحكماء الذين صدمهم المشهد، فرفضوا ان يتم تقسيم الجماعة بين “الوالدتين “ اللتين ادعت كل منهما حقها في المولود..!
حين ندقق في التفاصيل نجد ان واقعة الفصل للمراقب العام السابق وتسعة اخرين(لم تعلن اسماؤهم رسميا حتى الان) جاءت كردة فعل على الطلب الذي تقدموا به لترخيص الجماعة ، وسواء استعجلت الجماعة في اصدار القرار او انها اضطرت اليه لقطع الطريق على اكتمال الانقلاب، فان السؤال الاساسي هو : هل يحق لهؤلاء الاعضاء ان يتجاوزا قيادة الجماعة ويتقدموا بطلب لتصويب اوضاعها دون الرجوع اليها ، هنا يمكن ان نلاحظ ان احد هؤلاء عضو في التنظيم العالمي للاخوان ، وكان الاولى ان يصوّب اوضاعه بالاستقالة من هذا التنظيم قبل ان يسعى لتصويب اوضاع الجماعة.
نلاحظ ثانيا ان بعض الاعضاء الاخرين الذين وقّعوا على طلب التصويب اسسوا مبادرة زمزم ، ومع ان لجنة الحكماء التي شكلتها الجماعة لم تعتبر المبادرة اطارا موازيا للجماعة ولا انشقاقا عنها الا ان الواقع كان عكس ذلك تماما، وما حصل فعلا هو ان الجماعة تعمدت “ابتلاع “ المشكلة واستيعابها وعدم المجازفة بفصلهم لاسباب معروفة، لكنهم اعتبروا ذلك انتصارا على قيادة الجماعة، ثم ذهبوا الى فرض الترخيص عليها لتسجيل انتصار آخر.
نلاحظ ثالثا ان الدعوة الى اصلاح الجماعة انحصرت في عدد قليل من القيادات المحسوبة على تيار الحمائم ، ولم تحظ بتأييد عريض على صعيد القواعد الاخوانية ، وبالتالي فانها تبدو معزولة عن السياق العام للجماعة ، ولو انها كانت عكس ذلك لاستقطبت مبادرة زمزم الآف الشباب من الاخوان باعتبارها مبادرة اصلاحية خرجت من داخل الجماعة.
نلاحظ رابعا ان الجماعة انشغلت على مدى اعوام بصراع طويل اشغلها واساء اليها وبدد طاقاتها ، ومع انها حاولت ان تستوعبه لكنها وصلت الى طريق مسدود ، وبالتالي حين تعذر الامساك بالمعروف اصبح الطلاق هو الحل ..وهذا ما فعلته قيادة الجماعة اخيرا.
على الطرف المقابل يعتقد تيار الاصلاح والتصويب انهم حريصون على وحدة الجماعة ، ولا يفكرون بالانشقاق عنها ، وان هدفهم الوحيد هو انقاذها من المصير المحتوم التي تذهب اليها ، او من الفخ الذي يراد لها ان تقع فيه، ولانهم عجزوا عن اقناع القيادة الحالية بذلك، فانهم تطوعوا للقيام بالمهمة، كما انهم يعتقدون ان قرارات الفصل التي صدرت كانت “مبيتة” وان اللجنة التي شكلت من قبل قيادة الجماعة لم تعط الوقت المناسب لتسوية الموضوع، زد على ذلك ان القرارات شابها عور قانوني، ويرون ايضا ان ازمة الجماعة ليست معهم فقط وانما مع الدولة والمجتمع ، وخاصة على صعيد تحديد هويتها الوطنية وحسم علاقتها مع حماس ، وتحرير خطابها السياسي من المناكفة ومعاندة الدولة وتحرير خطابها الدعوي من “التطرف” ، وضرورة الفصل بين الخطابين من خلال الفصل بين تنظيمي : الحزب والجماعة، اضافة الى مطالبات اخرى تتعلق باستقالة المراقب والمكتب التنفيذي وتشكيل لجنة محايدة لادارة الجماعة مؤقتا واجراء انتخابات نزيهة..الخ.
مبدئيا ، يوجد لدى الطرفين فرصة للحوار والتوافق ، لكن عمليا اعتقد ان الابواب حتى الان ما تزال مسدودة تماما ، والمشكلة هنا لها شقان: الاول ان الاخوان على الطرفين فقدوا القدرة على التعايش فيما بينهم داخل اطار الجماعة، وبالتالي فانهم يتعاملون بمنطق الربح والخسارة المعلّق دائما بالرغبة في الطلاق، اما الشق الثاني فهو ان طرفا ثالثا دخل على خط الاثنين معا واغراهما بالاستمرار في معركة تصفية الحسابات ، وبالانتصار فيها ايضامهما كان الثمن.
باستثناء قلة محدودة ،ولكنها معتبرة ، من الحكماء الذين لم يسلموا من لوم الطرفين وغضبهما ،فان مصلحة الجماعة ظلت غائبة عن اجندة الصراع ، وكأنها لا تستحق اي تنازل من الطرفين ، او كأنهما وصلا الى نتيجة واحدة وهي : نحن او الجماعة، واذا كان ذلك صحيحا ، واتمنى ان لا يكون، فان الجميع سيخرجون خاسرين ، وسيتحملون امام الله والوطن والتاريخ والاجيال القادمة مسؤولية هذه الامانة التي ضيعوها في صراع على اوهام الشرعية والوطنية .. وعلى تخوم المناصب والمنافع والمنابت ،ولذا اقتضى التنبيه ..فانتبهوا يرحمكم الله.
امام الاخوان سكتان : سكة السلامة وعنوانها “التوافق”، وسكة الندامة وعنوانها المزيد من الصراع والاستنزاف والعناد المتبادل.
اعرف - بالطبع – انه لا يوجد بين العقلاء من يلقي بنفسه الى التهلكة، لكن ما حدث على مدى السنوات الماضية داخل البيت الاخواني(منذ انقلاب 2007) دفع الجميع الى نوع من المكاسرة والانتقام، وولّد لدى الجميع ايضا حالة من الاحساس بانعدام الثقة وغياب الحكمة، ومع ان المفترض ان يتجاوز الاخوان جراحاتهم ويغلّبوا مصلحة الجماعة على مصالحهم الذاتية ، لكي يواجهوا – موحّدين – الازمات التي لاحقتهم (وما اكثرها) الا انهم فشلوا للاسف في ذلك، ووقعوا المرة تلو المرة في “الافخاخ “ التي نصبها لهم خصومهم، وكأنهم لم يتعلموا من تجاربهم او من تجار غيرهم البتة.
ما جرى في الاسبوع الماضي يشير بوضوح الى ان الصراع على الجماعة بلغ مداه ووصل الى محطته الاخيرة، فثمة طرف يريد ان ينتزع الجماعة “بالقانون” بحجة الخوف عليها او انه الاب الشرعي لها، وثمة طرف آخر يريد ان ينتزع الجماعة ايضا باسم الشرعية التي مكنته من قيادتها او باسم الاغلبية التي ما تزال تمنحه الثقة للاستمرار فيما هو عليه، وبين الطرفين لا نجد الا قلة من الحكماء الذين صدمهم المشهد، فرفضوا ان يتم تقسيم الجماعة بين “الوالدتين “ اللتين ادعت كل منهما حقها في المولود..!
حين ندقق في التفاصيل نجد ان واقعة الفصل للمراقب العام السابق وتسعة اخرين(لم تعلن اسماؤهم رسميا حتى الان) جاءت كردة فعل على الطلب الذي تقدموا به لترخيص الجماعة ، وسواء استعجلت الجماعة في اصدار القرار او انها اضطرت اليه لقطع الطريق على اكتمال الانقلاب، فان السؤال الاساسي هو : هل يحق لهؤلاء الاعضاء ان يتجاوزا قيادة الجماعة ويتقدموا بطلب لتصويب اوضاعها دون الرجوع اليها ، هنا يمكن ان نلاحظ ان احد هؤلاء عضو في التنظيم العالمي للاخوان ، وكان الاولى ان يصوّب اوضاعه بالاستقالة من هذا التنظيم قبل ان يسعى لتصويب اوضاع الجماعة.
نلاحظ ثانيا ان بعض الاعضاء الاخرين الذين وقّعوا على طلب التصويب اسسوا مبادرة زمزم ، ومع ان لجنة الحكماء التي شكلتها الجماعة لم تعتبر المبادرة اطارا موازيا للجماعة ولا انشقاقا عنها الا ان الواقع كان عكس ذلك تماما، وما حصل فعلا هو ان الجماعة تعمدت “ابتلاع “ المشكلة واستيعابها وعدم المجازفة بفصلهم لاسباب معروفة، لكنهم اعتبروا ذلك انتصارا على قيادة الجماعة، ثم ذهبوا الى فرض الترخيص عليها لتسجيل انتصار آخر.
نلاحظ ثالثا ان الدعوة الى اصلاح الجماعة انحصرت في عدد قليل من القيادات المحسوبة على تيار الحمائم ، ولم تحظ بتأييد عريض على صعيد القواعد الاخوانية ، وبالتالي فانها تبدو معزولة عن السياق العام للجماعة ، ولو انها كانت عكس ذلك لاستقطبت مبادرة زمزم الآف الشباب من الاخوان باعتبارها مبادرة اصلاحية خرجت من داخل الجماعة.
نلاحظ رابعا ان الجماعة انشغلت على مدى اعوام بصراع طويل اشغلها واساء اليها وبدد طاقاتها ، ومع انها حاولت ان تستوعبه لكنها وصلت الى طريق مسدود ، وبالتالي حين تعذر الامساك بالمعروف اصبح الطلاق هو الحل ..وهذا ما فعلته قيادة الجماعة اخيرا.
على الطرف المقابل يعتقد تيار الاصلاح والتصويب انهم حريصون على وحدة الجماعة ، ولا يفكرون بالانشقاق عنها ، وان هدفهم الوحيد هو انقاذها من المصير المحتوم التي تذهب اليها ، او من الفخ الذي يراد لها ان تقع فيه، ولانهم عجزوا عن اقناع القيادة الحالية بذلك، فانهم تطوعوا للقيام بالمهمة، كما انهم يعتقدون ان قرارات الفصل التي صدرت كانت “مبيتة” وان اللجنة التي شكلت من قبل قيادة الجماعة لم تعط الوقت المناسب لتسوية الموضوع، زد على ذلك ان القرارات شابها عور قانوني، ويرون ايضا ان ازمة الجماعة ليست معهم فقط وانما مع الدولة والمجتمع ، وخاصة على صعيد تحديد هويتها الوطنية وحسم علاقتها مع حماس ، وتحرير خطابها السياسي من المناكفة ومعاندة الدولة وتحرير خطابها الدعوي من “التطرف” ، وضرورة الفصل بين الخطابين من خلال الفصل بين تنظيمي : الحزب والجماعة، اضافة الى مطالبات اخرى تتعلق باستقالة المراقب والمكتب التنفيذي وتشكيل لجنة محايدة لادارة الجماعة مؤقتا واجراء انتخابات نزيهة..الخ.
مبدئيا ، يوجد لدى الطرفين فرصة للحوار والتوافق ، لكن عمليا اعتقد ان الابواب حتى الان ما تزال مسدودة تماما ، والمشكلة هنا لها شقان: الاول ان الاخوان على الطرفين فقدوا القدرة على التعايش فيما بينهم داخل اطار الجماعة، وبالتالي فانهم يتعاملون بمنطق الربح والخسارة المعلّق دائما بالرغبة في الطلاق، اما الشق الثاني فهو ان طرفا ثالثا دخل على خط الاثنين معا واغراهما بالاستمرار في معركة تصفية الحسابات ، وبالانتصار فيها ايضامهما كان الثمن.
باستثناء قلة محدودة ،ولكنها معتبرة ، من الحكماء الذين لم يسلموا من لوم الطرفين وغضبهما ،فان مصلحة الجماعة ظلت غائبة عن اجندة الصراع ، وكأنها لا تستحق اي تنازل من الطرفين ، او كأنهما وصلا الى نتيجة واحدة وهي : نحن او الجماعة، واذا كان ذلك صحيحا ، واتمنى ان لا يكون، فان الجميع سيخرجون خاسرين ، وسيتحملون امام الله والوطن والتاريخ والاجيال القادمة مسؤولية هذه الامانة التي ضيعوها في صراع على اوهام الشرعية والوطنية .. وعلى تخوم المناصب والمنافع والمنابت ،ولذا اقتضى التنبيه ..فانتبهوا يرحمكم الله.