jo24_banner
jo24_banner

الانتخابات الاسرائيلية وسيناريوهات تشكيل الحكومة القادمة

د. حسن البراري
جو 24 :

ساعات قليلة تفصلنا عن معرفة نتائج انتخابات الكنيست في إسرائيل والتي سيليها سباق محموم وتنافس حاد بين الاحزاب الصهيونية حول تحديد هوية من سيشكل الحكومة الإسرائيلية القادمة وهوية الاحزاب التي ستدخل الائتلاف الحكومي القادم. وما يسترعي الانتباه هو أنه في تاريخ الانتخابات الإسرائيلية لم يتمكن أي حزب (حتى حزب مباي عندما كان مهيمنا في الخمسينيات والستينات) من الحصول على مقاعد كافية لتشكيل حكومة بمفرده، وبالتالي لا بديل عن الحكومات الائتلافية الأمر الذي يستلزم الدخول في مارثون مفاوضات وصفقات ،والتي ربما لا تمكن رئيس الحزب الفائز بأعلى الاصوات من تشكيل حكومة!
والملفت أن رئيس الحزب الفائز بأعلى المقاعد في الكنسيت قد لا يتمكن من تشكيل حكومة لأنه لعبة تشكيل الحكومة تخضع لاعتبار آخر وهو الاعتبار الكتلوي، بمعنى عدد المقاعد التي يمتلكها اليمين بكافة اطيافه مقابل القطب الآخر، وإذا ما فاز اليمين بواحد وستين مقعدا أو أكثر من اصل 120 فإن اليسار لن يتمكن من تشكيل حكومة وان كان له فرصة الدخول في الائتلاف الحكومي، لذلك قد يفوز حزب بعينه بأعلى الاصوات لكنه لا يتمكن من تشكيل حكومة لأنه ينتمي الى تيار لا يمتلك أكثر من ستين مقعدا في الكنيست. وتزداد المشكلة هذه حدة بسبب وجود عامل ثقافي سائد بين الاحزاب الصهيونية يستبعد الاعتماد على العرب، بمعنى أن الاغلبية في الكنيست ينبغي أن تكون يهودية حتى يكون القرار شرعيا وبخاصة في قضايا تتعلق بالأمن والحدود. فالقائمة العربية الموحدة قد تحصل على خمسة عشر مقعدا لكن لا يمكن تخيل قيام هيرتزوغ على سبيل المثال من ضمهم لحكومته حتى يتمكن اليسار من كسر حاجز الستين المطلوبة.

وفقا لمعطيات استطلاعات الرأي العلمية التي عادة ما تكون دقيقة فإن حزب الاتحاد الصهيوني (الوسط اليساري) المكوّن من حزب العمل برئاسة اسحاق هيرتزوغ وحزب الحركة بقيادة تسيبي ليفني سيحصل على أعلى الاصوات وربما يفوز ب 24 مقعدا. وسيحل الليكود ثانيا بفارق مقعدين أو ثلاثة. ونظرا لذلك فإن تشكيل الحكومة القادمة لن يخرج عن أحد السيناريوهات الثلاث التالية:
السيناريو الاول أن يتم تشكيل حكومة يسار وسط بقيادة اسحاق هيرتزوغ. فقائمة الاتحاد الصهيوني مضافا اليها حزب ميرتس اليساري قد تحصل على 30 مقعدا وبالتالي هي بحاجة الى 31 مقعدا وهنا تبرز معضلة تشكيل الحكومة بالنسبة لإسحاق هيرتزوغ وبخاصة وأنه يريد حكومة ذات اغلبية يهودية وليست أي اغلبية، بمعنى أنه قد لا يستفيد من القائمة العربية الموحدة لتشكيل حكومة قادمة. وإذا ما قرر عدم الاعتماد على اصوات القائمة العربية الموحدة سيكون بحاجة إلى ثلاثة أحزاب أخرى، وهنا الحديث يدور حول حزب "هناك مستقبل" بقيادة يائير لبيد والذي قد يحصل على 12 مقعدا، واصوات حزب "كاحلون الذي قد يحصل على عشرة مقاعد بالإضافة الى اصوات الحريديم، ولكن هناك اشكالية تتعلق برفض يعقوب ليتسمان زعيم حزب ديغل هتواره وآريه درعي زعيم شاس المشاركة في أي حكومة يكون فيها يائير لبيد. لكن هناك فرصة أمام الاتحاد الصهيوني بالتعاون مع القائمة العربية الموحدة ما يعني في نهاية المطاف خروج حزب كاحلون من الائتلاف وتعود المشكلة مرة ثانية. باختصار فإن فرص اسحاق هيرتزوغ في تشكيل حكومة تبدو أقل مما يعتقد الكثيرون.
السيناريو الثاني هو أن يتمكن حزب الليكود بقيادة نتنياهو من تشكيل الحكومة القادمة حتى لو حصل الليكود على المركز الثاني بعد الاتحاد الصهيوني، ويفضل نتنياهو الائتلاف مع الحريديم لأنهم يشكلون الشركاء الطبيعيين الذين يتماشون مع تطرف نتنياهو وتزمته. ووفقا لاستطلاعات الرأي سيتمكن هذا الائتلاف من الحصول على ما يقارب من 67 مقعدا ما يعني أن الحكومة ستكون مستقرة. وتشير الارقام بأن الليكود قد يحصل على 22 مقعدا، ياحد بقيادة ايلي يشاي 4 مقاعد، وحزب شاس 7 مقاعد، ويهدوت هتواره 7 مقاعد والبيت اليهودي 12 مقعدا وحزب كلولانو 10 مقاعد بالإضافة الى ليبرمان وحزبه 5 مقاعد. وبتقديري فإن نتنياهو يمتلك فرصة حقيقية لتشكيل حكومة جديدة.
السيناريو الثالث هو حكومة وحدة وطنية تضم المعسكر الصهيوني والحريديم وهو ما يتحفظ عليه نتنياهو واسحق هيرتزوغ، ومع ذلك فإن الصعوبات التي تواجه كل من اسحق هيرتزوغ ونتنياهو في تشكيل حكومة قد يكون اللجوء إلى حكومة وحدة وطنية خيار واقعي أيضا.
بتقديري أن من سيفرض أي سيناريو من السيناريوهات سالفة الذكر هو موقف الحريديم بأحزابهم المختلفة. ففي إسرائيل تلعب الاحزاب الدينية دورا بارزا في لعبة تشكيل الحكومات، ولا يمكن تخطي هذا الدور إلا باتفاق بين اليسار والليكود وهو أمر ليس مستبعدا (مع أنه ليس مرجحا) وبخاصة وأن عملية السلام ليست مطروحة في النقاش العام وأن الحديث عن الموقف من الفلسطينيين لن يتعدى كلمات فضفاضة في البيان الحكومي إذ يرى كل من نتنياهو وهيرتزوغ عملية السلام بحاجة إلى شريك فلسطيني وهو لا يتوفر وفقا لهما.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير