هذا الوحش بحاجة الى ترويض..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : لا يتعلق خطر”داعش” بقوة التنظيم فقط، وانما بالفكرة التي اعتمدت التوحش عنوانا لها، واذا كان ثمة روايات وشكوك حول صناعة التنظيم واهدافه والجهات التي تموله ، فان الفكرة ولادة طبيعية انتجتها ظروف معروفة في مجتمعات عانت من التوحش، ثم اصبح لديها قابلية لممارسته.
بشكل اوضح ، لدى كل فرد او مجتمع “قابلية” ليكون قديسا او مجرما ، ومع ان الانسان في الاصل مسؤول عن خياراته الا ان الحقيقة هي ان هذه الخيارات غالبا مرتبطة بالبيئة والظروف التي تحيط به ، ولو استعاد احدنا ذاكرته الان لوجد انه في مرحلة ما من حياته تعرض لامتحان صعب وكان يمكن ان يجعل منه مشروع مجرم او على الاقل شخص انتقامي، ويمكن ان يحدث العكس لو وجد فرصة افضل دفعته لكي يبدع ويتبوأ افضل المواقع.
نحن اذا كمجتمعات ودول نتحمل مسؤولية انتاج “التوحش” ، واذا كانت داعش كفكرة جسدت اسوأ ما لدى الانسان من رغبة في القتل والانتقام والقسوة ، فانها لم تنزل علينا بالبرشوت ، وانما هي انتاج محلي، ويمكن ان تتمدد في اي مكان يحتضنها او يتفاعل معها ، كما يمكن ان تجذب الاشخاص المرضى الذين يشعرون انها تجيب على اسئلتهم ، او تتناسب مع طموحاتهم ، او تفتح امامهم فرصة للخروج من حالة اليأس او الخوف او القهر التي يعانون منها.
في وقت ما كانت تصدمني مشاهد القتل وتقطيع الرؤوس وصور الشباب والاطفال الذين تحولوا الى جزارين، اما الان فقد اعتدت -وربما غيري ايضا- على رؤية هذه المشاهد وكأنها اصبحت جزءا من حياتنا العامة، اكاد بالطبع الوم نفسي لكنني اعود واقول ان ما اشعر به اصبح للاسف شيئا طبيعيا ، فقد الفت التوحش وتعايشت معه ، وهذا اسوأ حالة يمكن ان تصيب الانسان العربي في هذا الجزء من تاريخنا المظلم.
التعايش مع التوحش لا يعني ابدا قبوله او تبريره ، وانما يعني اننا وصلنا -كافراد ومجتمعات- الى مرحلة من “البلادة” التي حولتنا الى لواقط استقبال بلا مشاعر، وما يخيفني هنا مسألتان : الاولى ان مجتمعاتنا لا تمتلك ما يلزم من الحصانة لمنع انتقال جراثيم التوحش اليها ، وبالتالي فان شبابنا يمكن ان يصبحوا فريسة سهلة “لغواية” التطرف والتوحش، اما المسألة الاخرى فهي ان ما فعلناه بانفسنا حين اغلقنا امام الشباب ابواب الامل بالحياة الكريمة والعدالة والحرية يمكن ان يدفعهم الى تقمص الفكرة “المتوحشة” واستنهاضها داخلهم ،واذا حصل ذلك فان ما نراه يحدث حولنا يمكن ان يصلنا وربما يفاجئنا ايضا .
هنا يجب ان ننتبه الى اننا نعيش في عصر “مجتمع الفرجة” حيث يتولى الاعلام تشكيل توجهاتنتا وافكارنا ومزاجنا العام على اساس الصورة لا الحقيقة، وبما يتناب مع ما نسمعه ونراه لا ما نعقلة او نقتنع به، وبالتالي فان التوحش الذي نراه اصبح جزءا من حياتنا ويمكن ان يكون مقبولا ومستساغا لدى بعض الذين يعانون من نقص في الوعي او من زيادة قي ارتفاع منسوب القهر او من رغبة بالمغامرة والانتقام، وهؤلاء في الغالب من فئة الشباب الذين تسحرهم الصورة اكثر من الكلمة.
كما يجب ان ننتبه الى ان مهمة حماية الشباب من التوحش او “ترويض” الوحش داخلهم لا تتحقق بالاستفزاز والدعوات والرغبات وانما بالافعال والقناعات والقرارات، سواء تعلقت بمواجهة اخطاء السياسة والاقتصاد او بتصويب مسارات الفكر الديني والتعليم والثقافة ، وهذه تحتاج الى تفاصيل نعرفها جميعا ، لكننا للاسف لم نجرؤ بعد على وضعها في سياق نقاشات عملية جادة ..ناهيك عن تنفيذها في الميدان.
باختصار ، فكرة التوحش وان انتسبت اليوم الى داعش الا انها ليست غريبة عن حقيقة الانسان الذي يملك اكبر مخزون من الشر القابل للانفجار متى توافرت له الظروف السيئة، كما انها ليست محصورة في امة من الامم او في تاريخ محدد ، فقد شهدت البشرية انماطا من هذا التوحش وربما اسوأ، وبالتالي فاننا معرضون مثل غيرنا للاصابة بهذه “الفكرة “ الجهنمية، واذا اردنا ان نقطع الطريق امام وصولها الينا او احتضانها في تربتنا فيجب علينا ان نتحرك على الفور لاقتلاع الاسباب والظروف التي افرزتها او ساهمت في انتاجها، وهي كما قلت معروفة، بدل ان نتفرج على ضحاياها او نقنع انفسنا اننا محصنون من انتقال عدواها الى مجتمعاتنا.
الدستور
بشكل اوضح ، لدى كل فرد او مجتمع “قابلية” ليكون قديسا او مجرما ، ومع ان الانسان في الاصل مسؤول عن خياراته الا ان الحقيقة هي ان هذه الخيارات غالبا مرتبطة بالبيئة والظروف التي تحيط به ، ولو استعاد احدنا ذاكرته الان لوجد انه في مرحلة ما من حياته تعرض لامتحان صعب وكان يمكن ان يجعل منه مشروع مجرم او على الاقل شخص انتقامي، ويمكن ان يحدث العكس لو وجد فرصة افضل دفعته لكي يبدع ويتبوأ افضل المواقع.
نحن اذا كمجتمعات ودول نتحمل مسؤولية انتاج “التوحش” ، واذا كانت داعش كفكرة جسدت اسوأ ما لدى الانسان من رغبة في القتل والانتقام والقسوة ، فانها لم تنزل علينا بالبرشوت ، وانما هي انتاج محلي، ويمكن ان تتمدد في اي مكان يحتضنها او يتفاعل معها ، كما يمكن ان تجذب الاشخاص المرضى الذين يشعرون انها تجيب على اسئلتهم ، او تتناسب مع طموحاتهم ، او تفتح امامهم فرصة للخروج من حالة اليأس او الخوف او القهر التي يعانون منها.
في وقت ما كانت تصدمني مشاهد القتل وتقطيع الرؤوس وصور الشباب والاطفال الذين تحولوا الى جزارين، اما الان فقد اعتدت -وربما غيري ايضا- على رؤية هذه المشاهد وكأنها اصبحت جزءا من حياتنا العامة، اكاد بالطبع الوم نفسي لكنني اعود واقول ان ما اشعر به اصبح للاسف شيئا طبيعيا ، فقد الفت التوحش وتعايشت معه ، وهذا اسوأ حالة يمكن ان تصيب الانسان العربي في هذا الجزء من تاريخنا المظلم.
التعايش مع التوحش لا يعني ابدا قبوله او تبريره ، وانما يعني اننا وصلنا -كافراد ومجتمعات- الى مرحلة من “البلادة” التي حولتنا الى لواقط استقبال بلا مشاعر، وما يخيفني هنا مسألتان : الاولى ان مجتمعاتنا لا تمتلك ما يلزم من الحصانة لمنع انتقال جراثيم التوحش اليها ، وبالتالي فان شبابنا يمكن ان يصبحوا فريسة سهلة “لغواية” التطرف والتوحش، اما المسألة الاخرى فهي ان ما فعلناه بانفسنا حين اغلقنا امام الشباب ابواب الامل بالحياة الكريمة والعدالة والحرية يمكن ان يدفعهم الى تقمص الفكرة “المتوحشة” واستنهاضها داخلهم ،واذا حصل ذلك فان ما نراه يحدث حولنا يمكن ان يصلنا وربما يفاجئنا ايضا .
هنا يجب ان ننتبه الى اننا نعيش في عصر “مجتمع الفرجة” حيث يتولى الاعلام تشكيل توجهاتنتا وافكارنا ومزاجنا العام على اساس الصورة لا الحقيقة، وبما يتناب مع ما نسمعه ونراه لا ما نعقلة او نقتنع به، وبالتالي فان التوحش الذي نراه اصبح جزءا من حياتنا ويمكن ان يكون مقبولا ومستساغا لدى بعض الذين يعانون من نقص في الوعي او من زيادة قي ارتفاع منسوب القهر او من رغبة بالمغامرة والانتقام، وهؤلاء في الغالب من فئة الشباب الذين تسحرهم الصورة اكثر من الكلمة.
كما يجب ان ننتبه الى ان مهمة حماية الشباب من التوحش او “ترويض” الوحش داخلهم لا تتحقق بالاستفزاز والدعوات والرغبات وانما بالافعال والقناعات والقرارات، سواء تعلقت بمواجهة اخطاء السياسة والاقتصاد او بتصويب مسارات الفكر الديني والتعليم والثقافة ، وهذه تحتاج الى تفاصيل نعرفها جميعا ، لكننا للاسف لم نجرؤ بعد على وضعها في سياق نقاشات عملية جادة ..ناهيك عن تنفيذها في الميدان.
باختصار ، فكرة التوحش وان انتسبت اليوم الى داعش الا انها ليست غريبة عن حقيقة الانسان الذي يملك اكبر مخزون من الشر القابل للانفجار متى توافرت له الظروف السيئة، كما انها ليست محصورة في امة من الامم او في تاريخ محدد ، فقد شهدت البشرية انماطا من هذا التوحش وربما اسوأ، وبالتالي فاننا معرضون مثل غيرنا للاصابة بهذه “الفكرة “ الجهنمية، واذا اردنا ان نقطع الطريق امام وصولها الينا او احتضانها في تربتنا فيجب علينا ان نتحرك على الفور لاقتلاع الاسباب والظروف التي افرزتها او ساهمت في انتاجها، وهي كما قلت معروفة، بدل ان نتفرج على ضحاياها او نقنع انفسنا اننا محصنون من انتقال عدواها الى مجتمعاتنا.
الدستور