وسـوى الـروم خـلـفــك روم..!
حسين الرواشدة
جو 24 : لا يملك الاردن في هذه المرحلة “ترف” الفرجة او الانتظار او الرهان على الزمن ، فالمنطقة من حوله تشتعل ، وخرائط النفوذ تتغير ، وانفجار التاريخ بكل ما القى من نفايات وحروب سيفضي بالضرورة الى انفجار الجغرافيا ، وبالتالي فان خياراتنا التي كانت ممكنة فيما مضى اصبحت اليوم محدودة، او ان شئت هى مجرد اضطرارات ، وسوى الروم خلفنا دواعش تنتسب للسنة احيانا وللشيعة احيانا اخرى ، وخلفنا يمين صهيوني متطرف ، وصراع مريب داخل الاسلام وعليه ، لدرجة اصبحنا لا نعرف من هو الصديق من العدو ، فعلى اي الجانبين يا ترى سنميل..؟
نذهب الى طهران..؟ ولم لا ، الايرانيون اصبحوا اليوم على حدودنا الشمالية والشرقية ، والتفاهم معهم اصبح واجبا ، كما ان الغرب الذي كان يمثل الشيطان الاكبر بالنسبة لهم على وشك ابرام صفقة تاريخية معهم ، وهذا يعني ان طهران انتزعت الضوء الاخضر للتمدد في المنطقة ، وستكون اللاعب الاقوى فيها ، زد على ذلك انه لا يوجد في الاصل بيننا وبين الايرانيين “حالة عداء” تمنعنا من التطبيع معهم ، صحيح كان بيننا قطيعة او برودة في العلاقات ، لكن لنتذكر ان معظم وزراء الخارجية الايرانية زاروا عمان ، واننا اول من بادر الى اطلاق حوار المذاهب في مطلع التسعينيات من القرن الماضي ، كما انهم على الطرف الاخر لم يقطعوا ارسالهم معنا ، لا على صعيد المبادرات ولا على صعيد العلاقات الدبلوماسية.
ان نذهب الى بناء علاقات “دافئة” مع الايرانيين لا يعني اننا تخلينا عن عمقنا العربي ، ولا اننا عاتبون على اشقاء يتصور بعضنا انهم خذلونا في محنتنا، كما لا يعني اننا سنفتح للايرانيين ابوابنا دون حساب لهواجسنا ومصالحنا ، ولا ان نرضخ للنفوذ الايراني الذي تمدد في بعض العواصم لاسباب واعتبارات معروفة، لاتنطبق علينا.
لماذا لا نفكر ايضا ان نذهب الى انقرة..؟صحيح ان علاقتنا مع الاتراك لم تتعرض لما تعرضت له علاقتنا مع طهران من قطيعة وانجماد، لكن الصحيح ايضا انها تحتاج الى حيوية جديدة تعيد اليها ما يلزم من سخونة ، وينتزع ما دخل عليها من “تشويش” خاصة بعد بروز اشكالية تحالف انقرة مع “ الاسلاميين “ ، وما ترتب عليها من قطيعة مع مصر، لكن الا يبدو ان ثمة تحولات في الافق تشير الى استدارات في مواقف بعض الاطراف العربية المهمة في المنطقة( السعودية مثلا) سواء نحو الاسلاميين اونحو ملفات الصراع الاخرى ،مما يجعل من تركيا طرفا في الحلول الممكنة.
مصلحة الاردن في هذه المرحلة تتطلب ان ينأى بنفسه عن الاستقطابات والتحالفات ، كما تتطلب ان يبني نوعا من التوازن السياسي الذي يؤهله للقيام بدور يضمن له الحضور والتدخل الايجابي دون التورط في ملفات معقدة تستنزف طاقاته وتضر بمصالحه، وهذا التوازن يحتاج الى شبكة علاقات عابرة للانحيازات ، وخطوات سياسية مدركة للاخطار ، وقائمة على اساس المصالح المشتركة ، وعدم التدخل في شؤون الاخرين.
في موازاة ذلك ، يجب ان لا تظل عيوننا مفتوحة على الخارج فقط ، وانما لا بد من النظر الى الداخل ايضا ، فالحرب على التطرف هي حربنا هنا في الداخل ، ومواجهتها لن تنجح بالحلول الامنية فقط وانما تحتاج الى حلول سياسية واقتصادية وفكرية ، واذا كان الاصلاح فيما مضى خيارا متاحا تباطأنا فيه فانه اصبح اليوم اضطرارا واجبا ، وفي غياب “التوافق” على المستقبل وما تحتاجه جبهتنا الداخلية من “مصدات “ للحماية والتماسك ، فاننا سنواجه اسئلة معقدة ، قد لا نستطيع الاجابة عليها اذا ما داهمتنا الازمات او فاجأتنا الاحداث ، كما ان سلامة خياراتنا على صعيد الخارج لن تضمن لنا في غياب “قوة الداخل” تجاوز الاخطار التي تحدق بنا من كل اتجاه.
السؤال بالنسبة للاردن اليوم لا يمكن اختزاله في الاختيار بين اسرائيل وايران ، فالخطر الايراني مهما كان يمكن التعامل معه ، لكن خطر اسرائيل يبقى قائما على الدوام ولا يجوز تجاوزه او الهروب منه او القبول بمبدأ” المقايضة “ مع المحتل خوفا من ضريبة الانفتاح على طهران او غيرها من العواصم التي تشكل جزءا من اطارنا الحضاري العربي الاسلامي، كما ان السؤال عن مصلحة الاردن يجب ان يحظى باجابات مقنعة تتجاوز العقلية التي كنا نفكر بها في المحلة السابقة، فقد اثبتت السنوات الماضية ان الاعتماد على الاصدقاء في الدفاع عن الاوطان مجرد وهم ، وان الدول هي التي تحدد مصيرها وفق قدرتها على كسب شعوبها ، ونجاحها في تحديد خياراتها، ومدى رغبتها في الاستفادة من اخطاء الاخرين ، واعتقد اننا امام مفترق تاريخي يفرض علينا ان نحسب خطواتنا بدقة ، ونحدد اتجاهاتنا بحكمة ، وقبل ذلك ان نعمل ما بوسعنا لتبقى جبهتنا الداخلية يقظة وموحدة.
نذهب الى طهران..؟ ولم لا ، الايرانيون اصبحوا اليوم على حدودنا الشمالية والشرقية ، والتفاهم معهم اصبح واجبا ، كما ان الغرب الذي كان يمثل الشيطان الاكبر بالنسبة لهم على وشك ابرام صفقة تاريخية معهم ، وهذا يعني ان طهران انتزعت الضوء الاخضر للتمدد في المنطقة ، وستكون اللاعب الاقوى فيها ، زد على ذلك انه لا يوجد في الاصل بيننا وبين الايرانيين “حالة عداء” تمنعنا من التطبيع معهم ، صحيح كان بيننا قطيعة او برودة في العلاقات ، لكن لنتذكر ان معظم وزراء الخارجية الايرانية زاروا عمان ، واننا اول من بادر الى اطلاق حوار المذاهب في مطلع التسعينيات من القرن الماضي ، كما انهم على الطرف الاخر لم يقطعوا ارسالهم معنا ، لا على صعيد المبادرات ولا على صعيد العلاقات الدبلوماسية.
ان نذهب الى بناء علاقات “دافئة” مع الايرانيين لا يعني اننا تخلينا عن عمقنا العربي ، ولا اننا عاتبون على اشقاء يتصور بعضنا انهم خذلونا في محنتنا، كما لا يعني اننا سنفتح للايرانيين ابوابنا دون حساب لهواجسنا ومصالحنا ، ولا ان نرضخ للنفوذ الايراني الذي تمدد في بعض العواصم لاسباب واعتبارات معروفة، لاتنطبق علينا.
لماذا لا نفكر ايضا ان نذهب الى انقرة..؟صحيح ان علاقتنا مع الاتراك لم تتعرض لما تعرضت له علاقتنا مع طهران من قطيعة وانجماد، لكن الصحيح ايضا انها تحتاج الى حيوية جديدة تعيد اليها ما يلزم من سخونة ، وينتزع ما دخل عليها من “تشويش” خاصة بعد بروز اشكالية تحالف انقرة مع “ الاسلاميين “ ، وما ترتب عليها من قطيعة مع مصر، لكن الا يبدو ان ثمة تحولات في الافق تشير الى استدارات في مواقف بعض الاطراف العربية المهمة في المنطقة( السعودية مثلا) سواء نحو الاسلاميين اونحو ملفات الصراع الاخرى ،مما يجعل من تركيا طرفا في الحلول الممكنة.
مصلحة الاردن في هذه المرحلة تتطلب ان ينأى بنفسه عن الاستقطابات والتحالفات ، كما تتطلب ان يبني نوعا من التوازن السياسي الذي يؤهله للقيام بدور يضمن له الحضور والتدخل الايجابي دون التورط في ملفات معقدة تستنزف طاقاته وتضر بمصالحه، وهذا التوازن يحتاج الى شبكة علاقات عابرة للانحيازات ، وخطوات سياسية مدركة للاخطار ، وقائمة على اساس المصالح المشتركة ، وعدم التدخل في شؤون الاخرين.
في موازاة ذلك ، يجب ان لا تظل عيوننا مفتوحة على الخارج فقط ، وانما لا بد من النظر الى الداخل ايضا ، فالحرب على التطرف هي حربنا هنا في الداخل ، ومواجهتها لن تنجح بالحلول الامنية فقط وانما تحتاج الى حلول سياسية واقتصادية وفكرية ، واذا كان الاصلاح فيما مضى خيارا متاحا تباطأنا فيه فانه اصبح اليوم اضطرارا واجبا ، وفي غياب “التوافق” على المستقبل وما تحتاجه جبهتنا الداخلية من “مصدات “ للحماية والتماسك ، فاننا سنواجه اسئلة معقدة ، قد لا نستطيع الاجابة عليها اذا ما داهمتنا الازمات او فاجأتنا الاحداث ، كما ان سلامة خياراتنا على صعيد الخارج لن تضمن لنا في غياب “قوة الداخل” تجاوز الاخطار التي تحدق بنا من كل اتجاه.
السؤال بالنسبة للاردن اليوم لا يمكن اختزاله في الاختيار بين اسرائيل وايران ، فالخطر الايراني مهما كان يمكن التعامل معه ، لكن خطر اسرائيل يبقى قائما على الدوام ولا يجوز تجاوزه او الهروب منه او القبول بمبدأ” المقايضة “ مع المحتل خوفا من ضريبة الانفتاح على طهران او غيرها من العواصم التي تشكل جزءا من اطارنا الحضاري العربي الاسلامي، كما ان السؤال عن مصلحة الاردن يجب ان يحظى باجابات مقنعة تتجاوز العقلية التي كنا نفكر بها في المحلة السابقة، فقد اثبتت السنوات الماضية ان الاعتماد على الاصدقاء في الدفاع عن الاوطان مجرد وهم ، وان الدول هي التي تحدد مصيرها وفق قدرتها على كسب شعوبها ، ونجاحها في تحديد خياراتها، ومدى رغبتها في الاستفادة من اخطاء الاخرين ، واعتقد اننا امام مفترق تاريخي يفرض علينا ان نحسب خطواتنا بدقة ، ونحدد اتجاهاتنا بحكمة ، وقبل ذلك ان نعمل ما بوسعنا لتبقى جبهتنا الداخلية يقظة وموحدة.