داعش في الاردن: حقيقة ام وهم..؟!
حسين الرواشدة
جو 24 : يوجد في الاردن - بحسب تقديرات وزارة الداخلية - نحو (7) الاف سلفي “جهادي” ، منهم 2000 سلفي متعاطف مع داعش , و 1300 شاب انضم الى القتال مع جبهة النصرة وداعش, فيما تشير تقديرات اخرى الى اضعاف هذا العدد.
باستثناء بعض الاسماء القيادية في التنظيمات , وبعض الذين تم الاعلان عن مقتلهم هناك ونحو200 من المعتقلين بتهمة “التطرف” ، لا يوجد لدينا –حسب علمي- قاعدة بيانات مفصلة تكشف “خلايا” التنظيم في الاردن , والاهم من ذلك اننا لا نعرف البيئات التي خرجوا منها ، والاسباب التي دفعتهم للانضمام اليه او التعاطف معه.
بالعودة الى مواقع التواصل الاجتماعي التي تشكل “الشبكة” الرئيسه لاعلام داعش واخواتها, نلاحظ ان بعض الاخبار التي ينشرها التنظيم تحظى باعجاب وتعليق المئات من الشباب الاردنيين , ومن قراءة التعليقات على خبر وفاة احد الاردنيين الذين انضموا الى داعش مثلا, نكتشف مدى تفاعل اعداد كبيرة من شبابنا مع مثل هذه التنظيمات, وهي ظاهرة صادمة بامتياز.
لكن يبقى السؤال الاساسي ، وهو: هل يوجد لدينا داعش في الاردن؟ استطيع –باطمئنان- ان اقول : لا , لكن قبل ان اوضح اسباب ذلك , لابد ان اشير الى مسألتين: الاولى ان هنالك فروقا جوهرية بين “السلفية” بانواعها وتحديدا الجهادية وبين داعش , صحيح انهما يلتقيان على بعض المشتركات الفكرية والمعرفية , لكن نسخة داعش تتجاوز ببشاعتها كل ما شهدنا من نسخ التطرف واخرها نسخة القاعدة ، وبالتالي فان وجود بعض السلفيين المتعاطفين مع داعش في الاردن لا يعني بالضرورة انهم “داعشيون”، اما المسالة الاخرى فهي انه لابد من “التفريق” بين الاعجاب بالفكرة عن بعد وبين الانخراط فيها , الاعجاب هنا له اسبابه ودوافعه التي يمكن تكون “طارئة” وغير حقيقية, ويمكن ان تعالج , فيما ان التماهي مع الفكرة وممارستها والاستغراق فيها يشكل انحيازا لها وايمانا واقتناعا بها ، واعتقد ان المتعاطفين هنا مع داعش من الفصيل الاول.
اذا، لا يوجد لدينا داعش حتى الان؟اما لماذا ففي تقديري هنالك ثلاثة اسباب : الاول ان البيئة التي خرجت منها داعش، في سوريا او العراق ، لها ظروفها الخاصة ، سواء على صعيد السياسة او الدين او طبيعة الحكم والدولة وما جرى على هوامشها من صراعات، اما في الاردن فلا يوجد بيئة مناسبة لاستقبال وتشجيع مثل هذه الظاهرة ، بل ان البيئة الاردنية (وكذلك الشخصية الاردنية) على العكس من ذلك، فهي “طاردة “ للتطرف بشكل عام ، وللارهاب الذي تمارسه داعش بشكل خاص.
اما السبب الثاني فهو ان تمدد داعش وتصاعد حضورها ارتبط في سوريا والعراق بعنف النظام وبسقوط الدولة او فشلها في ادارة نفسها، وبالتالي فان داعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة ردت على توحش النظام وملأت هذا الفراغ ، كما ان اطرافا اخرى دخلت على الخط ،منها من ساهم في التمويل والتمكين ومنها من شكّل استفزازا لهذه التنظيمات فاعتبرتها احد اهدافها، اما الدولة الاردنية فما زالت تتمتع بعافيتها وقوتها ، كما ان المجتمع الاردني لم يتعرض لمثل هذه التدخلات فيما النظام يمتاز بالاعتدال ، ومن غير المتوقع ان تحصل اية تحولات على هذا الصعيد في المدى المنظور.
يبقى السبب الثالث وهو يتعلق بالموقع الجيو سياسي للاردن حيث يختلف عن البيئات الجيوسياسية التي خرجت منها داعش في سوريا والعراق ولاحقا في ليبيا، ذلك ان امكانية تسرب اعضاء من التنظيم عبر الحدود غير واردة ، كما ان امكانية تهريب المقاتلين القادمين من الخارج تبدو مستحيلة ، زد على ذلك ان الدور الذي يقوم به الاردن في الحرب ضد الارهاب يعكس وجود ارادة دولية واقليمية لابقائه بعيدا عن دائرة الخطر الذي تمثله داعش نظرا لتقاطع المصالح والادوار التي يعرفا الجميع.
ومع ذلك، لا يجوز ان نضع ايدينا في “ماء باردة” او نطمئن الى سلامة اوضاعنا، وخاصة فيما يتعلق “بالداخل” الذي يشهد تصاعدا واضحا”لنبرة” التطرف واعداد المتطرفين والمعجبين بداعش،وهنا يبرز سؤال ضروري وهو : ماذا فعلنا لمواجهة ذلك..؟ الجواب الذي سمعنا حتى الان لا يتجاوز الحديث عن الاستراتيجية الحكومية التي سبق وان اشرت اليها في عدة مقالات ، وهي باختصار مجرد اجراءات لتوزيع الادوار على المؤسسات الرسمية ، واغلبها اخذ الصفة الامنية، اضافة الى مبادرة لم تعلن بعد تهدف الى اجراء حوارات ومراجعات داخل السجون ..، لكن هل يكفي ذلك؟
اعتقد ان اول ما يجب ان نفعله هو تشخيص حالة “التطرف “ في مجتمعنا من خلال اجراء دراسات علمية وميدانية تتناول مختلف جوانب الظاهرة في ابعادها السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية لمعرفة البيئات التي خرج منا الشباب المتطرفون والمتعاطفون مع داعش او الذين انضموا اليها، وبعد ذلك لا بد ان نتبنى حلولا عملية وواقعية لمواجهة التطرف وتطويقه، وهذه الخطة تحتاج الى تضافر جهود مؤسسات الدولة كلها بما فيها مؤسسات المجتمع المدني ، كما تحتاج الى خبراء والى تمويل وبرامج جادة ، وقبل ذلك الى ارادة حقيقية للاصلاح الشامل لمختلف جوانب حياتنا في مجالات التعليم والتدين والسياسة والاقتصاد ايضا.
باستثناء بعض الاسماء القيادية في التنظيمات , وبعض الذين تم الاعلان عن مقتلهم هناك ونحو200 من المعتقلين بتهمة “التطرف” ، لا يوجد لدينا –حسب علمي- قاعدة بيانات مفصلة تكشف “خلايا” التنظيم في الاردن , والاهم من ذلك اننا لا نعرف البيئات التي خرجوا منها ، والاسباب التي دفعتهم للانضمام اليه او التعاطف معه.
بالعودة الى مواقع التواصل الاجتماعي التي تشكل “الشبكة” الرئيسه لاعلام داعش واخواتها, نلاحظ ان بعض الاخبار التي ينشرها التنظيم تحظى باعجاب وتعليق المئات من الشباب الاردنيين , ومن قراءة التعليقات على خبر وفاة احد الاردنيين الذين انضموا الى داعش مثلا, نكتشف مدى تفاعل اعداد كبيرة من شبابنا مع مثل هذه التنظيمات, وهي ظاهرة صادمة بامتياز.
لكن يبقى السؤال الاساسي ، وهو: هل يوجد لدينا داعش في الاردن؟ استطيع –باطمئنان- ان اقول : لا , لكن قبل ان اوضح اسباب ذلك , لابد ان اشير الى مسألتين: الاولى ان هنالك فروقا جوهرية بين “السلفية” بانواعها وتحديدا الجهادية وبين داعش , صحيح انهما يلتقيان على بعض المشتركات الفكرية والمعرفية , لكن نسخة داعش تتجاوز ببشاعتها كل ما شهدنا من نسخ التطرف واخرها نسخة القاعدة ، وبالتالي فان وجود بعض السلفيين المتعاطفين مع داعش في الاردن لا يعني بالضرورة انهم “داعشيون”، اما المسالة الاخرى فهي انه لابد من “التفريق” بين الاعجاب بالفكرة عن بعد وبين الانخراط فيها , الاعجاب هنا له اسبابه ودوافعه التي يمكن تكون “طارئة” وغير حقيقية, ويمكن ان تعالج , فيما ان التماهي مع الفكرة وممارستها والاستغراق فيها يشكل انحيازا لها وايمانا واقتناعا بها ، واعتقد ان المتعاطفين هنا مع داعش من الفصيل الاول.
اذا، لا يوجد لدينا داعش حتى الان؟اما لماذا ففي تقديري هنالك ثلاثة اسباب : الاول ان البيئة التي خرجت منها داعش، في سوريا او العراق ، لها ظروفها الخاصة ، سواء على صعيد السياسة او الدين او طبيعة الحكم والدولة وما جرى على هوامشها من صراعات، اما في الاردن فلا يوجد بيئة مناسبة لاستقبال وتشجيع مثل هذه الظاهرة ، بل ان البيئة الاردنية (وكذلك الشخصية الاردنية) على العكس من ذلك، فهي “طاردة “ للتطرف بشكل عام ، وللارهاب الذي تمارسه داعش بشكل خاص.
اما السبب الثاني فهو ان تمدد داعش وتصاعد حضورها ارتبط في سوريا والعراق بعنف النظام وبسقوط الدولة او فشلها في ادارة نفسها، وبالتالي فان داعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة ردت على توحش النظام وملأت هذا الفراغ ، كما ان اطرافا اخرى دخلت على الخط ،منها من ساهم في التمويل والتمكين ومنها من شكّل استفزازا لهذه التنظيمات فاعتبرتها احد اهدافها، اما الدولة الاردنية فما زالت تتمتع بعافيتها وقوتها ، كما ان المجتمع الاردني لم يتعرض لمثل هذه التدخلات فيما النظام يمتاز بالاعتدال ، ومن غير المتوقع ان تحصل اية تحولات على هذا الصعيد في المدى المنظور.
يبقى السبب الثالث وهو يتعلق بالموقع الجيو سياسي للاردن حيث يختلف عن البيئات الجيوسياسية التي خرجت منها داعش في سوريا والعراق ولاحقا في ليبيا، ذلك ان امكانية تسرب اعضاء من التنظيم عبر الحدود غير واردة ، كما ان امكانية تهريب المقاتلين القادمين من الخارج تبدو مستحيلة ، زد على ذلك ان الدور الذي يقوم به الاردن في الحرب ضد الارهاب يعكس وجود ارادة دولية واقليمية لابقائه بعيدا عن دائرة الخطر الذي تمثله داعش نظرا لتقاطع المصالح والادوار التي يعرفا الجميع.
ومع ذلك، لا يجوز ان نضع ايدينا في “ماء باردة” او نطمئن الى سلامة اوضاعنا، وخاصة فيما يتعلق “بالداخل” الذي يشهد تصاعدا واضحا”لنبرة” التطرف واعداد المتطرفين والمعجبين بداعش،وهنا يبرز سؤال ضروري وهو : ماذا فعلنا لمواجهة ذلك..؟ الجواب الذي سمعنا حتى الان لا يتجاوز الحديث عن الاستراتيجية الحكومية التي سبق وان اشرت اليها في عدة مقالات ، وهي باختصار مجرد اجراءات لتوزيع الادوار على المؤسسات الرسمية ، واغلبها اخذ الصفة الامنية، اضافة الى مبادرة لم تعلن بعد تهدف الى اجراء حوارات ومراجعات داخل السجون ..، لكن هل يكفي ذلك؟
اعتقد ان اول ما يجب ان نفعله هو تشخيص حالة “التطرف “ في مجتمعنا من خلال اجراء دراسات علمية وميدانية تتناول مختلف جوانب الظاهرة في ابعادها السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية لمعرفة البيئات التي خرج منا الشباب المتطرفون والمتعاطفون مع داعش او الذين انضموا اليها، وبعد ذلك لا بد ان نتبنى حلولا عملية وواقعية لمواجهة التطرف وتطويقه، وهذه الخطة تحتاج الى تضافر جهود مؤسسات الدولة كلها بما فيها مؤسسات المجتمع المدني ، كما تحتاج الى خبراء والى تمويل وبرامج جادة ، وقبل ذلك الى ارادة حقيقية للاصلاح الشامل لمختلف جوانب حياتنا في مجالات التعليم والتدين والسياسة والاقتصاد ايضا.