ما اكثر «اليتامى» في اوطاننا..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : يوم اليتيم العربي الذي مرّ االاسبوع الماضي (دون ان يحتفي به احد بالطبع) هو يوم الانسان العربي بامتياز ، ولو قدر لأحدنا ان يحصي عدد اليتامى في اوطاننا العربية - كبارا وصغارا - لانتهى الى حقيقة مفزعة : الذين فقدوا أباءهم وامهاتهم في حروبنا الطويلة ، الذين انشغل عنهم اهاليهم وتركوهم لوالدهم التلفزيون اولامهاتهم الخادمات ، الذين حرموا من التعليم والصحة والحياة اللائقة ، الذين اخرجوا من اوطانهم او هربوا منها ، الذين منعوا من تنفس الحرية .. وغيرهم من المحرومين والممنوعين من الكلام والتعبير والمشاركة والشعور بدفء مشاعر الأهل او الوطن اوحتى العصر.
مئات الملايين كلهم يتامى ، ويستحقون ان يحتفوا بهذا “العيد” الجديد الذي يوحدهم على مأساة واحدة. ليست هذه مبالغة ، فنحن - بلا استثناء - يتامى عصر الحضارة والخصخصة والاحتلال والارهاب الاعمى والقتل على الهوية والطائفة وباسم الله والوطن ، واذا كانت لغتنا اختزلت حالة “اليتم” في ثلاث كلمات ، فأطلقت على من فقد أمه “لطيما” وعلى من فقد اباه “يتيما” وعلى من فقد الاثنين “سخيما” فان بمقدورنا اليوم ان نتساءل عما اذا كانت هذه “الحالة بمفرداتها تستوعب من فقدوا اوطانهم ، أليسوا يتامى حقا؟ ومن فقدوا استقلالهم وحريتهم ، ومن وضعوا تحت الوصاية بعد ان تجاوزوا سنّ الرشد ، ومن انتزعت منهم حقوقهم واودعوا في السجون بلا تهمة ، أليسوا يتامى ايضا؟
وبمقدورنا ان نتساءل كذلك عما تبقى من قيم الامومة والابوة في هذا العالم الذي تحكمه قوة واحدة ، تتصرف فيه كما تشاء وتتحكم بابنائه مثلما تريد ، تقتلهم بحجة تحريرهم من الطغيان ، وتجوعهم بذريعة اطعامهم من ثريد الديمقراطية ، وتحرمهم من آبائهم الشرعيين بدافع صناعة مستقبلهم الجديد،، لو ملك الفقهاء حرية النظر - كما يقول الكواكبي - لخرجوا من الاختلاف في تعريف المساكين (وربما ايضا اليتامى) الذين جعل الله لهم نصيبا من المال فقالوا : هم عبيد الاستبداد ، ولحصّلوا كفارات فك الرقاب ، وفي القرآن الكريم “كلا بل لا تكرمون اليتيم” .. وحالة اليتم هنا كما افهم عامة ، واليتيم - عادة - ضحية لفعل قتل من أي نوع كان ، “ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة”.. حيث احياء رقيق بالحرية - وما اكثر الارقاء - قد وضع في مقابل اعدام حياة انسان بالقتل ، وفي هذا يقول النسفي رحمه الله”انه (اي القاتل) لما اخرج نفسا مؤمنا من جملة الاحياء لزمه ان يدخل نفسا مثلها في جملة الاحرار لأن اطلاقها من قيد الرق كأحيائها”.
من يدخل اليتامى - اذن - في جملة “الابناء” المتنعمين بحنان الآباء والامهات والاوطان ، والعصر ايضا ، وفي جملة “الاحرار” المعتقين من سطوة القهر والرق والفقر والحرمان ، وفي جملة “الانسان” حيث الكرامة الانسانية هي المعيار ، وحيث لا يمكن لأي مجتمع ان يستقيم في غيبة الحرية ولا ان يتقدم في ظل شعور ابنائه “باليتم” وقلة الرعاية والاهتمام. من يدخلهم.. من؟
الدستور
مئات الملايين كلهم يتامى ، ويستحقون ان يحتفوا بهذا “العيد” الجديد الذي يوحدهم على مأساة واحدة. ليست هذه مبالغة ، فنحن - بلا استثناء - يتامى عصر الحضارة والخصخصة والاحتلال والارهاب الاعمى والقتل على الهوية والطائفة وباسم الله والوطن ، واذا كانت لغتنا اختزلت حالة “اليتم” في ثلاث كلمات ، فأطلقت على من فقد أمه “لطيما” وعلى من فقد اباه “يتيما” وعلى من فقد الاثنين “سخيما” فان بمقدورنا اليوم ان نتساءل عما اذا كانت هذه “الحالة بمفرداتها تستوعب من فقدوا اوطانهم ، أليسوا يتامى حقا؟ ومن فقدوا استقلالهم وحريتهم ، ومن وضعوا تحت الوصاية بعد ان تجاوزوا سنّ الرشد ، ومن انتزعت منهم حقوقهم واودعوا في السجون بلا تهمة ، أليسوا يتامى ايضا؟
وبمقدورنا ان نتساءل كذلك عما تبقى من قيم الامومة والابوة في هذا العالم الذي تحكمه قوة واحدة ، تتصرف فيه كما تشاء وتتحكم بابنائه مثلما تريد ، تقتلهم بحجة تحريرهم من الطغيان ، وتجوعهم بذريعة اطعامهم من ثريد الديمقراطية ، وتحرمهم من آبائهم الشرعيين بدافع صناعة مستقبلهم الجديد،، لو ملك الفقهاء حرية النظر - كما يقول الكواكبي - لخرجوا من الاختلاف في تعريف المساكين (وربما ايضا اليتامى) الذين جعل الله لهم نصيبا من المال فقالوا : هم عبيد الاستبداد ، ولحصّلوا كفارات فك الرقاب ، وفي القرآن الكريم “كلا بل لا تكرمون اليتيم” .. وحالة اليتم هنا كما افهم عامة ، واليتيم - عادة - ضحية لفعل قتل من أي نوع كان ، “ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة”.. حيث احياء رقيق بالحرية - وما اكثر الارقاء - قد وضع في مقابل اعدام حياة انسان بالقتل ، وفي هذا يقول النسفي رحمه الله”انه (اي القاتل) لما اخرج نفسا مؤمنا من جملة الاحياء لزمه ان يدخل نفسا مثلها في جملة الاحرار لأن اطلاقها من قيد الرق كأحيائها”.
من يدخل اليتامى - اذن - في جملة “الابناء” المتنعمين بحنان الآباء والامهات والاوطان ، والعصر ايضا ، وفي جملة “الاحرار” المعتقين من سطوة القهر والرق والفقر والحرمان ، وفي جملة “الانسان” حيث الكرامة الانسانية هي المعيار ، وحيث لا يمكن لأي مجتمع ان يستقيم في غيبة الحرية ولا ان يتقدم في ظل شعور ابنائه “باليتم” وقلة الرعاية والاهتمام. من يدخلهم.. من؟
الدستور