هنا امتحان مواجهة التطرف..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : اسهل طريقة لمواجهة التطرف ان نفزع لعقد الندوات والمؤتمرات، ففي الاسابيع الماضية تلقيت عشر دعوات للمشاركة في ندوات او مؤتمرات حول الموضوع، والحبل بالطبع على الجرار، واكاد اجزم انني في كل ندوة التقي نفس الوجوه، واسمع الخطابات ذاتها، ونكتفي -في الغالب- بمخاطبة انفسنا داخل جدران مغلقة، والحاضرون مقتنعون تماما - مثلنا - بالفكرة ..وفي الختام يصدر بيان تمت صياغته كالعادة قبل انعقاد المؤتمر، ثم يعود المشاركون وجمهورهم القليل الى بيوتهم سالمين.
لم نسأل انفسنا : من هو الجمهور الذي يجب ان نخاطبه، واذا كنا نعرفه فهل وصل خطابنا اليه، ثم هل كان مؤثرا او مقنعا، لم نسأل انفسنا ايضا : هل يكفي ان نواجه التطرف بمزيد من الوعظ والارشاد، ام ان المتطرفين والاخرين الذين لديهم قابلية لانتقال هذه العدوى يحتاجون مع الوعظ والدعاء الى شئ من “العلقم” ، اقصد الفهم والفعل والحركة ايضا.
آسف اذا قلت، اننا لا نزال في عالمنا العربي “نتخبط” في مواجهة التطرف ، والسبب اننا لم نحسم بعد الاجابة على السؤال المركزي وهو من اين دخل الينا التطرف ، ومن هو المسؤول عنه ، البعض هرب الى التدين فحمله مسؤولية هذا الوباء، فيما ذهب اخرون الى السياسة والاقتصاد بما حفلت به من ظلم واستبداد، اما الذين صدمتهم “ثقافة” التوحش فقد انحازوا الى بؤس مجالنا الثقافي الذي افرز مثل هذه النماذج البشرية التي لا علاقة لها بالانسان ، اي انسان.
في بلدنا ما نزال نتوجس من امتداد التطرف الينا، لكن هل ننتظره حتى يصل الينا ويتغلغل داخل مجتمعنا ، او هل نطمئن الى ان مواجهته بالمؤتمرات والندوات هو الحل الانجع؟ كلا ، بالطبع ، لا بد ان نتقدم خطوات جادة لمعالجة الجذور التي خرجت منها فسائله ، لا اتحدث فقط عن الفقر والبطالة وانسدادات السياسة ، وانما ايضا عن الثقافة التي اهملناها ، والتعليم الذي حولناه الى تلقين ، وعقول الشباب التي زهدنا في تنميتها وتشجيعها على التفكير والابداع، وطاقاتهم التي همشناها بالواسطة والمحسوبية.
قبل ان نفزع الى تنظيم المؤتمرات واصدار البيانات ، وادانة الارهاب واطلاق اللعنات على المتطرفين ، ثم اعلان براءة الاسلام من هذه الجرائم ، يجب ان ندقق فيما فعلناه على الارض ، وفيما يمكن ان ننجزه خارج القاعات والفنادق: هناك في الاطراف والاحياء التي لا تصلها اصواتنا يطل التطرف برأسه ويعبث بعقول ابنائنا المحبطين والمهمشين، وهنالك في الحواضن المهيئة لاستقبال ذبذبات المتطرفين الكبار يفتح الشباب لواقطهم - في غفلة منا - لكي ينصتوا الى انينهم واوهام الخلاص التي يتصورونها ، وعندها يتحولون الى مشاريع انتقام واشباح كراهية.
لم نفكر للاسف ان نذهب الى هناك لاننا ما زلنا في العاصمة نخاطب انفسنا ونتحاور مع انفسنا ، ونتصور ان الشباب الذين نخشى عليهم من الوقوع في مصيدة التطرف ينتظرون كلامنا على احر من الجمر ، وحتى لو لم يصل اليهم ، فعليهم ان يبحثوا عنه، ويسترشدوا به ، وبهذا نكون اقمنا عليهم الحجة وبرأنا ضمائرنا من التقصير ..!!
يا سادتنا العلماء والمفكرين والمسؤولين يجب ان نصارحكم باسم هؤلاء الشباب ان مواجهة التطرف تحتاج الى افعال وممارسات لا مجرد مؤتمرات ، والى حوارات وجها لوجه مع الشباب وليس فقط اصدار بيانات، نرجوكم ان تنزلوا الى “الميدان” لكي تقبضوا على التطرف وهو متلبس بالجريمة بدل ان تحاربوه في الخيال، ان تسألوا الشباب الضحايا الذين اصابت جراثيمه بالمرض(او الاخرين المعرضين للاصابة) عن اوضاعهم بدل ان تعاينوهم عن بعد وتقرروا لهم ما تشاؤون من وصفات، ان تمسكوا بايديهم وترشدوهم الى الصواب بدل ان تبعثوا لهم رسائل الوعظ والتنديد من فوق المنابر او من داخل القاعات.
يجب ان نصارحكم ايضا ان الشباب ينتظرون نماذجكم الملهمة قبل خطاباتكم المفحمة، ويريدون ان يروا الرحمة فيكم قبل ان يسمعوها منكم، ويبحثون معكم عن الاعتدال والعدالة قبل ان يكفروا بالظلم والفجور الذي يمارسه اؤلئك المتطرفون، هؤلاء الشباب الذين كسروا عصا الطاعة والوصاية يتطلعون الى “وعي” يمشي على الارض لكي يزلزل قناعاتهم لا الى “جثث” من الخطابات والكلمات التي حفظوها عن ظهر قلب ثم اكتشفوا انها ميتة، انهم -باختصار- فقدوا الثقة بكل ما حولهم ..فهل بوسعكم ان تعيدوا لهم الامل بالمستقبل الافضل؟
ان امتحان مواجهة التطرف هنا وليس في اي مكان آخر.الدستور
لم نسأل انفسنا : من هو الجمهور الذي يجب ان نخاطبه، واذا كنا نعرفه فهل وصل خطابنا اليه، ثم هل كان مؤثرا او مقنعا، لم نسأل انفسنا ايضا : هل يكفي ان نواجه التطرف بمزيد من الوعظ والارشاد، ام ان المتطرفين والاخرين الذين لديهم قابلية لانتقال هذه العدوى يحتاجون مع الوعظ والدعاء الى شئ من “العلقم” ، اقصد الفهم والفعل والحركة ايضا.
آسف اذا قلت، اننا لا نزال في عالمنا العربي “نتخبط” في مواجهة التطرف ، والسبب اننا لم نحسم بعد الاجابة على السؤال المركزي وهو من اين دخل الينا التطرف ، ومن هو المسؤول عنه ، البعض هرب الى التدين فحمله مسؤولية هذا الوباء، فيما ذهب اخرون الى السياسة والاقتصاد بما حفلت به من ظلم واستبداد، اما الذين صدمتهم “ثقافة” التوحش فقد انحازوا الى بؤس مجالنا الثقافي الذي افرز مثل هذه النماذج البشرية التي لا علاقة لها بالانسان ، اي انسان.
في بلدنا ما نزال نتوجس من امتداد التطرف الينا، لكن هل ننتظره حتى يصل الينا ويتغلغل داخل مجتمعنا ، او هل نطمئن الى ان مواجهته بالمؤتمرات والندوات هو الحل الانجع؟ كلا ، بالطبع ، لا بد ان نتقدم خطوات جادة لمعالجة الجذور التي خرجت منها فسائله ، لا اتحدث فقط عن الفقر والبطالة وانسدادات السياسة ، وانما ايضا عن الثقافة التي اهملناها ، والتعليم الذي حولناه الى تلقين ، وعقول الشباب التي زهدنا في تنميتها وتشجيعها على التفكير والابداع، وطاقاتهم التي همشناها بالواسطة والمحسوبية.
قبل ان نفزع الى تنظيم المؤتمرات واصدار البيانات ، وادانة الارهاب واطلاق اللعنات على المتطرفين ، ثم اعلان براءة الاسلام من هذه الجرائم ، يجب ان ندقق فيما فعلناه على الارض ، وفيما يمكن ان ننجزه خارج القاعات والفنادق: هناك في الاطراف والاحياء التي لا تصلها اصواتنا يطل التطرف برأسه ويعبث بعقول ابنائنا المحبطين والمهمشين، وهنالك في الحواضن المهيئة لاستقبال ذبذبات المتطرفين الكبار يفتح الشباب لواقطهم - في غفلة منا - لكي ينصتوا الى انينهم واوهام الخلاص التي يتصورونها ، وعندها يتحولون الى مشاريع انتقام واشباح كراهية.
لم نفكر للاسف ان نذهب الى هناك لاننا ما زلنا في العاصمة نخاطب انفسنا ونتحاور مع انفسنا ، ونتصور ان الشباب الذين نخشى عليهم من الوقوع في مصيدة التطرف ينتظرون كلامنا على احر من الجمر ، وحتى لو لم يصل اليهم ، فعليهم ان يبحثوا عنه، ويسترشدوا به ، وبهذا نكون اقمنا عليهم الحجة وبرأنا ضمائرنا من التقصير ..!!
يا سادتنا العلماء والمفكرين والمسؤولين يجب ان نصارحكم باسم هؤلاء الشباب ان مواجهة التطرف تحتاج الى افعال وممارسات لا مجرد مؤتمرات ، والى حوارات وجها لوجه مع الشباب وليس فقط اصدار بيانات، نرجوكم ان تنزلوا الى “الميدان” لكي تقبضوا على التطرف وهو متلبس بالجريمة بدل ان تحاربوه في الخيال، ان تسألوا الشباب الضحايا الذين اصابت جراثيمه بالمرض(او الاخرين المعرضين للاصابة) عن اوضاعهم بدل ان تعاينوهم عن بعد وتقرروا لهم ما تشاؤون من وصفات، ان تمسكوا بايديهم وترشدوهم الى الصواب بدل ان تبعثوا لهم رسائل الوعظ والتنديد من فوق المنابر او من داخل القاعات.
يجب ان نصارحكم ايضا ان الشباب ينتظرون نماذجكم الملهمة قبل خطاباتكم المفحمة، ويريدون ان يروا الرحمة فيكم قبل ان يسمعوها منكم، ويبحثون معكم عن الاعتدال والعدالة قبل ان يكفروا بالظلم والفجور الذي يمارسه اؤلئك المتطرفون، هؤلاء الشباب الذين كسروا عصا الطاعة والوصاية يتطلعون الى “وعي” يمشي على الارض لكي يزلزل قناعاتهم لا الى “جثث” من الخطابات والكلمات التي حفظوها عن ظهر قلب ثم اكتشفوا انها ميتة، انهم -باختصار- فقدوا الثقة بكل ما حولهم ..فهل بوسعكم ان تعيدوا لهم الامل بالمستقبل الافضل؟
ان امتحان مواجهة التطرف هنا وليس في اي مكان آخر.الدستور