2024-12-24 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

هذا هو "رأس" البـلاء..!

حسين الرواشدة
جو 24 : اذا اردت ان تعرف سبب البلاء الذي يقف وراء ما حل باقطارنا العربية من كوارث وحروب وصراعات، فارجو ان تقارن بين صورتين : الاولى ما شهدته الميادين العربية قبل نحو اربع سنوات من احتجاجات رفعت راية “السلمية” ، واشتبكت فيها الايدي مطالبة بالتغيير، ورأينا فيها كيف اصطف المسلم والمسيحي لاقامة صلواتهم في وقت واحد، وكيف انتظم السني والشيعي في جبهة واحدة ضد الاستبداد، ولم نسمع وقتها اي اصوات ناشزة توزع الكراهية بين ابناء الوطن الواحد، كما اننا لم نلحظ اي اختراق اقليمي - لا من ايران ولا من غيرها – يحاول ان يملأ الفراغ ، لان الجماهير آنذاك لم تترك فراغا لاحد.
اما الصورة الثانية فهي ما نراه امامنا الان، سواء في مصر او سوريا او اليمن او العراق ،من صراعات على الهوية باسم الطائفية والمذهبية ، ومن كوارث انسانية وانفجارات اجتماعية ، ومن عبث مقصود بكل النواميس الوطنية والدينية، حيث تحولت بلداننا الى “ملطشة” لكل من هب ودب، واصبحت الحرب هي خيارنا الاول والاخير، ولم نعد نعرف من هو المجرم ومن هوالضحية، فالعربي يقتل العربي، والعدو اصبح من ابناء جلدتنا بعد ان كان هو المحتل لارضنا..وهكذا تبدو الصورة اشد قتامة مما تصورنا واسوأ مما اراده اعداؤنا لنا.
حين تفتش عن السبب لا تجد الا عنوانا واحدا يتحمل وزر ما وصلنا اليه ، وهو “الانظمة السياسية” التي حكمت – وما تزال- ، فهي التي دفعت الناس للانفجار بسبب ما فعلته بها على امتداد العقود الماضية من قمع وظلم واستبداد، ثم انها حين تفاجأت بانفجار الشعوب استجمعت كل ما لديها من قهر وكيد لاجهاض ثوراتها والانتقام منها ، واعادة عقارب الزمن الى الوراء.
من هو المسؤول عما يحدث الان في اليمن؟ انه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الذي حكم 33 عاما، وحول البلد الى مزرعة له ولابنائه ، وحين اطاحت به الثورة حصل وفق المبادرة الخليجية على ما يضمن بقاءه في اليمن وعدم محاكمته ، وهكذا بدأ الاعداد لخطة جهنمية تمكنه من العودة للحكم ، ووجد في الحوثيين الذين حاربهم لسنوات “حليفا” مناسبا لاشعال اليمن من جديد..وحدث ما حدث.
من المسؤول عما يحدث في سوريا؟ انه نظام الاسد الذي اجهض الثورة وسمح للمليشيات المسلحة ان تجتاح سوريا وتشاركه بتدميرها لكي يوظفها للحفاظ على شرعية حربه التي يخوضها بذريعة مواجهة الارهاب.
يمكن ان نستطرد ونسأل : من ادخل داعش للعراق ومن ايقظ العفاريت في ليبيا ومن وضع مصر على كف عفريت ، ومن سمح لايران بالتمدد فوق خرائطنا ومن حول عواصمنا الى قواعد عسكرية لاعدائنا ومن دفع شبابنا الى الهجرة والانتحار ..الخ ؟ الجواب دائما هو نفسه ، ولو قيض للشعوب ان تستثمر في ثوراتها او انها تركت لكي تقرر مصيرها وتختار تجربتها دون ان يتحالف الجميع لاغتيال ارادتها وخنق صوتها واعادتها لبيت الطاعة الذي خرجت عليه، لما وقعنا في المحظور، ولو ترك لهذه الشعوب ان تتخلص من هؤلاء الذين اورثوها التخلف ودفعوها الى افراز اسوأ ما فيها، واغروا الاخرين باختراقها والتمدد فيها، وفتحوا امامها خزان العنف والتطرف ، لما ذهبت الى “الانتقام” من كل شيء ، ولما التجأنا الى هذه الحروب التي ندفع ضريبتها من دمائنا وجيوبنا ، وعلى حساب مستقبل اجيالنا ايضا.
على مدى العقود الماضية دفعت شعوبنا فواتير الانظمة التي لم تنجز سوى الفشل والتخلف والاستبداد ، وها نحن الان نسدد ما تبقى من فواتير على شكل حروب وصراعات دامية، بتوقيع الانظمة ذاتها، ولحساب ارصدتها ايضا، واذا كان البعض يعتقد ان حروبنا الان ستخرجنا من هذا الكابوس، فاننا نقول لهم : انتم تخطؤون لان سبب البلاء ما زال موجودا ويتحرك ، ورأس الافعى لم يقطع بعد، وما لم تذهبوا الى العناوين الصحيحة وتقبضوا على “الجناة “ الحقيقيين ، فان كل الحروب التي اطلقناها ، ستبقى مجرد وهم ، وستتحول الى انفجارات مفزعة تدمر كل شيء.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير