"حرب اسلامية " برعاية دولية..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : لا ادري اذا كان العالم العربي فهم الرسالة التي وصلت اليه في "طرد" الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وايران، وسواء اكانت فاجأته او صدمته، فان مضمونها باختصار يبدو واضحا تماما، وهو انه مثلما اطلقنا يد ايران في المنطقة، ومنحناها "فرمانا" للخروج من السجن الذي وضعناها فيه، فان بمقدوركم ان تتصرفوا كما تريدون في ادارة حروبكم والدفاع عن مصالحكم، تماما كما نتصرف في تقدير تدخلاتنا في المنطقة بما يتناسب مع مصالحنا ايضا.
الرسالة بالطبع ليست بريئة، فهي لا تمت بصلة لمعادلات العلاقات الدولية التي تقوم على اساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الاخرين، ولكنها رسالة ملغومة لانها من جهة تفتح باب الصراع على مصراعيه في هذه المنطقة، وتدفع الاطراف كلها الى تصفية خلافاتها وحساباتها بمنطق الحرب لا بمنطق السياسية، وهي من جهة ثانية تترك للقوى الدولية الكبرى ان تدير هذا الصراع وتشعله وتوظفه وفق اعتبارات تضمن حضورها ومصالحها دون ان تتحمل اية كلفة او خسارة.
بهذا المعنى فالحرب التي تدور على اكثر من جبهة، على تناقضاتها، هي في المحصلة حرب داخل الاسلام، وربما عليه ايضا، صحيح ان عنوانها هو "الحرب على الارهاب" لكن هذا الارهاب ليس محددا ولا معرفا، كما اننا نتعامل معه بشكل انتقائي، وبالتالي فنحن نواجه عدوا لا نعرفه بالضبط، ونواجهه بادوات قديمة لم نتتحقق بما يكفي من كفاءتها ونجاحها، كما ان هذه الحرب تتوزع في اتجاهين: اتجاه داخل الاطار السني حيث تشكل داعش واخواتها (والاسلام السياسي بشكل عام) الطرف المستهدف، واتجاه اخر داخل الاطار المذهبي حيث تبدو ايران من خلال امتدادها الطائفي في اكثر من عاصمة عربية العدو الجديد للاكثرية السنية، وسواء فهمت هذه الحرب في اطار صراع بين التطرف والاعتدال داخل تيار "اهل السنة" او في اطار صراع بين السنة والشيعة، فان النتيجة واحدة، وهي اننا امام حرب اسلامية لها اسباب ومبررات ذاتية لكنها تجري بقرار او على الاقل بتواطئ دولي.
اذا ، صورة الصراع بعد اتفاق النووي وعاصفة الحزم لم تعد كما كانت قبل ذلك، فنحن امام "مناجزة" –ان شئت مكاسرة تاريخية – داخل الحضارة الاسلامية الواحدة، تشكلت مرة على اساس حرب مذهبية بين السنة والشيعة ومرة ثانية على اساس قومية بين العرب والفرس، وثالثة على اساس حرب سياسية لتحديد مناطق النفوذ بين القوميات الثلاثة الفاعلة في المنطقة، وبالتالي فانها مهما اختلفت اشكالها والذرائع التي تستند اليها، هي حربنا، حتى وان كانت بالوكالة عن غيرنا، او انها تصب في حسابات اعدائنا، ومن المفترض (بل من الواجب) ان ننتبه الى مسألتين: الاولى اننا وضعنا انفسنا في هذه الحرب، او ضلت اقدامنا اليها دون ان نحدد اهدافها ودون ان نعرف اخطار نتائجها، وكاننا هربنا الى معالجة الاخطاء التي انتجت ما نحن فيه من كوارث باخطاء اكبر، او بخطايا قد تفضي لما هو اسوأ، اما المسألة الاخرى في ان الادوات التي وظفناها لخوض الحرب او تبريرها، ابتداء من الارهاب (لاحظ اننا نطارد ارهابيين بدلا من ان نواجه الارهاب) الى خطر تصدير المذهب الى كسر "شهوة" التمدد والنفوذ، هذه الادوات والعناوين لا تأخذنا فقط الى تكرار مأساة التاريخ وفتنه وانما ستأخذنا الى "تفخيخ" الحاضر والمستقبل، بحيث نصبح في هذه المنطقة "وقودا" لثارات ومظلوميات لا تتوقف، لانها تتغذى على فزاعات دينية وقومية يصعب السيطرة عليها، تماما كما حصل في اوروبا ابان حرب الثلاثين عاما.
سبق ان اشرت الى ان ما حدث في منطقتنا كان بمثابة "انفجار" للتاريخ بكل احتقاناته وصراعاته المكبوتة، وانه سيفضي حتما الى انفجار للجغرافيا السياسية والاجتماعية، واعتقد الان ان هذا الانفجار وجد من يستثمر فيه من خلال حروب جديدة وطويلة، هدفها وضع اليد على عالمنا العربي (بما فيه ايران وتركيا وباكستان) من اجل استنزافه وتفكيكه واعادة ترسيم حدوده ووظائفه بما يتناسب مع عصر "نهاية التاريخ" وانهيارات الحضارات من داخلها.
وباختصار، يبدو ما نراه من عملية "خلط" اوراق غير مسبوقه، وانسدادات متعمدة في المجال السياسي العربي مقابل انفراج سياسي دولي تجاه ايران (مثلا)، ثم استدراج مقصود للحرب وكأنها الحل الوحيد، وانتقائية في تحديد الجبهات الحربية واستهداف اعداء دون اخرين، قد يبدو ذلك غير مفهوم للبعض، لكنه في النتيجة عملية مقصودة تستهدف اخضاع هذه المنطقة لخيار "شمشون" بحيث تتحول الى "مكب نفايات" لحروب طويلة، وساحة لتصفية الصراعات بين ابناء الامة الواحدة من جهة وبينهم وبين العالم.. وهي بالتالي حرب تدور داخل الاسلام وان كانت تحضى برعاية دولية.
الرسالة بالطبع ليست بريئة، فهي لا تمت بصلة لمعادلات العلاقات الدولية التي تقوم على اساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الاخرين، ولكنها رسالة ملغومة لانها من جهة تفتح باب الصراع على مصراعيه في هذه المنطقة، وتدفع الاطراف كلها الى تصفية خلافاتها وحساباتها بمنطق الحرب لا بمنطق السياسية، وهي من جهة ثانية تترك للقوى الدولية الكبرى ان تدير هذا الصراع وتشعله وتوظفه وفق اعتبارات تضمن حضورها ومصالحها دون ان تتحمل اية كلفة او خسارة.
بهذا المعنى فالحرب التي تدور على اكثر من جبهة، على تناقضاتها، هي في المحصلة حرب داخل الاسلام، وربما عليه ايضا، صحيح ان عنوانها هو "الحرب على الارهاب" لكن هذا الارهاب ليس محددا ولا معرفا، كما اننا نتعامل معه بشكل انتقائي، وبالتالي فنحن نواجه عدوا لا نعرفه بالضبط، ونواجهه بادوات قديمة لم نتتحقق بما يكفي من كفاءتها ونجاحها، كما ان هذه الحرب تتوزع في اتجاهين: اتجاه داخل الاطار السني حيث تشكل داعش واخواتها (والاسلام السياسي بشكل عام) الطرف المستهدف، واتجاه اخر داخل الاطار المذهبي حيث تبدو ايران من خلال امتدادها الطائفي في اكثر من عاصمة عربية العدو الجديد للاكثرية السنية، وسواء فهمت هذه الحرب في اطار صراع بين التطرف والاعتدال داخل تيار "اهل السنة" او في اطار صراع بين السنة والشيعة، فان النتيجة واحدة، وهي اننا امام حرب اسلامية لها اسباب ومبررات ذاتية لكنها تجري بقرار او على الاقل بتواطئ دولي.
اذا ، صورة الصراع بعد اتفاق النووي وعاصفة الحزم لم تعد كما كانت قبل ذلك، فنحن امام "مناجزة" –ان شئت مكاسرة تاريخية – داخل الحضارة الاسلامية الواحدة، تشكلت مرة على اساس حرب مذهبية بين السنة والشيعة ومرة ثانية على اساس قومية بين العرب والفرس، وثالثة على اساس حرب سياسية لتحديد مناطق النفوذ بين القوميات الثلاثة الفاعلة في المنطقة، وبالتالي فانها مهما اختلفت اشكالها والذرائع التي تستند اليها، هي حربنا، حتى وان كانت بالوكالة عن غيرنا، او انها تصب في حسابات اعدائنا، ومن المفترض (بل من الواجب) ان ننتبه الى مسألتين: الاولى اننا وضعنا انفسنا في هذه الحرب، او ضلت اقدامنا اليها دون ان نحدد اهدافها ودون ان نعرف اخطار نتائجها، وكاننا هربنا الى معالجة الاخطاء التي انتجت ما نحن فيه من كوارث باخطاء اكبر، او بخطايا قد تفضي لما هو اسوأ، اما المسألة الاخرى في ان الادوات التي وظفناها لخوض الحرب او تبريرها، ابتداء من الارهاب (لاحظ اننا نطارد ارهابيين بدلا من ان نواجه الارهاب) الى خطر تصدير المذهب الى كسر "شهوة" التمدد والنفوذ، هذه الادوات والعناوين لا تأخذنا فقط الى تكرار مأساة التاريخ وفتنه وانما ستأخذنا الى "تفخيخ" الحاضر والمستقبل، بحيث نصبح في هذه المنطقة "وقودا" لثارات ومظلوميات لا تتوقف، لانها تتغذى على فزاعات دينية وقومية يصعب السيطرة عليها، تماما كما حصل في اوروبا ابان حرب الثلاثين عاما.
سبق ان اشرت الى ان ما حدث في منطقتنا كان بمثابة "انفجار" للتاريخ بكل احتقاناته وصراعاته المكبوتة، وانه سيفضي حتما الى انفجار للجغرافيا السياسية والاجتماعية، واعتقد الان ان هذا الانفجار وجد من يستثمر فيه من خلال حروب جديدة وطويلة، هدفها وضع اليد على عالمنا العربي (بما فيه ايران وتركيا وباكستان) من اجل استنزافه وتفكيكه واعادة ترسيم حدوده ووظائفه بما يتناسب مع عصر "نهاية التاريخ" وانهيارات الحضارات من داخلها.
وباختصار، يبدو ما نراه من عملية "خلط" اوراق غير مسبوقه، وانسدادات متعمدة في المجال السياسي العربي مقابل انفراج سياسي دولي تجاه ايران (مثلا)، ثم استدراج مقصود للحرب وكأنها الحل الوحيد، وانتقائية في تحديد الجبهات الحربية واستهداف اعداء دون اخرين، قد يبدو ذلك غير مفهوم للبعض، لكنه في النتيجة عملية مقصودة تستهدف اخضاع هذه المنطقة لخيار "شمشون" بحيث تتحول الى "مكب نفايات" لحروب طويلة، وساحة لتصفية الصراعات بين ابناء الامة الواحدة من جهة وبينهم وبين العالم.. وهي بالتالي حرب تدور داخل الاسلام وان كانت تحضى برعاية دولية.