2024-12-24 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

«بانورامـا »عربـيـة بامتـيـاز..!!

حسين الرواشدة
جو 24 : في أربع سنوات فقط انقلب عالمنا العربي رأسا على عقب.
قلت فيما مضى أن وراء ما حدث أمرين هما : انفجار التاريخ و “ولعنة” الجغرافيا، لكنني استأذن اليوم باستعراض بعض المشاهد “المتحفية” التي يمكن لأي زائر ان يلتقط منها ما يشاء من صور..ربما للذكرى فقط.
لأول مرة اصبح لدينا رؤساء احياء ، في مصر “5” بين معزول وسجين ومؤقت وحالي، وفي ليبيا “3” ، وفي اليمن “2” ونصف، وكذلك في العراق وتونس ، وباستثناء لبنان التي ما تزال بلا رئيس فإن موريتانيا حافظت على الصدارة بوجود نحو “7” رؤساء ما زالوا على قيد الحياة.
لأول مرة ايضا تنكسر رمزية “الجيش” الواحد في كل بلد ، وتتناسل من داخله جيوش وميليشيات ، لكل منها “عقيدة” وحسابات سياسية وعناوين خارجية تستقوي بها ، وتتجاوز حدود القتال في اوطانها للقتال في دول اخرى دون ان تستأذن احدا.
لأول مرة ايضا تسقط العواصم والمدن بيد “التنظيمات” المسلحة وقطاع الطرق ،ويحتدم الصراع على “الشرعية” ، وتتحول الدولة الى مجموعة من القبائل كما يتحول المجتمع الى طوائف تلتقي على عنوان واحد، وهو : “الكراهية”.
لأول مرة ايضا يختفي مصطلح الصراع العربي الإسرائيلي ويبرز بدلا منه مصطلح الصراع العربي العربي، او الارهاب الاسلامي الاسلامي(مكرر)، ثم يبدأ العربان بالتهام بعضهم بعضا وذبح انفسهم بأيديهم، فيما اسرائيل تتفرج وترفع اصابع الشماتة وتمد لسانها للجميع .
لأول مرة ايضا يلد العجز والخوف والقهر العربي دولة جديدة باسم “الخلافة الاسلامية” ، ترفع الراية السوداء وتبشّر رعاياها بقطع الرؤوس اذا لم يسارعوا الى اعلان البيعة للخليفة الجديد.
لأول مرة ايضا تستعيد الامبراطورية الفارسية امجادها ، فمن الشام التي بسطت عليها نفوذها تحركت نحو اليمن وفي الطريق احكمت قبضتها على العراق، وصار بوسعها ان تفرض علينا لغتها وتتمدد من المحيط الى الخليج.
هل تكفي هذه المشاهد والصور لمعرفة ما جرى من زلازل في عالمنا العربي منذ أن قرر الانسان هنا ان يفك “عقدة” الصمت الذي لازمه من عقود، ثم يصرخ في الشوارع والميادين احتجاجا على الظلم الذي اوصله للجدار؟
لا ،بالطبع، تذكر بأنك في العالم العربي الجديد ، وما زال لدينا المزيد، خذ مثلا صور الخيام التي انتشرت على الحدود، وبداخلها ازدحم مئات الآلاف من المشردين والمهجرين ، من قال اننا ودعنا “بؤس” المخيمات؟ نحن انتقلنا فقط من عصر الدولة الى عصر القبيلة وعصر الخيمة ، وتحولنا من انصاف مواطنين ورعايا الى ضحايا ..ولاجئين .
خذ مثلا صورة “ انجازنا” الحضاري الأخير : القتل على الهوية ، والذبح بالسكين ،والحرق بالنار ، وانتصاب اسواق السبايا ، وقطع الحناجر، واذابة اجساد المعارضين بالاسيد ، هذه الفنون التي ودعتها البشرية منذ قرون ها نحن نحتفل باستعادتها من جديد.
خذ أيضا صورة أخرى: طابور طويل من الخائفين يسيرون كالعميان وراء قصاب لا يخفي السكين التي يشد عليها قبضته، يبدأون بحفر قبورهم بأظافرهم، ثم يعيدون الى الطابور طائعين، ويذهب القصاب ثم يعود اليهم وهم ما زالوا بانتظاره ، فيبدأ بذبحهم واحدا تلو الآخر دون ن يرف لأحدهم جفن.
تصور، كيف تحولت الاوطان الى اكفان ومقابر ، والأديان الى سكاكين وخناجر، والجيوش الى ميليشيات وقطاع طرق، والشعوب الى قطعان جاهزة للقتال والانتقام، واحلام الوحدة الى كوابيس كراهية ، والعقول الى جماجم مجنونة، والاسود الى قرود ..
ما يحدث في عالمنا العربي أكبر من أن تلتقطه كاميرا سائح عابر، واسوأ مما أراده أعداؤنا لنا ، واقبح من ان نغطي عليه بصبرنا أو صمتنا أو خوفنا من الفضيحة “والجهر بالسوء”، لكننا مع ذلك ورغم مرارته لن نفقد الأمل ، فقد مررنا من قبل بتجارب مماثلة وخرجنا منها سالمين، كما خرج غيرنا من خزان البؤس هذا وتجاوز لعنة الدم ، وها هم أمامنا يتمتعون بعافيتهم ، ونحن بالتأكيد سنفعل ذلك ، قولوا : إن شاء الله.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير