jo24_banner
jo24_banner

نسختان من الإخوان : البيعة لمن..؟

حسين الرواشدة
جو 24 : لدينا الآن جماعتان “للإخوان المسلمين” ، احداهما نعرفها تماما، والاخرى ما تزال مجهولة، الاولى تستمد شرعيتها من حضورها في مجالنا العام منذ نحو 70 عاما، والثانية قيد الترخيص ،لكنها ستصبح واقعا، ويظل استمرارها مرهونا بتحقيق مسألتين : اولاهما اقناع كوادر الاخوان بتجديد البيعة لها ، والثانية انتزاع ارث الجماعة واملاكها وهيئاتها ، وقبل ذلك انتزاع اعتراف المجتمع وثقته بها.
المعركة بين “رأسي” الجماعة بدأت فعلا، لكنها لن تحسم بسهولة وسرعة كما يتصور البعض، واعتقد ان الدولة لن تتدخل بشكل مباشر بعد ان وضعت “كرة النار” في ميدان الجماعة، وبالتالي فان الصراع سيأخذ اشكالا جديدة ، وبأدوات اخوانية هذه المرة، ومن ينتصر في نهاية المطاف(اذا كان ثمة منتصر..!)هو من يستطيع ان يفرض الامر الواقع على الاخر، ويسجل ما امكن من اهداف ضده.
لست فقيها قانونيا، ولكنني اعتقد انه لم يصدر حتى الان قرار بحل جماعة الاخوان المسلمين او الغاء ترخيصها، كما انه لم يطلب منها رسميا تصويب اوضاعها ، “ وحين صدر قرار ترخيص جمعية باسم “الاخوان المسلمين” كان ذلك استجابة لطلب تقدم به اعضاء في الجماعة من خارج قيادتها المنتخبة، وبالتالي فان “العقدة” القانونية (ناهيك عن ابعادها التاريخية والسياسية والاجتماعية) لم تحل، وسنشهد بالتاكيد في الايام القادمة مساجلات سياسية وقانونية حول الموضوع.
الآن يمكن ان نفترض السيناريو التالي : ستبدأ جمعية الاخوان في نسختها المرخصة الجديدة بتشكيل هيئة مؤقتة لادارة المرحلة الانتقالية ، وتصدر قرارا بعزل القيادة الحالية، ثم ستطلب من كوادر الجماعة ان تجدد البيعة لها، وتحاول ان تضع يدها على ممتلكات الجماعة مع الحفاظ على هياكلها الحالية وطواقمها الادارية، وتعلن انها الممثل الشرعي الوحيد للاخوان المسلمين ، واذا ما تعذر ذلك فانها ستلجأ الى “الدولة – كما يقول السيد ذنيبات- لانه سيصبح حينها اي نشاط يمارس باسم الاخوان المسلمين خارج هذا الاطار “الاخواني “ الجديد غير قانوني.
اما السناريو على الطرف الآخر فهو ان تصر القيادة الحالية على رفض الاعتراف “بالجسم” الجديد، وان تتعامل معه بصفته انقلابا او تمردا ، ثم تبادر الى فصل كل من يشارك فيه من اعضائها، وتمتنع اغلبية الكوادر عن تجديد البيعة، وربما تذهب الجماعة الى اطلاق بعض المبادرات لترتيب الداخل وجمع الشمل(الوصفة التي قدمها شباب الاخوان مثلا واشرت اليها في مقالة الامس) وايضا الى التصويب من خلال الغاء المادة التي تتعلق بالارتباط مع القاهرة، وبالتالي فان رهانها على حسم الصراع على الشرعية - كما ترى - لن يحسم على اوراق الترخيص وانما سيتحول الى القضاء وربما الى الشارع ايضا.
حتى يتم حسم الصراع ستدخل الجماعة في حالة اشتباك داخلي ، وستنشغل بادارة ازمتها، وسيأكل الاخوان بعضهم ، وربما يفهم من امتناع الاطراف الرسمية عن التدخل او حتى التعليق ان ما جرى يكفي لاضعاف الحركة ، وان ابناءها المتصارعين كفيلون بالقيام بهذه المهمة على افضل وجه.
تبقى –بالطبع- اسئلة عديدة حول مسارات الجماعة بعد انشطارها الى نسختين(مقلدة واصلية) ، منها ما يتعلق بمصير الكوادر والاعضاء وحجم الانشقاقات المتوقع ونوعيته ايضا، ومنها ما يتعلق بموقف الدولة لاحقا من النشاطات التي يمارسها اعضاء الجماعة القديمة وفيما اذا سيتم رسميا اعلانها “جماعة محظورة”، واذا ما حدث ذلك فما هو مصير آلاف الشباب الذين ينتمون اليها في حال عزوفهم عن الاندماج في الجماعة الجديدة، ثم ما يتعلق ايضا بمصير حزب جبهة العمل الاسلامي الذي ينتمي معظم اعضائه للجماعة، والاهم من ذلك التداعيات السياسية والاجتماعية التي ستترتب على وجدود حركتين باسم واحد، جرى انقسامهما على اساس “ديمغرافي” مفزع.
لا ادري اذا كان لدينا اجابات واضحة على مثل هذه الاسئلة الخطيرة، لكن ثمة تجارب من حولنا يمكن ان تفيدنا في هذا المجال(هل نحتاج الى تكرارها؟) وبالتالي فان من واجبنا ان نستدعي ما يلزم من “حكمة” في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا لكي نتبصر اوضاعنا وما فعلناه بانفسنا، ونعرف اين نضع اقدامنا ، ونتجنب الوقوع في الخطأ الذي وقع فيه غيرنا ..وفهمكم كفاية.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير