اطمئنـوا أقلامنـا لـن تنكسـر..!
حسين الرواشدة
جو 24 : منذ نحو عشرين عاما مضت على اول مقال نشرته في “الدستور” لم اكتب ولو مرة واحدة عن “الدستور”، وكيف يمكن لاحدنا ان يكتب عن دفء بيته او هموم اسرته وقد عاهد القارئ العزيز ان يكون صوته الذي لا يخذله ، ولاينازعه في هذه المساحة المخصصة له شأن خاص ، حتى وان اضطر الى ذلك.
لكن “الدستور” ليست شأنا خاصا ، فهي ملك لجميع قرائها ، تضمهم الى صدرها مثلما يعانقونها مع فنجان القهوة كل صباح ، ولهذا استأذن اليوم في السلام عليها والكتابة عنها ، لا لانها تشعر بالخيبة من الذين شربوا من نهرها المتدفق وفي لحظة جحود سدّوا الينابيع التي تزوده بالمياه ثم القوا فيه الحجارة ، ولا لانها تعاني من ازمة تنفس عابرة يريدها البعض ان تتحول الى محطة “اختناق” ، وانما لان شمسها ما تزال تشرق رغم ما تلبد في سمائها من غيوم ، كما ان روحها ما تزال تحلق في فضاءاتنا وتبعث في ضمائرنا الحياة من جديد.
اكتب عن “الدستور” المدرسة التي تعلمت فيها على ايدي الكبار الراحلين كامل الشريف وحسن التل ومحمود الشريف وجمعة حماد وامين شنار وجورج حداد ..وغيرهم ، الدستور التي خرجت من رحم الوحدة وما تزال ترفع رايتها ، الدستور التي اقتربت من الخمسين وبقيت في عزّ شبابها ، لم تصبو ولم تتصابى ، فهي مثل قرامي الزيتون تورق كل يوم وتضيء بزيتها دروب الباحثين عن الحقيقة ، الدستور التي ولدت حرّة وظلت حرّة لم “تأكل بثدييها” ، ولم تعرض بضاعتها على الارصفة ، ولم تمد يدها لغير “مجد” الوطن الذي ظلت “خادمته” الوفية.
اكتب عن “الدستور” باسم الزملاء العاملين فيها الذين “عضّوا “ على الجرح شهورا طويلة ، تأخرت رواتبهم فما ضجوا ولا فزعوا ، ولا تأخروا ساعة عن اداء الواجب ، ولا جفّت اقلامهم او تعثرت خطواتهم او قايضوا على حروفهم النبيلة، ارأيت “اسرة” تحاصرها العاديات وتغلق امامها الابواب فتصر على مواجهتها بالصبر وفتحها بالاصرار ..؟ وحدها اسرة الدستور فعلت ذلك لانها تريد ان تبقى الدستور واقفة ، لا يجرح كبرياءها احد، وتريد ان تظل حروفها بارزة لا تنحني - بعد الله - لاحد.
اكتب عن “الدستور” لانني اعرف ان هؤلاء الزملاء العاملين الذين انحاوزا للمهنة الشريفة لا “للوظيفة “ وامتيازاتها العابرة ، قبضوا على “جمر” الكلمة التي كان يمكن ان تتحول في ايديهم الى “غضب” لكنهم اصروا على ان ينشروها كعطر الورود كل صباح في وجوه قرائهم من العمال والمعلمين والفقراء ، وعلى عتبات اهلهم الصابرين على امتداد الوطن العزيز.
هل تجدون نموذجا افضل من هذا الذي قدمته “الدستور” للعطاء بلا حدود ، والصبر بلا حدود، والتضحية والحب والانتماء بلا حدود ، وعدم الجهر بالسوء حتى ممن ظلم ، هل تجدون اروع من هذه الصورة : مطابع تدور حتى وان جفّت في شرايينها المحابر، اقلام تكتب باسم الوطن وكرمى لعيون الناس الطيبين ، حتى وهي مهددة بالتوقيع على “كمبيالة” مكسورة قد تفضي بها الى السجون .
اكتب عن “محنة” الدستور لانها جزء من محنة بلد تعرض مثلها للعقوق، ومن محنة نخب استقالت من وظيفتها الانسانية والتنويرية ، و محنة اعلام يريد ان يستنشق الهواء ويراد له ان يظل تحت رحمة اجهزة التنفس الاصطناعي ، او ان يبيع “كليته” ليسد التزامات ابنائه ، او ان يموت ببطء لكي لا يتحمل احد مسؤولية وفاته.
اكتب عن معاناة “الدستور” واخواتها لانها معاناة لا تتعلق بتجارة الاوراق والاحبار ، ولا بتدقيق حسابات لشركات قد تخسر او تربح ، ولكن لانها معاناة “ذاكرة” يحاول البعض ان يشوهها او ان يشطبها من الجذور،ومعاناة “ضمير” مهني اصبح رأسه مطلوبا ، وحناجر وطنية لا يسعد “الشطار” ان ترتفع اصواتها ، معاناة بحجم “الكارثة” لكن البعض لا يريد ان يعترف بها او يتحمل مسؤولية مواجهتها ، او “يواريها “ بما لديه من حلول ممكنة.
اكتب عن “الدستور” ، وما اصعب ان تكتب عن “وجع” يتغلغل داخلك، او حب تكابده وتخشى ان تصحو فلا تجده، لكنني استأذن بالنيابة عن كل الزملاء الساهرين في مطابعها ، والمتسمرين الواثقين مثل الجنود على حدودها وفي زوايا اخبارها وعلى تخوم عناوينها ، باسم حرّاس حروفها ، اقول لكم : لن تتوقف الدستور بإذن الله ولن يصمت هدير مطابعها ، لن تتخلى الدستور عن رسالتها وشرف المهنة الذي ظلت تدافع عنه ،لن تخذل الدستور وطنها ولن تغيب عن قرائها ولن تخرج عن “خطها” المستقيم ، لن يدفعها الاحساس “بالخيبة” من البعض لليأس او الاستفزاز، ستبقى الدستور مثلما كانت على الدوام الرائد الذي لا يكذب اهله ، والدليل الذي لا يضل او يتوه ، تعكس صورة الوطن العزيز وتحميه بحروفها الشريفة من كل مكروه.
اطمئنوا : “الدستور” باقية واقلامنا لن تنكسر ان شاء الله.
لكن “الدستور” ليست شأنا خاصا ، فهي ملك لجميع قرائها ، تضمهم الى صدرها مثلما يعانقونها مع فنجان القهوة كل صباح ، ولهذا استأذن اليوم في السلام عليها والكتابة عنها ، لا لانها تشعر بالخيبة من الذين شربوا من نهرها المتدفق وفي لحظة جحود سدّوا الينابيع التي تزوده بالمياه ثم القوا فيه الحجارة ، ولا لانها تعاني من ازمة تنفس عابرة يريدها البعض ان تتحول الى محطة “اختناق” ، وانما لان شمسها ما تزال تشرق رغم ما تلبد في سمائها من غيوم ، كما ان روحها ما تزال تحلق في فضاءاتنا وتبعث في ضمائرنا الحياة من جديد.
اكتب عن “الدستور” المدرسة التي تعلمت فيها على ايدي الكبار الراحلين كامل الشريف وحسن التل ومحمود الشريف وجمعة حماد وامين شنار وجورج حداد ..وغيرهم ، الدستور التي خرجت من رحم الوحدة وما تزال ترفع رايتها ، الدستور التي اقتربت من الخمسين وبقيت في عزّ شبابها ، لم تصبو ولم تتصابى ، فهي مثل قرامي الزيتون تورق كل يوم وتضيء بزيتها دروب الباحثين عن الحقيقة ، الدستور التي ولدت حرّة وظلت حرّة لم “تأكل بثدييها” ، ولم تعرض بضاعتها على الارصفة ، ولم تمد يدها لغير “مجد” الوطن الذي ظلت “خادمته” الوفية.
اكتب عن “الدستور” باسم الزملاء العاملين فيها الذين “عضّوا “ على الجرح شهورا طويلة ، تأخرت رواتبهم فما ضجوا ولا فزعوا ، ولا تأخروا ساعة عن اداء الواجب ، ولا جفّت اقلامهم او تعثرت خطواتهم او قايضوا على حروفهم النبيلة، ارأيت “اسرة” تحاصرها العاديات وتغلق امامها الابواب فتصر على مواجهتها بالصبر وفتحها بالاصرار ..؟ وحدها اسرة الدستور فعلت ذلك لانها تريد ان تبقى الدستور واقفة ، لا يجرح كبرياءها احد، وتريد ان تظل حروفها بارزة لا تنحني - بعد الله - لاحد.
اكتب عن “الدستور” لانني اعرف ان هؤلاء الزملاء العاملين الذين انحاوزا للمهنة الشريفة لا “للوظيفة “ وامتيازاتها العابرة ، قبضوا على “جمر” الكلمة التي كان يمكن ان تتحول في ايديهم الى “غضب” لكنهم اصروا على ان ينشروها كعطر الورود كل صباح في وجوه قرائهم من العمال والمعلمين والفقراء ، وعلى عتبات اهلهم الصابرين على امتداد الوطن العزيز.
هل تجدون نموذجا افضل من هذا الذي قدمته “الدستور” للعطاء بلا حدود ، والصبر بلا حدود، والتضحية والحب والانتماء بلا حدود ، وعدم الجهر بالسوء حتى ممن ظلم ، هل تجدون اروع من هذه الصورة : مطابع تدور حتى وان جفّت في شرايينها المحابر، اقلام تكتب باسم الوطن وكرمى لعيون الناس الطيبين ، حتى وهي مهددة بالتوقيع على “كمبيالة” مكسورة قد تفضي بها الى السجون .
اكتب عن “محنة” الدستور لانها جزء من محنة بلد تعرض مثلها للعقوق، ومن محنة نخب استقالت من وظيفتها الانسانية والتنويرية ، و محنة اعلام يريد ان يستنشق الهواء ويراد له ان يظل تحت رحمة اجهزة التنفس الاصطناعي ، او ان يبيع “كليته” ليسد التزامات ابنائه ، او ان يموت ببطء لكي لا يتحمل احد مسؤولية وفاته.
اكتب عن معاناة “الدستور” واخواتها لانها معاناة لا تتعلق بتجارة الاوراق والاحبار ، ولا بتدقيق حسابات لشركات قد تخسر او تربح ، ولكن لانها معاناة “ذاكرة” يحاول البعض ان يشوهها او ان يشطبها من الجذور،ومعاناة “ضمير” مهني اصبح رأسه مطلوبا ، وحناجر وطنية لا يسعد “الشطار” ان ترتفع اصواتها ، معاناة بحجم “الكارثة” لكن البعض لا يريد ان يعترف بها او يتحمل مسؤولية مواجهتها ، او “يواريها “ بما لديه من حلول ممكنة.
اكتب عن “الدستور” ، وما اصعب ان تكتب عن “وجع” يتغلغل داخلك، او حب تكابده وتخشى ان تصحو فلا تجده، لكنني استأذن بالنيابة عن كل الزملاء الساهرين في مطابعها ، والمتسمرين الواثقين مثل الجنود على حدودها وفي زوايا اخبارها وعلى تخوم عناوينها ، باسم حرّاس حروفها ، اقول لكم : لن تتوقف الدستور بإذن الله ولن يصمت هدير مطابعها ، لن تتخلى الدستور عن رسالتها وشرف المهنة الذي ظلت تدافع عنه ،لن تخذل الدستور وطنها ولن تغيب عن قرائها ولن تخرج عن “خطها” المستقيم ، لن يدفعها الاحساس “بالخيبة” من البعض لليأس او الاستفزاز، ستبقى الدستور مثلما كانت على الدوام الرائد الذي لا يكذب اهله ، والدليل الذي لا يضل او يتوه ، تعكس صورة الوطن العزيز وتحميه بحروفها الشريفة من كل مكروه.
اطمئنوا : “الدستور” باقية واقلامنا لن تنكسر ان شاء الله.