أقسى حروبنا !
خيري منصور
جو 24 : لم يتوقف تفشّي الأمية في عالمنا العربي الذي كان يسمَّى الوطن العربي عند حدود جهل ما يحدث الآن، بل تمدد الى الماضي، وأصبحنا نجهل تاريخنا باستثناء ما يطفو على سطحه من حكايات، فالتاريخ أيضا له وجهان أحدهما ظاهري والآخر جَوْفيّ، خصوصا بعد أن عرفنا بأن للمؤرخين اهواءهم وانتماءاتهم الفكرية والأيديولوجية ومنهم من كان السلطان يُملي عليه ما يكتب .
ما سمعته بالأمس من العزيز احمد المسلماني في برنامجه الذي يزاوج بين الثقافة والسياسة عن احتفال الفرنسيين بذكرى «فيكتور هوغو» أثار في الذاكرة تداعيات لا حدود لها، فهو كما ذكر المسلماني كتب عن الإسلام بانحياز مزدوج، فكري وعاطفي، وتمرد على السائد في عصره من ثقافة استشراقية . ذكّرني هذا الكلام بما كتبه ديكارت فيلسوف الشك عن الغزالي قبل ان يتوقف عن البحث وينتهي الى اليقين، وبما كتبه الألماني نولدكه عن الشعر العربي حين تمنى لو أن المانيا تقرر المعلقات السبع أو العشر على مدارسها وقال إنها أعظم من الألياذة .
وذكّرني كذلك بما كتبه «روجيه غارودي» عن الإسلام كما عرفه حين كان أسيرا في حرب الاستقلال الجزائرية وعومل معاملة الأسرى ولم يُذبح بسكين عمياء أو يحرق حيّا، ويعترف غارودي أن تلك الواقعة هي ما جعلته يعلن اسلامه بعد ذلك !
والعرب الذين لم يعرفوا عن «فكتور هوغو» سوى أنه صاحب روايتي «أحدب نوتردام» و»البؤساء» فاتهُم ان هذا الفرنسي المبدع والذي أصبح من رموز فرنسا التاريخية دافع عنهم وعن ثقافتهم وأَنْصَفَهم في عصر عزّ فيه العدل والانصاف ، ان من يجهل تاريخه هو لقيط بالمعنى الرمزي وعليه ان يعيد الأخطاء التي مرّ بها اسلافه بل يحوّلها الى خطايا كما قال «جورج ساننيانا»، لهذا من الطبيعي ألا يدافع الأحفاد عن أجداد يجهلونهم، والأميّة حين تشمل التاريخ تصبح وباءً قد يهلك اوطانا بما فيها ومن فيها، لأن النّبت الشيطاني لا جذور له، لهذا كان الإغريق القدماء ينقشون على شواهد قبور محاربيهم عبارة مفعمة بالدلالات هي (إن الأحرار وحدهم من يدافعون عن أوطانهم، أما العبيد فلا وطن لهم ولا مَنفى لأنهم أدمنوا قيودهم وحوّلوها الى حليّ للزينة وحين لا يجدون أسيادا يقبّلون اقدامهم يشعرون بالبطالة) !
لقد تم تجريف الوعي وغسل الذاكرة لمعظم العرب في العقود الأخيرة حين صنعت لهم ثقافة بديلة واطروحات استهلاكية مضادة لكل ما هو حيوي وفاعل في تاريخهم .
والحرب الضارية غير المعلنة والتي لا يذكر فيها عدد القتلى هي هذه الحروب بين وعي زائف وسالب وبين وعي مفارق للسّائد الدّاجن كله !
ما سمعته بالأمس من العزيز احمد المسلماني في برنامجه الذي يزاوج بين الثقافة والسياسة عن احتفال الفرنسيين بذكرى «فيكتور هوغو» أثار في الذاكرة تداعيات لا حدود لها، فهو كما ذكر المسلماني كتب عن الإسلام بانحياز مزدوج، فكري وعاطفي، وتمرد على السائد في عصره من ثقافة استشراقية . ذكّرني هذا الكلام بما كتبه ديكارت فيلسوف الشك عن الغزالي قبل ان يتوقف عن البحث وينتهي الى اليقين، وبما كتبه الألماني نولدكه عن الشعر العربي حين تمنى لو أن المانيا تقرر المعلقات السبع أو العشر على مدارسها وقال إنها أعظم من الألياذة .
وذكّرني كذلك بما كتبه «روجيه غارودي» عن الإسلام كما عرفه حين كان أسيرا في حرب الاستقلال الجزائرية وعومل معاملة الأسرى ولم يُذبح بسكين عمياء أو يحرق حيّا، ويعترف غارودي أن تلك الواقعة هي ما جعلته يعلن اسلامه بعد ذلك !
والعرب الذين لم يعرفوا عن «فكتور هوغو» سوى أنه صاحب روايتي «أحدب نوتردام» و»البؤساء» فاتهُم ان هذا الفرنسي المبدع والذي أصبح من رموز فرنسا التاريخية دافع عنهم وعن ثقافتهم وأَنْصَفَهم في عصر عزّ فيه العدل والانصاف ، ان من يجهل تاريخه هو لقيط بالمعنى الرمزي وعليه ان يعيد الأخطاء التي مرّ بها اسلافه بل يحوّلها الى خطايا كما قال «جورج ساننيانا»، لهذا من الطبيعي ألا يدافع الأحفاد عن أجداد يجهلونهم، والأميّة حين تشمل التاريخ تصبح وباءً قد يهلك اوطانا بما فيها ومن فيها، لأن النّبت الشيطاني لا جذور له، لهذا كان الإغريق القدماء ينقشون على شواهد قبور محاربيهم عبارة مفعمة بالدلالات هي (إن الأحرار وحدهم من يدافعون عن أوطانهم، أما العبيد فلا وطن لهم ولا مَنفى لأنهم أدمنوا قيودهم وحوّلوها الى حليّ للزينة وحين لا يجدون أسيادا يقبّلون اقدامهم يشعرون بالبطالة) !
لقد تم تجريف الوعي وغسل الذاكرة لمعظم العرب في العقود الأخيرة حين صنعت لهم ثقافة بديلة واطروحات استهلاكية مضادة لكل ما هو حيوي وفاعل في تاريخهم .
والحرب الضارية غير المعلنة والتي لا يذكر فيها عدد القتلى هي هذه الحروب بين وعي زائف وسالب وبين وعي مفارق للسّائد الدّاجن كله !