2024-12-24 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

بماذا يفكر الأردنيون ..ومما يخشون ؟!

حسين الرواشدة
جو 24 : في لقائين منفصلين، وبدعوتين كريمتين احداهما من مدرسة الاتفاق الدولية بعمان، والآخرى من جمعية الصريح للفكر والثقافة باربد، تحدثت فيهما عن التطرف والتنظيمات المسلحة والتحديات التي تواجه منطقتنا وبلدنا ايضا ( شاركني في الاولى د. عامر الحافي وفي الثانية د. محمد خير العيسى)، كان ثمة سؤال يراودني ، وهو: بماذا يفكر الاردنيون ومما يخشون..؟

قبل ان اضع القارئ الكريم في صورة الانطباعات التي خرجت فيها ،استأذن بالاشارة الى ملاحظتين : الاولى ان جمهور اللقاء الاول كان موزعا بين الطلبة والمعلمين واولياء الامور(ذكورا واناثا) ومعظمهم من الشباب ، فيما كان حضور اللقاء الثاني من الرجال (حضر امرأتان فقط) معظمهم في منتصف العمر او من فئة كبار السن، وبالتالي فان الجمهورين يمثلان “عينة” مناسبة، سواء بالنسبة لاعمارهم او توزيعهم السكاني او مستوياتهم التعليمية او اتجاهاتهم الثقافية، لمعرفة ارائهم واستطلاعها وربما تعميمها على المجتمع، اما الملاحظة الاخرى فهي ان القضايا التي تشغل الاخوة الذين حضروا اللقاءين- على الاقل الذين تحدثوا- تبدو متطابقة نسبيا، كما ان ردودهم وتعليقاتهم عليها تبدو متقاربة.

اربع قضايا اساسية كانت بمثابة قواسم مشتركة لاهتمامات الحاضرين، الاولى : التطرف والارهاب والتنظيمات المسلحة “داعش واخواتها”، الثانية الخطر الايراني وخاصة بعد توقيع الاتفاق النووي وحرب اليمن، الثالثة الصراع بين الديني والسياسي وتوظيف الدين واستغلاله لاهداف غير مشروعة، اما القضية الرابعة فهي خطر التطرف على الاردن، وكيفية مواجهته وحماية بلدنا من آثارة ثم الخيارات الاردنية لمواجهة الاعاصير التي تعصف بالاقليم ( تردد سؤال كيف نحمي بلدنا مرات عديدة في كلا اللقائين).

حين دققت في طروحات المشاركين وجدت ان بعضها جاء في سياق مفهوم ربما يتوافق عليه معظم الاردنيين ، لكن ما استوقفني امران ، اولهما ان نسبة كبيرة منهم اكدوا ان ايران تشكل خطرا على العرب وعلى الاردن ايضا، وان “الشيعة” لاعلاقة لهم بالاسلام - احدهم قال انهم حزب صنعه الغرب -، وبالتالي فانهم يمثلون عدونا الاول ( استدرك البعض هنا واشاروا الى اسرائيل) ، كما ان المستهدف من هذه المواجهة هم اهل السنة، اما الامر الاخر فهو ان نسبة كبيرة اعتبروا ان ما يحدث في بلداننا العربية مؤامرة غربية، وان الارهاب “كذبة” كبيرة المقصود منها الاساءة للاسلام ( لاحظت ان لهجة الدفاع عن الاسلام كانت غالبة على ردود المتداخلين) فيما لم اسمع الا اشارات عابرة عن مسؤوليتنا كعرب ومسلمين عما حدث.

الاسئلة التي تلقيتها كانت متنوعة لكن في سياق القضايا الاربع التي ذكرتها يمكن ان اشير الى بعض العينات كنماذج، خذ مثلا : لماذا انحصر الارهاب والحرب عليه بالمليشيات السنية فقط فيما يوجد ميليشيات شيعة تمارس الارهاب ايضا ولم نسمع ان احدا اعلن الحرب عليها، سؤال اخر : لماذا نصر على تبرئة الاسلام من تهمة الارهاب رغم ان الارهاب لادين له ويمارسه الاخرون ضدنا بصورة اكثر بشاعة، هل فعل المسلمون ضد الامم الاخرى اكثر مما فعلوه بهم، ومن هو الطرف الذي يتوجب ان يعتذر ويكون اكثر سماحة مع الاخر؟ سؤال ثالث : من اختطف الدين ومن هو المسؤول عن التطرف، السنا ضحايا لمؤامرة كبيرة تريد ان تقسم بلداننا وتستولي على ثرواتنا؟ سؤال رابع : هل يوجد لدينا في الاردن متطرفون ،كم عددهم، وكيف نحمي بلدنا من هذا الوباء؟ سؤال خامس: الى اين تتجه بوصلة السياسة الاردنية : الى العمق العربي ام الى ايران ام الى اسرائيل، وما هي افضل خياراتنا في المرحلة المقبلة..؟

على صعيد الردود والتعليقات وجدت ان ترتيب البيت الاردني الداخلي، خاصة على مستوى مواجهة التطرف في المجال الاقتصادي ثم السياسي، يحتل اولوية لدي الحاضرين، كما وجدت ان الخطاب الاقصائي ،خاصة ضد الشيعة عموما وايران تحديدا ، يسيطر على معظم المداخلات، وجدث ثالثا ان الاعلام نجح في تشكيل وعي وافكار الاغلبية منهم ، لا سيما فيما يتعلق بفهم ما حدث في الربيع العربي (البعض اعتبره كارثة) وفي نتائج الحرب على الارهاب ( البعض شكك فيها) وفي مسؤولية الانظمة العربية عن الصدامات والحروب التي تجري في بعض عواصمنا العربية( البعض انكرها وحمل الغرب هذه المسؤولية) ووجدت ايضا ان الحاضرين انقسموا حول دور الدين فيما جرى ، البعض ذكر بان الدين هو الحل فيما اعتبر اخرون الديني مسؤولا عن توظيف الدين الى جانب السياسي ايضا ، ولم يتردد اخرون من الدعوة الى تحييد الدين عن الصراع كحل لاي تسويات سياسية.

الخلاصة هي ان الاردنيين مشغولون بالاحداث التي تدور حولنا، لكنهم يخشون اكثر على بلدهم، وهم لا يكتفون - كما قال لي احدهم - بالدعاء الى الله لكي يجنبنا الشرور وانما يتطلعون الى اجابات حقيقية لمواجهة اية اخطار تهددنا ، سواء من خلال محاصرة التطرف او تحديد الخيارات السياسية بما يتناسب مع مصالحنا الوطنية او تحصين الجبهة الداخلية ، فيما ذكّرنا كثيرون بواجبنا تجاه الشباب ،سواء الذين وقعوا في فخ التطرف الديني او الانحلال الاخلاقي ، لتوفير ما يلزمهم من تعليم جيد وفرص عمل وخطاب مقنع يتناسب مع وعيهم وحاجاتهم ، واخيرا لابد ان اشكر الاخوة الذين اتاحوا لنا هذه الفرصة والذين شاركوا فيها ايضا.


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير