طوابير امام ديوان المظالم..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : صدق او لا تصدق..! بلغ عدد الذين تقدموا “بمظالم” ضد قرارات الادارة العامة في بلدنا عام 2013 (1037) مواطنا ، تم قبول (781) شكوى منهم ورفض الباقي.
هذه الارقام مع تفاصيلها التي خرجت في كتاب مطبوع باناقة ، صدرت عن ديوان المظالم ، لكن ارجو ألا تصاب بالدهشة حين تعرف ان من بين عدد الشكاوى التي قبلت (257)شكوى لم يتبين فيها اي خطأ اداري و (378) شكوى ما تزال قيد المتابعة الرسمية فيما تم حفظ (16) شكوى لعدم اكتمال الاوراق اللازمة، وبذلك اقتصر عمل الديوان في عام كامل على (130) شكوى فقط ثبت ان فيها خطأ اداريا ، ثم تمكن من حل (105) مظلمة بشكل رسمي او ودي ، وبقي (25) شكوى بلا حل..!
لكي تفهم الصورة بشكل افضل ، فان في بلدنا مؤسسة اسمها “ديوان المظالم” ينص قانونه (صدر عام 2008) على انه يحق لاي متضرر من اي من قرارات الادارة العامة او الاجراءات او الممارسات او افعال الامتناع عن اي منها ، ان يتقدم بالشكوى في مواجهة الادارة العامة امام الديوان ، فيما يشترط لقبول الشكوى ألا يكون مجال الطعن بها قائما قانونيا امام اي جهة ادارية او قضائية او تم صدور حكم قضائي بها .
موازنة ديوان المظالم تبلغ (650) الف دينار ( كانت في عام 2012 “937” الف دينار ) ، وعدد العاملين فيه 60 موظفا ، ويتولى رئاسته رئيس برتبة وراتب وزير عامل ، يساعده مساعدان اثنان وعدد من المستشارين والموظفين ، وكان لافتا في بند اللقاءات التعريفية ان الديوان تواصل مع وسائل الاعلام 11 مرة فقط ، توزعت بين 5 مرات للصحافة و 3 للاذاعة و 2 للتلفزيون و 1 للمواقع الاخبارية.
اول انطباع ستخرج به ايها القارئ العزيز هو ان عدد المظلومين في مؤسساتنا العامة متواضع جدا ، بل لا يكاد يذكر، فرغم الشكاوى التي نسمعها من الموظفين والعاملين في الوزارات والجامعات والدوائر الرسمية الا ان الجميع راضون ، والشاهد على ذلك ان من بين عشرات الالاف من الموظفين لا يوجد الا نحو 1000 شخص شعروا انهم مظلومون ، لكن حين توجهوا للديوان تبين بعد التدقيق في اوراقهم ان ثلثهم تقريبا غير محق في شكواه ، ثم تبين لاحقا ان الديوان بكل طاقاته وكفاءاته تمكن من حل مظلمة 105 موظفين فقط.
اذا كنت ملما- مثلي - بابسط قواعد الحساب ستكتشف ان كل مظلمة تم حلها رسميا او وديا ( لاحظ وديا..!) كلفت ميزانية الدولة نحو (9) الآف دينار عام 2012 و (6500) دينار عام 2013 ، وستكتشف ايضا ان معدل كلفة تشغيل الديوان تبعا لعدد العاملين فيه بلغت نحو 11 الف دينار لكل موظف ، علما ان عدد الدورات التدريبية التي نظمها في عام 2013 بلغت دورتين فقط ، شارك فيهما 24 متدربا.
اذا كنت تعرف بالامور الادارية ستلاحظ ان الديوان الذي يتلقى شكاوى الموظفين ضد الحكومة تابع للحكومة ، وليس لمجلس النواب، كما ان الصلاحيات التي يمتلكها في حال عدم قيام الجهة المعنية بالشكوى بالرد او الاستجابة لا تتجاوز مخاطبة رئيس الوزراء بذلك لاتخاذ الاجراءات اللازمة.
اذا لم تكن من المتابعين لفكرة انشاء الديوان فان من المناسب تذكيرك ان الدنمارك اتفقت مع الحكومة على تقديم “الدعم” لانشائه وتمويله، لكن هذه الاتفاقية انتهت في شهر 12 عام 2008 ، وقد طرحت مسألة الغاء الديوان او الحاقة بهئية مكافحة الفساد في مجلس النواب بموافقة الحكومة ، لكن تم اعادة المقترح التشريعي من قبل الاعيان ، واستثني الديوان من قرار الالغاء الذي شمل بعض المؤسسات المستقلة.
كنت اريد ان اضع نقطة آخر السطر ، واترك التعليق للقارئ العزيز ، لكنني لم استطع ان اكتم ما بداخلي من تساؤلات وانطباعات ، فهل يمكن لاحدنا ان يصدق ان المظلومين في مؤسساتنا العامة لا يتجاوز عددهم ال 800 شخص، وان كل ما انجزه الديوان في عام كامل هو حل نحو 100 مظلمة، اذا لماذا انشىء الديوان ولماذا عزف الموظفون عن قرع ابوابة والشكوى اليه، ولماذا تكبدت الخزينة نحو مليون ونصف المليون في عامين لاستقبال شكاوى يمكن ان تجد طريقها الى مؤسسات اخرى( وما اكثرها) ويمكن ان تجيب عنها ايضا.
الاهم من ذلك كله ان الديوان الذي تصدمنا ارقامه وانجازاته مجرد نموذج لمؤسسات اخرى ينطبق عليها (لزوم ما لا يلزم) ، رغم ان لدينا الآف المظلومين الذين يبحثون عمن يرفع عنهم المظالم ، لكنهم فقدوا الثقة بكل من حولهم ، فآثروا الصمت او انتظار الفرج من السماء..
الدستور
هذه الارقام مع تفاصيلها التي خرجت في كتاب مطبوع باناقة ، صدرت عن ديوان المظالم ، لكن ارجو ألا تصاب بالدهشة حين تعرف ان من بين عدد الشكاوى التي قبلت (257)شكوى لم يتبين فيها اي خطأ اداري و (378) شكوى ما تزال قيد المتابعة الرسمية فيما تم حفظ (16) شكوى لعدم اكتمال الاوراق اللازمة، وبذلك اقتصر عمل الديوان في عام كامل على (130) شكوى فقط ثبت ان فيها خطأ اداريا ، ثم تمكن من حل (105) مظلمة بشكل رسمي او ودي ، وبقي (25) شكوى بلا حل..!
لكي تفهم الصورة بشكل افضل ، فان في بلدنا مؤسسة اسمها “ديوان المظالم” ينص قانونه (صدر عام 2008) على انه يحق لاي متضرر من اي من قرارات الادارة العامة او الاجراءات او الممارسات او افعال الامتناع عن اي منها ، ان يتقدم بالشكوى في مواجهة الادارة العامة امام الديوان ، فيما يشترط لقبول الشكوى ألا يكون مجال الطعن بها قائما قانونيا امام اي جهة ادارية او قضائية او تم صدور حكم قضائي بها .
موازنة ديوان المظالم تبلغ (650) الف دينار ( كانت في عام 2012 “937” الف دينار ) ، وعدد العاملين فيه 60 موظفا ، ويتولى رئاسته رئيس برتبة وراتب وزير عامل ، يساعده مساعدان اثنان وعدد من المستشارين والموظفين ، وكان لافتا في بند اللقاءات التعريفية ان الديوان تواصل مع وسائل الاعلام 11 مرة فقط ، توزعت بين 5 مرات للصحافة و 3 للاذاعة و 2 للتلفزيون و 1 للمواقع الاخبارية.
اول انطباع ستخرج به ايها القارئ العزيز هو ان عدد المظلومين في مؤسساتنا العامة متواضع جدا ، بل لا يكاد يذكر، فرغم الشكاوى التي نسمعها من الموظفين والعاملين في الوزارات والجامعات والدوائر الرسمية الا ان الجميع راضون ، والشاهد على ذلك ان من بين عشرات الالاف من الموظفين لا يوجد الا نحو 1000 شخص شعروا انهم مظلومون ، لكن حين توجهوا للديوان تبين بعد التدقيق في اوراقهم ان ثلثهم تقريبا غير محق في شكواه ، ثم تبين لاحقا ان الديوان بكل طاقاته وكفاءاته تمكن من حل مظلمة 105 موظفين فقط.
اذا كنت ملما- مثلي - بابسط قواعد الحساب ستكتشف ان كل مظلمة تم حلها رسميا او وديا ( لاحظ وديا..!) كلفت ميزانية الدولة نحو (9) الآف دينار عام 2012 و (6500) دينار عام 2013 ، وستكتشف ايضا ان معدل كلفة تشغيل الديوان تبعا لعدد العاملين فيه بلغت نحو 11 الف دينار لكل موظف ، علما ان عدد الدورات التدريبية التي نظمها في عام 2013 بلغت دورتين فقط ، شارك فيهما 24 متدربا.
اذا كنت تعرف بالامور الادارية ستلاحظ ان الديوان الذي يتلقى شكاوى الموظفين ضد الحكومة تابع للحكومة ، وليس لمجلس النواب، كما ان الصلاحيات التي يمتلكها في حال عدم قيام الجهة المعنية بالشكوى بالرد او الاستجابة لا تتجاوز مخاطبة رئيس الوزراء بذلك لاتخاذ الاجراءات اللازمة.
اذا لم تكن من المتابعين لفكرة انشاء الديوان فان من المناسب تذكيرك ان الدنمارك اتفقت مع الحكومة على تقديم “الدعم” لانشائه وتمويله، لكن هذه الاتفاقية انتهت في شهر 12 عام 2008 ، وقد طرحت مسألة الغاء الديوان او الحاقة بهئية مكافحة الفساد في مجلس النواب بموافقة الحكومة ، لكن تم اعادة المقترح التشريعي من قبل الاعيان ، واستثني الديوان من قرار الالغاء الذي شمل بعض المؤسسات المستقلة.
كنت اريد ان اضع نقطة آخر السطر ، واترك التعليق للقارئ العزيز ، لكنني لم استطع ان اكتم ما بداخلي من تساؤلات وانطباعات ، فهل يمكن لاحدنا ان يصدق ان المظلومين في مؤسساتنا العامة لا يتجاوز عددهم ال 800 شخص، وان كل ما انجزه الديوان في عام كامل هو حل نحو 100 مظلمة، اذا لماذا انشىء الديوان ولماذا عزف الموظفون عن قرع ابوابة والشكوى اليه، ولماذا تكبدت الخزينة نحو مليون ونصف المليون في عامين لاستقبال شكاوى يمكن ان تجد طريقها الى مؤسسات اخرى( وما اكثرها) ويمكن ان تجيب عنها ايضا.
الاهم من ذلك كله ان الديوان الذي تصدمنا ارقامه وانجازاته مجرد نموذج لمؤسسات اخرى ينطبق عليها (لزوم ما لا يلزم) ، رغم ان لدينا الآف المظلومين الذين يبحثون عمن يرفع عنهم المظالم ، لكنهم فقدوا الثقة بكل من حولهم ، فآثروا الصمت او انتظار الفرج من السماء..
الدستور